خروج النساء لزيارة سيد الشهداء (عليه السلام )
(إصلاح الأخطاء.. أم المنع من العزاء)
صدر في الآونة الأخيرة من بعض الأشخاص المنع للنساء من زيارة الامام الحسين (عليه السلام ) مشيا على الإقدام..
وقد برر هذا المنع بمجموعة تبريرات نستعرضها باختصار لنرى هل تتفق مع موازين إصدار الأحكام.. وتعاليم الإسلام..وهل هذا هو الأسلوب الذي يتعامل به الفقهاء مع الفتاوى الشرعيه من زمان الغيبة إلى زماننا هذا.. وفي البدء لابد من التنبيه على أمور..
1- ينبغي التأكيد على أن من أهم أسباب بقاء الإسلام في هذا الزمان هو شعائر الحسين وان من اعظمها هذه الزيارة المليونية التي هي شوكة في عيون الظلمة ..وغصة في حلوق الحاقدين .
2- فإذا كانت بهذه الأهمية فمن الطبيعي ما صدر عن الأئمة عليهم السلام من حث وتأكيد عليها حتى لو استلزم في بعض الاحيان الاضرار بالنفس والمال كما لا يخفى على المتتبع لتاريخ هذه الشعيرة وتضحيات الشيعة وتحملهم لقمع السلطات وأنواع الصعوبات في سبيل احياءها .
3- إذا كان الحال كذلك فان منع النساء "وهن نصف عدد الزوار تقريبا إن لم يكن أكثر" يحتاج إلى عنوان أهم وسبب أعظم من عنوان إحياء هذه الشعيرة.
4- ويجب أن يكون عنوان المنع ناشئ من مصلحة دينية وضرورة شرعية تفوق الاهمية والمصلحة الدينية المترتبة على زيارة الإمام الحسين عليه السلام.
5- ويجب أن نتأكد فعلا أنها تعارض الزيارة بحيث لا تمكن الزيارة مع إصلاح الاخطاء ومن يصدر المنع يجب ان يثبت امام الله تعالى ان الزيارة هي العلة التامة والسبب الوحيد لوقوع هذه الأخطاء ولا يمكن معالجتها إلا بالمنع.
6- أما إذا كانت أسباب المنع لا علاقة لها بعنوان الزيارة.. وليست حاصلة بسبب نفس الزيارة ..بل الكثير منها خلاف ما صوره وأهميتها - وان كانت مهمة- لا ترقى
لمستوى منع الشعيرة الحسينية العظمى فلا يجوز تشكيك الناس وارباك هذا الزحف الالهي الذي يتجدد في كل عام وله من الثمرات والبركات على المستوى الفردي والاجتماعي ما لا يعلمه إلا الله .
7- حاول هذا الشخص استعراض بعض الايات والروايات بدعوى انها منشأ هذا المنع مع انها اجنبية عن ذلك ولا علاقة لها بالحكم الذي توصل اليه هذا بالإضافة الى وجود ايات وروايات اكثر عددا وأوضح دلالة يستفاد منها خلاف ما توصل إليه هذا الشخص - كما سنذكرها- .
8- والأخطر من ذلك.. ونحن في زمن تربص الأعداء وسعيهم لقتل معنويات الشيعة أكثر من قتل أجسادهم من خلال توجيه أبواق الإعلام وترويج الأوهام.. ونشر الاتهام.. وما تركوا شيئا إلا وطعنوا فيه ونحن في هذا الجو يخرج علينا من يتكلم ببعض السلبيات الجزئية وقليلة الحصول ليصور للأعداء انطباعاً ان هذه الاخطاء هي الحالة العامة للزيارة...والطريقة السائدة بين المعزين ويعطيهم مستمسك ان نساء الشيعة تسير في البوادي والصحاري بلا حمي ولا ولي وتنام في بيوت الغرباء بما يوجب (ظروف مريبة )و (فتنة )على حد قوله ...وكأن الرجال قد نزعت منهم غيرتهم لتكون نسائهم متروكة بلا رقيب، غرضاً للمغرضين أو على الأقل معرضة للمخاطر المحتملة..
ويتناسى وجود المواكب الأبية.. والنفوس الحمية.. (من خدام سيد الشهداء ) وأن الغالبية العظمى من النساء لا تخرج لوحدها بل مع الرجال ..او مع مجاميع كبيرة من النساء - من أقربائها - وأن الرجال ليسو مغلوبين على أمرهم لتخرج نساءهم رغما عنهم ومن دون إذن.
فإذا طبّلت وصفّقت الفضائيات والمواقع الخبيثة غداً لهذا الأمر فلن يسعنا التكذيب وتوضيح الصورة لأن الذي صور الأمور بهذا الشكل - رجل منا-.
ولنستعرض بعض حججه في منع المواليات من زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) مشياً.. التي نشرها موقعه الرسمي على لسانه :
الأول: قوله (أن هذا الخروج مناف لما أمر الله تعالى به والمعصومون من قرار النساء في البيوت... إلى أن قال... وإن هذه السفرة تبديهن أمام الرجال وإن كن ملتزمات بالحجاب )
والجواب :
أ- إن كان هذا سبب لمنع الزيارة لسيد الشهداء (عليه السلام فهو غير مختص بالزيارة مشيا بل يشمل حتى ركوب السيارة وفي طيلة ايام السنة لأنه أيضا ترك لقرار النساء في البيوت .وكذلك هو موجب لاختلاطهن بالرجال على الاقل في الصحن الشريف لأنه لا يتم فصل النساء إلا في الرواق والحضرة المطهرين فهل ان الزيارة مطلقا ممنوعة بدليل (وقرن في بيوتكن)..؟
ب- إذا كانت الآية تشمل زيارة الامام الحسين (عليه السلام ) فهي من باب اولى شاملة لخروج النساء إلى الدراسة في الجامعات.. وهو يعلم ان احتمال المفاسد المترتبة على الاختلاط في الجامعات أكثر من احتمالها في الزيارة لان الزيارة لأيام معدودة وفي أجواء تساعد على التوجه والخشوع واستذكار مصائب أهل البيت عليهم السلام.. أما الجامعات فهي مستمرة لأربعة سنوات في وسط اجواء غير مشجعة على تنقية الروح.. وتهذيب السلوك مع الأسف الشديد.
