إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نبي الأمة ومعجزته الخالدة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نبي الأمة ومعجزته الخالدة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وال محمد
    الأمية صفة خاصة لنبينا
    وصف الله سبحانه وتعالى رسوله الأعظم (ص) في الآية الكريمة
    (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمي… ) بكونه أمياً، وهي صفة خاصة به دون غيره من الأنبياء والمرسلين. وهذه هي الصفة الثالثة التي وصفه الله تعالى بها في الآية الكريمة.أقوال المفسرين في المراد منها وقد اختلف المفسرون في المراد من قوله تعالى (الأمي): فقيل نسبه الله تعالى إلى مكة، وذلك من قوله تعالى مخاطباً إياه(وَكَذَلِكَ أَوْحيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) [سورة الشورى: 8].
    وقوله تعـالى(وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) [الانعام/ 93].و(أم القرى) هي مكة المكرمة كما يقول المفسرون، ودعيت مكة بأم القرى لأنها أول قرية وبقعة من الأرض خلقها الله تعالى، ثم دحاها من تحت الكعبة – أي بسطها على وجه الماء – فخلق منها بقية القرى والأراضي(1)، فلذلك دعيت بأم القرى، ويقال لأهلها (أميون) نسبة لها.وهذا التفسير مروي أيضاً عن بعض أئمة الهدى(عليهم السلام)(2).
    هل كان النبي يقرأ ويكتب ؟وقيل: (الأمي) هو الذي لا يكتب ولا يقرأ والنبي (ص) كان كذلك لا يكتب ولا يقرأ وكانت نبوته ورسالته – مع كونه أمياً – من جملة معاجزه العظام.وبيان ذلك أن تعلم الكتابة والقراءة أمر سهل التناول، فإن أقل الناس ذكاء وفطنة يتعلم الخط كتابة وقراءة بأدنى سعي، وعدم تعلم الإنسان ذلك – بحسب العادة المطردة – يدل على نقص بين في الفهم والذكاء والعقل والعلم، والحال أن نبينا (ص)كان مع أميته أعظم الناس فهماً وأحدهم ذكاء وأكملهم عقلا وأغزرهم علماً، فكان الجمع بين هاتين الحالتين المتضادتين جارياً مجرى الجمع بين الضدين وذلك مستحيل حسب العادة، فلا بد إذن من الجزم والقطع بأن الله عز وجل هو الذي أفاض عليه ما أفاض وأعطاه ما أعطاه من الفهم والذكاء والعقل والعلم ما فاق به جميع العالم من الأولين والآخرين، ليكون ذلك برهانا بينا ومعجزا عظيماً على نبوته ورسالته.ثم إنه(ص) أتى أمته بالقرآن الكريم من عند الله عز وجل وهو معجزه الخالد، فلو كان يقرأ ويكتب لوجد الجاحدون والمبطلون طريقاً إلى الشك في معجزه هذا ولقالوا: إن هذا القرآن جمعه من كتب الأولين لأنه يكتب ويقرأ ونحن لا نكتب ولا نقرأ. لأن أكثر العرب بل كلهم إلا قليلا منهم كانوا أميين ولكنه لما ساواهم في المولد والمنشأ وكان أمياً كما كانوا أميين، ثم أتى لهم بما عجزوا عنه وجب أن يعلموا علماً قطعياً أنه من عند الله عز وجل لا من عنده، إذ لم تجر العادة أن ينشأ إنسان بين قوم يشاهدون أحواله من صغره إلى كبره في حضره وسفره لا يتعلم شيئاً من غيره ولا يطالع كتاباً قط ثم يأتي من عنده بكتاب فيه تبيان كل شيء يعجز الكل عنه بل عن بعضه، ويقرأ عليهم قصص الأولين ويخبرهم بأنباء الآتين. هذا ما لا تجري به العادة، فإذن لا بد من أن يكون من عند الله تعالى لا من عنده وقد صرح القرآن الكريم بهذا المعنى، حيث قال عز من قائل مخاطباً رسوله الأعظم (ص) :
    (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) [العنكبوت/49].


    والآية كما ترى صريحة كل الصراحة على أنه(ص) ما كان يقرأ ولا يكتب أي كتاب قبل إنزال القرآن عليه، وصرحت الآية أيضاً أن العلة في ذلك هي أنه لو كان يقرأ ويكتب قبل بعثته لحصل الريب – أي الشك – عند المبطلين من أهل الكفر والعناد في كون القرآن من عند الله تعالى، وتكون لهم بذلك شبهة.
