السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيرات هن النساء اللواتي تركن بصمات خالده على صفحات التأريخ لكن زينب الكبرى عقيلة بني هاشم ع تلك الحوراء التي وقفت وقفة شامخه تجاوزت فيها حدود الصبر البشري أمام أعتى طغاة التأريخ يبقى موقفها وصمودها وأباؤ ها وكبرياؤ ها وعنفوانها هي الأكثر أشراقا وتفاعلا مع الحق الألهي الجلي الذي حاول الطغاة حجبه عن أعين الناس وعقولهم ولا غرابة في ذلك أذا عرفنا أنها ابنة ذلك البطل المغوار علي بن أبي طالب ع أشجع فرسان العرب والمسلمين وسيد الفصاحه والبلاغه وابن عم الرسول الأكرم محمد ص وأول من آمن بالأسلام والذي قال فيه الرسول الأكرم ص ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ومن أراد العلم فليأت الباب ) وياعلي ( أنا وأنت أبوا هذه الأمه )وأقوال كثيره لايسع المجال لذكرها . وزينب ع هي أبنة بضعة رسول الله ص فاطمة الزهراء البتول سيدة نساء العالمين ع والحديث عن الزهراء هو حديث الفضيلة والطهر والنقاء تلك البضعه الطاهره التي تربت في حجر السيده خديجة الكبرى رض التي قال عنها الرسول الأعظم ص ( والله ماأخلفني الله خيرا منها آمنت بي أذ كفر الناس, وصدقتني أذ كذبني الناس ,وواستني بمالها أذ حرمني الناس ورزقني الله بأولادها ) والرزق العظيم كان فاطمة الزهراء البتول التي قال عنها رسول الله ًص ( فاطمة بضعة مني من أرضاها فقد أرضاني ومن أغضبها فقد أغضبني ) .
أذن فأن زينب الكبرى ع هي سليلة النبوه وغصن طري طاهر من تلك الدوحه المحمديه الوارفة الظلال حيث تربت في حجر تلك الطاهره الراضية المرضيه فاطمة الزهراء ع .
ولدت زينب ابنة علي عليهما السلام في السنة الخامسه للهجره في مدينة الرسول الأعظم محمد ص ( المدينة المنوره ) زوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ( ذي الجناحين )أقصد جعفر بن أبي طالب . وأولادها علي وعون ومحمد وعباس وأم كلثوم ومن ألقابها الصديقه الصغرى وعقيلة بني هاشم والموثقه والعارفه والعالمه والفاضله وعابدة آل علي وزينب الكبرى وكان لها مجلس علمي حافل تقصده جماعة من النساء اللواتي كن يردن التفقه في الدين وكان لها مجلس آخر لتفسير القرآن الكريم .
لقد حملت زينب الكبرى ع رسالة شهداء كربلاء ورافقت سيد الشهداء الأمام الحسين ع وعاشت ثورته الكبرى بكل دقائقها وأحداثها الداميه ضد ظلم وطغيان يزيد الفاجر . وعندما رفض الأمام الحسين مبايعته بقوله ع ( أن مثلي لايبايع مثلك ) وخرج من المدينه ألى مكه خرجت معه زينب ع ومعها أبناها محمد وعون اللذان استشهدا في معركة الطف الخالده.
لقد قدمت تلك البطله العظيمه تضحيات وتضحيات لن يتحملها أقوى الرجال حيث شهدت بأم عينيها أستشهاد أخويها الحسين والعباس وأبنيها محمد وعون وابناء أخويها القاسم وعلي الأكبر والآخرين من أبناء عمومتها من بني هاشم حتى عبر عن مصيبتها أحد الشعراء فقال
صبت عليك مصائب لو أنها
صبت على الأ يام صرن لياليا
وهي التي أشرفت على قافلة سبايا أهل البيت ع وتولت العناية بالأمام زين العابدين (السجاد ) ع وفضحت جور وظلم وطغيان وجبروت بني أميه وعلى رأسهم يزيد عدو البيت النبوي الكريم بخطبها البليغه والمؤثره فهي بنت شهيد وأخت شهداء وأم شهيد وعمة شهداء وقد جعل الخطب منها خطيبه من الطراز الأول تدافع عن الحق والعدل الذي سار عليهما أخوها الحسين سيد شهداء أهل الجنه ع .
