تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
اللَّهُمَّ دَاحِيَ الْمَدْحُوَّاتِ ودَاعِمَ الْمَسْمُوكَاتِ - وجَابِلَ الْقُلُوبِ عَلَى فِطْرَتِهَا شَقِيِّهَا وسَعِيدِهَا اجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ - ونَوَامِيَ بَرَكَاتِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسُولِكَ - الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ والْفَاتِحِ لِمَا انْغَلَقَ - والْمُعْلِنِ الْحَقَّ بِالْحَقِّ والدَّافِعِ جَيْشَاتِ الأَبَاطِيلِ - والدَّامِغِ صَوْلَاتِ الأَضَالِيلِ - كَمَا حُمِّلَ فَاضْطَلَعَ قَائِماً بِأَمْرِكَ مُسْتَوْفِزاً فِي مَرْضَاتِكَ - غَيْرَ نَاكِلٍ عَنْ قُدُمٍ ولَا وَاه فِي عَزْمٍ - وَاعِياً لِوَحْيِكَ حَافِظاً لِعَهْدِكَ - مَاضِياً عَلَى نَفَاذِ أَمْرِكَ حَتَّى أَوْرَى قَبَسَ الْقَابِسِ - وأَضَاءَ الطَّرِيقَ لِلْخَابِطِ - وهُدِيَتْ بِه الْقُلُوبُ بَعْدَ خَوْضَاتِ الْفِتَنِ والآثَامِ - وأَقَامَ بِمُوضِحَاتِ الأَعْلَامِ ونَيِّرَاتِ الأَحْكَامِ - فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ وخَازِنُ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ - وشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ وبَعِيثُكَ بِالْحَقِّ - ورَسُولُكَ إِلَى الْخَلْقِ –
موارد الخطبة
لا شك ان هذه الخطبة من خطب نهج البلاغة المعروفة ، وليس فقط من طرقنا بل اوردها العامة في طرقهم، فقد اوردها الهيثمي[1] وابن حجر[2] واقدم هؤلاء ابن شيبة[3] والطبراني[4] وابو نعيم الاصفهاني، الزمخشري[5] والمتقي الهندي[6] وابن كثير[7] وابن حمدون[8] والقاضي عياض[9] وابن قتيبة[10] والحربي[11] وابن الاثير[12] والسبكي[13] وقد اورده ابن تيمية عن طريق الاستدلال بالجبر[14] وغيرها .
في ظلال النص ـ البعد العقائدي ـ
1ـ بداية الخطبة تمهيد للدخول في صلب الموضوع ذكر الله تعالى ممزوجاً بصفاته بالدحو والدعم وهذا فن من فنون البلاغة المعبر عنه ببراعة الاستهلال حيث المؤلف او المتكلم يبدأ كلامه بقول عظيم ونفيس ولا يوجد شيء اعظم من الله تعالى، فأبتدأ بذكر صفاته المقدسة المبينة لعظيم قدرته وسلطانه
2ـ مناسبة داحي المدحوات وداعم الممسموكات، والتي تعني سيطرته وقدرته المطلقة على السماوات والارض مع ما بعدها من الكلام حيث ان الله تعالى كما قدر على خلق الارض وجعلها تحت سلطانه وكذلك السماء لهو ايضاً قادر على الانسان والسيطرة عليه بما فيه قلبه، لان القلب اشرف جزء في الانسان ، قد تقول العقل اشرف ، قلنا ان القلب يأتي بمعنى العقل والنفس ايضاً وفي الامر كلام يطول.
3ـ دعائه للنبي الاعظم (صلى الله عليه واله) برفع الشان ، ومقامه رفيع الشأن ، ولكن هذا تعظيم للنبي (صلى الله عليه واله) ويظهر فيه مدى حبه وتقديسه له ، ولن تجد هذا الدعاء من الامام وبهذه الكلمات الا للنبي الاعظ(صلوات الله عليه) مما يكشف عن عمق المعرفة بالخاتم وشدة العلاقة التي بينهما، فهذه الجمل تلخص ذلك ، ثم ان ذكر النبي (صلى الله عليه واله) بهذه الاوصاف هي عبادة لله تعالى وبه نرحم وتنزل علينا بركات الله عز وجل.
