إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قبل الوداع

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قبل الوداع

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته



    احبتي الكرام هذه رسالة من القلب إلى القلب...رسالة لمن أحب...أرسلها للمحتاجين من أمثالي...فلعلها تكون سبباً لحياتهم و حياتي ...أكتبها لكم بحروفي و أملي أن تصل إلى قلوبكم...فإن وجدتم خلالها ما يذكر ...فمع أملي احبتي أن لا تقف عند أول سطورها ...فأكملها فلعلها تكون تذكرة لمن يخشى...


    ... قالى تعالى (7) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) سورة الجمعة

    آه كم من مهموم في تلك المقبرة ممن لامست المنون أصحابهم...و كم من مكلوم أصيبوا بمصيبة فهزت أركانهم...و أحاطت بهم تلك الفاجعة فأوجعتهم...و رمتهم بسهمها فأبكتهم...


    في تلك المقبرة لا تعلم من يعزي من ..و من يواسي من...الكل يحبس دموعاً في المقل...و الكل يحوقل و يترحم...و الكل يستغفر و بذكر الله يتمتم...الكل منكسر...إنه زائر الموت...الذي يثني أكثر الناس شدة...و يلين أشد القلوب قسوة..و يحني أكثر الأجسام جبروت و عظمة...
    أتيت القبور فساءلتهـا *** أيـن المعظـم والمحتقـر ؟
    وأين المذل بسلطانه *** وأين القوي علـى مـا قـدر؟
    تفانوا جميعاً فما مخبر *** وماتوا جميعاً ومات الخيـر
    فيا سائلي عن أناس مضوا *** أما لك فيما مضى معتبر؟
    تروح وتغدو بنات الثرى *** فتمحو محاسن تلك الصور

    إنه الموت الذي يعصف بالنفوس ...فلا يفرق بين ملك أو مملوك...و لا صغير أو كبير...أو أنثى أو ذكر..إنه الموت..انتزع الطفل الصغير من ثدي أمه...و انتزع الطفل السعيد من حضن أبيه

    إنه الموت الذي لم يمهل العصاة المتكبرين المتجبرين من أن يتوبوا...إنه الموت الذي لم يمهل الصالحين الطائعين أن يستزيدوا....

    إنه الموت يمر على السقيم و الصحيح...و يختار المرافق قبل المريض...و يطوي البعيد عن القريب...إنه الموت...فكفى به واعظاً



    فعلم أن الدنيا و إن طالت فهي قصيرة...و إن أقبلت فهي لابد يوماً مدبرة...و إن أورقت فهي إلى قريب ساقطة..و إن أينعت فهي لابد يوماً زائلة...و إن أزهرت فمردها أنها ذابلة...و يذهب كل شيء و يبقى شيئاً واحداً هي ثمرة أعمالنا الصالحة...لقد عادت بي ذاكرتي إلى حديث ذلك المؤذن الذي بلغ من العمر الثمانون..و يقول لقد أذنت لمدة أربعين سنة...فمرت كأنها يوم واحد...فإذا كانت الحياة سوف تمضي بهذه السرعة ...و العمر سوف ينقضي بغمضة عين...فلماذا التقصير...و لماذا التأجيل...و لماذا التسويف...و لماذا ندع الركب يرتحل ...و أهل الخير يركبون و نحن واقفون...و نخسر بقية الحياتين الطويلتين الدائمتين ( حياة البرزخ و حياة الآخرة
    و تساءلت في نفسي بعد ذلك كثيراً ؟!

    لماذا لا نسعى لحياتنا الباقية ؟

    إن الحياة قصيرة و أيامها معدودة...و منغصاتها كثيرة...و آهاتها عظيمة...و مصائبها جليلة...و رغم ذلك نسعى لخطبة هذه الحياة الفانية ...فنقدم لها مهراً ثميناً من حياتنا الباقية...إن الخلق يعيشون ثلاث مراحل من الحياة...الحياة الدنيا ...و حياة البرزخ ...و حياة الآخرة...فالحياة الدنيا هي أيام معدودة ...لا يعلم المرء متى انقضاؤها...و لا يدري متى نهايتها...و لا يعلم متى يرحل منها
    (184) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)سورة آل عمران

    فهل نحن بمأمن من زائر الموت... ؟

    بيت ترفرف السعادة في أطرافه...
    فيعتقد أهله أن الأفراح سكنت معهم
    و أن السعادة سوف تستمر بالتغرير بينهم...
    وأن السرور قد نزل بدارهم...
    وفجأة وبدون مقدمات ينتزع ملك الموت روحاً من أرواحهم...
    فتتحول السعادة إلى تعاسة ...و يحزن الجميع...و لكن هو القضاء الذي لا مفر منه...


