انه نوع من التكتيك لإنجاح ثورته المباركة ، حيث ان الذي يقاتله جاهر بالفسق ويتمتع بأساليب خبيثة ويملك طرق ملتوية ولديه سلطة وقوة ممكن ان يسحق اي ثورة او حركة إصلاحية مع تشويه سمعة الثائر ، وكذلك لا يوجد من يردعه كإلتزام ديني وعرف عشائري او أخلاقي ، والتاريخ سجل لنا ماذا صنع يزيد بن معاوية في السنوات الثلاث الذي حكم بها ( قتل الحسين عليه السلام ، وإباحة المدينة ، وانتهكَ حرمة الكعبة وضربها بالمنجنيق ( .
الحُكام الأمويين أنفقوا الكثير من الأموال لتحريف الأحاديث النبوية وتزييف التاريخ والحقائق .
بما ان الامام الحسين عليه السلام خامس أهل الكساء وهو رأس الهرم الاسلامي وهو خليفة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله الشرعي ، فلا بد من التصدي لهذا الفاسق فقد أعلن عن ثورته المباركة ضد الحاكم الأموي من أول لقاءه مع والي المدينة الوليد بن عتبة حيث قال عليه السلام: " إنا أهل بيت النبوة ، ومعدِن الرسالة ، ومختلف الملائكة، وبنا فتح الله، وبنا ختم الله، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله ".
هنا اعلان صريح على بداية نهضته المباركة ، وقد رفع شعار الثورة في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية قال عليه السلام فيها: " ... وأني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي وأبي علي بن ابي طالب ... " .هنا لم يبقى الا التنفيذ، مع وجود من اعترض على الامام الحسين عليه السلام حول اصطحابه للنسوة والاطفال ، فأجاب سلام الله عليه: شاء الله ان يراهن سبايا !
وفيما يلي بعض النقاط المهمة التي جعلت الحسين عليه السلام يصطحب النسوة والاطفال في تصديه للحاكم الاموي الفاسد .
1. اذا ترك الإمام أبا عبد الله الحسين سلام الله عليه النسوة والأطفال في المدينة ، يخشى عليهم من يزيد ان يعتقلهم ويستعملهم ورقة ضغط ، حتى يتمكن من القاء القبض عليه وقتله او إجباره على ان يبايع . وبهذا يسقط مشروعه الاصلاحي .
2. مثل هذه النهضة يتطلب لها اعلام نظيف ومعتدل لينقل للملأ من هو القائم بهذه الثورة الاصلاحية ، وأيضاً بيان أهدافها ، وهذا ما قامت به هذه النسوة وفي طليعـتهن الحوراء زينب سلام الله عليها .
3. إِصطحاب النساء كان له الفضل بالحفاظ على الإمامة ، وكم مرة تعرض الامام زين العابدين عليه السلام للقتل والحوراء تنقذه بل تفتديه بروحها، كـ أثناء حرق المخيمات في مجلس ابن زياد .
4. صححت السيدة زينب مفهوم الثورة من حركة خوارج الى ثورة أبن رسول الله صلى الله عليه وآله، وكشفت أمام الملأ زيف وكذب الحاكم الأموي ولاسيما في الشام . وأظهرت احقيتهم من خلال موقفها الصلب وقوة شخصيتها وفصاحة لسانها .
5. بإصطحاب الاطفال كشفت الثورة الحسينية ان الجيش الأموي همجي لا يمتلك ذرة من الانسانية ، حتى الطفل الرضيع لم يسلم من نبالهم وسيوفهم ، والنسوة أيضاً لم تسلم من سياطهم .
6. كشفت السيدة زينب عليها السلام ان يزيد خارج عن الاسلام اعترافاً منه بشعره:
لعبت هاشم بالملك ... لا خبر جاء ولا وحيٌ نزل
وأما قتله لسبط النبي هو انتقاماً وأخذ الثأر من رسول الله صلى الله عليه وآله :
ليت اشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الاسل
لاهلوا واستهلوا فرحاً ... ثم قالوا يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم ... وعدلناه ببدر فاعتدل .
ومن هنا نرى ان نهضة الحسينية حققت أهدافها ، ومن ضمن أهدافها اسقاط هيبة الحاكم الظالم وجوزت الخروج عليه واسقاطه ، وقد توالت الثورات الاصلاحية من بعد استشهاد أبا عبد الله الحسين سلام الله عليه الى يومنا هذا.
اذن النجاح الكبير الذي حصل بتسديد من الله تعالى (ما كان لله ينمو) و ببركة تخطيط الامام الحسين عليه الصلاة والسلام ، وان حسن اختياره للشخصيات لم يأتي من فراغ ، بل كانت الحسابات دقيقة وحساسة .
ومن هنا نرى ان نهضة الحسين عليه السلام كانت المكملة لقتال رسول الله مع كفار قريش وإنها تعد المعركة النهائية التي بدئها الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله ، والمكملة لحرب التأويل التي قام بها الامام علي عليه السلام حيث قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، فـ ابو سفيان قاتل رسول الله صلى الله عليه وآله، ومعاوية قاتل الامام علي سلام الله عليه، ويزيد قاتل الحسين عليه السلام ....
(يريدون ان يطفؤا نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون)[الصف 8] .
فلم يكلّوا ولا يملّوا من التخطيط والمكر للقضاء على نور الله فظنوا انهم بقتل الحسين وأهل بيته يتم القضاء على الدين) ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين([الانفال 30] .
ان النصر الذي تحقق في ملحمة الطف يعود الى دقة التنفيذ وصلابة الشخصيات وما يحملون من عقيدة راسخة وعلم غزير ومنطق لا يجارى، التي أخذت دورها ما بعد الاستشهاد ونفذت المخطط المرسوم لها..
ولولا هذا لطمست الثورة واندثرت اهدافها ، ولعادت عبادة الاصنام ان لم تكون كهوبل ، لاصبح يزيد ومن على شاكلته يُعبدون، ولأصبح لديهم كتاب وسنة ، وبخروج الامام الحسين عليه السلام أُسقطت شرعيتهم وكشف حقدهم على رسول الله وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم .
( حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا ).
بقلمي
نسـألكم الدعـــاء
نسـألكم الدعـــاء