    هذا ما صرحت به الآية الكريمة وأجمعت عليه كلمة المسلمين أجمعين أنه ما كان يكتب ولا يقرأ قبل بعثته، أما بعد بعثته وإنزال القرآن عليه فاختلف المسلمون في أنه هل كان يعرف الكتابة والقراءة بتعليم إلهي أو لا يعرفهما ؟
    النبي يعرف الكتابة والقراءة بعلم النبوة
    الظاهر أن الذي عليه أكثر أهل السنة أنه (ص) لا يعرفهما، والذي عليه أكثر المحققين من شيعة أهل البيت أن النبي(ص) كان يعرف القراءة والكتابة بعلم النبوة والرسالة من غير معلم، معجزة له، ولكنه لم يكتب بالفعل وبعضهم يتوقف في ذلك كالسيد المرتضى علم الهدى حيث قال، كما نقل عنه شيخنا الطبرسي(3): (هذه الآية تدل على أن النبي ما كان يحسن الكتابة قبل النبوة(4) – فأما بعد النبوة فالذي نعتقده في ذلك التجويز لكونه عالماً بالكتابة والقراءة، والتجويز لكونه غير عالم بهما من غير قطع على أحد الأمرين. وظاهر الآية يقتضي أن النفي – أي (ولا تخطه بيمينك) قد تعلق بما قبل النبوة دون ما بعدها – ولان التعليل في الآية– أي: (إذن لارتاب المبطلون) يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة لان المبطلين إنما يرتابون في نبوته(ص) لو كان يحسن الكتابة قبل النبوة، فأما بعدها فلا تعلق له بالريبة والتهمة، فيجوز أن يكون قد تعلمها من جبريل بعد النبوة …) انتهى.
    التحدي بالنبي الأمي
    تحدى الله تبارك وتعالى بالنبي الأمي الذي جاء بالقرآن المعجز في لفظه ومعناه، إذ لم يتعلم عند معلم ولم يترب عند مرب ولم يتأدب عند مؤدب سوى الله عز وجل (أدبني ربي فأحسن تأديبي) (5).
    تحدى الله تعالى به(ص) الكافرين والمرتابين في رسالته بقوله تعـالى:
    (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [يونس/ 17].
    نعم كان(ص) وهو أحدهم في تلك البيئة الأمية لا يتصدى لأخذ العلم من أحد، ولم يأت بشيء من شعر أو نثر نحواً من أربعين سنة وهو ثلثا عمره الشريف، ثم أتى بما أتى به من القرآن بما عجزت عنه فحولهم، وكلت دونه ألسنة بلغائهم، ثم بثه إلى أقطار الأرض فلم يجترئ على معارضته أحد من عالم أو فاضل أو ذي لب وفطنة.
    وإليك بيان حقيقة إعجاز القرآن وفاء بالوعد واقتضاء للمقام:
    حقيقة إعجاز القرآن والتحدي به
    لا ريب في أن القرآن الكريم تحدى بالإعجاز في آيات كثيرة مكية ومدنية، تدل جميعها على أن القرآن معجز خارق للعادة وخارج عن حد القدرة البشرية، فهو من عند الله عز وجل، حيث جعله الله دليلا قاطعاً وبرهاناً واضحاً على صدق نبيه وحجة على دعوته في رسالته.
    والآيات المشتملة على التحدي مختلفة في العموم والخصوص، ومن أعمها تحدياً قوله تعالى:
    (قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإنس وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء/89](6).
    والآية مكية، وهي ظاهرة في عموم التحدي، لعموم الثقلين من الإنس والجن ولو بإعانة بعضهم لبعض.
    ومعنى عموم التحدي أنه لم يكن خاصاً ببلاغة القرآن وجزالة أسلوبه فقط إذ لو كان التحدي بذلك فحسب لما تحدى به سوى العرب العرباء من الجاهليين، ولكن لما رأيناه يتحدى جميع الإنس والجن علمنا أن التحدي هذا في هذه الآية الكريمة لا يختص ببلاغة القرآن وجزالة أسلوبه فقط، بل هو تحد عام في كل صفة خاصة اشتمل عليها القرآن، وفي جميع ما يمكن فيه التفاضل في الصفات.
    فالقرآن معجز للبليغ ببلاغته ن وللحكيم في حكمته، وللعالم في علمه، وللفيلسوف في فلسفته، وللاجتماعي في اجتماعه، وللمقننين في تقنينهم، وللسياسيين في سياستهم، وللحكام في حكومتهم، وبالتالي هو معجز لكل فرد من أفراد الثقلين الجن والإنس من عامة وخاصة، أو عالم وجاهل، أو رجل وامرأة، أو فاضل ومفضول.
    وإنما تحدي القرآن عامة هذه الطبقات لان إفهام الناس لما كانت مختلفة اختلافاً ضرورياً – والكمالات فيهم كذلك – كان التحدي للعموم هو المقتضى، حتى إذا أدرك صاحب الفهم العالي والنظر الصائب حقيقة إعجاز القرآن في جميع الفنون والمعارف يرجع من هو دونه فهماً ونظراً إلى تلك الحقيقة، والفطرة حاكمة بذلك، والغريزة قاضية به، وبذلك يكون القرآن حجة قطعية على الجميع.