    أم بين أطفالها تُضاحكُ هذا و تنظر إلى حاجة هذا...
    و تبتسم لسعادة هذا و تبكي لحزن ذاك...
    و فجأة ينتزعها الموت من بينهم...
    فيفقد الأطفال عطف أم روؤم و لطف أم حنون...
    فيخلعون ثوب السعادة ويلبسون ثوب الحزن أبد الدهر...
    فيبكون لفقدها...و يتحسرون لغيابها...و لكن هو الموت الذي لا مهرب عنه .



    و أبٌ بين أبنائه يداعبهم تارة ...و يسعى في قوتهم تارة...
    فيحل يومه ...وبلا ميعاد...و يدخل عليهم بلا موعد..
    و يصبحوا في يوم و ليلة ...أيتام يتصدق الناس عليهم...
    فينزل الضيق عليها...و يحيط الهم و الكرب بهم...
    و ليس لهم إلا الرضا بالقضاء...إنه هادم اللذات ومفرق الجماعات...



    و أخ بين أخوته...
    هو أنيسهم ...و رفيقهم...
    فينزل القضاء فينزعه من بينهم...
    فيفقدوا الأنس و السعادة برحيله ...
    فيبحثوا عن بقايا من بسماته...و شيئاً من مداعبته...
    و لا يجدوا إلا بعض بقايا من أغراضه التي خلفها بعد وفاته...فإنا لله و إنا إليه راجعون...





    و نائم ينتظر صباحه...
    فيمسي بعداد الأحياء...
    و يصبح بعداد الأموات...
    فيمسي بين صحبه...
    و يصبح في وسط لحده...




    و كم من بعيد أمل أن يعود لحبيبه...
    فطواه الموت قبل أن تكتحل عينه بلقيا حبيبه....
    فانقطع الأمل بالتلاقي في الحياة...
    بعد أن أصبح في عداد الأموات...



    احبتي الكرام
    إن الملك الموكل بقبض الأرواح ينتظر من يحل يومه...فمن ياترى تحمل القائمة ؟
    و هل يومي الآن ...أو بعد لحظات... أو بعد حين ..العلم عند رب العالمين
    نسأل الله حسن الخاتمة...و أن يمد بالأعمار على طاعة
    إن اللبيب هو الذي لا يهمه متى موعد موته...بل هو بشغل دائم بالتزود من موارد الخير...و سُلوك طريق المتقين ..فأمن النهاية ...و لا تخيفة متى تكون ومتى تحين تلك النهاية...
    تزود من التقوى فإنك لا تدري *** إذا جن ليل هل تعيش إلـى الفجـر
    فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
    وكم من صبي يرتجى طول عمره *** وقد نسجت أكفانه وهو لا يـدري

    احبتي الكرام
    إن للموت لسكرات...
    تذكر أشد كربات الدنيا ...فالسكرات منها أشد...
    تذكر أشد مصائب الدنيا فالسكرات منها أعظم...
    تذكر أشد الضيق الذي يحل بالمرء فالسكرات منها أعلى...



    فنسألك حسن الخاتمة...
    و أن تجمل النهاية...
    فإنها عندما نبلغ النهاية ..تقفل أبواب قبول الأعمال.. و يصير المرء مرهوناً بما كسبت يمينه..قال تعالى (82) فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ (85) الواقعة


    فياليت شعري ماذا يتمنى المرء في موقفه هذا...
    و ليت شعري فهل يتمنى مسرف على نفسه أنه وقع في شراك معصيته...
    قال تعالى : وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ) سورة الأنعام

    و هل يتمنى مفرط أن فرط في جنب الله...
    و هل يتمنى مقصر على تقصيره...
    فهناك تحين ساعة الندم و لات ساعة مندم...
    قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) سورة الأنبياء



    و هل الموت هو النهاية ؟!

    إن لحظات الموت عصيبة و ما بعدها إما حياة سعيدة أو حياة تعيسة
    فهل انجلت الهموم...في مثل ذلك اليوم العصيب..
    لا... ليس بعد...بل لقد بدأت حياة جديدة هي حياة البرزخ ...حياة القبر ..
    فهناك حين يوضع المرء في القبر...
    حيث الظلمة ...و الضيق...
    حيث يتوسد الجسم الأرض...
    و يجاور الدود...
    و يوضع في وسط لحدة في ملابس بسيطة...
    فلا أنيس إلا عمله...
    و لا نور إلا نوراً اكتسبه في حياته..
    و لا سرور إلا لمن عمل لآخرته...
    فعندما يوضع الميت في قبره...
    و ينصرف عنه أهله و أصحابه و مشيعيه...
    و يبقى وحيداً لوحدة...
    فإن المرء يكون بهذا الحال ...