هذا ومضافا إلى أن عنوان الزيارة ورد فيه الحث والتأكيد بينما لم يرد شيء من الحث على ارتياد الجامعات للنساء.. فلماذا ترفع راية الاصلاح والتقويم في الجامعات - بدون المنع- بينما يصدر المنع من الزيارة المباركة مع انها الأقرب لإمكان الاصلاح بدل المنع مطلقا.
ج- إن الاستدلال بطائفة من الآيات والروايات والإفتاء على طبق ظواهرها من دون الالتفات الى طائفة مقابلة من الآيات والروايات أكثر عددا وأوضح دلالة لهو أمر عجيب ممن يدعي الفقاهة.
فأن اية (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى).. والروايات الناهية للمرأة عن الخروج من بيتها, إذا قابلناها بآيات وروايات وشواهد من فعل المعصوم حصل عندنا القطع بأن هذه الاية تمنع من الخروج لغير سبب ومسوغ شرعي.. وتتمة الآية (ولا تبرجن) مما يوضح ذلك.
أما إذا كان الخروج بشروطه الشرعية ولعنوان مباح فهو خروج جائز، فما بالك إذا كان لزيارة سيد الشهداء الذي بزيارته حياة روح الإنسان.. وتشييد معالم الإيمان..
واليك بعض الشواهد من الكتاب العزيز والسنة الشريفة والسيرة المباركة:
v قال الله تعالى:و(َلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) وهذا الوجوب شامل للرجال والنساء (الناس) فهل تحج المرأة في بيتها؟؟!!
v وإذا قلت ان هذا خاص بالحج الواجب والزيارة مستحبة.. فالجواب انه يشمل الحج الندبي (المستحب) أيضاً حيث اتفقت كلمة العلماء على جواز خروج النساء للحج المستحب ومن دون ان يكون معها محرم. لأن الروايات التي لم توجب وجود المحرم معها مطلقة شاملة للحج الواجب والمندوب بلا فرق.
v ومنها ما ورد في وسائل الشيعة المجلد 11 الباب 58 من أبواب الحج: محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن البزنطي، عن صفوان الجمال قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : قد عرفتني بعملي ، تأتيني المرأة أعرفها بإسلامها وحبها إياكم ، وولايتها لكم ليس لها محرم ، قال : إذا جاءت المرأة المسلمة فاحملها...) الرواية .(وقد كان صفوان صاحب إبل يقود القوافل).
v فالرواية فضلاً عن دلالتها على جواز الخروج فهي تجوّز خروج النساء بدون محرم إن أمنت على نفسها - وطبعا هذا أمر يختلف عن مسالة موافقة وليها أو عدم موافقته فلسنا بصدد مناقشة هذه الجهة هنا- .
v قال الله تعالى _على لسان إبراهيم عليه السلام_: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) .
فإذا لاحظنا الأمور بنفس طريقة هذا الشخص فكيف تسمح غيرة ابراهيم الخليل ان يترك زوجته ورضيعه في الصحراء من دون وجود أي شخص على الاطلاق ثم يتركهم وينصرف وقد وردعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (كان إبراهيم عليه السلام غيورا "، وجدع الله أنف من لا يغار) هل هناك تفسير لذلك سوى معرفة أهمية الأمر الإلهي وضرورة امتثاله وتحمل العبء في سبيله وان كان إخراج النساء من البيوت ؟؟!!
v وتأمل في قوله (تهوي إليهم) فهو يسأل الله تعالى ان يجعل من قلوب الناس من تهوي الى زيارة ذريته..ومن المعلوم أن أعظم وأزكى وأكرم ذريته هم محمد وال محمد صلوات الله وسلامه عليهم. فالحمد لله الذي جعلنا رجالا ونساء ممن تهوي قلوبهم لتلك الذرية في بقاعهم الطاهرة وجعلنا مورد استجابة دعاء سيدنا ابراهيم عليه السلام .
v قال تعالى وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا).. إلى قوله تعالى..(فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا) . أي مكانا بعيداً, فمريم التي هي رمز العفاف والطهارة وصاحبة مقام الاصطفاء الإلهي بصريح القرآن الكريم لما دنى موعد ولادتها وخرجت من بيت المقدس لم تلجأ لمكان قريب وإنما ذهبت لمكان بعيد جدا (قصي) عن بيت المقدس لتضع هناك حملها المبارك.
v وهل يعلم هذا الشخص ان الثابت بروايات الائمة عليهم السلام أن المكان الذي توجهت اليه مريم من بيت المقدس في فلسطين_وهي حامل مثقلة_هو نفسه المكان الذي منع النساء المواليات من الذهاب اليه_بلا حمل أو مخاض_ وهو (كربلاء) وإنا لله وإنا اليه راجعون.
v عن أبي داود المسترق، عن أم سعيد الأحمسية، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قالت: قال لي: يا أم سعيد تزورين قبر الحسين، قالت: قلت: نعم، فقال لي: زوريه فان زيارة قبر الحسين واجبة على الرجال والنساء.
v عن أبي داود المسترق، عن أم سعيد الأحمسية قالت: كنت عند ابي عبد الله (عليه السلام) وقد بعثت من يكتري لي حمارا إلى قبور الشهداء، فقال: ما يمنعك من زيارة سيد الشهداء، قالت: قلتُ: ومن هو، قال: الحسين (عليه السلام)، قالت: قلت: وما لمن زاره، قال: حجة وعمرة مبرورة ومن الخير كذا وكذا ثلاث مرات بيده.
v وخروج مولاتنا الزهراء عليها السلام لخطبتها في مسجد النبي صلى الله عليه واله.
v وخروجها عليها السلام مع عمتها صفيه لمداواة جراح النبي في معركة احد.
v وخروجها عليها السلام لقبر حمزة عليه السلام –وحديثها هناك مع بعض الرجال.
v وخروجها لقبر النبي –وسماع صوت بكاءها من جل أهل المدينة.
v وخروج مولاتنا زينب عليها السلام وباقي العلوّيات مع ركب الحسين.
v وخروج الكثير من النساء مع جيش المسلمين في غزواته لمداواة الجرحى بتأييد النبي.
v فهل هذه العناوين لها من الاهمية ما ليس لزيارة الحسين عليه السلام وهل دواعي خروج بنات الوحي وربائب القران من بيوتهن لحفظ الإسلام بحسب ظروفهم تختلف عن زيارة الحسين التي هي في زماننا هذا عروة الدين وحبله المتين.
