الإمامُ المعصومُ قُرآنٌ ناطق
___________________
إنّ الإمام المعصوم هو مُبيِّن القرآن الكريم واقعا ومُنطبِقا
ذلك أنَّ القرآن الكريم الذي بين أيدينا هو ألفاظ إلهيّة التنزيل
الغرضُ منها بسط معاني وقيم الله تعالى في نظامه العَقدي والتشريعي للبشرية كافة .
وأول من يُحوّل اللفظ الى معنى محسوس وملموس هو الإمام المعصوم
بسلوكه وفعله في مناحي الحياة عامة .
إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81)الواقعة
لذا في اعتقادنا نحن أتباع مدرسة المعصومين (عليهم السلام)
أنّ حَراك المعصوم في قوله وفعله وتقريره وبيانه وسكوته
هو حجة شرعية قطعيّة على الجميع
ولولم يكن لوجود الإمام المعصوم بواقعه وهو المُبيِّن للقرآن الكريم أثراً مُنتجا
من حيث الترجمان القيمي والمعنوي لما كان وجه معقول عقلا وشرعا
لحجيته مطلقا
وعلى هذا الإساس الذي نعتقده يجبُ علينا أن نتعاطى مع القرآن الكريم
تعاطيا مُركبا من الإستعانة بفَهم الألفاظ القرآنية والتي هي النصوص المعصومة من لدن الله تعالى فَهماً سويّا
والرجوع في استنطاق معانيها ومداليلها الى المعصوم والذي هو حافظها ومُدركها حق إدراكها
كما قال تعالى
(( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) 9/ الحجر
ومعنى (وإنا له لحافظون) من التبديل والتحريف والزيادة والنقصان
وهذا لا يتحقق إلاّ بوجود حافظ معصوم وهو الإمام
والروايات المؤكّدة وصّفت الإمام بالحافظ لكتاب الله تعالى
كما نقرأ في دعاء الندبة
( وتخيّرتَ له أوصياءَ مُستحفظاً بعد مُستحفظٍ)
فعلاقتنا مع القرآن الكريم يجب أن تكون مُتماثلة في مقدارها وغرضها وأدبها في تعاطينا مع المعصوم
فلو أنّ المسلمين تعاطوا مع إمامهم المنصوب والمنصوص عقلا وشرعاً
من قبل أو في يومنا هذا في زمن الغيبة الكبرى لإمامنا المهدي (عليه السلام)
بقدر ما يتعاطون مع القرآن الكريم من حفظه وتلاوته وتفسيره
لكان حالنا أفضل مما نحن عليه آلآن
ولكن المشكلة في التفكيك في التعاطي مع منهج المعصوم
وأغلب المسلمين اليوم باستثناء أتباع أهل البيت يتعاطون ونظرية
(حسبنا كتاب الله ) والركون إلى أهوائهم من( القياس والإستحسان والمصالح المرسلة) وغيرها
التي اسس لها الظلمة وغاصبو حق المعصوم من قبل
و إنّ وظيفتنا اليوم يجب أن تكون نفس وظيفة الإمام المهدي المُقبلة في تحققها وجوديا إن شاء الله تعالى في ظهوره الشريف
وهي إحياء العمل بالكتاب (القرآن الكريم) والعودُ إلى المعصوم
فكثيرا ما نُردد في دعاء الندبة مفردة (أين المؤمّل لإحياء الكتاب وحدوده)
وهذا مطلبٌ ليس بالصعب تطبيقا في الواقع
فنحن من همشّنا العمل بذات القرآن الكريم وسمحنا للبدائل البشرية من سد وملء الفراغ وتنحيّة شرعة ومنهاج القرآن الكريم من السريان الى التطبيق فعلاً
وإلاّ لوكنا قد عملنا بالقرآن الكريم شرعة ومنهاجا من أول الإمر لما كان حالنا على ما نحن عليه
والله تعالى يقول بشأن ذلك
(( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً )) الجن16
والطريقة في التفسير الروائي هي الإسلام بكتابه ودستوره القرآن الكريم وحافظه المعصوم
إذاً ملخص الكلام يكمن في ضرورة العمل بوحدة إندماجية بين القرآن الكريم والإمام المعصوم
وهذا ما أكدت عليه النصوص الصحيحة في توصيف القرآن والإمام بالثقلين
في قول رسول الله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم )
( إنّي مُخلّفُ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا وإنهما لم يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)
: شرح اصول الكافي : المازندراني: ج6: ص422
وعن معنى هذا الحديث الصحيح
سُئِلَ أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام)
( إني مُخلّفُ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي من العترة
فقال: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم لايُفارقون كتاب الله ولايُفارقهم حتى يردا على رسول الله حوضه)
: كمال الدين وتمام النعمة : الصدوق: ص240
_____________________________
مرتضى علي الحلي / النجف الأشرف
تعليق