4ـ يتضح من النص عقيدة أهل البيت عليهم السلام في ان الانسان مفطور على الخير لكن الطريق امامه فلا يجبر على الخير او الشر ، وانما هو من يحدد ذلك وهو في نفس الوقت تحت سلطان الله وقدرته
5ـ اشار الى ختم النبوة بالطاهر الاعظم محمد (صلى الله عليه واله) ، حيث كانت بعثته ختم لجميع النبوات السابقة ، وهذا مقام عظيم وفيه معنى بعيد الدلالة فان تسبح هنا في بحار المعرفة ، حيث ان ختام النبوة يعني ان كل الرسالات السابقة بما فيها العقيدة والاحكام عند النبي الاعظم وبحوزته اضافة الى رسالته العالمية فذهب بالبشرية في عوالم المعرفة الى مقامات سامية كان يحلم القدماء للوصول الى بعضها، بتعبير بعض أهل الذوق (ما كان عرشاً هناك صار فرشاً هنا) كل هذا ببركة وجوده المقدس، ثم انه فتح ما كان مغلقاً سواء بسبب جهل الجاهلية او عناد المشركية ، يكشف عن النص عن شدة الظلم وانعدام الايمان آنذاك عند الناس بشكل عام ، فكان مجيئه بمثابة السراج المنير الذي اضاء ما حوله من الظلام، فظلمة النفوس أشد من ظلمة الليل، فلها صباح يشرق عليها وهل لظلمة النفس من يشرق عليها
6ـ يحمل لنا النص ان الأمير اكد على غزير علم النبي (صلى الله عليه واله) ، فاذا ما وجدنا شخصاً عنده علم كثير من هذه العلوم الاعتبارية المتعارفة سميناه عالماً محققاً متتبعاً حبراً محققاً، الى غيرها من الاوصاف الكثيرة والطويلة، لكن علم النبي(صلى الله عليه واله) الذي لم يكن من سنخ ومثل هذه العلوم ، لذلك نجد الامير(عليه السلام) بين لنا ان خاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) هو مستودع العلم ، واي علم ذلك العلم الالهي ، فهذا الانسان لم يكن اعتيادياً أبداً حتى في علمه لذلك تعددت جهات فضله على سائر الناس، من هنا صح لنا القول بانه لا يوجد احد يطلق عليه عالماً سواه
الكلام كثير والمعاني كثيرة لكن هذا ما تمكنت منه في هذه الساعات نساله ان يوفقنا لبيان كلامهم الشريف بقدرنا البسيط
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
[1] ـ مجمع الزوائد: ج10،ص163
[2] ـ فتح الباري: ج11،ص134
[3] ـ المصنف: ج7،ص83
[4] ـ المعجم الاوسط: ج9،ص43
[5] ـ الفايق في غريب الحديث: ج1،ص360
[6]ـ كنز العمال: ج2،ص270
[7] ـ تفسير القران العظيم: ج3،ص517
[8] ـ التذكرة الحمدونية: ج6،ص241
[9] ـ الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ج2،ص70
[10] ـ غريب الحديث:ج1،ص373
[11] ـ غريب الحديث: ج2،ص569
[12] ـ النهاية في غريب الحديث: ج2،ص106
[13] ـ شفاء السقاء: ص413
[14] ـ مجموع الفتاوى: ج8،ص465
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
اللَّهُمَّ دَاحِيَ الْمَدْحُوَّاتِ ودَاعِمَ الْمَسْمُوكَاتِ - وجَابِلَ الْقُلُوبِ عَلَى فِطْرَتِهَا شَقِيِّهَا وسَعِيدِهَا اجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ - ونَوَامِيَ بَرَكَاتِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسُولِكَ - الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ والْفَاتِحِ لِمَا انْغَلَقَ - والْمُعْلِنِ الْحَقَّ بِالْحَقِّ والدَّافِعِ جَيْشَاتِ الأَبَاطِيلِ - والدَّامِغِ صَوْلَاتِ الأَضَالِيلِ - كَمَا حُمِّلَ فَاضْطَلَعَ قَائِماً بِأَمْرِكَ مُسْتَوْفِزاً فِي مَرْضَاتِكَ - غَيْرَ نَاكِلٍ عَنْ قُدُمٍ ولَا وَاه فِي عَزْمٍ - وَاعِياً لِوَحْيِكَ حَافِظاً لِعَهْدِكَ - مَاضِياً عَلَى نَفَاذِ أَمْرِكَ حَتَّى أَوْرَى قَبَسَ الْقَابِسِ - وأَضَاءَ الطَّرِيقَ لِلْخَابِطِ - وهُدِيَتْ بِه الْقُلُوبُ بَعْدَ خَوْضَاتِ الْفِتَنِ والآثَامِ - وأَقَامَ بِمُوضِحَاتِ الأَعْلَامِ ونَيِّرَاتِ الأَحْكَامِ - فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ وخَازِنُ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ - وشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ وبَعِيثُكَ بِالْحَقِّ - ورَسُولُكَ إِلَى الْخَلْقِ –
موارد الخطبة
لا شك ان هذه الخطبة من خطب نهج البلاغة المعروفة ، وليس فقط من طرقنا بل اوردها العامة في طرقهم، فقد اوردها الهيثمي[1] وابن حجر[2] واقدم هؤلاء ابن شيبة[3] والطبراني[4] وابو نعيم الاصفهاني، الزمخشري[5] والمتقي الهندي[6] وابن كثير[7] وابن حمدون[8] والقاضي عياض[9] وابن قتيبة[10] والحربي[11] وابن الاثير[12] والسبكي[13] وقد اورده ابن تيمية عن طريق الاستدلال بالجبر[14] وغيرها .
