إن من الوسائل المهمة والأكيدة لأيجاد الارتباط والعلاقة الوثيقة بين المنتظر وبين بقية الله الأعظم عليه السلام هو التركيز على البعد العاطفي في مظلومية الإمام عليه السلام وهنا يجب أن نقف ونتأمل في أبعاد هذه المظلومية والتي على رأسها عدم معرفتها أو الالتفات إليها.
فليس غريباً أن نبكي على الحسين عليه السلام لعظم ما جرى عليه وعلى أولاده وأصحابه ونساءه فإنها مظلومية تصرخ في الأجيال مضمخة بالدماء الزواكي، فمن الطبيعي إذن أن تبكي عليه الأرض والسماء لأن جانب الظلامة في قضية الحسين عليه السلام واضح وجلي لا يحتاج إلى استنطاق التاريخ والتأمل في عالم الغيب، ولكن هذا الأمر لا يجري في بقية الله الأعظم إلاّ بعد التأمل باستكشاف عظم مظلوميته وذلك لأجل احتواء قضية الإمام المهدي على حلاوة النصر والعدالة العالمية وازهاق الباطل فهذه الخصائص التي سادت في العقلية الشيعية والإسلاميّة غيبت جوانب أخرى من خصائصه سلام الله عليه ومنها ظلامته.
ومن هنا جاء تأكيد أهل البيت على هذه الخصيصة وهذه الصفة باعتبارها أحد أهم معالم شخصية الإمام عليه السلام حيث نجد أن أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام قد أكثروا من البكاء والتوجع والتألم له عليه السلام ولا يكون هذا كله نتيجة لشوقهم إليه فقط.
إذاً هنالك مظلومية عظمى في شخصية الإمام عليه السلام هي الباعثة لتوجع وتألم أهل البيت عليهم السلام وهذا ما نجده واضحاً جلياً في قضية الإمام الصادق وكيفية بكاءه ونحيبه على الإمام المهدي عليه السلام وقد استعرضنا الرواية سابقاً، كما حاول أهل البيت وعلى رأسهم النبي الأكرم إبراز جانب المظلومية في الإمام المهدي وذلك من خلال الروايات والأحاديث الكثيرة الواصفة للإمام والمبينة لخصائص مظلوميته عليه السلام فهو الطريد وهو الشريد وهو الفريد وهو الوحيد المنفرد عن أهله الموتور بأبيه كما جاء في لسان الكثير من الروايات فعن الاصبغ ابن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: (صاحب هذا الأمر الشريد الطريد الفريد الوحيد) وجرى ذلك على لسان أصحاب أهل البيت لكي يستنطقوا ذاكرة المنتظرين ويستحثوها لابراز هذه الخصوصية وهذه الظلامة الكبرى، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (لما دخل سلمان الكوفة ونظر إليها ذكر ما يكون من بلاءها حتّى ذكر ملك بني أمية والذين من بعدهم ثمّ قال: فإذا كان ذلك فالزموا أحلاس بيوتكم حتّى يظهر الطاهر ابن الطاهر المطهر ذو الغيبة الشريد الطريد).
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما أوذي نبي مثلما أوذيت) فإن ما لقيه مهدي هذه الأمّة وما سيلقاه أكثر بكثير من جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في الكثير من الروايات فعن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إن قائمنا إذا قام استقبل من جهال الناس أشد مما استقبله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جهال الجاهلية). قلت: وكيف ذاك؟ قال: (إن رسول الله أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإن قائمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله يحتج به عليه)، ثمّ قال: (أما والله ليدخلنّ عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر).
وإذا كان الحسين عليه السلام غريباً ووحيداً فإن حفيده المهدي المنتظر أكثر وحدةً وأعظم غربةً من جده الحسين عليه السلام إذ كيف لنا أن نتصور أن من بيده قلائد الأمور وتصاريف الوجود وهو مشرد لا يعرف قراراً ولا استقراراً ولا أمناً ولا أماناً خلال قرون عديدة وسنين متطاولة يرى قتلة آبائه الطاهرين وشيعتهم أمام عينيه في كل يوم ولا يثأر لهم حتّى يأذن الله سبحانه وتعالى.
هل يا ترى قد استوعبنا وأدركنا عظم هذه المظلومية؟ كلا لعمري لم نعرف إلاّ غيظاً من فيظ وقليلاً من كثير، لكننا نشير إلى حالته سلام الله عليه فهي تحكي عن الكثير مما خفي علينا في عبارة موجزة تستبطن من وراءها الكثير الكثير من هذه الظلامة وهي قوله إشارة لمصيبة جده الحسين عليه السلام: (فلأندبنك صباحاً ومساءاً ولأبكين عليك بدل الدموع دماً).