وحينما أخذ السبايا ألى دمشق خطبت خطابات بليغه صار ت رمزا لخلود ملحمة كربلاء وتوعية الناس الذين ضللتهم الدعايه الأمويه المنحرفه .
وعندما نستعرض حياة بطلة كربلاء نستحضر أمامنا كل قيم البطوله والشهامه والتضحيه لتلك الأنسانه الجليله والشجاعه .
ففي ليلة عاشوراء عندما بدأ يحدثها الأمام الحسين ع عن المعركه وعن النتائج الصعبه التي سوف تنتج عنها وكيف يجب عليها أن توازن عاطفتها ولا تندفع فيها لأن المستقبل القريب الدامي بكل صوره المأساويه لايسمح لأنسانه في مستوى زينب ع وهو مستوى القياده أن تعطي عاطفتها كل حريتها . صحيح أن العاطفه في الأسلام لها قداسه أنسانيه فأنسان بلا عاطفه يتحول الى حجر وعقل بلا عاطفه هو حالة لايمكن أن تنفذ ألى وجدان الأنسان لكن القضيه أن هناك موقفا أذا تحركت العاطفة فيه مع كل المأساة التي تحيطه فأنها تؤثر فيه تأثيرا سلبيا , وحينذاك تصبح القضيه تفصيلا من تفاصيل العاطفه ولا يكون هناك شيئ جديد وحدث جلل له أبعاده الأنسانيه الكبرى لتوضيح مغزى تلك الثوره أو النهضه الحسينيه .
وعندما نقرأ موقف العقيله زينب ع في كربلاء فأننا نجد فيها صلابة الموقف ورباطة الجأش كأقوى ماتكون الصلابه ورباطة الجأش في ذلك الموقف الرهيب دونها التأريخ بحروف من نور وخطبتها أمام يزيد تتجلى فيها أروع قيم الصمود والتحدي الذي أساسه الأيمان بالله وقضائه وقدره وعندما وضعت كفيها تحت جسد الأمام الحسين الطا هر قالت ( اللهم تقبل منا هذا القربان) فأية كلمات عظيمه وأية رباطة جأش اتصفت بها زينب ع في تلك اللحظات الرهيبه التي لايتحملها شجعان الرجال , نعم أنه قربان الرساله وقربان القضيه وقربان الحق الألهي الذي أراده الله لكي يكون شعلة خالدة تنير طريق الثوار والأحرار المؤمنين بقضيتهم العادله رغم كل قوى القهر والجريمة والعدوان.أما الصوره التي أعطيت من قبل البعض عن زينب ع عند عرض المأساة وكأنها كانت تنهار أمام هذا الشهيد وتسقط أمام ذلك الشهيد وتدعو بالويل والثبور وعظائم الأمور فهي مجافية للحقيقه ولكن حاجة الناس ألى مايجعل الدموع تنساب من المقل تجعل للخيال أن يصور ذلك .
لقد عاشت زينب ع صلابة الموقف وقوة الشكيمه وجذوة الأراده المبنية على ثقة الأنسان بالقضية العادله التي وهب نفسه من أجلها وعندما كانت تتدخل بأسلوب عاطفي لكي تحتضن موقف الحسين ع وتدخل ألى وجدانه حتى يبقى الحسين ع في كبرياء الموقف أنسانا شامخا كالجبل الأشم بوجوه ذباحيه من القتله والطغاة الذين تجردوا من كل قيم الرجوله . ويبدو أنه أكبر من الألم ذلك هو مغزى المواقف الصغيره والمحدوده التي انطلقت فيها عاطفة زينب ع بعد الشهاده وفي حضرتها .وينقل تأريخ النهضه الحسينيه أنها كانت شامخه وقويه وصلبه أمام قوى الظلم والجريمه والفساد والطغيان التي تمثلت في يزيد وأعوانه الطغاة البغاة الذين سودوا وجه التاريخ وركبهم العار الأبدي .