في ظلال النص ـ البعد العقائدي ـ
1ـ بداية الخطبة تمهيد للدخول في صلب الموضوع ذكر الله تعالى ممزوجاً بصفاته بالدحو والدعم وهذا فن من فنون البلاغة المعبر عنه ببراعة الاستهلال حيث المؤلف او المتكلم يبدأ كلامه بقول عظيم ونفيس ولا يوجد شيء اعظم من الله تعالى، فأبتدأ بذكر صفاته المقدسة المبينة لعظيم قدرته وسلطانه
2ـ مناسبة داحي المدحوات وداعم الممسموكات، والتي تعني سيطرته وقدرته المطلقة على السماوات والارض مع ما بعدها من الكلام حيث ان الله تعالى كما قدر على خلق الارض وجعلها تحت سلطانه وكذلك السماء لهو ايضاً قادر على الانسان والسيطرة عليه بما فيه قلبه، لان القلب اشرف جزء في الانسان ، قد تقول العقل اشرف ، قلنا ان القلب يأتي بمعنى العقل والنفس ايضاً وفي الامر كلام يطول.
3ـ دعائه للنبي الاعظم (صلى الله عليه واله) برفع الشان ، ومقامه رفيع الشأن ، ولكن هذا تعظيم للنبي (صلى الله عليه واله) ويظهر فيه مدى حبه وتقديسه له ، ولن تجد هذا الدعاء من الامام وبهذه الكلمات الا للنبي الاعظ(صلوات الله عليه) مما يكشف عن عمق المعرفة بالخاتم وشدة العلاقة التي بينهما، فهذه الجمل تلخص ذلك ، ثم ان ذكر النبي (صلى الله عليه واله) بهذه الاوصاف هي عبادة لله تعالى وبه نرحم وتنزل علينا بركات الله عز وجل.
4ـ يتضح من النص عقيدة أهل البيت عليهم السلام في ان الانسان مفطور على الخير لكن الطريق امامه فلا يجبر على الخير او الشر ، وانما هو من يحدد ذلك وهو في نفس الوقت تحت سلطان الله وقدرته
5ـ اشار الى ختم النبوة بالطاهر الاعظم محمد (صلى الله عليه واله) ، حيث كانت بعثته ختم لجميع النبوات السابقة ، وهذا مقام عظيم وفيه معنى بعيد الدلالة فان تسبح هنا في بحار المعرفة ، حيث ان ختام النبوة يعني ان كل الرسالات السابقة بما فيها العقيدة والاحكام عند النبي الاعظم وبحوزته اضافة الى رسالته العالمية فذهب بالبشرية في عوالم المعرفة الى مقامات سامية كان يحلم القدماء للوصول الى بعضها، بتعبير بعض أهل الذوق (ما كان عرشاً هناك صار فرشاً هنا) كل هذا ببركة وجوده المقدس، ثم انه فتح ما كان مغلقاً سواء بسبب جهل الجاهلية او عناد المشركية ، يكشف عن النص عن شدة الظلم وانعدام الايمان آنذاك عند الناس بشكل عام ، فكان مجيئه بمثابة السراج المنير الذي اضاء ما حوله من الظلام، فظلمة النفوس أشد من ظلمة الليل، فلها صباح يشرق عليها وهل لظلمة النفس من يشرق عليها
6ـ يحمل لنا النص ان الأمير اكد على غزير علم النبي (صلى الله عليه واله) ، فاذا ما وجدنا شخصاً عنده علم كثير من هذه العلوم الاعتبارية المتعارفة سميناه عالماً محققاً متتبعاً حبراً محققاً، الى غيرها من الاوصاف الكثيرة والطويلة، لكن علم النبي(صلى الله عليه واله) الذي لم يكن من سنخ ومثل هذه العلوم ، لذلك نجد الامير(عليه السلام) بين لنا ان خاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) هو مستودع العلم ، واي علم ذلك العلم الالهي ، فهذا الانسان لم يكن اعتيادياً أبداً حتى في علمه لذلك تعددت جهات فضله على سائر الناس، من هنا صح لنا القول بانه لا يوجد احد يطلق عليه عالماً سواه
الكلام كثير والمعاني كثيرة لكن هذا ما تمكنت منه في هذه الساعات نساله ان يوفقنا لبيان كلامهم الشريف بقدرنا البسيط
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
[1] ـ مجمع الزوائد: ج10،ص163
[2] ـ فتح الباري: ج11،ص134
[3] ـ المصنف: ج7،ص83
[4] ـ المعجم الاوسط: ج9،ص43
[5] ـ الفايق في غريب الحديث: ج1،ص360
[6]ـ كنز العمال: ج2،ص270
[7] ـ تفسير القران العظيم: ج3،ص517
[8] ـ التذكرة الحمدونية: ج6،ص241
[9] ـ الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ج2،ص70
[10] ـ غريب الحديث:ج1،ص373
[11] ـ غريب الحديث: ج2،ص569
[12] ـ النهاية في غريب الحديث: ج2،ص106
[13] ـ شفاء السقاء: ص413
[14] ـ مجموع الفتاوى: ج8،ص465
تعليق