    أما إذا كان التحدي خاصاً بذوي الافهام وأهل العلم والفضل أو أهل الفصاحة والبلاغة دون غيرهم من سائر الطبقات لكان بذلك مجال للجاهل أن يدعي ويقول: إن القرآن حجة على أولئك الذين وجه التحدي إليهم وخصهم به ولم يكن حجة على غيرهم.
    ويجدر بنا الآن أن نتساءل ونقول:
    هل يتأتى للقوة البشرية أن تأتي بمعارف إلهية مبرهنة تقابل ما أتى به القرآن وتماثله في تمام حقيقته ؟
    وهل يمكنها أن تأتي بأخلاق مبنية على أساس الحقائق تعادل ما أتى به القرآن في الصفاء والمنزلة ؟
    وهل يمكنها أن تشرع أحكاماً تامة فقهية تحصي جميع أعمال البشر، من غير اختلاف يؤدي إلى التناقض مع حفظ روح التوحيد وكلمة التقوى في كل حكم ونتيجة ؟
    وهل يمكن أن يصدر هذا الإحصاء العجيب والإتقان الغريب من رجل أمي لم يترب إلا في بيئة قوم ليس لهم من حظوظ الإنسانية – على مزاياها الكثيرة – إلا أن يرتزقوا بالغارات والغزوات ونهب الأموال، وأن يئدوا البنات(7) ويقتلوا الأولاد خشية الإملاق، ويفتخروا بالأباء وينكحوا الأمهات، ويتباهوا بالفجور، ويعادوا العلم، ويتظاهروا بالجهل، وهم بعد ذلك أذلاء لكل مستذل، وخطفة لكل خاطف، فيوماً لليمن، ويماً للحبشة، ويوماً للروم، ويوماً للفرس، فهذا حال عرب الجاهلية في الحجاز، كما أشارت إلى ذلك الصديقة الزهراء سلام الله عليها في خطبتها الشهيرة (8).
    وهل يجترئ عاقل على أن يأتي بكتاب يدعيه هدى للعالمين، ثم يودعه أخباراً في الغيب فيما مضى ويستقبل من القصص والملاحم والمغيبات المستقلة، ثم لا يختلف شيء منها عن صراط الصدق ؟.
    وهل يتمكن إنسان – مهما بلغ من التكامل – أن يتدخل في كل من شؤون العالم الإنساني، ويلقي إلى الدنيا معارف وعلوماً وقوانين وحكماً ومواعظ وأمثالا وقصصاً وأنباء في كل ما دق وجل، ثم لا يختلف حاله في شيء منها في الكمال والاستقامة فيما يلقي من تلك المعارف الدقيقة، بل يبقى على حال واحد مستقيم؟.
    هذا ما لا تجري به القوة البشرية.
    فالإنسان اللبيب القادر على تعقل هذه المعاني لا يشك في أن هذه المزايا الكلية وغيرها مما اشتمل عليها القرآن الكريم كلها فوق القوة البشرية، ووراء وسائل الطبيعة المادية.
    فهذا ما تحدى به القرآن تحدياً عاماً لكل فرد في كل مكان وزمان(9) وقد مضى على هذا التحدي أربعة عشر قرناً، وقد تقدم العلم وتقاربت البلدان وسهلت وسائل الاجتماع وكثر أعداء الإسلام كما هو المشاهد بالعيان.
    فهل استطاعوا حتى الان أن يأتوا بمثل هذا القرآن ؟ …
    (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا) [الإسراء/ 90].
    التحدي بعشر سور من القرآن
    بعد أن تحدى القرآن الكريم في سورة الإسراء الإنس والجن على أن يأتوا بمثله، وأخبر أنهم (لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)… خاطب العرب الذين زعموا أن القرآن افتراء محمد(صلى الله عليه و آله) وجاء به من عنده وادعى أنه من عند الله …
    العرب الذين برعوا في البلاغة وامتازوا بالفصاحة، وبلغوا الذروة في فنون الأدب حتى عقدوا النوادي وأقاموا الاسواق للمباراة في الشعر والخطابة، وبلغ من تقديرهم للشعر أن عمدوا لسبع قصائد من خيرة الشعر الجاهلي وكتبوها بماء الذهب في القباطي(10) وعلقت على الكعبة، فكان يقال هذه مذهبة فلان إذا كانت أجود شعره(11).
