و الإمام الثامن من أئمة الشيعة الإثنى عشرية - أعزهم الله تعالى - حجة الحق والخليفة على عامة الخلق ، الناهج في مناهج القضاء علي الثالث من العليين الأربعة أبي الحسن علي ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . فنسبه (ع) من نسب والده الإمام العظيم (ع) منتهياً بأبي الحسن علي بن أبي طالب (ع) وبالنبي الأكرم محمد( ص) .
أما أمه فهي أم ولد ، وهذا اللقب كان يطلق على الجارية التي تحمل وتلد من سيدها ومالكها ، وكان يمنع بيعها بعد الولاده وتصبح حرة ، لا تباع بعد وفاة ما لكها .
ولآمه (ع) أسماء وألقاب وكنى عديدة منها : نجمة ، وسمانة ، وتكتم ، وصفر ، وأروى ، وسكن النوبية ، والطاهرة ، وخيرزان المريسية ، وأم البنين .
وكانت جارية جليلة جداً ، اشترتها حميدة المصفاة ، أم الإمام موسى بن جعفر (ع) وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة ، حتى إنها لم تجلس بين يديها منذ ملكتها اجلالاً لها ، وكانت حميدة تقول لأبنها موسى (ع) إن تكتم جارية ما رأيت قط جارية أفضل منها ، ولست أشك أن الله عز وجل سيطهر نسلها إن كان لها نسل ، وقد وهبتها لك فاستوصِ خيراً بها .
فلما نكحها الإمام موسى بن جعفر(ع)وولدت له الرضا(ع) سماها الطاهرة.
أما كنيته ، فهي ككنية جدة أمير المؤمنين (ع) ( أبو الحسن ) ، ولهذا يعرف الإمام الرضا عليه السلام بأبي الحسن الثاني .
وأما القابه فكثيرة ، أولها وأشهرها : الرضا ، وإنما لقب بهذا اللقب لأنه كان رضا الله في سمائه ، ورضا الرسول (ص) في أرضه ، ورضا الأئمة من بعده ، بل رضيَ به المخالفون من اعدائه وضده ، كما رضي به الموافقون من أوليائه وجنده ، ولم يكن ذلك لأحد من آبائه (ع) بالنسبة إلى غير أوليائه لأنه (ع) رضيه المأمون لولاية عهده في ظاهر الأمر ، وليس الأمر ما ذكره بعض المورخين من ان الرضا لقب أطلقه المامون على عليه (ع) ، بل الصحيح أن هذا اللقب منصوص عليه من أجداده (ع) من الرسول (ص) .
ومن كناه أيضاً : الرضي ، والصابر ، والصادق ، والوفي ، والفاضل ، والضامن ، وقرة أعين المؤمنين ، وغيظ الملحدين - أو مكيدة الملحدين - ، وسراج الله ونور الهدى ، وكفو الملك ، وكافي الخلق ، وربُّ السرير ، ورب التدبير ، والصديق والمرتضى ، والراضي بالقدر والقضاء ، وينعت بغريب الغرباء ، ومعين الضعفاء ، ومعين الضعفاء والفقراء ، والمغيث ، ومغيث الشيعة والزوار في يوم الجزاء ، والإمام الرؤوف ، والسلطان علي بن موسى الرضا .
نقش خاتمه
في الفصول المهمة : حسبي الله ، و في الكافي بسنده عن الرضا عليهالسلام : نقش خاتمي ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، و في العيون : نقش خاتمه وليي الله.
شاعره
دعبل الخزاعي و أبو نواس و إبراهيم بن العباس الصولي .