فأي موقف أعظم وأجل وأسمى من هذا الموقف البطولي الخالد الذي مثلته تلك العقيلة الطاهرة المطهرة أبنة بطل الأبطال وسيد فرسان بني هاشم علي بن أبي طالب ع. لقد كانت تلك اللحظات العصيبه لانظير لها في التأريخ .
والأنسان الذي يعيش أشراقة التضحيه والفداء في سبيل نصرة الحق لايفقد أحساسه بالقضيه عندما يعيش في تفاصيل حركتها داخل ساحة الصراع وجها لوجه وهكذا رأيناها عند عبيد الله بن زياد في الكوفه وهو يحاول تشويه نهضة الحسين ع عندما قال لها ( كيف رأيت صنع الله بأخيك الحسين ؟) فأجابت بكل شمخ وعنفوان و دون تردد ( هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا ألى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم , فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك ياابن مرجانه) ثم أضافت ( فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لاتمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ).
وفي مجلس الطاغية يزيد وهي في قمة حزنها ومأساتها وهي ترى رأس أخيها الحسين ع أمام ذلك الطاغيه وهويضرب ثناياه اللتان كان يقبلهما رسول الله ص بقضيب يحمله وهو يردد :
ليت أشياخي ببدر شهدوا
جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحا
ثم قالوا يايزيد لاتشل
ألى أن يقول :
لعبت هاشم بالملك فلا
خبر جاء ولا وحي نزل
فتقوم له تلك الحوراء البطله وهي ترى رأس أخيها وحبيبها وسيدها الحسين ع حبيب رسول الله ص الذي قال فيه ( حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا ) تحت سطوة ذلك الطاغية الوضيع و تقول :
( الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على رسوله وآله أجمعين صدق الله سبحانه حيث يقول بسم الله الرحمن الرحيم ( ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزْءون ) . الروم - الآيه 10
أظننت يايزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الأسراء - أن بنا هوانا على الله
مذوريك مرحا جذلان مسرورا حين رأيت لك الدنيا مستوسقه , والأمور متسقه , وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلا مهلا أنسيت قول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم أنما نملي لهم ليزدادوا أثما ولهم عذاب مهين )آل عمران -الآيه 178.
أمن العدل ياابن الطلقاء تخديرك حرائرك وأماءك وسوقك بنات رسول الله ص سبايا , قد هتكت ستورهن , وأبديت وجوههن تحدو بهن الأعداء من بلد ألى بلد ويستشرفهن أهل الناهل والمعاقل ويتصفح وجوههن القريب والبعيد والدني والشريف ليس لهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي وكيف يرتجى من لفظ فوه أكباد الأزكياء ونبت لحمه من دماء الشهداء وكيف يستبطئ في بغضنا أهل البيت من نظر ألينا باالشنف والشنآن والأحن والأضغان ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم :
لأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يايزيد لاتشل )
الى آخر الخطبه وهي من الخطب العصماء التي نطقت بها الحوراء زينب ع في مجلس الطاغيه يزيد ويقال أن الهرج والمرج قد سادا في ذلك المجلس الذي ضمه وضم أعوانه وقد حاول الطاغيه أسكاتها وضربها وقد روى هذه الخطبه أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور في كتابه ( بلاغات النساء ) والخوارزمي في ( المقتل ) .
ومن خلال هذه الخطب العصماء نستطيع أن نستنتج أن زينب ع وقفت وقفة الشموخ والعز والكبرياء أسوة بأبيها وجدها وأخوتها وأعمامها وبنوا أخوتها من سلالة آل البيت الأطهار ع الذين واجهوا الطغاة على مر التأريخ وفضحوا ممارساتهم وظلمههم وطغيانهم وقدموا أرواحهم قرابين على مذبح الحرية والفداء في سبيل نصرة الأسلام المحمدي الأصيل الذي حاول هؤلاء الطغاة طعنه وتشويهه ولحد يومنا هذا .