الثاني: قولهإن مثل هذه الرحلة الطويلة ومبيتهن في دور الغرباء تتطلب رعاية خاصة للمرأة, وتوفير احتياجاتها, مما يجعلها في حاجة للرجال...).
والجواب:
أ: اننا لا نعلم مقصوده من كلمات(رعاية), (احتياجات), (حاجة للرجال) فإذا كانت الحاجة في حدودها الشرعيه المباحة ولا تشتمل أي محذور شرعي فما المانع منها؟ أما إذا كانت الحاجة تستلزم مخالفة الشرع، فإن حرمتها مختصة بمن يرتكب المخالفة.
ب: إن مبيتها في دور الغرباء مستورة مصانة مع خادمات الحسين من نساء الدار اهون من مبيت الحاجة في العراء في مزدلفة وعلى الطرقات العامة ومحل مرور آلاف الحجاج وليس عليها سوى إحرامها - والنائم لا يعلم ما يجري عليه- فهل حدوث مثل هذه الحالات يوجب المنع من الحج ؟؟!!
ج: هل وصل بنا الحال لتناسي ان بيوت خدام الحسين عليه السلام فيها من النساء من تقوم بخدمة الزائرات,هل تتكلمون عن بلد آخر أم عن العراق؟؟!! ترى أي صورة سوف تعطونها للحاقدين عما يجري في الطريق؟؟ بل أي صورة ستكون لدى الموالين من خارج العراق من مختلف شعوب الارض الذين يتمنون مشاركة اخوانهم المسير في هذا الطريق المقدس ويتحسرون لرؤيتهم على الفضائيات والحرمان من الكون معهم.. فإذا لم يكن لهم علم بتفاصيل الرحلة.. ثم يسمعون مثل هذه الامور وانتشارها حتى يصل الحال الى المنع من الزيارة، ترى.. كيف ستكون ردة فعلهم؟؟
الثالث: قولهوقد تتعرض خلال رحلتها لبعض ذوي النفوس المريضه ,اذ ليس كل الناس ملائكة, فتحصل فتنه وظروف مريبة...)
والجواب:
أ: إن احتمال تعرض النساء لذوي النفوس المريضه لا يختص بزيارة الحسين عليه السلام,ولا شك ان احتماله في دخولها الجامعه اكثر بكثير .
ب: هل احتمال حدوث الظروف المريبة والفتنه - التي لم يوضح مقصوده منها- هي الأعم الأغلب بين الزائرات أم الحالات الشاذة النادرة؟؟
v إن كانت الأعم الأغلب فعلى الإسلام السلام..
v وإن كانت الشاذة النادرة, فهل الأجدر إصلاح القليل الفاسد وإصدار المنع بحق من لا تلتزم الحدود الشرعية, أم حرمان المحجبات الوقورات - وهن الأكثر بحمد الله- من إحياء شعائرهن ونيل الثواب العظيم ؟؟!!
وهل ملاك صدور الأحكام الشرعية مبني على اعتبار الأقل أم الأكثر..؟؟
ج: ويجب أن نذكر هذا الشخص أن افتراض هذه الأمور من دون ظروف عملية يسبب سوء الظن بخدام الحسين عليه السلام، فإن الإنسان أذا لم يكن من الملائكة فلا يعني أنه شيطان ينبغي الحذر منه لمجرد الافتراضات.
الرابع: قولهوكثيرا ما يسبب وجودهن قلقا وجهدا إضافيا لأصحاب الدور...)
والجواب:
إننا لا نعلم هل هناك من يتصور إن إحياء شعائر أهل البيت يخلو من الجهد والقلق وكل أنواع الصعوبات؟؟
أليس هو طريق ذات الشوكة الذي لا يخلو من المعاناة بكل اشكالها وهل وصل الينا هذا المذهب من دون تضحيات الاجيال السابقة بالغالي والنفيس ..وهل اشتكى اصحاب البيوت من وجود الزائرات ام إنهم يصنعون كل شيء من اجل استقبال الزوار والزائرات _بما في ذلك بل اهمه وجود الخادمات_ طلبا لنظرة كريمة من سيد الشهداء عليه السلام؟؟
ولا نعلم هل صارت وظيفة المجتهد المنع من شعائر الله شفقة على اصحاب الدور الشرفاء من تحمل جهود إضافية..؟؟
حقيق إن من يسير في هذا الطريق سوف يرى بأم عينه كيف إن خدام الحسين تكون أحلى لحظاتهم وأشد حالات توجههم القلبي لسيد الشهداء هي عندما يصلون إلى أعلى درجات التعب, ولسان حالهم: تقبل منا هذا القليل.. ويعرف ذلك من جَربه.
الخامس:قولهغيابهن عن بيوتهن وأطفالهن....يؤدي إلى التقصير في وظائفهن..)
والجواب:
إن اعتبار هذا الأمر سببا للمنع من الزيارة من أعجب العجائب.. فإن وظيفة المجتهد ليست تشخيص موضوع التقصير في الوظيفة الزوجية وإنما بيان حكمه.
فإن الفقيه واجبه بيان الحكم بأن (كل ما يلزم منه تقصير المرأة في وظيفتها وواجباتها الزوجية - سواء بخروجها للزيارة أم غيره- فهو أمر غير جائز) وأما تحديد إن الخروج للزيارة من مصاديق تقصير الزوجة عن وظيفتها. وإصدار المنع على أساسه فهو غريب جدا.
