الإيــــثار
قال الامام علي (عليه السلام) : " الإيثار غاية الاحسان "
_________________________________
الحمد لله الذي جعل الايثار شعار الصالحين والصلاة والسلام على محمد الصادق الامين وعلى اله وصحبه اجمعين.
من اعظم الفضائل التي ربى الاسلام اتباعه عليها: فضيلة الايثار وحب الخير والعطاء للآخرين، وصفة العطاء من صفات الله عز وجل وعطاؤه لا ينقطع ولا ينتهي سبحانه وتعالى.
فالإيثار خلق رفيع من أفضل مكارم الأخلاق يتخلق به المؤمن حيث يؤثر على نفسه ويعطي الآخرين ما احتاج اليه فيصل بذلك أعلى مراتب الإيثار فيّرسخ في نفسه قوة اليقين, وتوكيد المحبة , والصبر على المشقة , مع الرغبة في الأجر والثواب ومما لا شكّ أنّ للإيثار منزلة خاصّة في منظومة القيم الأخلاقيّة في المجتمع البشريّ عموماً وفي الإسلام خصوصاً فهو غاية المكارم التي لا تكتمل إلّا به, ويُستحقّ به اسم الكرم والجود والسخاء بل هو أعلى مراتبه, وبه يُستَرَقُّ الأحرار وتُملكُ الرِّقاب وهو زينة الزهد وأفضل الاختيار وكذلك هو خلق الانبياء والصالحين. وقال الشاعر
إنـَّما الإيثارُ حِصْـنٌ أوْجَـبَـتْ كـُـلَّ الثـَّناءْ
قِـمَّة ُالأخلاق ِ تـَكـْسو أهْـلها ثـَوبَ البَهاءْ
أجْـرُهُـمْ إعْلاءُ شأن ٍ رِفـْعَة ٌ قـَدْرَ العَطاءْ
إنـَّـهُ فِـعْـلٌ حَــمِـيـدٌ أجْـرُهُ خـَـيْـرُ الجَــزاء
وأثنى الله تعالى على أهل الإيثار ,وجعلهم من المفلحين في قوله : {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] من الواضح أنّ للإيثار أهميّة كبرى في حياة المسلم, فمضافاً إلى كونه عبادة من العبادات التي يترتّب على فعلها الأجر والثواب, هناك جملة من الفوائد الأخرى المترتّبة عليه, منها : نفي الحرص والطمع عن الانسان فقد ورد عن الإمام عليّ عليه السلام قوله "السخاء الإيثار" فبه تقوى الروابط الاجتماعية بين الناس , وكذلك فهو غايه توصل الى اعلى مراتب الاحسان , فعن الامام علي عليه السلام كذلك " عند الإيثار على النفس تتبيّن جواهر الكرماء" وعنه عليه السلام " مُظهر معادن الناس"
اذن به يظهر المعدن الانساني الخالص من الشوائب وهو نتيجة الزهد في الدنيا وايثار الاخرة ولا يمكن الوصول إلى خُلق الإيثار إلا بالقناعة والسخاء والبذل والعطف على الفقراء والمحتاجين , ومن انواع الايثار هو الايثار بالنفس التي تعتبر أعظم أنواع الإيثار لأنّه كلّما اشتدّ حرص الإنسان على شيء كان الإيثار عليه أصعب ولا شكّ في حرص الإنسان على حياته وروحه وبقائه... ولكن هذا الأمر ليس صعباً على أولياء الله المقرّبين, لكونهم وبحكم إيمانهم يتحلّون بهذا الخلق, وقد ورد عن الإمام عليّ قوله: "الإيثار أعلى الإيمان" فكان الامام علي عليه السلام هو نفسه من المؤثرين حينما بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل: "إنّي آخيت بينكما وجعلت عمر الواحد منكما أطول من عمر الآخر، فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة. فأوحى الله عزَّ وجلّ إليهما: أفلا كنتما مثل عليّ ابن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمّد فبات على فراشه يفديه بنفسه فيؤثره بالحياة..." فأنزل الله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) , وكذلك من أبرز المفاهيم والدروس المستقاة من واقعة الطف هو (الإيثار). فالإيثار يعني الفداء وتقديم شخص آخر على النفس، وبذل المال والنفس فداءً لمن هو أفضل من ذاته. وفي كربلاء شوهد بذل النفس في سبيل الدين . فالإمام الحسين ضحى بنفسه في سبيل الدين فهذه من صور الايثار التي بقت مدى الدهور والازمان عالقة في اذهان البشر آثر وضحى الامام الحسين عليه السلام بنفسه وماله وعياله في سبيل بقاء الدين قائماً على دمه الشريف وهذه الثقافة نفسها هي التي دفعت بفتىً كالقاسم لأن يخاطب الحسين في يوم عاشوراء قائلاً: ((روحي لروحك الفداء ونفسي لنفسك الوقاء)).
