بسم الله الرحمن الرحيم
الملاحظ لسيرة الامام الحسين عليه السلام مع عائلته يجد انه صرح عليه السلام لهن بقوله: (إنّ الله حاميكنّ وحافظكنّ) ومقتضى هذا القول انهن عليهن السلام لا يتعرضن للسبي ولا للأذى مع اننا نجد ان الذي حصل خلاف ذلك، فقد سبين عليهن السلام وتعرضن لشتى انواع الاذى والعذاب فهل خالف كلام الامام عليه السلام الواقع والعياذ بالله؟
الجواب : ذكر أنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) قال في وداعه للنساء : ((استعدّوا للبلاء، واعلموا أنّ الله حافظكم وحاميكم، وسينجيكم من شرّ الأعداء، ويجعل عاقبة أمركم إلى خير ، ويعذّب أعاديكم بأنواع البلاء، ويعوّضكم الله عن هذه البلية أنواع النعم والكرامة، فلا تشكّوا، ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص قدركم))[1].
مع معرفة الغاية من سبي النساء في الزمن السابق يتّضح لنا الوجه في كلمة الإمام الحسين (عليه السّلام) على فرض صدورها ؛ فإنّ الملاحظ لحالات السبي في الزمان السابق لاسيّما بالنسبة للنساء ، أنّ المرأة المسبيّة كانت تتّخذ لأحد أمرين في الغالب : إمّا الاستمتاع الجنسي ، أو الخدمة المنزلية ، وقد يجتمعان في بعض النساء.
وهذا المعنى هو الذي جعل بعض القبائل العربية قبل الإسلام تقوم بوأد البنات ؛ خوفاً من أن يسبَينَ ويتعرّضنَ للانتهاك بالمعنى المتقدّم ، بل بقي في بعض القبائل آثاره إلى ما بعد الإسلام .
وبناءً على هذا فإنّ ما حصل طيلة فترة السبي التي امتدت لأربعين يوماً، سلكت فيها النساء مدناً وقرى، وصحاري وأماكن بعيدة، ودخلنَ المجالس، ولم يتعرّضنَ مع توفّر الدواعي لأيّ شيء ممّا سبق ذكره، بل حتّى لمّا أراد أحد أهل الشام أن يطلب واحدة من المسبيّات، قالت له زينب : ما ذلك لك ولا لأميرك .
ولم يقصد من كلام الإمام (عليه السّلام) أنّهنّ لن يتعرّضنَ للضرب أو الأسر، فهذا المقدار هو مقوّم الأسر, وإلاّ لم يكونوا قد أخذوهنّ لأجل أن يتفرجنَ ويتنزهنَ .
وبالفعل فقد حفظهنَّ خالقهنَّ كما سبق، وحماهنَّ وجعل عاقبة أمرهنَّ إلى خير، كما يلاحظ كلّ ناظر إلى النتائج التي ترتّبت على ذلك السبي، من نصر الدين وإعلاء كلمة الله، وافتضاح أمر الظالمين، وانقلاب الأمر عليهم .
[1]الدمعة الساكبة 4: 346، جلاء العيون للمجلسي: 576، ناسخ التواريخ 2: 380، نفس المهموم: 355.