لان ذلك تحدده العائلة نفسها وليس الفقيه.. وأهل كل دار أدرى بدارهم.. فربما خرجت العائلة كلها للزيارة.. وربما كان في البيت من تبقى لشؤونه.. وأخرى تتوجه للزيارة.. وربما وربما... فهل هؤلاء كلهن ممنوعات بتقصير غيرهن؟؟!!
السادس: قولهوتصحب بعضهن الأطفال وهم لا ينضبطون...فيضيع الأطفال وتتحول الرحلة إلى كارثة...)
والجواب:
أ: إن الكارثة والله ان تمنع زيارة الحسين عليه السلام لهذه الاسباب التي لا تتعارض مع الخروج لأبسط شؤون الحياة فضلا عن زيارة سفينة النجاة.
ب: وحتى لو افترضنا أن وظيفة المجتهد حفظ أطفال الناس من الضياع, فلماذا تحرم من لا أطفال لها من الذهاب؟؟!!
ج: إن البعض يصطحبون أطفالهم معهم بالسيارات لزيارة كربلاء المقدسة و((قد)) تتعرض السيارة لحادث مروري وتتحول الرحلة لكارثة,فهل يشمل المنع ركوب السيارات؟؟
ن البعض يصطحبون أطفالهم معهم بالسيارات لزيارة كربلاء المقدسة و((قد)) تتعرض السيارة لحادث مروري وتتحول الرحلة لكارثة,فهل يشمل المنع ركوب السيارات؟؟!!
السابع: قوله: (كثير من أولياء الأمور والأزواج لا يرضى بخروج زوجته لهذا السبب...ولكنه لا يستطيع أن يمنعها لأنه يخوّف بأنه سيكون معاديا للإمام الحسين عليه السلام...)
والجواب:
كان الأولى إرشاد الزوج أن له الحق في المنع وتوضيح المفاهيم له وشرح حدود ولايته على زوجته.. وليت شعري أين هذا من التبرع بمنع كل النساء - حتى التي يرضى زوجها-.. شفقة وتسهيلاَ لبعض من يريدون منع زوجاتهم و(يخافون)..!!
الثامن: قوله حيث أصبح البعض يُمارس قضية الحُسين كإرهاب فكري لجبر الناس على قرارات لا يرضون بها...)
والجواب:
أ: إننا نرفض منهج تخويف الناس - إن كان فعلا موجود كمنهج- وينبغي أن تكون ممارسة الشعائر بكامل القناعة, وتمام الاختيار, ولكن ما علاقة هذا بمنع النساء من الزيارة..؟؟
ومرة أخرى نقول: هل تمنع من زيارة سبط رسول الله زوجات المؤمنين الواعين الراضين بخروج زوجاتهم.. من أجل من لا يعرف حدود ولايته على نسائه؟؟!!
ب: إن هذا الشخص الذي ينتقد ما أسماه (الإرهاب الفكري) هو نفسه مارس هذا الإرهاب عندما يتهم الجموع المؤمنه من النساء المتوجهات إلى كربلاء ومن رضي بفعلهن من رجالهن بأنه (تأسياً واقتداءاَ بلئام الأمويين الذين أخرجوا حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في البوادي والقفار وليس تأسياً بالعقيلة زينب عليها السلام والهاشميات) وكل هذا الإجحاف والظلم للزوار بسبب وجود بعض المخالفات الشرعية النادرة التي تصدر من البعض.. فيصير الكل في نظر هذا الشخص (مقتدون ببني أميه) فيا لله.. متى صار يقرن هؤلاء بهؤلاء.. والى الله المُشتكى..
التاسع:قولهإنّ الزحام الشديد في الزيارة...).
وجوابه: واضح للجميع.. بما فيهم هذا الشخص, فإن هذا الزحام وأشد منه بمرات ومرات ما يحصل عند الطواف في الحج وكذلك عند رمي الجمار.. ويعلم ذلك جيدا من وفق للحج.
العاشر: قوله (مسك الرجل الاجنبي للمرأة حتى يساعدها على الصعود....)
وقولهالتصاق بعضهم ببعض.....)
وقولهالتدافع المختلط لتحصيل وجبة طعام....)
وقولهسقوط بعضهم على بعض عند حصول توقف مفاجئ للسيارة ....)
والجواب: لم يكن هذا الشخص اول من تنبهه لهذه الأخطاء.. ولا أول من نادى بإصلاحها.. فكل المؤمالله.حريصين على زيارة خالية من المحاذير الشرعية الكل منهم ينادي بضرورة معالجة الأخطاء الحاصلة.. ولا زالت المطالبات مستمرة للحكومة بضرورة معالجة التقصير الحاصل في النقل والتنظيم.. ولا زالت الإرشادات لأصحاب المواكب سواء من العلماء الاعلام أو الخطباء الكرام أو الأمانات العامة للعتبات المقدسة.. أن ينظموا عملهم المبارك بشكل أفضل يقلل من حدوث هذه الأمور.. ولكن لم يصل الحال لدرجة منع النساء من الزيارة - وتقليص هذا الزحف الذي لاشك فيه رضا وعناية بقية الله (أرواحنا فداه) وهو حتما مسرور بشيعته من الرجال والنساء مع هذه المواساة.. أما الذين يُقرحون قلب الإمام بممارساتهم الخاطئة.. فأنهم ليسوا الأغلبية التي تمنعنا من شعائرنا.. وتعطل عزائنا.
وختاما نذكر كافة أخواننا المؤمنين بقول الإمام أمير المؤمنين في نهج بلاغتهإنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف
فيها كتاب الله، ويتولى عليها رجالٌ رجالاً على غير دين الله، فلو أن لباطل خَلُص من مزاج الحق لم يَخف على المرتادين، ولو أن الحق خَلُص من لبس الباطل لانقطعت عنه ألسن المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضِغث ومن هذا ضِغث فيمزجان، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى)..