عاصر (ع) بقية حكم هارون الرشيد عشر سنين وخمسة وعشرين يوماً ، ومن بعده ابنه محمد بن هارون المعروف بالأمين وهو ابن زبيدة ، ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوماً ، خُلع بعدها وأجلس مكانه عمه ابراهيم أربعة عشر يوماً ، ثم خرج محمد بن زبيدة من السجن بعدها ، وبويع ثانيةً ، فملك سنه وستة أشهر وثلاث وعشرين يوماً ، ثم تغلب عليه وقتله أخوه ابن الجارية عبدالله المأمون الذي ملك عشرين سنة وثلاث وعشرين يوماً ، والذي أنتهت حياة الإمام الرضا (ع) وإمامته في عهد المأمون ، بعد مضي خمس سنوات من حكمه .تزوج الإمام سلام الله عليه زوجات عديدة ، نعرف منهن ام حبيب بنت المامون ، وسبيكة أم الإمام الجواد الذي سيلي ذكر احواله (ع) إن شاء الله تعالى . والمعروف عندنا - معاشر الإمامية - أنه لم يولد له (ع) سوى الإمام محمد الجواد (ع) ولم يخلف سواه من الأولاد ، وأمه أم ولد وكنيتها أم البنين واسمها تكتم وسبيكة كما مر . وقيل سكن ، وقيل أروى ، وقيل نجمة ، وهو (ع) وأخوه القاسم (ع) واخته المعصومة (ع) في قم من ام واحدة .
وقيل عن بعض العامة انه ولد للإمام الرضا (ع) خمسة ذكور وأنثى واحده هم : محمد الجواد ، والحسن ، وجعفر ، وإبراهيم ، والحسين ، وعائشة ، وهو خلاف المعروف عند اصحابنا .
ومن عبادته (ع) ما رواه عبدالسلام بن صالح الهروي قال : جئت إلى باب الدار التي حبس فيها أبو الحسن الرضا (ع) بسرخس ، فاستأذنت عليه السجان فقال : لا سبيل لك عليه : فقلت ولِم ؟ فقال :لأنه ربما صلى يومه وليلته ألف ركعة ، وإنما ينفتل من صلاته ساعة في صدر النهار وقبل الزوال وعند أصفرار الشمس ، فهو في هذه الأوقات يناجي ربه .
ومن ذلك ما حكاه عمه ابراهيم بن العباس قال : ما رأيت ابا الحسن الرضا (ع) جفا أحداً بكلامه قط ، ولا رأيته قطع على أحد كلامه قط حتى يفرغ منه ، ولا ردا أحداً عن حاجه قط ، ولا مد رجليه بين يدي جليس له قط ، ولا رأيته يشتم أحد من مواليه ومماليكه قط ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط ، بل كان ضحكه (ع) التبسم ، وكان إذا نصب ما ئدته أجلس معه عليها ماليكه ومواليه حتى البواب والسايس ، وكان قليل النوم باليل كثير السهر يحيي لياليه بالعباده من أولها إلى الصبح .
وكان كثير الصيام ولا يفوته صيام ثلاثة في الشهر ، ويقول (ع) ذلك صوم الدهر ، وكان (ع) كثير المعروف والصدقة في السر واكثر ذلك في اليالي المظلمة ، فمن رأى مثله فلا تصدقوه .
وناهيك بها من خصال شريفه ، وخلال طريفه ، وصفات منيفة فيه (ع) وأباؤه الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام ، لا بد أن يكونوا أحسن الناس خَلقاً وخُلقاً ، واظهرهم فرعاً وعرقاً.
ولا ينافيه ما ورد فيه (ع) أنه أسمر اللون مع ان الأسمر هو الذي بياضه مشوب بالحمرة فيسمى عند العرب أسمر
وأن الإمام (ع) لا يظهر للناس من كل شيئ إلا ما تحتمله عقولهم ولا تنحسر عنه أنصارهم ولا تنفر منه بصائرهم .
وروي ان النبي (ص) كان يسمع أصحابه من صوته في قرآءته القرآن ما تحتمله عقولهم ، ولو أسمعهم صوته لماتوا من سماعه .
ولا شك أن نورهم واحد ، وطينتهم واحدة من ذلك النور العظيم ، قال تعالى (( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم )) ولهذا كان الأئمة (ع) يظهرون لخواص شيعتهم الكرام على حسب الحالات التي تحتملها عقولهم في كل مقام ، فهم مظاهر الحقيقة الأحدية ، والحجة على جميع البرية ، فلا بد من ظهورهم لكل واحد بما يناسب القابلية ، وليس هذا بغريب ، ولا منهم بعجيب .
