دائما ماكنت أسمع قول المتنبي :
فإن قليل الحب بالعقل صالح
وإن كثير الحب بالجهل فاسد
لأقف عندها كثيرا ، وأرسم صورة من أحب بجميع محاسنه ، صادق في ودِّه ، مخلص في حبه ، تتردد رجلاه عند باب داري ، يُدير هاتفه لمحادثتي ،أجل يستحق أن أبادله الحب ذاته.
تحكمنا العلاقات الاجتماعية برباط جميل يوثقه الحب بأسمى معانيه ، إن حبنا لمن حولنا هو المعوّل عليه في البقاء إلى جانبهم ومساندتهم ، فكم من أناس يفرّون من أداء واجبهم تجاه أرحامهم ويقومون بالواجب ذاته بمن تربطهم به علاقة التعارف والحب .
فإذا لمست من إنسان الحب فاجعل حبك مضاعف له. تقرّب إليه ،شاركه في أفراحه وأحزانه واصفح عنه إذا أخطأ ، فقد يفارقك يوما ما ، واسلك جميع السبل التي ُتبقي ودّه.
إن الحب يجمعك بأصناف متعددة من الناس قد يكون زميل لك في عملك أو جار لك ، أو صديق قديم فاجعل رداء الوفاء ملبسك والعشرة الطيبة عنوان محبتك ، أما إذا شعرت بأن هناك من لايحبك استمر في حبك له لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا فقد تتبدل فلسفة عدم المحبة لديه إلى حب رائع ، فتكسبه أخا لم تلده أمك ، بل قد يكون من أقرب المقربين يسوق لك كل الخير ، ويجلي همومك ، وبذلك تصفو النفوس ، وتنشرح الصدور، فيقبل حبك بعد رفضه .
ما أجمل العالم الآخر وقد نزع الله تعالى جميع الأحقاد من قلوب الناس فلا يوجد من يقول : كرامتي تبعثرت إذا تحدثت معه ، أو البادي أظلم ، أو من حقي تجاهله .
(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ )
الأعراف (43)
إنه عالم امتلأ بالخيرات الحسان ، يختلف عن عالمنا الدنيوي ، يسوده الحب ،وتصفو فيه النوايا وتبدد أنواره ظلمة القلوب .
وتتوالى أعمالنا وقد ازدهرت وأينعت بالحب ، فتُنجز الأعمال بالحب ، ويوفى بالوعد لمن نُحب .
بالحب سجدت جميع الملائكة لنبي الله آدم ممتثلة أمر الله تعالى لأنها أحبت الله تعالى !
بالحب ترضع الأم وليدها ويكبر حبه في قلبها.
بنظرة الحب التي ينظر بها الابن لأمه يكسب الأجر والثواب من الله تعالى !
يكتب الله تعالى كل الرحمة والثواب للزوجين اللذين يبنيان بيتهما على حب ومودة .
عندما تمشي بحب للمسجد مستبشرا بعطاء الله يكتب لك الله تعالى بكل خطوة حسنة .
إن حب الناس ومعاملتهم بالحسنى سبيل لامتلاك قلوبهم !
نسأل الله أن يهبنا حبّاصادقا لعباده المؤمنين ويبعد عن قلوبنا الحقد والبغضاء .
تعليق