*******************************************
فليس غريباً أن نبكي على الحسين عليه السلام لعظم ما جرى عليه وعلى أولاده وأصحابه ونساءه فإنها مظلومية تصرخ في الأجيال مضمخة بالدماء الزواكي، فمن الطبيعي إذن أن تبكي عليه الأرض والسماء لأن جانب الظلامة في قضية الحسين عليه السلام واضح وجلي لا يحتاج إلى استنطاق التاريخ والتأمل في عالم الغيب، ولكن هذا الأمر لا يجري في بقية الله الأعظم إلاّ بعد التأمل باستكشاف عظم مظلوميته وذلك لأجل احتواء قضية الإمام المهدي على حلاوة النصر والعدالة العالمية وازهاق الباطل فهذه الخصائص التي سادت في العقلية الشيعية والإسلاميّة غيبت جوانب أخرى من خصائصه سلام الله عليه ومنها ظلامته.
ومن هنا جاء تأكيد أهل البيت على هذه الخصيصة وهذه الصفة باعتبارها أحد أهم معالم شخصية الإمام عليه السلام حيث نجد أن أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام قد أكثروا من البكاء والتوجع والتألم له عليه السلام ولا يكون هذا كله نتيجة لشوقهم إليه فقط.
إذاً هنالك مظلومية عظمى في شخصية الإمام عليه السلام هي الباعثة لتوجع وتألم أهل البيت عليهم السلام وهذا ما نجده واضحاً جلياً في قضية الإمام الصادق وكيفية بكاءه ونحيبه على الإمام المهدي عليه السلام وقد استعرضنا الرواية سابقاً، كما حاول أهل البيت وعلى رأسهم النبي الأكرم إبراز جانب المظلومية في الإمام المهدي وذلك من خلال الروايات والأحاديث الكثيرة الواصفة للإمام والمبينة لخصائص مظلوميته عليه السلام فهو الطريد وهو الشريد وهو الفريد وهو الوحيد المنفرد عن أهله الموتور بأبيه كما جاء في لسان الكثير من الروايات فعن الاصبغ ابن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: (صاحب هذا الأمر الشريد الطريد الفريد الوحيد) وجرى ذلك على لسان أصحاب أهل البيت لكي يستنطقوا ذاكرة المنتظرين ويستحثوها لابراز هذه الخصوصية وهذه الظلامة الكبرى، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (لما دخل سلمان الكوفة ونظر إليها ذكر ما يكون من بلاءها حتّى ذكر ملك بني أمية والذين من بعدهم ثمّ قال: فإذا كان ذلك فالزموا أحلاس بيوتكم حتّى يظهر الطاهر ابن الطاهر المطهر ذو الغيبة الشريد الطريد).
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما أوذي نبي مثلما أوذيت) فإن ما لقيه مهدي هذه الأمّة وما سيلقاه أكثر بكثير من جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في الكثير من الروايات فعن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إن قائمنا إذا قام استقبل من جهال الناس أشد مما استقبله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جهال الجاهلية). قلت: وكيف ذاك؟ قال: (إن رسول الله أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإن قائمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله يحتج به عليه)، ثمّ قال: (أما والله ليدخلنّ عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر).
وإذا كان الحسين عليه السلام غريباً ووحيداً فإن حفيده المهدي المنتظر أكثر وحدةً وأعظم غربةً من جده الحسين عليه السلام إذ كيف لنا أن نتصور أن من بيده قلائد الأمور وتصاريف الوجود وهو مشرد لا يعرف قراراً ولا استقراراً ولا أمناً ولا أماناً خلال قرون عديدة وسنين متطاولة يرى قتلة آبائه الطاهرين وشيعتهم أمام عينيه في كل يوم ولا يثأر لهم حتّى يأذن الله سبحانه وتعالى.
هل يا ترى قد استوعبنا وأدركنا عظم هذه المظلومية؟ كلا لعمري لم نعرف إلاّ غيظاً من فيظ وقليلاً من كثير، لكننا نشير إلى حالته سلام الله عليه فهي تحكي عن الكثير مما خفي علينا في عبارة موجزة تستبطن من وراءها الكثير الكثير من هذه الظلامة وهي قوله إشارة لمصيبة جده الحسين عليه السلام: (فلأندبنك صباحاً ومساءاً ولأبكين عليك بدل الدموع دماً).
*******************************************