أتساءل كم من المؤرخين القدامى والمعاصرين تناولوا بالبحث هذه الشخصيه العظيمه ومواقفها وجهادها التي شهد لها التأريخ بمداد من نور أليس حري بهم أن يفعلوا ذلك أنصافا للحق والحقيقه ؟
لقد قرأت قبل سنوات كتابا صغيرا ألفته الدكتوره عائشه عبد الرحمن رحمها الله عنوانه ( بطلة كربلاء ) وهي تستحق أن يكتب عنها الكثير لتكون قدوة للمرأه المسلمه وخاصة في هذا الزمن الذي تتعرض فيه المرأه في كثير من البلدان الأسلاميه للتهميش والأنهاك والتحقير لالشيئ ألا لأنها امرأه .
ولا يسعني ألا أن أستذكر تلك العلويه الطاهره ( بنت الهدى ) أخت شهيد الأسلام المفكر والفيلسوف الشهيد محمد باقر الصدر قدس الله ثراه . حينما وقفت أمام طاغية العراق وهو في أوج ظلمه وجبروته وكانت وقفتها فيها الكثير من أوجه الشبه بوقفة العقيله زينب ع ضد الطاغية يزيد .
أنتقلت العقيله زينب ع ألى جوار ربها في الخامس عشر من رجب سنة خمس وستين للهجره وقبرها في ضواحي دمشق يتوافد عليه المسلمون من مختلف أنحاء الأرض . وقد كانت وصية شاعر العرب الأكبرالمرحوم محمد مهدي الجواهري بأن يدفن بجوارها وقد شهدت ذلك بنفسي حيث اختلطت الدموع بالأحزان في ذلك اليوم وشارك فيه الكثير من الشخصيات العراقيه التي كانت في المنفى نتيجة الظلم الصدامي البغيض وقد تصدرت موكب التشييع الدكتوره نجاح العطار وزيرة الثقافه السوريه آنذاك .وللعقيله زينب ع مشهد آخر في مصر يقصده الزوار المسلون أيضا .
فسلام على زينب الكبرى عليها السلام في يوم مولدها وفي يوم انتقالها ألى جوار ربها ويوم تبعث حيه مع جدها وابيها وأخوتها عليهم السلام جميع
كثيرات هن النساء اللواتي تركن بصمات خالده على صفحات التأريخ لكن زينب الكبرى عقيلة بني هاشم ع تلك الحوراء التي وقفت وقفة شامخه تجاوزت فيها حدود الصبر البشري أمام أعتى طغاة التأريخ يبقى موقفها وصمودها وأباؤ ها وكبرياؤ ها وعنفوانها هي الأكثر أشراقا وتفاعلا مع الحق الألهي الجلي الذي حاول الطغاة حجبه عن أعين الناس وعقولهم ولا غرابة في ذلك أذا عرفنا أنها ابنة ذلك البطل المغوار علي بن أبي طالب ع أشجع فرسان العرب والمسلمين وسيد الفصاحه والبلاغه وابن عم الرسول الأكرم محمد ص وأول من آمن بالأسلام والذي قال فيه الرسول الأكرم ص ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ومن أراد العلم فليأت الباب ) وياعلي ( أنا وأنت أبوا هذه الأمه )وأقوال كثيره لايسع المجال لذكرها . وزينب ع هي أبنة بضعة رسول الله ص فاطمة الزهراء البتول سيدة نساء العالمين ع والحديث عن الزهراء هو حديث الفضيلة والطهر والنقاء تلك البضعه الطاهره التي تربت في حجر السيده خديجة الكبرى رض التي قال عنها الرسول الأعظم ص ( والله ماأخلفني الله خيرا منها آمنت بي أذ كفر الناس, وصدقتني أذ كذبني الناس ,وواستني بمالها أذ حرمني الناس ورزقني الله بأولادها ) والرزق العظيم كان فاطمة الزهراء البتول التي قال عنها رسول الله ًص ( فاطمة بضعة مني من أرضاها فقد أرضاني ومن أغضبها فقد أغضبني ) .
أذن فأن زينب الكبرى ع هي سليلة النبوه وغصن طري طاهر من تلك الدوحه المحمديه الوارفة الظلال حيث تربت في حجر تلك الطاهره الراضية المرضيه فاطمة الزهراء ع .