سبق وأن اشرنا في أسباب اعطاء المأمون ولاية العهد للإمام الرضا (ع) أن منها تدبير خطة لتصفية الإمام جسدياً . دون ان يساور احدأ الشك بدوره (لع) فيها ودون أن يظن أحد أنه هو السبب في مقتله (ع) ذلك لأن المأمون يعرف مكانة الإمام الرضا (ع) والبيت العلوي في نفوس الناس . وأراد في الوقت نفسه أن يتم الأمر بعيداً عن مقر حكمه (( طوس )) لكثرة ما بها من شيعة الإمام واتباعه ، فاشخص الإمام (ع) مع رئيس قافلة ، وأمر رئيسها بعدم المرور على الكوفة وقم لكثرة ما بها من الشيعة ، وقرر المأمون على اغتيال الإمام (ع) أثناء إنتقاله من طوس إلى بغداد ، فلما وصل إلى قرية "سنباد" وهي قريبة من رستاق (( نوقان )) على مسيرة يوم من طوس وفيها قبر أبيه هارون توقف لتنفيد خطته .
واوعز لغلام له أسمه عبدالله بن بشير ان يسم الإمام بعنب وحبات رمان ، ثم يقدمها للإمام (ع) ليأكلها واوصاه أن يجعل السم تحت أظفاره ثم يحوله إلى كفه ، ثم يفرك بكفه حبات الرمان ويناولها الإمام (ع) بمرأ من حضار المجلس ، لكي لا يتهمه احد بانه هو قاتل الإمام (ع) كما أوصاه أيضاً بأن يغمس سلكاً بالسم ثم يدخله في حبات العنب من الطرف إلى الطرف بابرة ويقدم من ذلك العنب إلى الإمام أيضاً امام أمام أنظار الناس .
فلما اعدَّ عبدالله بن بشر ذلك وحدد المامون اليوم لا غتيال الإمام (ع) بعث للإمام (ع) وحضر للمجلس ، وقدم له العنب والرمان المسمومين ، فامتنع الإمام عن الأكل واستعفى المأمونَ من ذلك ، ولكن المامون أصرأصراراً شديداً وقال للإمام (ع) لا بد لك من الله ، فلعلك تتهمنا بشيئ . فتناول الإمام (ع) من العنقود ثلاث حبات ثم رمى به وقام فقال إلى أين يا بن العم فقال (ع) : إلى حيث وجهتني . وخرج (ع) مغطى الرأس ، حتى دخل داره وامر بسد أبوابها فاغلقت ، ولم يكن في الدار غير خادمة ابي الصلت الهروي فلم يلبث إلا يومين استشهد بعدهما (ع) في بلاد الغربة في تلك القرية وحيداً غريباَ مسموماً ، وكان استشهاده يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر صفر من سنة ثلاث ومئتين للهجرة النبوية الشريفة .
وكتم المامون (لع) موته (ع) يوماً وليله ، ثم انفذ إلى محمد بن جعفر الصادق (ع) عم الإمام ، فلما حضروه ا نعاه إليهم وبكى متظاهراً ، وأراهم أياه مبيناً انه صحيح الجسد ، وعلمت الشيعة بذلك فا جتمعوا لتشييع الإمام (ع) ففزع من وقوع الفتنة ، فخرج محمد بن الصادق (ع) بامر من المامون ، وفرق الناس ، قائلاً لهم ان امر الجنازة قد اخر إلى الغد .
فلما تفرق الناس ، اخرج المامون الجنازة الطاهرة ، ثم ان الإمام (ع) غسل وكفن وصلى عليه من يعلم الله - وهو الإمام الجواد (ع) في جوف الليل ثم أمر المأمون بدفن الإمام (ع) بجوار قبر أبيه ، بحيث يكون قبر أبيه امام قبر الإمام (ع) فلم تؤثر المعاول ولم تحفر شيئاً ، فتعجب المأمون في ذلك واستدعى احد مقربي الإمام (ع) وكان يدعى هرثمة الذي كان الإمام (ع) يسر له بكثير من المغيبات ، فاقترح هرثمه ان يجعل قبر الإمام أمام قبر هارون ففعلوا ذلك وإلى ذلك يشير دعبل الخزاعي الشاعر الشيعي الطائر الصيت
أما أمه فهي أم ولد ، وهذا اللقب كان يطلق على الجارية التي تحمل وتلد من سيدها ومالكها ، وكان يمنع بيعها بعد الولاده وتصبح حرة ، لا تباع بعد وفاة ما لكها .