(إصلاح الأخطاء.. أم المنع من العزاء)
صدر في الآونة الأخيرة من بعض الأشخاص المنع للنساء من زيارة الامام الحسين (عليه السلام ) مشيا على الإقدام..
وقد برر هذا المنع بمجموعة تبريرات نستعرضها باختصار لنرى هل تتفق مع موازين إصدار الأحكام.. وتعاليم الإسلام..وهل هذا هو الأسلوب الذي يتعامل به الفقهاء مع الفتاوى الشرعيه من زمان الغيبة إلى زماننا هذا.. وفي البدء لابد من التنبيه على أمور..
1- ينبغي التأكيد على أن من أهم أسباب بقاء الإسلام في هذا الزمان هو شعائر الحسين وان من اعظمها هذه الزيارة المليونية التي هي شوكة في عيون الظلمة ..وغصة في حلوق الحاقدين .
2- فإذا كانت بهذه الأهمية فمن الطبيعي ما صدر عن الأئمة عليهم السلام من حث وتأكيد عليها حتى لو استلزم في بعض الاحيان الاضرار بالنفس والمال كما لا يخفى على المتتبع لتاريخ هذه الشعيرة وتضحيات الشيعة وتحملهم لقمع السلطات وأنواع الصعوبات في سبيل احياءها .
3- إذا كان الحال كذلك فان منع النساء "وهن نصف عدد الزوار تقريبا إن لم يكن أكثر" يحتاج إلى عنوان أهم وسبب أعظم من عنوان إحياء هذه الشعيرة.
4- ويجب أن يكون عنوان المنع ناشئ من مصلحة دينية وضرورة شرعية تفوق الاهمية والمصلحة الدينية المترتبة على زيارة الإمام الحسين عليه السلام.
5- ويجب أن نتأكد فعلا أنها تعارض الزيارة بحيث لا تمكن الزيارة مع إصلاح الاخطاء ومن يصدر المنع يجب ان يثبت امام الله تعالى ان الزيارة هي العلة التامة والسبب الوحيد لوقوع هذه الأخطاء ولا يمكن معالجتها إلا بالمنع.
6- أما إذا كانت أسباب المنع لا علاقة لها بعنوان الزيارة.. وليست حاصلة بسبب نفس الزيارة ..بل الكثير منها خلاف ما صوره وأهميتها - وان كانت مهمة- لا ترقى
لمستوى منع الشعيرة الحسينية العظمى فلا يجوز تشكيك الناس وارباك هذا الزحف الالهي الذي يتجدد في كل عام وله من الثمرات والبركات على المستوى الفردي والاجتماعي ما لا يعلمه إلا الله .
7- حاول هذا الشخص استعراض بعض الايات والروايات بدعوى انها منشأ هذا المنع مع انها اجنبية عن ذلك ولا علاقة لها بالحكم الذي توصل اليه هذا بالإضافة الى وجود ايات وروايات اكثر عددا وأوضح دلالة يستفاد منها خلاف ما توصل إليه هذا الشخص - كما سنذكرها- .
8- والأخطر من ذلك.. ونحن في زمن تربص الأعداء وسعيهم لقتل معنويات الشيعة أكثر من قتل أجسادهم من خلال توجيه أبواق الإعلام وترويج الأوهام.. ونشر الاتهام.. وما تركوا شيئا إلا وطعنوا فيه ونحن في هذا الجو يخرج علينا من يتكلم ببعض السلبيات الجزئية وقليلة الحصول ليصور للأعداء انطباعاً ان هذه الاخطاء هي الحالة العامة للزيارة...والطريقة السائدة بين المعزين ويعطيهم مستمسك ان نساء الشيعة تسير في البوادي والصحاري بلا حمي ولا ولي وتنام في بيوت الغرباء بما يوجب (ظروف مريبة )و (فتنة )على حد قوله ...وكأن الرجال قد نزعت منهم غيرتهم لتكون نسائهم متروكة بلا رقيب، غرضاً للمغرضين أو على الأقل معرضة للمخاطر المحتملة..
ويتناسى وجود المواكب الأبية.. والنفوس الحمية.. (من خدام سيد الشهداء ) وأن الغالبية العظمى من النساء لا تخرج لوحدها بل مع الرجال ..او مع مجاميع كبيرة من النساء - من أقربائها - وأن الرجال ليسو مغلوبين على أمرهم لتخرج نساءهم رغما عنهم ومن دون إذن.
فإذا طبّلت وصفّقت الفضائيات والمواقع الخبيثة غداً لهذا الأمر فلن يسعنا التكذيب وتوضيح الصورة لأن الذي صور الأمور بهذا الشكل - رجل منا-.
ولنستعرض بعض حججه في منع المواليات من زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) مشياً.. التي نشرها موقعه الرسمي على لسانه :
الأول: قوله (أن هذا الخروج مناف لما أمر الله تعالى به والمعصومون من قرار النساء في البيوت... إلى أن قال... وإن هذه السفرة تبديهن أمام الرجال وإن كن ملتزمات بالحجاب )
والجواب :
أ- إن كان هذا سبب لمنع الزيارة لسيد الشهداء (عليه السلام فهو غير مختص بالزيارة مشيا بل يشمل حتى ركوب السيارة وفي طيلة ايام السنة لأنه أيضا ترك لقرار النساء في البيوت .وكذلك هو موجب لاختلاطهن بالرجال على الاقل في الصحن الشريف لأنه لا يتم فصل النساء إلا في الرواق والحضرة المطهرين فهل ان الزيارة مطلقا ممنوعة بدليل (وقرن في بيوتكن)..؟
ب- إذا كانت الآية تشمل زيارة الامام الحسين (عليه السلام ) فهي من باب اولى شاملة لخروج النساء إلى الدراسة في الجامعات.. وهو يعلم ان احتمال المفاسد المترتبة على الاختلاط في الجامعات أكثر من احتمالها في الزيارة لان الزيارة لأيام معدودة وفي أجواء تساعد على التوجه والخشوع واستذكار مصائب أهل البيت عليهم السلام.. أما الجامعات فهي مستمرة لأربعة سنوات في وسط اجواء غير مشجعة على تنقية الروح.. وتهذيب السلوك مع الأسف الشديد.
