بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنَّ الإسلام يرى أنّ الوقاية خيرٌ من العلاج ، لذلك يُسدي نصائحه بسخاء للزوج يحثه فيها على التثبت والتأني عند الاختيار حتى لا يكون كحاطب ليل لا يدري ما يجمع في حزمته ، وقد كشف له عن خطأ النظرة الأحادية الجانب التي تركّز على الجمال أو المال فحسب ، مؤكدا على النظرة الشمولية التي تتجاوز الظواهر المادية ، بل تغوص نحو العمق لتبحث عن المواصفات المعنوية من دين وأخلاق وما إلى ذلك.
وفي هذا الصدد يقول الإمام الصادق عليه السلام : « إنّما المرأة قلادة فانظر ما تتقلّد، وليس للمرأة خطر ، لا لصالحتهنَّ ولا لطالحتهنَّ : فأما صالحتهنَّ فليس خطرها الذّهب والفضة ، هي خير من الذهب والفضة ، وأما طالحتهن فليس خطرها التراب ، التراب خير منها »
وقد أولى الأئمة من عترة المصطفى عليهم السلام عناية خاصة لمسألة اختيار الزوجة ، وكانوا مع سموّ مقامهم ورجاحة عقلهم وكثرة تجاربهم ، يستشيرون الآخرين في هذا الشأن ، ومن الشواهد الدالة على ذلك ، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة فاطمة عليها السلام : ( لما أراد أن يتزوّج قال لأخيه عقيل : « انظر لي امرأة قد أولدتها الفحولة من بني العرب لأتزوَّجها فتلدُ لي غلاماً فارساً ». وفكَّر عقيل قليلاً ثم قال لأخيه : تزوج أمُّ البنين الكلابية ، فإنه ليس في العرب على وجه الإطلاق أشجع من آبائها.. وصار عقيل يُعدِّد أمجاد أعمام وأخوال أمُّ البنين ، فخطبها الإمام وتزوَّجها.. وأنجبت أمُّ البنين من الإمام أربعة ذكور.. هم : العبّاسُ وعبدالله ، وجعفر ، وعثمان ) .
وكان أهل البيت عليهم السلام يسدون النصيحة المخلصة لكلِّ من استشارهم في هذا الشأن ، فعندما استشار داود الكرخي الإمام الصادق عليه السلام قائلاً له : إنَّ صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج ، قال الإمام عليه السلام : « اُنظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرّك ، وأمانتك فإن كنت لابدّ فاعلاً فبكراً تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق »
وما يبدو مثيراً للاهتمام أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليه السلام يقدمون رؤيتهم المعرفية للشباب التي تكشف النقاب عن طبائع النساء ، وسوف نسلط الضوء على هذا المطلب قبل الخوض في تفاصيل مواصفات الزوجة الصالحة :
{طبائع النساء }
لقد كشف الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ومن خلال أحاديث كثيرة في هذا المجال عن طبائع النساء المختلفة ، وذلك لتنمية وعي الشباب وتعميق خبرتهم لاختيار الأنسب والأفضل منهنَّ.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ألا أُخبركم بخير نسائكم ؟ قالوا بلى. قال : إنَّ خير نسائكم الولود الودود الستيرة العفيفة ، العزيزة في أهلها ، الذليلة مع بعلها ، المتبرّجة مع زوجها الحصان عن غيره ، التي تسمع قوله وتطيع أمره وإذا خلا بها بذلت له ما أراد منها ولم تتبذّل له تبذّل الرجل »
وفي هذا الصدد يقول الإمام الباقر عليه السلام : « النساء أربعة أصناف : فمنهنَّ ربيع مربّع ، ومنهن جامع مجمّع، ومنهن كرب مقمّع ، ومنهن غلّ قمّل.