ولآمه (ع) أسماء وألقاب وكنى عديدة منها : نجمة ، وسمانة ، وتكتم ، وصفر ، وأروى ، وسكن النوبية ، والطاهرة ، وخيرزان المريسية ، وأم البنين .
وكانت جارية جليلة جداً ، اشترتها حميدة المصفاة ، أم الإمام موسى بن جعفر (ع) وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة ، حتى إنها لم تجلس بين يديها منذ ملكتها اجلالاً لها ، وكانت حميدة تقول لأبنها موسى (ع) إن تكتم جارية ما رأيت قط جارية أفضل منها ، ولست أشك أن الله عز وجل سيطهر نسلها إن كان لها نسل ، وقد وهبتها لك فاستوصِ خيراً بها .
فلما نكحها الإمام موسى بن جعفر(ع)وولدت له الرضا(ع) سماها الطاهرة.
أما كنيته ، فهي ككنية جدة أمير المؤمنين (ع) ( أبو الحسن ) ، ولهذا يعرف الإمام الرضا عليه السلام بأبي الحسن الثاني .
وأما القابه فكثيرة ، أولها وأشهرها : الرضا ، وإنما لقب بهذا اللقب لأنه كان رضا الله في سمائه ، ورضا الرسول (ص) في أرضه ، ورضا الأئمة من بعده ، بل رضيَ به المخالفون من اعدائه وضده ، كما رضي به الموافقون من أوليائه وجنده ، ولم يكن ذلك لأحد من آبائه (ع) بالنسبة إلى غير أوليائه لأنه (ع) رضيه المأمون لولاية عهده في ظاهر الأمر ، وليس الأمر ما ذكره بعض المورخين من ان الرضا لقب أطلقه المامون على عليه (ع) ، بل الصحيح أن هذا اللقب منصوص عليه من أجداده (ع) من الرسول (ص) .
ومن كناه أيضاً : الرضي ، والصابر ، والصادق ، والوفي ، والفاضل ، والضامن ، وقرة أعين المؤمنين ، وغيظ الملحدين - أو مكيدة الملحدين - ، وسراج الله ونور الهدى ، وكفو الملك ، وكافي الخلق ، وربُّ السرير ، ورب التدبير ، والصديق والمرتضى ، والراضي بالقدر والقضاء ، وينعت بغريب الغرباء ، ومعين الضعفاء ، ومعين الضعفاء والفقراء ، والمغيث ، ومغيث الشيعة والزوار في يوم الجزاء ، والإمام الرؤوف ، والسلطان علي بن موسى الرضا .
نقش خاتمه
في الفصول المهمة : حسبي الله ، و في الكافي بسنده عن الرضا عليهالسلام : نقش خاتمي ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، و في العيون : نقش خاتمه وليي الله.
شاعره
دعبل الخزاعي و أبو نواس و إبراهيم بن العباس الصولي .