    الختام....

    احبتي الكرام

    يامن قصرت في جنب الله...
    إن كان الشيطان قادك للشرك...
    و الهوى أخذك بعيداً عن العقيدة الحقة..
    و الشبهات قذفتك في شبهات الطريق...
    و الشهوات رمتك في مزالق الحياة...
    فمتى التوبة ؟...
    ومتى العودة ؟!..
    ومتى الإنابة ؟!..
    ومتى الرجوع ؟!
    فكر أخي قبل الرحيل...
    و عد قبل أن تطوى الصحف
    و أرجع قبل أن تبلغ الروح الحلقوم..





    يامن تساهل بالمعاصي...و أرتكب الكبائر...وغابت عن عينية النواهي...و طرق كل باب من أبواب العصيان...فماذا تنتظر ...وماذا تتوقع في القبر...يامن أطلق لنفسه العنان و أرخى لعينه النظر...و أتبع النظرة النظرة حتى كانت الحسرة...فهل تتمنى أنك وقعت في تلك الجريمة...
    فما لك ليس يعمل فيك وعظ *** ولا زجر كأنك من جماد
    ستندم إن رحلت بغير زاد *** وتشقى إذ يناديك المنـادي
    فلا تأمن لذي الدنيا صلاحا *** فإن صلاحها عين الفساد
    ولا تفرح بمال تقتنيه *** فإنـك فيـه معكـوس المـراد
    وتب مما جنيت وأنت حس *** وكن متنبها قبـل الرقـاد
    أترضى أن تكون رفيق قوم *** لهم زاد وأنت بغير زاد؟


    يامن أعطاه الله اللسان للذكر...و وهبه للشكر...فاستبدل النعم بالكفر...و جعل ماخلق للخير في سبيل الغي و الشر...فاستخدم اللسان للزور و الكذب و الفجور... و الغيبة و النميمة و الفحش و سوء القول...فهل تتمنى أنها كتبت عليك تلك الكلمات...أو أن سجلت في صحائفك تلك الكبائر أو الصغائر...وهل تسعد بها في ظلمة القبر...



    و أنتِ يامن قصرت بحق ربها…واتبعت هواها فأظلها…يامن تجاهلت ذنب الكاسيات العاريات وأخذت بفتنة الناس…يامن نزعت حجابها وهتكت مع ربها حياءها…ويامن تشبهت و الكافرات قلدت…يامن عصت زوجها أن تقفي في قبرك و أعمالك هذه ….

    أما من ولاه الله رعية فضيعها...فهل يسرك فعلك بعد مماتك...وهل تنتظر و أنت في قبرك أن تزداد حسناتك...
    و أنت يامن ظلمت … وبدأت بظلم نفسك قبل غيرك..ألا رعيت الله في من حولك...إن كنت ولداً عاقاً فقد ظلمت نفسك وخالفت أمر ربك...و حل عليك غضب والديك...و كبلت نفسك بما لا تطيق...

    و إن كنت زوجاً ...فاستغليت قوتك...و بسطتك...و ظلمت زوجتك...فماذا عساك أن تقابل ربك...فظلم القوي البعيد ممقوت...فكيف بظلم القريب الضعيف...وظلم الرجال منكر تستوحش منه النفوس...فكيف بظلم النساء ...فهل من عودة ومراجعة للنفس و تقرب وتوبة...و عودة وأوبة ...قبل أن تقع في تلك الحفرة حيث لا فسحة و لا رجعة...
    ...في مقبرة خالية و في حفرة مظلمة...و هل غرك طول الأمل...وبدأت تسوف حتى يصلك هادم اللذات...فإلى متى ؟....ومتى الرجوع ؟


  • #2
    احسنتي اختي على ما طرحتي لنا من موضوع قيم
    اللهم احسن دار آخرتنا نور قبورنا واغفر لنا
    خطايانا انك سميع مجيب ، خالص التحية والتقدير لكِ أختي الكريمة .
    (الخـفــاجــي)


    تعليق


    • #3
      حياكم الله تعالي وفقكم الله لكل خير

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X