فأما الربيع المربّع : فالتي في حجرها ولد وفي بطنها آخر ، والجامع المجمّع : الكثيرة الخير المحصنة ، والكرب المقمّع : السيئة الخلق مع زوجها ، وغلّ قمّل : هي التي عند زوجها كالغل القمل ، وهو غلّ من جلد يقع فيه القمل فيأكله ، فلا يتهيأ أن يحلّ منه شيئاً ، وهو مثل للعرب
وعن الإمام الرضا عليه السلام قال : « هنَّ ثلاث : فامرأة ولودٌ ، ودود ، تعين زوجها على دهره ، وتساعده على دنياه وآخرته ، ولا تعين الدهر عليه ، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خُلق ولا تعين زوجها على خير ، وامرأة صخّابة ، ولاّجة ، خرّاجة ، همّازة ، تستقل الكثير ولا تقبل اليسير
وهكذا نجد أنّ أهل البيت عليهم السلام يؤكدون على ضرورة الاختيار الحر والواعي لشريكة العمر ، ومن خلال استقراء الآيات والروايات الواردة حول مواصفات الزوجة الصالحة ، وجدنا بالإمكان تصنيفها إلى قسمين رئيسين :
{{مواصفات دينية ومعنوية }}
إنَّ من الأهمية بمكان أن تكون الزوجة ذات دين يعصمها عن الخطأ والخطيئة ، ويزرع في وعيها العقيدة الصحيحة والآداب السامية التي ستنقلها بدورها إلى أبنائها ، ولأجل ذلك حرم الإسلام الزواج من المشركات ، قال تعالى : ( ولا تَنكِحُوا المُشرِكاتِ حتى يُؤمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤمِنةٌ خَيْرٌ مِن مُشرِكَةٍ ولَو أعجَبَتكُم )
ولأجل أنّ الدين له مدخلية كبرى في استقامة الزوجة ، أوصى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الشباب بأن لا ينظروا بعين الشهوة والطمع لمن يرغبون الاقتران بها كأن يركّزون على جمالها ومالها ، بل عليهم في المقام الأول أن ينظروا إلى دينها وتدينها ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « تنكح المرأة على أربع خلال : على مالها، وعلى دينها ، وعلى جمالها ، وعلى حسبها ونسبها ، فعليك بذات الدين »
وقال صلى الله عليه وآله وسلم موصياً : « من تزوج امرأة لا يتزوّجها إلاّ لجمالها لم يرَ فيها ما يحبّ ، ومن تزوّجها لمالها لا يتزوّجها إلاّ وكّله الله إليه ، فعليكم بذات الدين »
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « لا تتزوجوا النساء لحسنهنَّ ، فعسى حسنهنَّ أن يرديهنَّ ، ولا تتزوجوهنَّ لأموالهن فعسى أموالهنَّ أن تطغيهنَّ ، ولكن تزوجوهنَّ على الدين »
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : « إذا تزوج الرّجل المرأة لمالها أو جمالها لم يُرزق ذلك ، فإن تزوجها لدينها رزقه الله جمالها ومالها »
إنَّ كثيراً من الصفات المعنوية والجسدية يرثها الإنسان عن آبائه وأخواله وأجداده وهي تتحكم في رسم معالم شخصيته ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « تخيّروا لنطفكم ، فإن النساء يلدن أشباه إخوانهنَّ وأخواتهنَّ »
وفي هذا الصدد قال الإمام الصادق عليه السلام : « تزوَّجوا في الحجز الصالح ، فإنَّ العرق دسّاس
ممّا تقدّم يتّضح لنا أنّ الاقتران بذات الدين هو قطب الرحى في توجهات القرآن والسُنّة ، وذلك لإرساء أُسس متينة تقوم عليها الحياة الاُسرية ، وبدون ذلك يصبح البناء الاُسري متزلزلاً كالبناء فوق رمال متحركة ، وقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام « أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستأمره في النكاح ، فقال : نعم إنكح ، وعليك بذوات الدين تربت يداك » .
ومهما يكن الأمر ، فإن الذي لاشكّ فيه هو تفضيل الزوجة المسلمة ؛ لأنّ الإسلام هو أكمل الأديان ويحصن المرأة عقائدياً وسلوكياً ، ويؤهلها للدخول إلى عش الزوجية ، ويوجب عليها طاعة زوجها وعدم خيانته في عرضه وماله ، فعن أبي عبدالله عليه السلام قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما استفاد امرء مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة ، تسرّه إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله »
ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « من سعادة المرء الزوجة الصالحة »
{{مواصفات جسمية وعقلية }}
فمن الحقائق الموضوعية أنَّ سلامة جسم المرأة وعقلها له دور فعّال في تربية الأطفال وتقويم شخصيتهم ، ليكونوا أفراداً صالحين يسهمون في بناء المجتمع وتطويره.