عاصر (ع) بقية حكم هارون الرشيد عشر سنين وخمسة وعشرين يوماً ، ومن بعده ابنه محمد بن هارون المعروف بالأمين وهو ابن زبيدة ، ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوماً ، خُلع بعدها وأجلس مكانه عمه ابراهيم أربعة عشر يوماً ، ثم خرج محمد بن زبيدة من السجن بعدها ، وبويع ثانيةً ، فملك سنه وستة أشهر وثلاث وعشرين يوماً ، ثم تغلب عليه وقتله أخوه ابن الجارية عبدالله المأمون الذي ملك عشرين سنة وثلاث وعشرين يوماً ، والذي أنتهت حياة الإمام الرضا (ع) وإمامته في عهد المأمون ، بعد مضي خمس سنوات من حكمه .تزوج الإمام سلام الله عليه زوجات عديدة ، نعرف منهن ام حبيب بنت المامون ، وسبيكة أم الإمام الجواد الذي سيلي ذكر احواله (ع) إن شاء الله تعالى . والمعروف عندنا - معاشر الإمامية - أنه لم يولد له (ع) سوى الإمام محمد الجواد (ع) ولم يخلف سواه من الأولاد ، وأمه أم ولد وكنيتها أم البنين واسمها تكتم وسبيكة كما مر . وقيل سكن ، وقيل أروى ، وقيل نجمة ، وهو (ع) وأخوه القاسم (ع) واخته المعصومة (ع) في قم من ام واحدة .
وقيل عن بعض العامة انه ولد للإمام الرضا (ع) خمسة ذكور وأنثى واحده هم : محمد الجواد ، والحسن ، وجعفر ، وإبراهيم ، والحسين ، وعائشة ، وهو خلاف المعروف عند اصحابنا .
ومن عبادته (ع) ما رواه عبدالسلام بن صالح الهروي قال : جئت إلى باب الدار التي حبس فيها أبو الحسن الرضا (ع) بسرخس ، فاستأذنت عليه السجان فقال : لا سبيل لك عليه : فقلت ولِم ؟ فقال :لأنه ربما صلى يومه وليلته ألف ركعة ، وإنما ينفتل من صلاته ساعة في صدر النهار وقبل الزوال وعند أصفرار الشمس ، فهو في هذه الأوقات يناجي ربه .
ومن ذلك ما حكاه عمه ابراهيم بن العباس قال : ما رأيت ابا الحسن الرضا (ع) جفا أحداً بكلامه قط ، ولا رأيته قطع على أحد كلامه قط حتى يفرغ منه ، ولا ردا أحداً عن حاجه قط ، ولا مد رجليه بين يدي جليس له قط ، ولا رأيته يشتم أحد من مواليه ومماليكه قط ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط ، بل كان ضحكه (ع) التبسم ، وكان إذا نصب ما ئدته أجلس معه عليها ماليكه ومواليه حتى البواب والسايس ، وكان قليل النوم باليل كثير السهر يحيي لياليه بالعباده من أولها إلى الصبح .
وكان كثير الصيام ولا يفوته صيام ثلاثة في الشهر ، ويقول (ع) ذلك صوم الدهر ، وكان (ع) كثير المعروف والصدقة في السر واكثر ذلك في اليالي المظلمة ، فمن رأى مثله فلا تصدقوه .
وناهيك بها من خصال شريفه ، وخلال طريفه ، وصفات منيفة فيه (ع) وأباؤه الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام ، لا بد أن يكونوا أحسن الناس خَلقاً وخُلقاً ، واظهرهم فرعاً وعرقاً.
ولا ينافيه ما ورد فيه (ع) أنه أسمر اللون مع ان الأسمر هو الذي بياضه مشوب بالحمرة فيسمى عند العرب أسمر
وأن الإمام (ع) لا يظهر للناس من كل شيئ إلا ما تحتمله عقولهم ولا تنحسر عنه أنصارهم ولا تنفر منه بصائرهم .
وروي ان النبي (ص) كان يسمع أصحابه من صوته في قرآءته القرآن ما تحتمله عقولهم ، ولو أسمعهم صوته لماتوا من سماعه .
ولا شك أن نورهم واحد ، وطينتهم واحدة من ذلك النور العظيم ، قال تعالى (( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم )) ولهذا كان الأئمة (ع) يظهرون لخواص شيعتهم الكرام على حسب الحالات التي تحتملها عقولهم في كل مقام ، فهم مظاهر الحقيقة الأحدية ، والحجة على جميع البرية ، فلا بد من ظهورهم لكل واحد بما يناسب القابلية ، وليس هذا بغريب ، ولا منهم بعجيب .
