اقتضت إرادة الله عز وجل أن تلتحق السيدة زينب (عليها السﻼم) بركب أخيها وإمام زمانها الحسين (عليه السﻼم) لتستكمل مسيرةنهضته الرسالية بمقتضى الظروف التاريخية التي تمر بها اﻷمة، فحينما قررت أن تخرج إلى كربﻼء لم يكن قرارها عشوائياً، وليد لحظة انفعالية آنية إنما قرار إلهي أراد فيه سبحانه أن تلتحم المرأة بالرجل في ميدان الجهاد لتبليغ رسالته، ولهذا اشترطت السيدة (زينب) على زوجها (عبد الله بن أبي طالب) في عقد زواجها أن يأذن لها في الخروج مع أخيها الحسين (عليه السﻼم) في كربﻼء، فقد كانت سﻼم الله عليها شاهدة على اﻻنقﻼبات السياسية وحاضرة في اﻷزمات المريرة التي مرت على أمها الزهراء (عليها السﻼم) بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعاصرت أيضاً محنة أبيها أمير المؤمنين (عليه السﻼم) والفتن التي ادلهمت في سماء اﻷمة وأدركت مضامين صلح أخيها اﻹمام الحسن (عليه السﻼم)، فانصقل بفعل هذه الظروف وعيها السياسي ونضجت شخصيتها بمقتضى المعاناة التراكمية التي أهلتها لقيادة حركة اﻹمام الحسين الثورية بعد استشهاده، إذ كان عليها أن تقود قافلة الحسين (عليه السﻼم) من أجل ثﻼثة أهداف:
- الدعم النفسي والمعنوي للنساء واﻷطفال وحمايتهم من سطوة جند يزيد.
- الدور اﻹعﻼمي الذي يتطلب فضح مؤامرة الطاغية يزيد وقلب المعادلة لصالح اﻹمام الحسين (عليه السﻼم)
- التبليغ بأهداف نهضة الحسين (عليه السﻼم) وأسباب حركته الثورية عبر مجالسها الثقافية التوعوية.
فقد كانت قافلة النساء واﻷطفال أشبه بجهاز إعﻼمي متحرك يعمل طوال سيره في سكك الكوفة ودروب الشام على استثارة ضمير الناس المتجمهرين حول موكب السبي، وتفنيد الحقائق واﻹشاعات والمغالطات التي تعمل على قلب الصراع لصالح النظام الفاسد، فألبت زينب الرأي العام ضد يزيد الطاغية عبر خطبها الثورية المدعمة بالدليل والبرهان ففضحت جرائمه وحكمه الدموي وفعلته الكارثية التي انتهت بأسر بنات الرسالة.
وهنا انطلقت عقيلة الهاشميين تنسف مزاعمهم الكاذبة بتصريحاتها القرآنية، ببﻼغتها النبوية ومنطقها العلوي وهي رابطة الجأش ثابتة الجنان راسخة اﻹيمان تعنف جماهير الكوفة، تقارع ابن زياد في عقر داره، تحاجج يزيد في مجلسه الذي اكتظ برؤساء العشائر ووجهاء القبائل باستدﻻل ومنطق وبﻼغة فأتته بالحجة والدليل فذلت عنقه ونكست رأسه حتى قوضت عرشه وبهذا انتصرت ﻷهداف اﻹمام الحسين وسجلت موقفا بطوليا في تاريخ الرسالة.
فالسﻼم عليك يا بنت خاتم اﻷنبياء، السﻼم عليك يا بنت صاحب الحوض واللواء، السﻼم عليك يا بنت فاطمة الزهراء، السﻼم عليك يا زينب ورحمة الله وبركاته.
تعليق