بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
يأتي يوم تذهب به كل هذه التفاهات والترهات كل هذه المشاكل والاوجاع والآلام ، ليس هو ذاك اليوم الذي نموت فيه انه اليوم الذي تطوى السماء به كورقة اعتيادية فقال في محكم كتابه العزيز: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)
فاذا لاحظنا الدقة في تصوير الاية لتلك الواقعة العظيمة من خلال جملة واحدة لعرفنا الدقة القرانية والبلاغة الناصعة التي تمتاز بها الايات القرانية ، وهذه اللحظة والساعة تحصل بها اهوال مشيبة ويحسن بنا ان ندرج الموعظة النورية لامير الكلام:
يامن يسلم إلى الدود ويهدى إليه ، اعتبر بما تسمع وترى ، وقل لعينيك تجفو لذة الكرى ، وتفيض من الدموع بعد الدموع تترى ، بيتك القبر بيت الأهوال والبلى ، وغايتك الموت يا قليل الحياء ، اسمع يا ذا الغفلة والتصريف ، من ذي الوعظ والتعريف ، جعل يوم الحشر يوم العرض والسؤال ، والحباء والنكال ، يوم تقلب إليه أعمال الأنام ، وتحصى فيه جميع الآثام ، يوم تذوب من النفوس أحداق عيونها ، وتضع الحوامل ما في بطونها ، ويفرق بين كل نفس وحبيبها ، ويحار في تلك الأهوال عقل لبيبها ، إذ تنكرت الأرض بعد حسن عمارتها ، وتبدلت بالخلق بعد أنيق زهرتها ، أخرجت من معادن الغيب أثقالها ، ونفضت إلى الله أحمالها ، يوم لا ينفع الجد إذ عاينوا الهول الشديد فاستكانوا ، وعرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا ، فانشقت القبور بعد طول انطباقها ، واستسلمت النفوس إلى الله بأسبابها ، كشف عن الآخرة غطاؤها ، وظهر للخلق أنباؤها ، فدكت الأرض دكا دكا ، ومدت لأمر يراد بها مدا مدا ، واشتد المثارون إلى الله شدا شدا ، وتزاحفت الخلائق إلى المحشر زحفا زحفا ، ورد المجرمون على الأعقاب ردا ردا ، وجد الامر - ويحك يا إنسان - جدا جدا ، وقربوا للحساب فردا فردا ، وجاء ربك والملك صفا صفا ، يسألهم عما عملوا حرفا حرفا ، فجئ بهم عراة الأبدان ، خشعا أبصارهم ، أمامهم الحساب ، ومن ورائهم جهنم ، يسمعون زفيرها ، ويرون سعيرها ، فلم يجدوا ناصرا ولا وليا يجيرهم من الذل ، فهم يعدون سراعا إلى مواقف الحشر ، يساقون سوقا ، فالسماوات مطويات بيمينه كطي السجل للكتب ، والعباد على الصراط وجلت قلوبهم ، يظنون أنهم لا يسلمون ، ولا يؤذن لهم فيتكلمون ، ولا يقبل منهم فيعتذرون ، قد ختم على أفواههم ، واستنطقت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون . يا لها من ساعة ما أشجى مواقعها من القلوب حين ميز بين الفريقين ! فريق في الجنة وفريق في السعير ، من مثل هذا فليهرب الهاربون ، إذا كانت الدار الآخرة لها يعمل العاملون[1]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
يأتي يوم تذهب به كل هذه التفاهات والترهات كل هذه المشاكل والاوجاع والآلام ، ليس هو ذاك اليوم الذي نموت فيه انه اليوم الذي تطوى السماء به كورقة اعتيادية فقال في محكم كتابه العزيز: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)
فاذا لاحظنا الدقة في تصوير الاية لتلك الواقعة العظيمة من خلال جملة واحدة لعرفنا الدقة القرانية والبلاغة الناصعة التي تمتاز بها الايات القرانية ، وهذه اللحظة والساعة تحصل بها اهوال مشيبة ويحسن بنا ان ندرج الموعظة النورية لامير الكلام:
يامن يسلم إلى الدود ويهدى إليه ، اعتبر بما تسمع وترى ، وقل لعينيك تجفو لذة الكرى ، وتفيض من الدموع بعد الدموع تترى ، بيتك القبر بيت الأهوال والبلى ، وغايتك الموت يا قليل الحياء ، اسمع يا ذا الغفلة والتصريف ، من ذي الوعظ والتعريف ، جعل يوم الحشر يوم العرض والسؤال ، والحباء والنكال ، يوم تقلب إليه أعمال الأنام ، وتحصى فيه جميع الآثام ، يوم تذوب من النفوس أحداق عيونها ، وتضع الحوامل ما في بطونها ، ويفرق بين كل نفس وحبيبها ، ويحار في تلك الأهوال عقل لبيبها ، إذ تنكرت الأرض بعد حسن عمارتها ، وتبدلت بالخلق بعد أنيق زهرتها ، أخرجت من معادن الغيب أثقالها ، ونفضت إلى الله أحمالها ، يوم لا ينفع الجد إذ عاينوا الهول الشديد فاستكانوا ، وعرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا ، فانشقت القبور بعد طول انطباقها ، واستسلمت النفوس إلى الله بأسبابها ، كشف عن الآخرة غطاؤها ، وظهر للخلق أنباؤها ، فدكت الأرض دكا دكا ، ومدت لأمر يراد بها مدا مدا ، واشتد المثارون إلى الله شدا شدا ، وتزاحفت الخلائق إلى المحشر زحفا زحفا ، ورد المجرمون على الأعقاب ردا ردا ، وجد الامر - ويحك يا إنسان - جدا جدا ، وقربوا للحساب فردا فردا ، وجاء ربك والملك صفا صفا ، يسألهم عما عملوا حرفا حرفا ، فجئ بهم عراة الأبدان ، خشعا أبصارهم ، أمامهم الحساب ، ومن ورائهم جهنم ، يسمعون زفيرها ، ويرون سعيرها ، فلم يجدوا ناصرا ولا وليا يجيرهم من الذل ، فهم يعدون سراعا إلى مواقف الحشر ، يساقون سوقا ، فالسماوات مطويات بيمينه كطي السجل للكتب ، والعباد على الصراط وجلت قلوبهم ، يظنون أنهم لا يسلمون ، ولا يؤذن لهم فيتكلمون ، ولا يقبل منهم فيعتذرون ، قد ختم على أفواههم ، واستنطقت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون . يا لها من ساعة ما أشجى مواقعها من القلوب حين ميز بين الفريقين ! فريق في الجنة وفريق في السعير ، من مثل هذا فليهرب الهاربون ، إذا كانت الدار الآخرة لها يعمل العاملون[1]
[1] ـ الامالي: الشيخ الطوسي، ص654
تعليق