ولم يغفل الدين الإسلامي عن هذه الحقيقة ، لذا نبّه على ضرورة مراعاة عوامل السلامة من العيوب الجسمية والعقلية لكلا الزوجين ، وجعل منهما الخيار في فسخ العقد ، فيما إذا ما تبين أنّ أحدهما كان مصاباً بعيب جسماني أو خلل عقلي ، وحول هذه المسألة قال الإمام الصادق عليه السلام « إنّما يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل »
وبالاضافة إلى وجوب التأكد من سلامة الزوجة من العيوب الجسدية الموجبة لفسخ العقد ، لابدّ من التركيز على سلامتها العقلية حتى لا تكون مجنونة أو حمقاء تسيء التصرف ولا تضع الشيء مواضعه ، ومن أجل ذلك قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم محذراً الشباب من العواقب الاجتماعية والتربوية الوخيمة : « إيّاكم وتزوّج الحمقاء، فإنَّ صحبتها ضياع، وولدها ضياع »
وينبغي الإشارة هنا إلى أن الإسلام ( يجوّز ـ للرجل ـ أن ينظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها ، وإن لم يستأذنها ويختص الجواز بوجهها وكفيها. وله أن يكرر النظر إليها ، وأن ينظرها قائمة وماشية. وروي : جواز النظر إلى شعرها ومحاسنها وجسدها من فوق الثياب )
وعن أمير المؤمنين عليه السلام : « تزوّج عيناء سمراء عجزاء مربوعة ، فإن كرهتها فعليَّ الصداق
وعنه عليه السلام قال : « من أراد الباءة فليتزوج بامرأة قريبة من الأرض ، بعيدة ما بين المنكبين سمراء اللّون ، فإن لم يحظ بها فعليَّ مهرها »
وهكذا نجد أنَّ هذه الأحاديث وغيرها كثيراً تلفت نظر الشاب وتوقفه على المواصفات الجمالية في المرأة حتى يتمكن من انتخاب الزوجة التي تتناسب مع ذوقه وتحقق رغبته وحتى تقر عينه ولا يتطلع إلى أعراض الآخرين ، زد على ذلك يُحيطه علماً بأنّ لبعض المواصفات الجسمية للمرأة مدخلية في الانجاب لذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم موصياً : « تخيّروا لنطفكم ، وانتخبوا المناكح ، وعليكم بذات الأوراك ، فإنَّهنَّ أنجب »
الوجه الحسن : يفضل أن تكون المرأة حسناء ذات وجه صبوح ، تدخل السرور والبهجة على نفس زوجها عندما يقع نظره عليها ، قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : « أفضل نساء أُمتي أصبحهن وجهاً ، وأقلهنَّ مهراً »
وفي الوقت الذي فضّل فيه أن تكون المرأة حسناء ، فقد حذّر ـ بشدّة ـ من اختيار المرأة الحسناء التي نشأت وترعرعت في بيئة فاسدة أو وسط اجتماعي منحرف ، وقد ( قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطيباً فقال : « أيُّها الناس ، إياكم وخضراء الدمن ، قيل : يا رسول الله ، وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء »
كما حذّر صلى الله عليه وآله وسلم من اختيار الحسناء غير الولود قائلاً : « ذروا الحسناء العقيم، وعليكم بالسوداء الولود، فإني مكاثر بكم الاُمم حتى بالسقط »
وعليه يفضل اختيار الحسناء بشرط أن تكون خيّرةً ولوداً نشأت في تربة صالحة وبيئة ، قال الإمام الصادق عليه السلام « الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا، هنَّ أجمل من الحور العين »
{{جمال الشعر }} قال علي بن الحسين عليه السلام : « إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها ، فإنَّ الشعر أحد الجمالين »
{{ طيب الريح }} فلاشكّ أنّ له مدخلية في المواصفات الجسمية المثالية ، فالمرأة الطيبة الريح تجذب قلب زوجها كما يجذب شذا الأزهار النحل ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « تزوّجوا الابكار فانهنَّ أطيب شيء أفواهاً. وعن علي ابن الحسين عليه السلام قال : « خير نسائكم الطيبة الريح»
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنَّ الإسلام يرى أنّ الوقاية خيرٌ من العلاج ، لذلك يُسدي نصائحه بسخاء للزوج يحثه فيها على التثبت والتأني عند الاختيار حتى لا يكون كحاطب ليل لا يدري ما يجمع في حزمته ، وقد كشف له عن خطأ النظرة الأحادية الجانب التي تركّز على الجمال أو المال فحسب ، مؤكدا على النظرة الشمولية التي تتجاوز الظواهر المادية ، بل تغوص نحو العمق لتبحث عن المواصفات المعنوية من دين وأخلاق وما إلى ذلك.
