مراجعنا أولياء الله نذروا أنفسهم لله مخلصين فأصبحوا أهلا للتسديدات الربانية و التأييدات الإلهية .
فرحم الله الماضين منهم و عطر مراقدهم و أيد و أنار براهين الباقين و نصرهم .
~~~~~~~~~~~~~~
المباهلة الشريفة :
زار الشيخ محمود الألوسي من كبار علماء العامة صاحب التفسير المشهور ,
زار ذات يوم المرجع الكبير المقدس الشيخ جعفر الكبير في مجلس درسه .
فسأل الشيخ الألوسي الشيخ جعفر : سلمنا بوجود أمر باتباع أمير المؤمنين علي (ع) , و لكن لا يوجد نهي عن ترك اتباعه إلى غيره , فما الدليل على الالتزام بالنهي عن ترك اتباعه و النهي عن تقديم أي أحد غيره نفسه على علي (ع) ؟.
فأجاب الشيخ جعفر الكبير فورا و بدون تريث : فهمنا ذلك من قوله تعالى : " ما كان لأهل المدينة و من حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله و لا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه " , ( سورة التوبة آية 120 . )
و معلوم في اللغة العربية أنه إذا ذكر الاسم الظاهر للشيء , فإذا أريد بعد ذلك الرجوع إليه فيؤتى بالضمير و لا يؤتى بالاسم أو الوصف في الرجوع إليه .
و في الآية ذكرٌ للرسول ص ثم أعقب ذلك بقول : " عن نفسه " . و لو أراد الله الرسول (ص) لقال : " عنه " , فلماذا قال : " عن نفسه " ؟.
تحيَّر الشيخ الألوسي و قال : إن قلتُ أن القاعدة المذكورة غير صحيحة فسأبطل جزءا مهما و كبيرا من النحو و بالتبع سأبطل تفسيري لآياتٍ كثيرة جدا لاعتمادي على هذه القاعدة . و إن سلمتُ بصحة القاعدة , فالمفروض أن يقال : " عنه " لا " عن نفسه " .
ثم طلب من الشيخ جعفر أن يتفضل بتوضيح معنى " عن نفسه " في الآية المشار إليها .
أجاب الشيخ جعفر : " عن نفسه " يعني أمير المؤمنين عليا (ع) , و في ذلك نهي عن تقديم أي مسلم نفسه على أمير المؤمنين (ع) .
فقال الشيخ الألوسي : من أين استفدت ذلك ؟
أجاب الشيخ جعفر : من آية المباهلة : " و أنفسنا و أنفسكم " , حيث جاء النبي ص للمباهلة بالزهراء (ع) ممثلة للنساء و بالحسنين (ع) ممثلين للأولاد و بعلي (ع) ممثلا نفسه (ص) .
ففي الآية الأولى نهي عن الرغبة بأنفسهم عن نفسه و آية المباهلة بينت أن عليا هو نفس الرسول (ص) . فبضم الآيتين معا نستفيد النهي عن تقديم الإنسان نفسه على علي (ع) .
فقال الشيخ الألوسي متعجبا و مقبلا يد الشيخ جعفر : كأني لم أقرأ هذه الآية من قبل !.
فخرج الشيخ الألوسي راجعا إلى بغداد مكتفيا بهذه الفائدة العظيمة .
بعد أن خرج الشيخ الألوسي ,
قال بعض تلامذة الشيخ جعفر لأستاذهم : نحن أيضا لم نسمع منك هذا التفسير للآية رغم حضورنا بحوث تفسيرك .
فأجاب أستاذهم الشيخ جعفر : و أنا مثلكم لم يحضرني هذا الاستدلال من قبل , فقد خطر على بالي للتو .
و هذا شاهد واضح على تسديدات إلهية على يد أهل البيت عليهم السلام لرد شبه المخالفين تأييدا لأعمدة المذهب و حفظا لأسس المذهب الحق .
و الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد و آله الطاهرين
تعليق