بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
ان مسالة جريان الدموع والبكاء أمر يتفق عليه الجميع فمنهم من قال ان الدموع تجلي الصدر وتجعله في صفاء ، ومنهم من قال هي متنفس للانسان اذا احاطت به همومه ، لكن في الاسلام فان الدموع تعني أشياء أخرى غير التي ذكرها غيره ، وقد ذكر الخشوع والبكاء وما له من الاثر الكبير على النفس ، وهذا يعني ان القلب لم تكن به تلك القسوة فان الدموع ما جفت الا بسبب قسوة القلوب ، فان الذنب له الاثر في صدأ القلب وقسوته ، ولهذا جاء عظم ثواب البكاء في سبيل الله ، وكلما تسامى البكاء كلما عظم اجره وثوابه ، فالبكاء على سيد الشهداء (عليه السلام) له الاثر البالغ في النفس اولاً وثوابه وجزاءه في يوم الحساب ، لما لمصيبة الامام الحسين(عليه السلام) من الحزن العظيم والوقع الكبير في الكون قبل النفوس ، بل تعدى الامر الى غير ذلك فان من المعلوم ان الجزع مكروه على كل أحد الا ان عظم مصيبة سيد الشهداء واهل بيته واصحابه وصلت الى حدٍ لا يمكن وصفه فجاء في الرواية عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : سمعته يقول : ان البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي (عليهما السلام) ، فإنه فيه مأجور[1]
فان الاسلام الحنيف لم تكن من تعاليماته وارشاداته ان يظهر الانسان الجزع والهول على اي مصيبة ، الا انه رخص ذلك واجازه بل حث عليه عند البكاء على السبط الشهيد ، الا ان النصوص التي جاءت في البكاء عن الامام الحسين (عليه السلام) بلغت حداً من اشعار الانسان بعظمة هذه المصيبة واثرها الكبير ، فهي المصيبة التي إهتزت لها السموات والارضون ، فهنا الحزن لم يكن فقط لبعض الاشياء الظاهرة لنا بل ان هذا البكاء يمثل المبدأ والصمود على على قضية سيد الشهداء(صلوات الله عليه) وهذا تعليل بسيط ايضاً فان هذه الواقعة الاليمة لا نعلم ماذا جرى فيها بالضبط كما لا نعلم بالاسرار التي تحيطها ، فكل ما يمكن ان ندركه انها عظيمة جداً بل هي قضية خالدة ، عرفتها البشرية منذ عصور متقدمة وخصوصاً الانبياء والاولياء منهم ، فقد وردت نصوص متعددة عن تصريح الانبياء بعظمة هذه المصيبة وذكروها وذكروا الامام الحسين(عليه السلام) وقد اتفق اهل الاسلام على ان قضية كربلاء مما لا شك في شدة مصيبتها وقد بكى النبي(صلى الله عليه واله) الحسين(عليه السلام) ونعاه ، فمصادر المسلمين محتفلة بتلك النصوص التي صدرت عن النبي الاعظم حول قضية كربلاء ، وقد نقل الكثير ان القضية وجد لها أثر حتى في مصادر غير المسلمين مما يعني عالمية القضية الحسينية ، فكل هذا الزخم والتراكم يعطي لنا تصور وفهم أهمية البكاء على سيد الشهداء ، مما يعني عدم سماع تلك الاصوات التي تنادي بين الحين والاخر بتخفيف البكاء والجزع والمصيبة بشكل عام كونها حدثت في زمن وانتهت ، فتوهموا بذلك فهي لم تنتهي وباقية في قلوب المؤمنين ، وتزداد في كل سنة ، فكلما عرف الانسان قضية كربلاء كلما ازداد لها حباً وعشقاً مما يعني ان عاطفته تزداد كذلك ( من كل هذا يتبين لنا تفاهة كل النقد الذي يقال عن مظاهر الحزن في الماتم الحسيني ، وسطحية النظرة التي تعالج بها هذه المسألة ، اننا في المأتم الحسيني نستمع تصويراً تاريخياً لفاجعة لم يشهد لها التاريخ مثلاً ، قتل فيها اشخاص مقدسون ، وارتفعوا الى أعلى المراتب الانسانية بذلاً ، وتضحية ، وفداء في عملية عطاء محض ، وقتل فيها اطفال ونساء ، وعطاشى غرباء متوحدين وحملت رؤوسهم وسبيت نساؤهم ، كل هذا ليس من أجل اشخاصهم وانما من اجل امتهم وعقيدتهم )[2]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
[1] ـ كامل الزيارات: ابن قولويه، ص202
[2] ـ واقعة كربلاء في الوجدان الشعبي: الشيخ محمد مهدي شمس الدين، ص450