هذا ومضافا إلى أن عنوان الزيارة ورد فيه الحث والتأكيد بينما لم يرد شيء من الحث على ارتياد الجامعات للنساء.. فلماذا ترفع راية الاصلاح والتقويم في الجامعات - بدون المنع- بينما يصدر المنع من الزيارة المباركة مع انها الأقرب لإمكان الاصلاح بدل المنع مطلقا.
ج- إن الاستدلال بطائفة من الآيات والروايات والإفتاء على طبق ظواهرها من دون الالتفات الى طائفة مقابلة من الآيات والروايات أكثر عددا وأوضح دلالة لهو أمر عجيب ممن يدعي الفقاهة.
فأن اية (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى).. والروايات الناهية للمرأة عن الخروج من بيتها, إذا قابلناها بآيات وروايات وشواهد من فعل المعصوم حصل عندنا القطع بأن هذه الاية تمنع من الخروج لغير سبب ومسوغ شرعي.. وتتمة الآية (ولا تبرجن) مما يوضح ذلك.
أما إذا كان الخروج بشروطه الشرعية ولعنوان مباح فهو خروج جائز، فما بالك إذا كان لزيارة سيد الشهداء الذي بزيارته حياة روح الإنسان.. وتشييد معالم الإيمان..
واليك بعض الشواهد من الكتاب العزيز والسنة الشريفة والسيرة المباركة:
v قال الله تعالى:و(َلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) وهذا الوجوب شامل للرجال والنساء (الناس) فهل تحج المرأة في بيتها؟؟!!
v وإذا قلت ان هذا خاص بالحج الواجب والزيارة مستحبة.. فالجواب انه يشمل الحج الندبي (المستحب) أيضاً حيث اتفقت كلمة العلماء على جواز خروج النساء للحج المستحب ومن دون ان يكون معها محرم. لأن الروايات التي لم توجب وجود المحرم معها مطلقة شاملة للحج الواجب والمندوب بلا فرق.
v ومنها ما ورد في وسائل الشيعة المجلد 11 الباب 58 من أبواب الحج: محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن البزنطي، عن صفوان الجمال قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : قد عرفتني بعملي ، تأتيني المرأة أعرفها بإسلامها وحبها إياكم ، وولايتها لكم ليس لها محرم ، قال : إذا جاءت المرأة المسلمة فاحملها...) الرواية .(وقد كان صفوان صاحب إبل يقود القوافل).
v فالرواية فضلاً عن دلالتها على جواز الخروج فهي تجوّز خروج النساء بدون محرم إن أمنت على نفسها - وطبعا هذا أمر يختلف عن مسالة موافقة وليها أو عدم موافقته فلسنا بصدد مناقشة هذه الجهة هنا- .
v قال الله تعالى _على لسان إبراهيم عليه السلام_: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) .
فإذا لاحظنا الأمور بنفس طريقة هذا الشخص فكيف تسمح غيرة ابراهيم الخليل ان يترك زوجته ورضيعه في الصحراء من دون وجود أي شخص على الاطلاق ثم يتركهم وينصرف وقد وردعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (كان إبراهيم عليه السلام غيورا "، وجدع الله أنف من لا يغار) هل هناك تفسير لذلك سوى معرفة أهمية الأمر الإلهي وضرورة امتثاله وتحمل العبء في سبيله وان كان إخراج النساء من البيوت ؟؟!!
v وتأمل في قوله (تهوي إليهم) فهو يسأل الله تعالى ان يجعل من قلوب الناس من تهوي الى زيارة ذريته..ومن المعلوم أن أعظم وأزكى وأكرم ذريته هم محمد وال محمد صلوات الله وسلامه عليهم. فالحمد لله الذي جعلنا رجالا ونساء ممن تهوي قلوبهم لتلك الذرية في بقاعهم الطاهرة وجعلنا مورد استجابة دعاء سيدنا ابراهيم عليه السلام .
v قال تعالى وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا).. إلى قوله تعالى..(فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا) . أي مكانا بعيداً, فمريم التي هي رمز العفاف والطهارة وصاحبة مقام الاصطفاء الإلهي بصريح القرآن الكريم لما دنى موعد ولادتها وخرجت من بيت المقدس لم تلجأ لمكان قريب وإنما ذهبت لمكان بعيد جدا (قصي) عن بيت المقدس لتضع هناك حملها المبارك.
v وهل يعلم هذا الشخص ان الثابت بروايات الائمة عليهم السلام أن المكان الذي توجهت اليه مريم من بيت المقدس في فلسطين_وهي حامل مثقلة_هو نفسه المكان الذي منع النساء المواليات من الذهاب اليه_بلا حمل أو مخاض_ وهو (كربلاء) وإنا لله وإنا اليه راجعون.
v عن أبي داود المسترق، عن أم سعيد الأحمسية، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قالت: قال لي: يا أم سعيد تزورين قبر الحسين، قالت: قلت: نعم، فقال لي: زوريه فان زيارة قبر الحسين واجبة على الرجال والنساء.
v عن أبي داود المسترق، عن أم سعيد الأحمسية قالت: كنت عند ابي عبد الله (عليه السلام) وقد بعثت من يكتري لي حمارا إلى قبور الشهداء، فقال: ما يمنعك من زيارة سيد الشهداء، قالت: قلتُ: ومن هو، قال: الحسين (عليه السلام)، قالت: قلت: وما لمن زاره، قال: حجة وعمرة مبرورة ومن الخير كذا وكذا ثلاث مرات بيده.
v وخروج مولاتنا الزهراء عليها السلام لخطبتها في مسجد النبي صلى الله عليه واله.
v وخروجها عليها السلام مع عمتها صفيه لمداواة جراح النبي في معركة احد.
v وخروجها عليها السلام لقبر حمزة عليه السلام –وحديثها هناك مع بعض الرجال.
v وخروجها لقبر النبي –وسماع صوت بكاءها من جل أهل المدينة.
v وخروج مولاتنا زينب عليها السلام وباقي العلوّيات مع ركب الحسين.
v وخروج الكثير من النساء مع جيش المسلمين في غزواته لمداواة الجرحى بتأييد النبي.
v فهل هذه العناوين لها من الاهمية ما ليس لزيارة الحسين عليه السلام وهل دواعي خروج بنات الوحي وربائب القران من بيوتهن لحفظ الإسلام بحسب ظروفهم تختلف عن زيارة الحسين التي هي في زماننا هذا عروة الدين وحبله المتين.
