مسجد نبي الله إبراهيم عليه السلام (في النخيلة) في ناحية الكفل
* في مدينة الكفل الوادعة، وعلى بعد حوالي 22كم من الكوفة وعلى الطريق الواصلة بينها وبين مركز الحلّة تتراءى للمسافر وسط النخيل منارة إسلامية عتيقة قد اشرأبّت، هي منارة مسجد النخيلة (من أسماء المنطقة).
وإلى جانب هذه المنارة قبة بنيت على الطريقة السلجوقية هي قبة مرقد (ذو الكفل) والتي تقول الرواية إنّه من أبناء يعقوب عليه السلام النبي. وانّ هذا المرقد يحد المسجد من جهته الشمالية.
إبراهيم عليه السلام هو المؤسس الحقيقي لهذا المسجد
فبعد أنْ أهلك الله الطاغية نمرود، كان إبراهيم عليه السلام يزور العراق، وقد أسس من خلال زياراته تلك مسجد الكوفة والسهلة والنخيلة.
ومن خلال الروايات يتبين أنّ إبراهيم عليه السلام كان لا يبني مسجداً في منطقة إلاّ وكان قد اشتراها قبل ذلك.
- جاء في (معجم البلدان) 1/331 .. انّه عليه السلام بعد شرائه بيت المقدس فقد خرج حتى أتى إلى النجف فتباشر أهلها ..
فقال عليه السلام لهم: لمن تلك الأرض يعني النجف، قالوا: هي لنا، قال عليه السلام:
فتبيعونها ؟ قالوا : هي لك، فوالله ما تنبت شيئاً. فقال عليه السلام : لا أحبّها إلاّ شراءً، فدفع إليهم غنيمات كنّ معه بها، والغنم يقال لها بالبنطية (نقيا) وبا: تعني في تلك اللغة: مائة، فاصبحت تسمى: بانقيا.
ومعنى ذلك: انّ ابراهيم جاء الى العراق وأسس مسجد الكوفة، ومسجد النخيلة، وتؤكد الرواية أيضاً أنّ أمير المؤمنين قد جدد شراء هذه الأرض في العراق أيضاً.
- يقول المؤرخ الدكتور حسن عيسى الحكيم في كتابه (الحيرة) ص53 إنّ هذه المنطقة التي اشتراها أمير المؤمنين من النجف إلى الحيرة إلى الكوفة، تتضمن القادسية التي اشتراها جدّه إبراهيم، فالقادسية منطقة تشمل النجف والكوفة الى قرب الحيرة، ويوجد فيها قرية تسمى القادسية.
- جاء في (علل الشرائع) 2/585 في خبر شراء إبراهيم عليه السلام لهذه الأرض:
(...أن أحد مالكي الارض قال للخليل: يا خليل الرحمن ما تصنع بهذا الظهر ليس فيه زرع ولا ضرع؟ فقال عليه السلام له: اسكت فإنّ الله تعالى يحشر من هذا الظهر سبعين ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب يشفع الرجل منهم لكذا وكذا).
ويظهر من كلام الخليل عليه السلام أنّ لهذه الأرض النجف الكوفة الحيرة والقادسية وبضمنها النخيلة شأناً في عصر ظهور الإمام المهدي عليه السلام، وحركته عليه السلام بعد هذا الظهور المقدّس.
يحدّثنا الشيخ حرز الدين صاحب كتاب (مراقد المعارف) عن مشاهداته للمسجد فيقول:
(وفي مسجد النخيلة محراب، والمشهور أنّه الموضع الذي صلّى فيه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام عند خروجه إلى حرب المارقين _الخوارج_ في النهروان).
ويبدو أنّه كما كان لمسجد إبراهيم (في النخيلة) شأن باعتباره منطلق سيد الأوصياء أمير المؤمنين عليه السلام في حربه للمارقين الخوارج، فإنّ لهذا المسجد شأناً ودوراً في الفتح المبين إمام خاتم الوصيين عليه السلام وفي حركته لقتال المعاندين .. ثم لدخول عاصمته الكوفة مركز دولة الوارثين.
جاء في تفسير العياشي بإسناده عن عبد الاعلى الحلبي قال:
(قال ابو جعفر عليه السلام في حديث يذكر فيه خروج القائم عليه السلام، قال في الحديث: كأنّي أنظر إليهم _يعني القائم في أصحابه_ مصعدين من نجف الكوفة ثلثمائة وبضعة عشر رجلاً كأنّ في قلوبهم **ر الحديد، جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، يسير الرعب أمامه شهراً وخلفه شهراً، أمدّه الله بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين...).
إنّها لسنة الانبياء والمرسلين ومن بعدهم الوصيين، إنّها لسنّة موسى، فإن الإمام لا يدخل عاصمة دولته الكوفة .. لا يدخلها مباشرة، بل ينتظر .. يترقّب انفراج الموقف، لأنّها تبدو حينها وقد تخندقت فيها قوّات مناوئه لحركة التغيير الإصلاحية المهدوية، لذا فإن الإمام يجعل من مسجد جدّه ابراهيم في النخيلة، وهو مصلى علي عليه السلام وانطلاقه، محطّة انتظاره وترقبه في الليلة التي وصل فيها وجنده ذلك المسجد.
جاء عن العياشي:
(حتّى إذا صعد النجف قال عليه السلام لأصحابه: تعبّدوا ليلتكم هذه، فيبينون بين راكع وساجد يتضرعون الى الله، حتى إذا أصبح قال عليه السلام: خذوا بنا طريق النخيلة، وعلى الكوفة خندق مخندق (جند مجنّد) قلت (السامع): خندق مخندق (جند مجنّد) قال عليه السلام: أي والله، حتى ينتهي إلى مسجد إبراهيم بالنخيلة، فيصلي ركعتين فيخرج إليه من كان بالكوفة من مرجئها وغيرهم من جيش السفياني، فيقول عليه السلام لأصحابه استطردوا لهم، ثم يقول عليه السلام: كرّوا عليهم ..).
ومن طيّات الرواية يتّضح أنّ بركات الفيض الإلهي لها الأثر في مساعدة الإمام لشقّ طريق الحق والخير والسعادة لبني البشر، وذلك جزاء الاستعداد الذاتي الذي يعلمه الله عند الأوصياء ومنهم الإمام المهدي عليه السلام.
قال أبو جعفر عليه السلام:
(ولا يجوز والله الخندق منهم مخبر، ثم يدخل الكوفة ولا يبقى مؤمن إلاّ كان فيها أو حنّ إليها، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام...).
تعليق