    هؤلاء النابغون في الفصاحة والأدب، وهؤلاء الذين زعموا أن القرآن مفترى، خاطبهم يومئذ وتحداهم في أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات وأن يدعوا كل من يستطيعون دعوته من دون الله تعالى من أوثانهم التي يزعمون أنها آله تقضي لهم الحاجات والمهمات وغيرها من سائر المخلوقين حتى تتم لهم جميع الأسباب والوسائل، ولا يبقى أحد ممن يطمعون في تأثير إعانته أو يرتجون الانتفاع به في ذلك إلا استعانوا به أن كانوا صادقين.
    قال تعالى:
    (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [هود/ 14-15].
    ولا يتوهم فيما قدمنا بأن خطاب الآية للعرب الذين برعوا في فنون الفصاحة والبلاغة والادب، وأن التحدي أيضاً خاص بفصاحة عشر سور وبلاغتها فحسب. بل الحقيقة أن التحدي بالإتيان بما يماثل تماماً عشر سور من القرآن من كبار السور أو من صغارها فيما اختصت به السور من الفصاحة والبلاغة، وما تضمنته أيضاً من المعارف الحقيقية والحجج والبراهين الساطعة والمواعظ الحسنة والأخلاق الكريمة والتشريعات الإلهية، وتجدد المعارف التي لم يكشف البشر حين النزول عن وجهها النقاب، وانتفاء الاختلاف فيها(12)
    وغير ذلك مما اختصت به السور القرآنية.
    وهذا المعنى هو المتبادر إلى الذهن حينما يقال (هذا الشيء مثل هذا) أي هو مساو له في خصائصه ومماثل له في مزاياه، وهو غيره.
    هذا، والخطاب وإن كان موجهاً حين النزول إلى العرب ولكنه لا يزال يخاطب كل من يزعم أن القرآن مفترى حتى قيام الساعة(فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [هود/ 15].
    نعم إن الله تعالى هو وحده القادر على أن ينزله، وعلم الله وحده هو الكفيل بأن يكون على هذا النحو مما اختص به من دلائل العلم الشامل لسنن الكون وأحوال البشر وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم وما يصلح لهم في نفوسهم وفي معاشرهم(لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
    التحدي بسورة من القرآن وبحديث مثله:
    شاءت حكمة الله لاثبات الحجة على عباده أن يكرر النداء والمصارحة في الاحتجاج، والتحدي لجميع المنكرين والمرتابين، بكون القرآن من عند الله تعالى ومعجزاً لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم. فكرر التحدي عليهم ولهم مرة بعد أخرى، فتارة يتحداهم في أن يأتوا بمثله، وأخرى يتحداهم أن يأتوا ولو بسورة واحدة مثل سوره مما اختصت به السورة من بيان غرض تام جامع من أغراض الهدى الإلهي، مع الارتباط التام بين أهداف آياتها ومراعاة الفصاحة والبلاغة والسبك في ألفاظها.
    فحينئذ لهم أن يختاروا للمعارضة والمماثلة أي سورة شاءوا، حتى ولو كانت أقصر سورة كسورة الكوثر أو الإخلاص أو العصر أو غيرها من سور القرآن، وآونة يتحداهم في أن يأتوا بحديث مثل حديثه. والتحدي بالحديث يعم التحديات الثلاثة السابقة، لان الحديث يعم السورة والعشر سور والقرآن كله، فهو تحد بمطلق الخاصة القرآنية.
    هذا وقد جعل الله تعالى لهم إن استطاعوا أن يأتوا بشيء من ذلك أن تسقط عنهم هذه الدعوة، ويستريحوا من ثقلها الباهظ لضلالهم واتباع أهوائهم، كما جعل لهم المهلة والأناة ليعدوا عدتهم في المظاهرة والتعاون وهذا كله من باب المماشاة والمجاراة في الحجة، ولكن أنى لهم أن يأتوا بما هو مستحيل عليهم، قال تعالى:
    (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) [يونس/ 38-40].
    وقال تعالى:
    (وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ) [البقرة/ 24-25].
    وقال تعالى:
    (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ(33)فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) [الطور/ 34-35].
    وهكذا تكرر التحدي في القرآن الكريم، وتلقاه المنكرون عاجزين ووقفوا تجاهه صاغرين، وهكذا يقف أمامه كل أحد إلى يوم الدين تصديقاً لقوله تعالى :
    (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ).











    مؤسسةالسبطين

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين

    لقد كان نبي الرحمة والانسانية أفضل مخلوق على وجه الارض وهذا ما اتفق عليه الجميع ، صحيح ان الكتابة والاقراءة شيء مهم ، لكن هذا كما تفضل به بعضم الاعلام لاجل ان امر آخر والا هو كان يقرأ الحياة والكون بشكل دقيق

    الاخت الفاضلة مشاركة موفقة شكراً لكم كثيراً

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X