الثاني: قولهإن مثل هذه الرحلة الطويلة ومبيتهن في دور الغرباء تتطلب رعاية خاصة للمرأة, وتوفير احتياجاتها, مما يجعلها في حاجة للرجال...).
والجواب:
أ: اننا لا نعلم مقصوده من كلمات(رعاية), (احتياجات), (حاجة للرجال) فإذا كانت الحاجة في حدودها الشرعيه المباحة ولا تشتمل أي محذور شرعي فما المانع منها؟ أما إذا كانت الحاجة تستلزم مخالفة الشرع، فإن حرمتها مختصة بمن يرتكب المخالفة.
ب: إن مبيتها في دور الغرباء مستورة مصانة مع خادمات الحسين من نساء الدار اهون من مبيت الحاجة في العراء في مزدلفة وعلى الطرقات العامة ومحل مرور آلاف الحجاج وليس عليها سوى إحرامها - والنائم لا يعلم ما يجري عليه- فهل حدوث مثل هذه الحالات يوجب المنع من الحج ؟؟!!
ج: هل وصل بنا الحال لتناسي ان بيوت خدام الحسين عليه السلام فيها من النساء من تقوم بخدمة الزائرات,هل تتكلمون عن بلد آخر أم عن العراق؟؟!! ترى أي صورة سوف تعطونها للحاقدين عما يجري في الطريق؟؟ بل أي صورة ستكون لدى الموالين من خارج العراق من مختلف شعوب الارض الذين يتمنون مشاركة اخوانهم المسير في هذا الطريق المقدس ويتحسرون لرؤيتهم على الفضائيات والحرمان من الكون معهم.. فإذا لم يكن لهم علم بتفاصيل الرحلة.. ثم يسمعون مثل هذه الامور وانتشارها حتى يصل الحال الى المنع من الزيارة، ترى.. كيف ستكون ردة فعلهم؟؟
الثالث: قولهوقد تتعرض خلال رحلتها لبعض ذوي النفوس المريضه ,اذ ليس كل الناس ملائكة, فتحصل فتنه وظروف مريبة...)
والجواب:
أ: إن احتمال تعرض النساء لذوي النفوس المريضه لا يختص بزيارة الحسين عليه السلام,ولا شك ان احتماله في دخولها الجامعه اكثر بكثير .
ب: هل احتمال حدوث الظروف المريبة والفتنه - التي لم يوضح مقصوده منها- هي الأعم الأغلب بين الزائرات أم الحالات الشاذة النادرة؟؟
v إن كانت الأعم الأغلب فعلى الإسلام السلام..
v وإن كانت الشاذة النادرة, فهل الأجدر إصلاح القليل الفاسد وإصدار المنع بحق من لا تلتزم الحدود الشرعية, أم حرمان المحجبات الوقورات - وهن الأكثر بحمد الله- من إحياء شعائرهن ونيل الثواب العظيم ؟؟!!
وهل ملاك صدور الأحكام الشرعية مبني على اعتبار الأقل أم الأكثر..؟؟
ج: ويجب أن نذكر هذا الشخص أن افتراض هذه الأمور من دون ظروف عملية يسبب سوء الظن بخدام الحسين عليه السلام، فإن الإنسان أذا لم يكن من الملائكة فلا يعني أنه شيطان ينبغي الحذر منه لمجرد الافتراضات.
الرابع: قولهوكثيرا ما يسبب وجودهن قلقا وجهدا إضافيا لأصحاب الدور...)
والجواب:
إننا لا نعلم هل هناك من يتصور إن إحياء شعائر أهل البيت يخلو من الجهد والقلق وكل أنواع الصعوبات؟؟
أليس هو طريق ذات الشوكة الذي لا يخلو من المعاناة بكل اشكالها وهل وصل الينا هذا المذهب من دون تضحيات الاجيال السابقة بالغالي والنفيس ..وهل اشتكى اصحاب البيوت من وجود الزائرات ام إنهم يصنعون كل شيء من اجل استقبال الزوار والزائرات _بما في ذلك بل اهمه وجود الخادمات_ طلبا لنظرة كريمة من سيد الشهداء عليه السلام؟؟
ولا نعلم هل صارت وظيفة المجتهد المنع من شعائر الله شفقة على اصحاب الدور الشرفاء من تحمل جهود إضافية..؟؟
حقيق إن من يسير في هذا الطريق سوف يرى بأم عينه كيف إن خدام الحسين تكون أحلى لحظاتهم وأشد حالات توجههم القلبي لسيد الشهداء هي عندما يصلون إلى أعلى درجات التعب, ولسان حالهم: تقبل منا هذا القليل.. ويعرف ذلك من جَربه.
الخامس:قولهغيابهن عن بيوتهن وأطفالهن....يؤدي إلى التقصير في وظائفهن..)
والجواب:
إن اعتبار هذا الأمر سببا للمنع من الزيارة من أعجب العجائب.. فإن وظيفة المجتهد ليست تشخيص موضوع التقصير في الوظيفة الزوجية وإنما بيان حكمه.
فإن الفقيه واجبه بيان الحكم بأن (كل ما يلزم منه تقصير المرأة في وظيفتها وواجباتها الزوجية - سواء بخروجها للزيارة أم غيره- فهو أمر غير جائز) وأما تحديد إن الخروج للزيارة من مصاديق تقصير الزوجة عن وظيفتها. وإصدار المنع على أساسه فهو غريب جدا.
