بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال عز وجل في محكم كتابه الكريم:
(قَالَ أَرَاغِبٌ أنْتَ عَنْ ءَالِهَتِى يـاابراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأََرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِى مَلِيّاً(46) قَالَ سَلاـمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيّاً(47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وأَدْعُوا رَبِّى عَسَى أَلآَّ أَكُونَ بِدُعِآءِ رَبِّى شَقِيّاً(48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُم وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحـقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًَّ جَعَلْنَا نَبِيّاً(49)وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْق عَلِيّاً(50)سورة مريم
ثمّ يقول: (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله) أي الأصنام (وأدعو ربّي عسى أن لا أكون بدعاء ربّي شقياً).
تبيّن هذه الآية من جهة أدب إِبراهيم في مقابل آزر الذي قال: «اهجرني» فقبل إِبراهيم ذلك. ومن جهة أُخرى فإِنّها تبيّن حزمه في عقيدته، فإِنّ ابتعادي هذا عنك لم يكن من أجل حيادي عن اعتقادي الراسخ بالتوحيد، بل لأنّك لا تملك الأهلية لتقبل الحق، ولذلك فإِني سأثبت على اعتقادي.
ويقول بصورة ضمنية بأنّي إِذا دعوت ربّي فإنّه سيجيب دعوتي، أمّا أنتم المساكين الذين تدعون من هو أكثر مسكنة منكم، فلا يستجاب دعاؤكم مطلقاً، بل ولا يسمع كلامكم أبداً.
لقد وفى إبراهيم بقوله، وثبت على عقيدته بكل صلابة وصمود، وكان دائماً ينادي بالتوحيد، بالرغم من أن كل ذلك المجتمع الفاسد في ذلك اليوم قد وقف ضده وثار عليه، إِلاَّ أنّه لم يبق وحده في النهاية، فقد وجد أتباعاً كثيرين على مر القرون والأعصار، بحيث أنّ كل الموحدين وعباد الله في العالم يفتخرون بوجوده.
وفي مجمع البيان عن قوله تعالى:{ فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله } أي فارقهم وهاجرهم إلى الأرض المقدسة
أتنحى منكم جانباً وأعتزل عبادة ما تدعون من دونه من الأصنام { وأدعوا } أي وأعبد { ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقياً } كما شقيتم بدعاء الأصنام وإنما ذكر عسى على وجه الخضوع.وقيل: معناه لعله يقبل طاعتي وعبادتي ولا أشقى بالرد فإن المؤمن بين الرجاء والخوف
فهو وعد باعتزالهم والإِبتعاد منهم ومن أصنامهم ليخلو بربه ويخلص الدعاء له رجاء أن لا يكون بسبب دعائه شقياً وهو الذي يبعد عني الشقاء حينما أدعوه و ألتجأ إليه ، بلى إنه الله ربي وإنما أخذ بالرجاء لأن هذه الأسباب من الدعاء والتوجه إلى الله ونحوه ليست بأسباب موجبة عليه تعالى شيئاً بل الإِثابة والإِسعاد ونحوه بمجرد التفضل منه تعالى. على أن الأُمور بخواتمها ولا يعلم الغيب إلا الله فعلى المؤمن أن يسير بين الخوف والرجاء
يقول القرآن الكريم: (فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إِسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيّاً) فالبرغم من أن الفترة التي وهب الله بها لإِبراهيم إِسحاق، ثمّ يعقوب ـ ابن إِسحاق ـ قد استغرقت زمناً طويلا، إِلاّ أنّ هذه الموهبة العظيمة ـ حيث وهبه ولداً كإِسحاق، وحفيداً كيعقوب، وكل منهما كان نبيّاً سامي المقام ـ كانت نتيجة صبر إِبراهيم(عليه السلام) واستقامته التي أظهرها في طريق محاربة الأصنام، واعتزال المنهج الباطل والإِبتعاد عنه.