ولدت زينب ابنة علي عليهما السلام في السنة الخامسه للهجره في مدينة الرسول الأعظم محمد ص ( المدينة المنوره ) زوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ( ذي الجناحين )أقصد جعفر بن أبي طالب . وأولادها علي وعون ومحمد وعباس وأم كلثوم ومن ألقابها الصديقه الصغرى وعقيلة بني هاشم والموثقه والعارفه والعالمه والفاضله وعابدة آل علي وزينب الكبرى وكان لها مجلس علمي حافل تقصده جماعة من النساء اللواتي كن يردن التفقه في الدين وكان لها مجلس آخر لتفسير القرآن الكريم .
لقد حملت زينب الكبرى ع رسالة شهداء كربلاء ورافقت سيد الشهداء الأمام الحسين ع وعاشت ثورته الكبرى بكل دقائقها وأحداثها الداميه ضد ظلم وطغيان يزيد الفاجر . وعندما رفض الأمام الحسين مبايعته بقوله ع ( أن مثلي لايبايع مثلك ) وخرج من المدينه ألى مكه خرجت معه زينب ع ومعها أبناها محمد وعون اللذان استشهدا في معركة الطف الخالده.
لقد قدمت تلك البطله العظيمه تضحيات وتضحيات لن يتحملها أقوى الرجال حيث شهدت بأم عينيها أستشهاد أخويها الحسين والعباس وأبنيها محمد وعون وابناء أخويها القاسم وعلي الأكبر والآخرين من أبناء عمومتها من بني هاشم حتى عبر عن مصيبتها أحد الشعراء فقال
صبت عليك مصائب لو أنها
صبت على الأ يام صرن لياليا
وهي التي أشرفت على قافلة سبايا أهل البيت ع وتولت العناية بالأمام زين العابدين (السجاد ) ع وفضحت جور وظلم وطغيان وجبروت بني أميه وعلى رأسهم يزيد عدو البيت النبوي الكريم بخطبها البليغه والمؤثره فهي بنت شهيد وأخت شهداء وأم شهيد وعمة شهداء وقد جعل الخطب منها خطيبه من الطراز الأول تدافع عن الحق والعدل الذي سار عليهما أخوها الحسين سيد شهداء أهل الجنه ع .
وحينما أخذ السبايا ألى دمشق خطبت خطابات بليغه صار ت رمزا لخلود ملحمة كربلاء وتوعية الناس الذين ضللتهم الدعايه الأمويه المنحرفه .
وعندما نستعرض حياة بطلة كربلاء نستحضر أمامنا كل قيم البطوله والشهامه والتضحيه لتلك الأنسانه الجليله والشجاعه .
ففي ليلة عاشوراء عندما بدأ يحدثها الأمام الحسين ع عن المعركه وعن النتائج الصعبه التي سوف تنتج عنها وكيف يجب عليها أن توازن عاطفتها ولا تندفع فيها لأن المستقبل القريب الدامي بكل صوره المأساويه لايسمح لأنسانه في مستوى زينب ع وهو مستوى القياده أن تعطي عاطفتها كل حريتها . صحيح أن العاطفه في الأسلام لها قداسه أنسانيه فأنسان بلا عاطفه يتحول الى حجر وعقل بلا عاطفه هو حالة لايمكن أن تنفذ ألى وجدان الأنسان لكن القضيه أن هناك موقفا أذا تحركت العاطفة فيه مع كل المأساة التي تحيطه فأنها تؤثر فيه تأثيرا سلبيا , وحينذاك تصبح القضيه تفصيلا من تفاصيل العاطفه ولا يكون هناك شيئ جديد وحدث جلل له أبعاده الأنسانيه الكبرى لتوضيح مغزى تلك الثوره أو النهضه الحسينيه .