كما أشارت زيارة عاشوراء إلى صفة الإيثار عند أصحاب الحسين فوصفتهم بالقول : ((الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام)) , وكذلك إيثار أبي الفضل العبّاس عليه السلام : وذلك عندما رمى الماء من يديه وكان قلبه يتلظّى من العطش وأخذ يقول:
يا نفسُ من بعد الحسين هوني وبعده لا كنت أن تكوني
هــذا الحســينُ واردُ المنـــون وتــشربين بــارد المعين
وهناك أيضا عشرات المشاهد الأخرى التي يعتبر كل واحد منها أروع من الآخر وهو ممّا يعطي درس الإيثار للأحرار فإذا كان المرء على استعداد للتضحية بنفسه في سبيل شخص آخر أو في سبيل العقيدة فهذا دليل على عمق إيمانه بالآخرة والجنة وبالثواب الإلهي، قال الإمام الحسين في بداية مسيره إلى كربلاء : ((من كان باذلا فينا مهجته .. فليرحل معنا)). فضحى وآثر بنفسه الشريفة لإقامة الدين واستقامته فقوله كان في هذا الموقف "ان كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي يا سيوف خذيني"
وهكذا لكل بداية نهاية ، وخير العمل ما حسن آخره وخير الكلام ما قل ودل وبعد هذا أتمنى أن أكون موفقا في سردي للعناصر السابقة سردا لا ملل فيه ولا تقصير موضحا الآثار الإيجابية لهذا الموضوع الشائق الممتع ، وفقني الله وإياكم لما فيه صالحنا جميعا
.
قال الامام علي (عليه السلام) : " الإيثار غاية الاحسان "
_________________________________
الحمد لله الذي جعل الايثار شعار الصالحين والصلاة والسلام على محمد الصادق الامين وعلى اله وصحبه اجمعين.
من اعظم الفضائل التي ربى الاسلام اتباعه عليها: فضيلة الايثار وحب الخير والعطاء للآخرين، وصفة العطاء من صفات الله عز وجل وعطاؤه لا ينقطع ولا ينتهي سبحانه وتعالى.
فالإيثار خلق رفيع من أفضل مكارم الأخلاق يتخلق به المؤمن حيث يؤثر على نفسه ويعطي الآخرين ما احتاج اليه فيصل بذلك أعلى مراتب الإيثار فيّرسخ في نفسه قوة اليقين, وتوكيد المحبة , والصبر على المشقة , مع الرغبة في الأجر والثواب ومما لا شكّ أنّ للإيثار منزلة خاصّة في منظومة القيم الأخلاقيّة في المجتمع البشريّ عموماً وفي الإسلام خصوصاً فهو غاية المكارم التي لا تكتمل إلّا به, ويُستحقّ به اسم الكرم والجود والسخاء بل هو أعلى مراتبه, وبه يُستَرَقُّ الأحرار وتُملكُ الرِّقاب وهو زينة الزهد وأفضل الاختيار وكذلك هو خلق الانبياء والصالحين. وقال الشاعر
إنـَّما الإيثارُ حِصْـنٌ أوْجَـبَـتْ كـُـلَّ الثـَّناءْ
قِـمَّة ُالأخلاق ِ تـَكـْسو أهْـلها ثـَوبَ البَهاءْ
أجْـرُهُـمْ إعْلاءُ شأن ٍ رِفـْعَة ٌ قـَدْرَ العَطاءْ
إنـَّـهُ فِـعْـلٌ حَــمِـيـدٌ أجْـرُهُ خـَـيْـرُ الجَــزاء
وأثنى الله تعالى على أهل الإيثار ,وجعلهم من المفلحين في قوله : {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] من الواضح أنّ للإيثار أهميّة كبرى في حياة المسلم, فمضافاً إلى كونه عبادة من العبادات التي يترتّب على فعلها الأجر والثواب, هناك جملة من الفوائد الأخرى المترتّبة عليه, منها : نفي الحرص والطمع عن الانسان فقد ورد عن الإمام عليّ عليه السلام قوله "السخاء الإيثار" فبه تقوى الروابط الاجتماعية بين الناس , وكذلك فهو غايه توصل الى اعلى مراتب الاحسان , فعن الامام علي عليه السلام كذلك " عند الإيثار على النفس تتبيّن جواهر الكرماء" وعنه عليه السلام " مُظهر معادن الناس"