وهنا يمكن أن يبرز سؤال، وهو: كيف لم تذكر هنا موهبة وجود إِسماعيل، مع أن اسم يعقوب، حفيد إِبراهيم، قد ذكر صريحاً؟ وفي مكان آخر من القرآن ذكر وجود إِسماعيل ضمن مواهب إِبراهيم، هناك حيث تقول الآية على لسان إبراهيم: (الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إِسماعيل وإِسحاق)
الجواب أنّه بالإِضافة إِلى أن اسم إِسماعيل قد ورد مستقلا بعد آيتين أو ثلاث، وقد ذكر فيها بعض صفاته البارزة، إلاّ أنّ المقصود هذه الآية هو بيان استمرار النّبوة في أسرة إِبراهيم، وتوضح كيف أن حسن سمعته وذكره الحسن وتاريخه الحافل قد تحقق بواسطة الأنبياء من أسرته، والذين جاؤوا الواحد تلو الآخرين، ومن المعلوم أن كثيراً من الأنبياء هم من أسرة إِسحاق ويعقوب على مر الأعصار والقرون، وإِن كان قد ولد من ذرية إِسماعيل أعظم الأنبياء، أي نبي الإسلام(صلى الله عليه وآله وسلم)، إِلاّ أن استمرار النبوة كان في أولاد يعقوب، ولذلك نقرأ في الآية (27) من سورة العنكبوت، (ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريعة النّبوة والكتاب).
{ وهبنا له إسحاق } ولداً { ويعقوب } ولد ولد { وكلاً جعلنا نبياً } أي أنسنا وحشته من فراقهم بأولاد كرام على الله وكلاً من هذين جعلناه نبياً يقتدى به في الدين { ووهبنا له من رحمتنا } أي نعمتنا سوى الأولاد والنبوة من نعم الدين والدنيا
وإضافة إِلى ذلك (ووهبنا لهم من رحمتنا) تلك الرحمة الخاصّة بالمخلصين والمخلصين، والرجال المجاهدين في سبيل الله.
ومن الممكن أن يكون المراد به الإِمامة كما وقع في قوله:
{ ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا }
[الأنبياء: 72-73]، أو التأييد بروح القدس كما يشير إليه قوله:
{ وأوحينا إليهم فعل الخيرات }
أو مطلق الولاية الإِلهية.
وأخيراً قال عز وجل: (وجعلنا لهم لسان صدق علياً).
اللسان - على ما ذكروا - هو الذكر بين الناس بالمدح أو الذم وإذا أُضيف إلى الصدق فهو الثناء الجميل الذي لا كذب فيه، والذكر الحسن والذكرى الطيبة بين الناس والعلي هو الرفيع العالي والبارز،.
والمعنى وجعلنا لهم ثناء جميلاً صادقاً رفيع القدر.وهي الذكرى الجميلة جدّاً التي تبقى بين الناس عن شخص ما
هذا في الحقيقة إِجابة لطلب ودعاء إبراهيم الذي جاء في الآية (84) من سورة الشعراء: (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) فإنّ أُولئك كانوا يريدون طرد وإِبعاد إبراهيم وأسرته من المجتمع الإِنساني، بحيث لا يبقى لهم أي أثر أو خبر، ويُنسون إِلى الأبد. إِلاّ أن الذي حدث بالعكس، فإِنّ الله سبحانه قد رفع ذكرهم نتيجة إيثارهم وتضحيتهم واستقامتهم في أداء الرسالة التي كانت ملقاة على عاتقهم، وجعل أسماءهم تجري على ألسنة شعوب العالم، ويُعرفون كأسوة ونموذج في معرفة الله والجهاد والطهارة والتقوى والمقارعة للباطل.
ومن االمعلوم أن إِبراهيم لا يريد بهذا الطلب أن يحقق أمنية في قلبه، بل كان هدفه أن لا يستطيع الأعداء أن يجعلوا تاريخ حياته، الذي كان تربوياً خارقاً للعادة، في بوتقة النسيان، وأن يمحوا ذكره من الأذهان إِلى الأبد، وهو الأنموذج والأسوة الدائمة للبشرية.
ونقرأ في رواية عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام): «لسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس، خير من المال يأكله ويورثه» وبغض النظر عن الجوانب المعنوية، فإنّ حسن السمعة والذكر الحسن بين الناس يمكن أن يكون أحياناً رأس مال عظيم للإِنسان ولأولاده، وأمامنا شواهد حية على ذلك.
لقد أصبح هؤلاء مضرب الأمثال في العالم ، فحينما يريد الناس ان يضربوا مثلا لأسرة فاضلة ، فانهم يضربون إبراهيم و أبناءه مثلا لذلك ، ولا يزال هذا الأمر منذ أكثر من خمسة آلاف سنة وإلى هذا اليوم ، فهناك أكثر من ألفي مليون إنسان في العالم يكرمون إبراهيم(عليه السلام) عبر التأريخ ، وهذا بعض معاني لسان صدق عليا أي ان الناس يلهجون بذكرهم ، و صحيحا ما يلهجون و صادقا ما يقولون .