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
ان مسالة جريان الدموع والبكاء أمر يتفق عليه الجميع فمنهم من قال ان الدموع تجلي الصدر وتجعله في صفاء ، ومنهم من قال هي متنفس للانسان اذا احاطت به همومه ، لكن في الاسلام فان الدموع تعني أشياء أخرى غير التي ذكرها غيره ، وقد ذكر الخشوع والبكاء وما له من الاثر الكبير على النفس ، وهذا يعني ان القلب لم تكن به تلك القسوة فان الدموع ما جفت الا بسبب قسوة القلوب ، فان الذنب له الاثر في صدأ القلب وقسوته ، ولهذا جاء عظم ثواب البكاء في سبيل الله ، وكلما تسامى البكاء كلما عظم اجره وثوابه ، فالبكاء على سيد الشهداء (عليه السلام) له الاثر البالغ في النفس اولاً وثوابه وجزاءه في يوم الحساب ، لما لمصيبة الامام الحسين(عليه السلام) من الحزن العظيم والوقع الكبير في الكون قبل النفوس ، بل تعدى الامر الى غير ذلك فان من المعلوم ان الجزع مكروه على كل أحد الا ان عظم مصيبة سيد الشهداء واهل بيته واصحابه وصلت الى حدٍ لا يمكن وصفه فجاء في الرواية عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : سمعته يقول : ان البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي (عليهما السلام) ، فإنه فيه مأجور[1]
فان الاسلام الحنيف لم تكن من تعاليماته وارشاداته ان يظهر الانسان الجزع والهول على اي مصيبة ، الا انه رخص ذلك واجازه بل حث عليه عند البكاء على السبط الشهيد ، الا ان النصوص التي جاءت في البكاء عن الامام الحسين (عليه السلام) بلغت حداً من اشعار الانسان بعظمة هذه المصيبة واثرها الكبير ، فهي المصيبة التي إهتزت لها السموات والارضون ، فهنا الحزن لم يكن فقط لبعض الاشياء الظاهرة لنا بل ان هذا البكاء يمثل المبدأ والصمود على على قضية سيد الشهداء(صلوات الله عليه) وهذا تعليل بسيط ايضاً فان هذه الواقعة الاليمة لا نعلم ماذا جرى فيها بالضبط كما لا نعلم بالاسرار التي تحيطها ، فكل ما يمكن ان ندركه انها عظيمة جداً بل هي قضية خالدة ، عرفتها البشرية منذ عصور متقدمة وخصوصاً الانبياء والاولياء منهم ، فقد وردت نصوص متعددة عن تصريح الانبياء بعظمة هذه المصيبة وذكروها وذكروا الامام الحسين(عليه السلام) وقد اتفق اهل الاسلام على ان قضية كربلاء مما لا شك في شدة مصيبتها وقد بكى النبي(صلى الله عليه واله) الحسين(عليه السلام) ونعاه ، فمصادر المسلمين محتفلة بتلك النصوص التي صدرت عن النبي الاعظم حول قضية كربلاء ، وقد نقل الكثير ان القضية وجد لها أثر حتى في مصادر غير المسلمين مما يعني عالمية القضية الحسينية ، فكل هذا الزخم والتراكم يعطي لنا تصور وفهم أهمية البكاء على سيد الشهداء ، مما يعني عدم سماع تلك الاصوات التي تنادي بين الحين والاخر بتخفيف البكاء والجزع والمصيبة بشكل عام كونها حدثت في زمن وانتهت ، فتوهموا بذلك فهي لم تنتهي وباقية في قلوب المؤمنين ، وتزداد في كل سنة ، فكلما عرف الانسان قضية كربلاء كلما ازداد لها حباً وعشقاً مما يعني ان عاطفته تزداد كذلك ( من كل هذا يتبين لنا تفاهة كل النقد الذي يقال عن مظاهر الحزن في الماتم الحسيني ، وسطحية النظرة التي تعالج بها هذه المسألة ، اننا في المأتم الحسيني نستمع تصويراً تاريخياً لفاجعة لم يشهد لها التاريخ مثلاً ، قتل فيها اشخاص مقدسون ، وارتفعوا الى أعلى المراتب الانسانية بذلاً ، وتضحية ، وفداء في عملية عطاء محض ، وقتل فيها اطفال ونساء ، وعطاشى غرباء متوحدين وحملت رؤوسهم وسبيت نساؤهم ، كل هذا ليس من أجل اشخاصهم وانما من اجل امتهم وعقيدتهم )[2]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
[1] ـ كامل الزيارات: ابن قولويه، ص202
[2] ـ واقعة كربلاء في الوجدان الشعبي: الشيخ محمد مهدي شمس الدين، ص450
تعليق