وفي هذا الصدد يقول الإمام الصادق عليه السلام : « إنّما المرأة قلادة فانظر ما تتقلّد، وليس للمرأة خطر ، لا لصالحتهنَّ ولا لطالحتهنَّ : فأما صالحتهنَّ فليس خطرها الذّهب والفضة ، هي خير من الذهب والفضة ، وأما طالحتهن فليس خطرها التراب ، التراب خير منها »
وقد أولى الأئمة من عترة المصطفى عليهم السلام عناية خاصة لمسألة اختيار الزوجة ، وكانوا مع سموّ مقامهم ورجاحة عقلهم وكثرة تجاربهم ، يستشيرون الآخرين في هذا الشأن ، ومن الشواهد الدالة على ذلك ، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة فاطمة عليها السلام : ( لما أراد أن يتزوّج قال لأخيه عقيل : « انظر لي امرأة قد أولدتها الفحولة من بني العرب لأتزوَّجها فتلدُ لي غلاماً فارساً ». وفكَّر عقيل قليلاً ثم قال لأخيه : تزوج أمُّ البنين الكلابية ، فإنه ليس في العرب على وجه الإطلاق أشجع من آبائها.. وصار عقيل يُعدِّد أمجاد أعمام وأخوال أمُّ البنين ، فخطبها الإمام وتزوَّجها.. وأنجبت أمُّ البنين من الإمام أربعة ذكور.. هم : العبّاسُ وعبدالله ، وجعفر ، وعثمان ) .
وكان أهل البيت عليهم السلام يسدون النصيحة المخلصة لكلِّ من استشارهم في هذا الشأن ، فعندما استشار داود الكرخي الإمام الصادق عليه السلام قائلاً له : إنَّ صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج ، قال الإمام عليه السلام : « اُنظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرّك ، وأمانتك فإن كنت لابدّ فاعلاً فبكراً تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق »
وما يبدو مثيراً للاهتمام أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليه السلام يقدمون رؤيتهم المعرفية للشباب التي تكشف النقاب عن طبائع النساء ، وسوف نسلط الضوء على هذا المطلب قبل الخوض في تفاصيل مواصفات الزوجة الصالحة :
{طبائع النساء }
لقد كشف الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ومن خلال أحاديث كثيرة في هذا المجال عن طبائع النساء المختلفة ، وذلك لتنمية وعي الشباب وتعميق خبرتهم لاختيار الأنسب والأفضل منهنَّ.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ألا أُخبركم بخير نسائكم ؟ قالوا بلى. قال : إنَّ خير نسائكم الولود الودود الستيرة العفيفة ، العزيزة في أهلها ، الذليلة مع بعلها ، المتبرّجة مع زوجها الحصان عن غيره ، التي تسمع قوله وتطيع أمره وإذا خلا بها بذلت له ما أراد منها ولم تتبذّل له تبذّل الرجل »
وفي هذا الصدد يقول الإمام الباقر عليه السلام : « النساء أربعة أصناف : فمنهنَّ ربيع مربّع ، ومنهن جامع مجمّع، ومنهن كرب مقمّع ، ومنهن غلّ قمّل.