وعندما نقرأ موقف العقيله زينب ع في كربلاء فأننا نجد فيها صلابة الموقف ورباطة الجأش كأقوى ماتكون الصلابه ورباطة الجأش في ذلك الموقف الرهيب دونها التأريخ بحروف من نور وخطبتها أمام يزيد تتجلى فيها أروع قيم الصمود والتحدي الذي أساسه الأيمان بالله وقضائه وقدره وعندما وضعت كفيها تحت جسد الأمام الحسين الطا هر قالت ( اللهم تقبل منا هذا القربان) فأية كلمات عظيمه وأية رباطة جأش اتصفت بها زينب ع في تلك اللحظات الرهيبه التي لايتحملها شجعان الرجال , نعم أنه قربان الرساله وقربان القضيه وقربان الحق الألهي الذي أراده الله لكي يكون شعلة خالدة تنير طريق الثوار والأحرار المؤمنين بقضيتهم العادله رغم كل قوى القهر والجريمة والعدوان.أما الصوره التي أعطيت من قبل البعض عن زينب ع عند عرض المأساة وكأنها كانت تنهار أمام هذا الشهيد وتسقط أمام ذلك الشهيد وتدعو بالويل والثبور وعظائم الأمور فهي مجافية للحقيقه ولكن حاجة الناس ألى مايجعل الدموع تنساب من المقل تجعل للخيال أن يصور ذلك .
لقد عاشت زينب ع صلابة الموقف وقوة الشكيمه وجذوة الأراده المبنية على ثقة الأنسان بالقضية العادله التي وهب نفسه من أجلها وعندما كانت تتدخل بأسلوب عاطفي لكي تحتضن موقف الحسين ع وتدخل ألى وجدانه حتى يبقى الحسين ع في كبرياء الموقف أنسانا شامخا كالجبل الأشم بوجوه ذباحيه من القتله والطغاة الذين تجردوا من كل قيم الرجوله . ويبدو أنه أكبر من الألم ذلك هو مغزى المواقف الصغيره والمحدوده التي انطلقت فيها عاطفة زينب ع بعد الشهاده وفي حضرتها .وينقل تأريخ النهضه الحسينيه أنها كانت شامخه وقويه وصلبه أمام قوى الظلم والجريمه والفساد والطغيان التي تمثلت في يزيد وأعوانه الطغاة البغاة الذين سودوا وجه التاريخ وركبهم العار الأبدي .
فأي موقف أعظم وأجل وأسمى من هذا الموقف البطولي الخالد الذي مثلته تلك العقيلة الطاهرة المطهرة أبنة بطل الأبطال وسيد فرسان بني هاشم علي بن أبي طالب ع. لقد كانت تلك اللحظات العصيبه لانظير لها في التأريخ .
والأنسان الذي يعيش أشراقة التضحيه والفداء في سبيل نصرة الحق لايفقد أحساسه بالقضيه عندما يعيش في تفاصيل حركتها داخل ساحة الصراع وجها لوجه وهكذا رأيناها عند عبيد الله بن زياد في الكوفه وهو يحاول تشويه نهضة الحسين ع عندما قال لها ( كيف رأيت صنع الله بأخيك الحسين ؟) فأجابت بكل شمخ وعنفوان و دون تردد ( هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا ألى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم , فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك ياابن مرجانه) ثم أضافت ( فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لاتمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ).
وفي مجلس الطاغية يزيد وهي في قمة حزنها ومأساتها وهي ترى رأس أخيها الحسين ع أمام ذلك الطاغيه وهويضرب ثناياه اللتان كان يقبلهما رسول الله ص بقضيب يحمله وهو يردد :
ليت أشياخي ببدر شهدوا
جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحا
ثم قالوا يايزيد لاتشل
ألى أن يقول :
لعبت هاشم بالملك فلا
خبر جاء ولا وحي نزل
فتقوم له تلك الحوراء البطله وهي ترى رأس أخيها وحبيبها وسيدها الحسين ع حبيب رسول الله ص الذي قال فيه ( حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا ) تحت سطوة ذلك الطاغية الوضيع و تقول :
( الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على رسوله وآله أجمعين صدق الله سبحانه حيث يقول بسم الله الرحمن الرحيم ( ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزْءون ) . الروم - الآيه 10
أظننت يايزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الأسراء - أن بنا هوانا على الله
مذوريك مرحا جذلان مسرورا حين رأيت لك الدنيا مستوسقه , والأمور متسقه , وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلا مهلا أنسيت قول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم أنما نملي لهم ليزدادوا أثما ولهم عذاب مهين )آل عمران -الآيه 178.