اذن به يظهر المعدن الانساني الخالص من الشوائب وهو نتيجة الزهد في الدنيا وايثار الاخرة ولا يمكن الوصول إلى خُلق الإيثار إلا بالقناعة والسخاء والبذل والعطف على الفقراء والمحتاجين , ومن انواع الايثار هو الايثار بالنفس التي تعتبر أعظم أنواع الإيثار لأنّه كلّما اشتدّ حرص الإنسان على شيء كان الإيثار عليه أصعب ولا شكّ في حرص الإنسان على حياته وروحه وبقائه... ولكن هذا الأمر ليس صعباً على أولياء الله المقرّبين, لكونهم وبحكم إيمانهم يتحلّون بهذا الخلق, وقد ورد عن الإمام عليّ قوله: "الإيثار أعلى الإيمان" فكان الامام علي عليه السلام هو نفسه من المؤثرين حينما بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل: "إنّي آخيت بينكما وجعلت عمر الواحد منكما أطول من عمر الآخر، فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة. فأوحى الله عزَّ وجلّ إليهما: أفلا كنتما مثل عليّ ابن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمّد فبات على فراشه يفديه بنفسه فيؤثره بالحياة..." فأنزل الله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) , وكذلك من أبرز المفاهيم والدروس المستقاة من واقعة الطف هو (الإيثار). فالإيثار يعني الفداء وتقديم شخص آخر على النفس، وبذل المال والنفس فداءً لمن هو أفضل من ذاته. وفي كربلاء شوهد بذل النفس في سبيل الدين . فالإمام الحسين ضحى بنفسه في سبيل الدين فهذه من صور الايثار التي بقت مدى الدهور والازمان عالقة في اذهان البشر آثر وضحى الامام الحسين عليه السلام بنفسه وماله وعياله في سبيل بقاء الدين قائماً على دمه الشريف وهذه الثقافة نفسها هي التي دفعت بفتىً كالقاسم لأن يخاطب الحسين في يوم عاشوراء قائلاً: ((روحي لروحك الفداء ونفسي لنفسك الوقاء)).
كما أشارت زيارة عاشوراء إلى صفة الإيثار عند أصحاب الحسين فوصفتهم بالقول : ((الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام)) , وكذلك إيثار أبي الفضل العبّاس عليه السلام : وذلك عندما رمى الماء من يديه وكان قلبه يتلظّى من العطش وأخذ يقول:
يا نفسُ من بعد الحسين هوني وبعده لا كنت أن تكوني
هــذا الحســينُ واردُ المنـــون وتــشربين بــارد المعين
وهناك أيضا عشرات المشاهد الأخرى التي يعتبر كل واحد منها أروع من الآخر وهو ممّا يعطي درس الإيثار للأحرار فإذا كان المرء على استعداد للتضحية بنفسه في سبيل شخص آخر أو في سبيل العقيدة فهذا دليل على عمق إيمانه بالآخرة والجنة وبالثواب الإلهي، قال الإمام الحسين في بداية مسيره إلى كربلاء : ((من كان باذلا فينا مهجته .. فليرحل معنا)). فضحى وآثر بنفسه الشريفة لإقامة الدين واستقامته فقوله كان في هذا الموقف "ان كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي يا سيوف خذيني"
وهكذا لكل بداية نهاية ، وخير العمل ما حسن آخره وخير الكلام ما قل ودل وبعد هذا أتمنى أن أكون موفقا في سردي للعناصر السابقة سردا لا ملل فيه ولا تقصير موضحا الآثار الإيجابية لهذا الموضوع الشائق الممتع ، وفقني الله وإياكم لما فيه صالحنا جميعا
.
تعليق