فأما الربيع المربّع : فالتي في حجرها ولد وفي بطنها آخر ، والجامع المجمّع : الكثيرة الخير المحصنة ، والكرب المقمّع : السيئة الخلق مع زوجها ، وغلّ قمّل : هي التي عند زوجها كالغل القمل ، وهو غلّ من جلد يقع فيه القمل فيأكله ، فلا يتهيأ أن يحلّ منه شيئاً ، وهو مثل للعرب
وعن الإمام الرضا عليه السلام قال : « هنَّ ثلاث : فامرأة ولودٌ ، ودود ، تعين زوجها على دهره ، وتساعده على دنياه وآخرته ، ولا تعين الدهر عليه ، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خُلق ولا تعين زوجها على خير ، وامرأة صخّابة ، ولاّجة ، خرّاجة ، همّازة ، تستقل الكثير ولا تقبل اليسير
وهكذا نجد أنّ أهل البيت عليهم السلام يؤكدون على ضرورة الاختيار الحر والواعي لشريكة العمر ، ومن خلال استقراء الآيات والروايات الواردة حول مواصفات الزوجة الصالحة ، وجدنا بالإمكان تصنيفها إلى قسمين رئيسين :
{{مواصفات دينية ومعنوية }}
إنَّ من الأهمية بمكان أن تكون الزوجة ذات دين يعصمها عن الخطأ والخطيئة ، ويزرع في وعيها العقيدة الصحيحة والآداب السامية التي ستنقلها بدورها إلى أبنائها ، ولأجل ذلك حرم الإسلام الزواج من المشركات ، قال تعالى : ( ولا تَنكِحُوا المُشرِكاتِ حتى يُؤمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤمِنةٌ خَيْرٌ مِن مُشرِكَةٍ ولَو أعجَبَتكُم )
ولأجل أنّ الدين له مدخلية كبرى في استقامة الزوجة ، أوصى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الشباب بأن لا ينظروا بعين الشهوة والطمع لمن يرغبون الاقتران بها كأن يركّزون على جمالها ومالها ، بل عليهم في المقام الأول أن ينظروا إلى دينها وتدينها ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « تنكح المرأة على أربع خلال : على مالها، وعلى دينها ، وعلى جمالها ، وعلى حسبها ونسبها ، فعليك بذات الدين »
وقال صلى الله عليه وآله وسلم موصياً : « من تزوج امرأة لا يتزوّجها إلاّ لجمالها لم يرَ فيها ما يحبّ ، ومن تزوّجها لمالها لا يتزوّجها إلاّ وكّله الله إليه ، فعليكم بذات الدين »
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « لا تتزوجوا النساء لحسنهنَّ ، فعسى حسنهنَّ أن يرديهنَّ ، ولا تتزوجوهنَّ لأموالهن فعسى أموالهنَّ أن تطغيهنَّ ، ولكن تزوجوهنَّ على الدين »
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : « إذا تزوج الرّجل المرأة لمالها أو جمالها لم يُرزق ذلك ، فإن تزوجها لدينها رزقه الله جمالها ومالها »
إنَّ كثيراً من الصفات المعنوية والجسدية يرثها الإنسان عن آبائه وأخواله وأجداده وهي تتحكم في رسم معالم شخصيته ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « تخيّروا لنطفكم ، فإن النساء يلدن أشباه إخوانهنَّ وأخواتهنَّ »
وفي هذا الصدد قال الإمام الصادق عليه السلام : « تزوَّجوا في الحجز الصالح ، فإنَّ العرق دسّاس
ممّا تقدّم يتّضح لنا أنّ الاقتران بذات الدين هو قطب الرحى في توجهات القرآن والسُنّة ، وذلك لإرساء أُسس متينة تقوم عليها الحياة الاُسرية ، وبدون ذلك يصبح البناء الاُسري متزلزلاً كالبناء فوق رمال متحركة ، وقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام « أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستأمره في النكاح ، فقال : نعم إنكح ، وعليك بذوات الدين تربت يداك » .
ومهما يكن الأمر ، فإن الذي لاشكّ فيه هو تفضيل الزوجة المسلمة ؛ لأنّ الإسلام هو أكمل الأديان ويحصن المرأة عقائدياً وسلوكياً ، ويؤهلها للدخول إلى عش الزوجية ، ويوجب عليها طاعة زوجها وعدم خيانته في عرضه وماله ، فعن أبي عبدالله عليه السلام قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما استفاد امرء مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة ، تسرّه إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله »
ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « من سعادة المرء الزوجة الصالحة »
{{مواصفات جسمية وعقلية }}
فمن الحقائق الموضوعية أنَّ سلامة جسم المرأة وعقلها له دور فعّال في تربية الأطفال وتقويم شخصيتهم ، ليكونوا أفراداً صالحين يسهمون في بناء المجتمع وتطويره.