أمن العدل ياابن الطلقاء تخديرك حرائرك وأماءك وسوقك بنات رسول الله ص سبايا , قد هتكت ستورهن , وأبديت وجوههن تحدو بهن الأعداء من بلد ألى بلد ويستشرفهن أهل الناهل والمعاقل ويتصفح وجوههن القريب والبعيد والدني والشريف ليس لهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي وكيف يرتجى من لفظ فوه أكباد الأزكياء ونبت لحمه من دماء الشهداء وكيف يستبطئ في بغضنا أهل البيت من نظر ألينا باالشنف والشنآن والأحن والأضغان ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم :
لأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يايزيد لاتشل )
الى آخر الخطبه وهي من الخطب العصماء التي نطقت بها الحوراء زينب ع في مجلس الطاغيه يزيد ويقال أن الهرج والمرج قد سادا في ذلك المجلس الذي ضمه وضم أعوانه وقد حاول الطاغيه أسكاتها وضربها وقد روى هذه الخطبه أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور في كتابه ( بلاغات النساء ) والخوارزمي في ( المقتل ) .
ومن خلال هذه الخطب العصماء نستطيع أن نستنتج أن زينب ع وقفت وقفة الشموخ والعز والكبرياء أسوة بأبيها وجدها وأخوتها وأعمامها وبنوا أخوتها من سلالة آل البيت الأطهار ع الذين واجهوا الطغاة على مر التأريخ وفضحوا ممارساتهم وظلمههم وطغيانهم وقدموا أرواحهم قرابين على مذبح الحرية والفداء في سبيل نصرة الأسلام المحمدي الأصيل الذي حاول هؤلاء الطغاة طعنه وتشويهه ولحد يومنا هذا .
أتساءل كم من المؤرخين القدامى والمعاصرين تناولوا بالبحث هذه الشخصيه العظيمه ومواقفها وجهادها التي شهد لها التأريخ بمداد من نور أليس حري بهم أن يفعلوا ذلك أنصافا للحق والحقيقه ؟
لقد قرأت قبل سنوات كتابا صغيرا ألفته الدكتوره عائشه عبد الرحمن رحمها الله عنوانه ( بطلة كربلاء ) وهي تستحق أن يكتب عنها الكثير لتكون قدوة للمرأه المسلمه وخاصة في هذا الزمن الذي تتعرض فيه المرأه في كثير من البلدان الأسلاميه للتهميش والأنهاك والتحقير لالشيئ ألا لأنها امرأه .
ولا يسعني ألا أن أستذكر تلك العلويه الطاهره ( بنت الهدى ) أخت شهيد الأسلام المفكر والفيلسوف الشهيد محمد باقر الصدر قدس الله ثراه . حينما وقفت أمام طاغية العراق وهو في أوج ظلمه وجبروته وكانت وقفتها فيها الكثير من أوجه الشبه بوقفة العقيله زينب ع ضد الطاغية يزيد .
أنتقلت العقيله زينب ع ألى جوار ربها في الخامس عشر من رجب سنة خمس وستين للهجره وقبرها في ضواحي دمشق يتوافد عليه المسلمون من مختلف أنحاء الأرض . وقد كانت وصية شاعر العرب الأكبرالمرحوم محمد مهدي الجواهري بأن يدفن بجوارها وقد شهدت ذلك بنفسي حيث اختلطت الدموع بالأحزان في ذلك اليوم وشارك فيه الكثير من الشخصيات العراقيه التي كانت في المنفى نتيجة الظلم الصدامي البغيض وقد تصدرت موكب التشييع الدكتوره نجاح العطار وزيرة الثقافه السوريه آنذاك .وللعقيله زينب ع مشهد آخر في مصر يقصده الزوار المسلون أيضا .
فسلام على زينب الكبرى عليها السلام في يوم مولدها وفي يوم انتقالها ألى جوار ربها ويوم تبعث حيه مع جدها وابيها وأخوتها عليهم السلام جميع
تعليق