لان ذلك تحدده العائلة نفسها وليس الفقيه.. وأهل كل دار أدرى بدارهم.. فربما خرجت العائلة كلها للزيارة.. وربما كان في البيت من تبقى لشؤونه.. وأخرى تتوجه للزيارة.. وربما وربما... فهل هؤلاء كلهن ممنوعات بتقصير غيرهن؟؟!!
السادس: قولهوتصحب بعضهن الأطفال وهم لا ينضبطون...فيضيع الأطفال وتتحول الرحلة إلى كارثة...)
والجواب:
أ: إن الكارثة والله ان تمنع زيارة الحسين عليه السلام لهذه الاسباب التي لا تتعارض مع الخروج لأبسط شؤون الحياة فضلا عن زيارة سفينة النجاة.
ب: وحتى لو افترضنا أن وظيفة المجتهد حفظ أطفال الناس من الضياع, فلماذا تحرم من لا أطفال لها من الذهاب؟؟!!
ج: إن البعض يصطحبون أطفالهم معهم بالسيارات لزيارة كربلاء المقدسة و((قد)) تتعرض السيارة لحادث مروري وتتحول الرحلة لكارثة,فهل يشمل المنع ركوب السيارات؟؟
ن البعض يصطحبون أطفالهم معهم بالسيارات لزيارة كربلاء المقدسة و((قد)) تتعرض السيارة لحادث مروري وتتحول الرحلة لكارثة,فهل يشمل المنع ركوب السيارات؟؟!!
السابع: قوله: (كثير من أولياء الأمور والأزواج لا يرضى بخروج زوجته لهذا السبب...ولكنه لا يستطيع أن يمنعها لأنه يخوّف بأنه سيكون معاديا للإمام الحسين عليه السلام...)
والجواب:
كان الأولى إرشاد الزوج أن له الحق في المنع وتوضيح المفاهيم له وشرح حدود ولايته على زوجته.. وليت شعري أين هذا من التبرع بمنع كل النساء - حتى التي يرضى زوجها-.. شفقة وتسهيلاَ لبعض من يريدون منع زوجاتهم و(يخافون)..!!
الثامن: قوله حيث أصبح البعض يُمارس قضية الحُسين كإرهاب فكري لجبر الناس على قرارات لا يرضون بها...)
والجواب:
أ: إننا نرفض منهج تخويف الناس - إن كان فعلا موجود كمنهج- وينبغي أن تكون ممارسة الشعائر بكامل القناعة, وتمام الاختيار, ولكن ما علاقة هذا بمنع النساء من الزيارة..؟؟
ومرة أخرى نقول: هل تمنع من زيارة سبط رسول الله زوجات المؤمنين الواعين الراضين بخروج زوجاتهم.. من أجل من لا يعرف حدود ولايته على نسائه؟؟!!
ب: إن هذا الشخص الذي ينتقد ما أسماه (الإرهاب الفكري) هو نفسه مارس هذا الإرهاب عندما يتهم الجموع المؤمنه من النساء المتوجهات إلى كربلاء ومن رضي بفعلهن من رجالهن بأنه (تأسياً واقتداءاَ بلئام الأمويين الذين أخرجوا حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في البوادي والقفار وليس تأسياً بالعقيلة زينب عليها السلام والهاشميات) وكل هذا الإجحاف والظلم للزوار بسبب وجود بعض المخالفات الشرعية النادرة التي تصدر من البعض.. فيصير الكل في نظر هذا الشخص (مقتدون ببني أميه) فيا لله.. متى صار يقرن هؤلاء بهؤلاء.. والى الله المُشتكى..
التاسع:قولهإنّ الزحام الشديد في الزيارة...).
وجوابه: واضح للجميع.. بما فيهم هذا الشخص, فإن هذا الزحام وأشد منه بمرات ومرات ما يحصل عند الطواف في الحج وكذلك عند رمي الجمار.. ويعلم ذلك جيدا من وفق للحج.
العاشر: قوله (مسك الرجل الاجنبي للمرأة حتى يساعدها على الصعود....)
وقولهالتصاق بعضهم ببعض.....)
وقولهالتدافع المختلط لتحصيل وجبة طعام....)
وقولهسقوط بعضهم على بعض عند حصول توقف مفاجئ للسيارة ....)
والجواب: لم يكن هذا الشخص اول من تنبهه لهذه الأخطاء.. ولا أول من نادى بإصلاحها.. فكل المؤمالله.حريصين على زيارة خالية من المحاذير الشرعية الكل منهم ينادي بضرورة معالجة الأخطاء الحاصلة.. ولا زالت المطالبات مستمرة للحكومة بضرورة معالجة التقصير الحاصل في النقل والتنظيم.. ولا زالت الإرشادات لأصحاب المواكب سواء من العلماء الاعلام أو الخطباء الكرام أو الأمانات العامة للعتبات المقدسة.. أن ينظموا عملهم المبارك بشكل أفضل يقلل من حدوث هذه الأمور.. ولكن لم يصل الحال لدرجة منع النساء من الزيارة - وتقليص هذا الزحف الذي لاشك فيه رضا وعناية بقية الله (أرواحنا فداه) وهو حتما مسرور بشيعته من الرجال والنساء مع هذه المواساة.. أما الذين يُقرحون قلب الإمام بممارساتهم الخاطئة.. فأنهم ليسوا الأغلبية التي تمنعنا من شعائرنا.. وتعطل عزائنا.
وختاما نذكر كافة أخواننا المؤمنين بقول الإمام أمير المؤمنين في نهج بلاغتهإنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف
فيها كتاب الله، ويتولى عليها رجالٌ رجالاً على غير دين الله، فلو أن لباطل خَلُص من مزاج الحق لم يَخف على المرتادين، ولو أن الحق خَلُص من لبس الباطل لانقطعت عنه ألسن المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضِغث ومن هذا ضِغث فيمزجان، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى)..
تعليق