ولم يغفل الدين الإسلامي عن هذه الحقيقة ، لذا نبّه على ضرورة مراعاة عوامل السلامة من العيوب الجسمية والعقلية لكلا الزوجين ، وجعل منهما الخيار في فسخ العقد ، فيما إذا ما تبين أنّ أحدهما كان مصاباً بعيب جسماني أو خلل عقلي ، وحول هذه المسألة قال الإمام الصادق عليه السلام « إنّما يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل »
وبالاضافة إلى وجوب التأكد من سلامة الزوجة من العيوب الجسدية الموجبة لفسخ العقد ، لابدّ من التركيز على سلامتها العقلية حتى لا تكون مجنونة أو حمقاء تسيء التصرف ولا تضع الشيء مواضعه ، ومن أجل ذلك قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم محذراً الشباب من العواقب الاجتماعية والتربوية الوخيمة : « إيّاكم وتزوّج الحمقاء، فإنَّ صحبتها ضياع، وولدها ضياع »
وينبغي الإشارة هنا إلى أن الإسلام ( يجوّز ـ للرجل ـ أن ينظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها ، وإن لم يستأذنها ويختص الجواز بوجهها وكفيها. وله أن يكرر النظر إليها ، وأن ينظرها قائمة وماشية. وروي : جواز النظر إلى شعرها ومحاسنها وجسدها من فوق الثياب )
وعن أمير المؤمنين عليه السلام : « تزوّج عيناء سمراء عجزاء مربوعة ، فإن كرهتها فعليَّ الصداق
وعنه عليه السلام قال : « من أراد الباءة فليتزوج بامرأة قريبة من الأرض ، بعيدة ما بين المنكبين سمراء اللّون ، فإن لم يحظ بها فعليَّ مهرها »
وهكذا نجد أنَّ هذه الأحاديث وغيرها كثيراً تلفت نظر الشاب وتوقفه على المواصفات الجمالية في المرأة حتى يتمكن من انتخاب الزوجة التي تتناسب مع ذوقه وتحقق رغبته وحتى تقر عينه ولا يتطلع إلى أعراض الآخرين ، زد على ذلك يُحيطه علماً بأنّ لبعض المواصفات الجسمية للمرأة مدخلية في الانجاب لذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم موصياً : « تخيّروا لنطفكم ، وانتخبوا المناكح ، وعليكم بذات الأوراك ، فإنَّهنَّ أنجب »
الوجه الحسن : يفضل أن تكون المرأة حسناء ذات وجه صبوح ، تدخل السرور والبهجة على نفس زوجها عندما يقع نظره عليها ، قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : « أفضل نساء أُمتي أصبحهن وجهاً ، وأقلهنَّ مهراً »
وفي الوقت الذي فضّل فيه أن تكون المرأة حسناء ، فقد حذّر ـ بشدّة ـ من اختيار المرأة الحسناء التي نشأت وترعرعت في بيئة فاسدة أو وسط اجتماعي منحرف ، وقد ( قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطيباً فقال : « أيُّها الناس ، إياكم وخضراء الدمن ، قيل : يا رسول الله ، وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء »
كما حذّر صلى الله عليه وآله وسلم من اختيار الحسناء غير الولود قائلاً : « ذروا الحسناء العقيم، وعليكم بالسوداء الولود، فإني مكاثر بكم الاُمم حتى بالسقط »
وعليه يفضل اختيار الحسناء بشرط أن تكون خيّرةً ولوداً نشأت في تربة صالحة وبيئة ، قال الإمام الصادق عليه السلام « الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا، هنَّ أجمل من الحور العين »
{{جمال الشعر }} قال علي بن الحسين عليه السلام : « إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها ، فإنَّ الشعر أحد الجمالين »
{{ طيب الريح }} فلاشكّ أنّ له مدخلية في المواصفات الجسمية المثالية ، فالمرأة الطيبة الريح تجذب قلب زوجها كما يجذب شذا الأزهار النحل ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « تزوّجوا الابكار فانهنَّ أطيب شيء أفواهاً. وعن علي ابن الحسين عليه السلام قال : « خير نسائكم الطيبة الريح»