سبق وأن اشرنا في أسباب اعطاء المأمون ولاية العهد للإمام الرضا (ع) أن منها تدبير خطة لتصفية الإمام جسدياً . دون ان يساور احدأ الشك بدوره (لع) فيها ودون أن يظن أحد أنه هو السبب في مقتله (ع) ذلك لأن المأمون يعرف مكانة الإمام الرضا (ع) والبيت العلوي في نفوس الناس . وأراد في الوقت نفسه أن يتم الأمر بعيداً عن مقر حكمه (( طوس )) لكثرة ما بها من شيعة الإمام واتباعه ، فاشخص الإمام (ع) مع رئيس قافلة ، وأمر رئيسها بعدم المرور على الكوفة وقم لكثرة ما بها من الشيعة ، وقرر المأمون على اغتيال الإمام (ع) أثناء إنتقاله من طوس إلى بغداد ، فلما وصل إلى قرية "سنباد" وهي قريبة من رستاق (( نوقان )) على مسيرة يوم من طوس وفيها قبر أبيه هارون توقف لتنفيد خطته .
واوعز لغلام له أسمه عبدالله بن بشير ان يسم الإمام بعنب وحبات رمان ، ثم يقدمها للإمام (ع) ليأكلها واوصاه أن يجعل السم تحت أظفاره ثم يحوله إلى كفه ، ثم يفرك بكفه حبات الرمان ويناولها الإمام (ع) بمرأ من حضار المجلس ، لكي لا يتهمه احد بانه هو قاتل الإمام (ع) كما أوصاه أيضاً بأن يغمس سلكاً بالسم ثم يدخله في حبات العنب من الطرف إلى الطرف بابرة ويقدم من ذلك العنب إلى الإمام أيضاً امام أمام أنظار الناس .
فلما اعدَّ عبدالله بن بشر ذلك وحدد المامون اليوم لا غتيال الإمام (ع) بعث للإمام (ع) وحضر للمجلس ، وقدم له العنب والرمان المسمومين ، فامتنع الإمام عن الأكل واستعفى المأمونَ من ذلك ، ولكن المامون أصرأصراراً شديداً وقال للإمام (ع) لا بد لك من الله ، فلعلك تتهمنا بشيئ . فتناول الإمام (ع) من العنقود ثلاث حبات ثم رمى به وقام فقال إلى أين يا بن العم فقال (ع) : إلى حيث وجهتني . وخرج (ع) مغطى الرأس ، حتى دخل داره وامر بسد أبوابها فاغلقت ، ولم يكن في الدار غير خادمة ابي الصلت الهروي فلم يلبث إلا يومين استشهد بعدهما (ع) في بلاد الغربة في تلك القرية وحيداً غريباَ مسموماً ، وكان استشهاده يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر صفر من سنة ثلاث ومئتين للهجرة النبوية الشريفة .
وكتم المامون (لع) موته (ع) يوماً وليله ، ثم انفذ إلى محمد بن جعفر الصادق (ع) عم الإمام ، فلما حضروه ا نعاه إليهم وبكى متظاهراً ، وأراهم أياه مبيناً انه صحيح الجسد ، وعلمت الشيعة بذلك فا جتمعوا لتشييع الإمام (ع) ففزع من وقوع الفتنة ، فخرج محمد بن الصادق (ع) بامر من المامون ، وفرق الناس ، قائلاً لهم ان امر الجنازة قد اخر إلى الغد .
فلما تفرق الناس ، اخرج المامون الجنازة الطاهرة ، ثم ان الإمام (ع) غسل وكفن وصلى عليه من يعلم الله - وهو الإمام الجواد (ع) في جوف الليل ثم أمر المأمون بدفن الإمام (ع) بجوار قبر أبيه ، بحيث يكون قبر أبيه امام قبر الإمام (ع) فلم تؤثر المعاول ولم تحفر شيئاً ، فتعجب المأمون في ذلك واستدعى احد مقربي الإمام (ع) وكان يدعى هرثمة الذي كان الإمام (ع) يسر له بكثير من المغيبات ، فاقترح هرثمه ان يجعل قبر الإمام أمام قبر هارون ففعلوا ذلك وإلى ذلك يشير دعبل الخزاعي الشاعر الشيعي الطائر الصيت