الشافي::
قال سبحانه وتعالى: ((فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)) .
جعل سبحانه وتعالى نفسه الشريفة شفاءً ودواءً من كل مرض لأنه خالق هذه الأكوان وما فيها والعارف بأمراضها الظاهرية والباطنية، وبأسباب حدوثها وتفاعلاتها، ومن يعرف سبب المرض يمتلك إزالته.
والله سبحانه وتعالى القادر على إعادة نفس الإنسان بكل خصوصياته مرة أخرى كما أخبر بقوله ((أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ)) .
وقال ((أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ))
والقادر على إعادة أجزاء الجسم الى حالتها الأولى بل خلقها من جديد، قادر على علاجها أو إزالة أسباب عدم تلاؤمها.
والله مع كل هذا أراد للأشياء أن تجري بأسبابها، فأخبر سبحانه عن وجود أشياء فيها شفاء للناس متوفرة بين
أيديهم جميعاً فقال عزّ من قائل: ((وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ))
وقال عز وجل: ((وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلّ ِالثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) .
فكان الماء رزق الله للعباد الشافي والمحيي لكل خلايا الإنسان الميتة أو الموجد بديلاً عنها، والجاعل في بدن الطفل الصغير والشيخ الكبير الحيوية والقوة.
وكان العسل المختلف ألوانه بسبب اختلاف الأزهار والأعشاب وفوائدها، فيه تجديد أو تقوية للخلايا المريضة أو الكسولة.
ثم أمر الناس بالوقاية لكي لا يقع الإنسان في ما يضر جسده أو يعطل عمل بعض أعضائه، فعن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لابنه الحسن عليه السلام: يا بنيّ، ألا أعلّمك أربع خصال تستغني بها عن الطبّ؟
فقال: بلى ياأمير المؤمنين.
قال عليه السلام: لا تجلس على الطعام إلاّ وأنت جائع، ولا تقم عن الطعام إلاّ وأنت تشتهيه، وجوّد المضغ، وإذا نمت فأعرض نفسك على الخلاء، فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطب .
وعنه عليه السلام: توقّوا البرد في أوله وتلقّوه في آخره، فإنه يفعل في الأبدان كفعله في الأشجار،أوّله يحرق وآخره يورق .
ثم أمر من يبتلى بالمرض أو يصيبه أن يتداوى حفاظاً على الجسم السليم الذي خلقه الله له بقوله: ((لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)) .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: تداووا عباد الله ما من داء إلا وله دواء .
ولكن ليس كل إنسان قادر على تشخيص المرض ونوعه ثم وضع العلاج المناسب له، فكان لابدّ من أخصائيين يتصدون لعلاج الأمراض، بعد دراستهم لأسبابها وكيفية علاجها بالعلم أو التجربة أحياناً.
فأصبح من يسمى بالطبيب الذي جعل ليشفي بإذن الله تعالى الذي خلق مواد الدواء وعلّم الإنسان ما لم يعلم من كيفية تحضير العقاقير واستعمالها لتؤدي الهدف الصحيح لها كما أراد الله سبحانه وتعالى.
فإن الدواء وصنعه لا يخرجان عن إذن الله وعنايته، سواء كان من باب الحكم والنصائح التي كانت تأتي من الوحي للأنبياء، أو من باب تعليم الله للإنسان كيفية تحضير الدواء، وتزويده بالعقل السليم والتفكير الحكيم.
تعليق