بسم الله الرحمن الرحيم
بعد أن عانى الإمام الهادي عليه السلام من أمراء بني العباس كما عانى آباؤه عليه السلام إذ قد عاصر أقساهم وأخسهم وأبغضهم لآل رسول الله صلى الله عليه وآله خصوصا المتوكل الذي عرفه التاريخ بعدائه الشديد لآل البيت عليهم السلام الذي لا مثيل له. حان ميعاد أجله ورحيله إلى الرفيق الأعلى.فلا بد أن يسلم زمام الإمامة إلى ولده الإمام الحسن العسكري عليه السلام ولقب بالعسكري لأنه كان قد سكن مدينة سر من رأى التي كانت معسكراً للجند وقد قال الإمام الهادي عليه السلام قبل رحيله: إن الإمام بعدي إبني علي أمره أمري وقوله قولي وطاعته طاعتي ثم قال: أبو محمد إبني أصح آل محمد غريزة، وأوثقهم حجة، وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف وإليه ينتهي عرى الإمامة وأحكامها. وهكذا قد انتقلت مهام الإمامة الإسلامية والخلافة الإلهية إليه بعد وفاة والده وله من العمر ثلاث وعشرون عاماً ومثلما صارع آباؤه وتحمل أعباء أحقاد الأمراء التي أمرتهم الأحقاد وولاة الباطل واغتصبوا حقوق آل محمد صلى الله عليه وآله فقد بدأ الإمام العسكري أيضاً يقاسي ويعاني من جراء الأحقاد والأضغان التي تمثلوا بها الحكام الذي نصبوا أنفسهم خلفاء على الناس ولكنه عليه السلام انشغل في تقويم مسار المجتمع وحمل أعباء مسؤولية إيصال رسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله إلى الناس لينالوا إصلاحاً وصلاحاً وفلاحاً في تعلمهم الشرائع السماوية وكانت تزيد معاناة الإمام حيث أن عوامل انهيار المجتمع وتفشي الفساد بكل معانيه وفي كل الميادين كان يلقي بضلاله الثقيلة على كاهل الإمام عليه السلام فكلما ازدادت عناصر الهدم الخلقي والاجتماعي والسياسي والذي ازدادت مسؤولية الإمام في الإصلاح وتضاعفت درجات جهاده خصوصاً وأن الخلفاء آنذاك لم يتركوا وسيلة من وسائل الحرب النفسية إلا واستخذ موها من الصلحاء والأولياء وأولهم الإمام عليه السلام، ومن ناحية أخرى كانت لسيطرة الأتراك الذين جاؤوا بهم العباسيون الأثر الكبير في التخريب السياسي والاجتماعي والديني وحتى العرفي مما أثار الصراعات العديدة والعنيفة داخل معاقل الحكم وقد كانت هذه الإضطرابات تجعل السلطة تدفع الناس إلى اللهو والفجور وممارسة الملذات ليتركوا السلطة تفعل ما تشاء فعندما يحدث التفكك الخلقي وينتشر الفساد في كل أشكاله وهذا مما كان يزيد ألم الإمام عليه السلام من ناحية ويضاعف مسؤولياته من ناحية أخرى، فكان الإمام العسكري عليه السلام يتحدى كل ذلك ويقود المستضعفين ويرسي قواعد الإيمان وينشر في القلوب غرسات العقيدة أسوة بآبائه صلوات الله عليهم أجمعين ويبدو أن هذا كثيراً ما يفيض الطغاة الجبابرة الذين يريدون أن يلهو الناس بالفواحش والملذات وانتشار المنكر ليظلموا يتربعون على عروشهم دون أي ضجر وانزعاج وهذا هو أحد الأسباب الذي جعل حكام بني أمية وبني العباس يحاربون أهل البيت عليهم السلام ويقتلون الأئمة صلوات الله عليهم ومنهم الإمام الحسن العسكري الذي دس له السم أيضاً فاستشهد في اليوم الثامن من شهرر بيع الأول وقد ضج أهل مدينة سر من رأى يومها وخرج أهلها عن بكرة أبيهم قاصدين دار الإمام عليه السلام ودفن في مدينة سامراء لذلك يستذكر الناس في مثل هذا اليوم الذي هو ذكرى مرور وفاة الإمام لإظهار معالم الحزن والألم ولبس السواد والخروج على شكل مواكب عزاء كما خرج أهل سامراء في ذلك اليوم ولكي يقدموا التعازي لصاحب العصر والزمان ولده الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف.
تعليق