: { ووهبنا لهم من رحمتنا } من الممكن أن يكون المراد به الإِمامة كما وقع في قوله:
وقوله:{ ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا }
[الأنبياء: 72-73]، أو التأييد بروح القدس كما يشير إليه قوله:
{ وأوحينا إليهم فعل الخيرات }
أو مطلق الولاية الإِلهية.
وهكذا نجد إبراهيم (عليه السلام) ترك والده و قومه و هجرهم ولكن بعد أن أتم الحجة عليهم ، و حاول بكل جهده هدايتهم ، و حين تركهم عوضه الله بأفضل منهم ، و جعلهم قدوة صالحة للآخرين .
إذن فعلاقتنا بآبائنا و بمن حولنا يجب ان تكون علاقة رسالية يوجهها التوحيد و الايمان بالله تعالى
************************************************** ***********************************************
تفسير الأمثل
تفسيرالميزان
تفسيرمجمع البيان
تفسيرمن هدي القرآن
اللهم صل على محمد وآل محمد
الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال عز وجل في محكم كتابه الكريم:
(قَالَ أَرَاغِبٌ أنْتَ عَنْ ءَالِهَتِى يـاابراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأََرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِى مَلِيّاً(46) قَالَ سَلاـمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيّاً(47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وأَدْعُوا رَبِّى عَسَى أَلآَّ أَكُونَ بِدُعِآءِ رَبِّى شَقِيّاً(48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُم وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحـقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًَّ جَعَلْنَا نَبِيّاً(49)وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْق عَلِيّاً(50)سورة مريم
ثمّ يقول: (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله) أي الأصنام (وأدعو ربّي عسى أن لا أكون بدعاء ربّي شقياً).
تبيّن هذه الآية من جهة أدب إِبراهيم في مقابل آزر الذي قال: «اهجرني» فقبل إِبراهيم ذلك. ومن جهة أُخرى فإِنّها تبيّن حزمه في عقيدته، فإِنّ ابتعادي هذا عنك لم يكن من أجل حيادي عن اعتقادي الراسخ بالتوحيد، بل لأنّك لا تملك الأهلية لتقبل الحق، ولذلك فإِني سأثبت على اعتقادي.
ويقول بصورة ضمنية بأنّي إِذا دعوت ربّي فإنّه سيجيب دعوتي، أمّا أنتم المساكين الذين تدعون من هو أكثر مسكنة منكم، فلا يستجاب دعاؤكم مطلقاً، بل ولا يسمع كلامكم أبداً.
لقد وفى إبراهيم بقوله، وثبت على عقيدته بكل صلابة وصمود، وكان دائماً ينادي بالتوحيد، بالرغم من أن كل ذلك المجتمع الفاسد في ذلك اليوم قد وقف ضده وثار عليه، إِلاَّ أنّه لم يبق وحده في النهاية، فقد وجد أتباعاً كثيرين على مر القرون والأعصار، بحيث أنّ كل الموحدين وعباد الله في العالم يفتخرون بوجوده.
وفي مجمع البيان عن قوله تعالى:{ فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله } أي فارقهم وهاجرهم إلى الأرض المقدسة
أتنحى منكم جانباً وأعتزل عبادة ما تدعون من دونه من الأصنام { وأدعوا } أي وأعبد { ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقياً } كما شقيتم بدعاء الأصنام وإنما ذكر عسى على وجه الخضوع.وقيل: معناه لعله يقبل طاعتي وعبادتي ولا أشقى بالرد فإن المؤمن بين الرجاء والخوف
فهو وعد باعتزالهم والإِبتعاد منهم ومن أصنامهم ليخلو بربه ويخلص الدعاء له رجاء أن لا يكون بسبب دعائه شقياً وهو الذي يبعد عني الشقاء حينما أدعوه و ألتجأ إليه ، بلى إنه الله ربي وإنما أخذ بالرجاء لأن هذه الأسباب من الدعاء والتوجه إلى الله ونحوه ليست بأسباب موجبة عليه تعالى شيئاً بل الإِثابة والإِسعاد ونحوه بمجرد التفضل منه تعالى. على أن الأُمور بخواتمها ولا يعلم الغيب إلا الله فعلى المؤمن أن يسير بين الخوف والرجاء
يقول القرآن الكريم: (فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إِسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيّاً) فالبرغم من أن الفترة التي وهب الله بها لإِبراهيم إِسحاق، ثمّ يعقوب ـ ابن إِسحاق ـ قد استغرقت زمناً طويلا، إِلاّ أنّ هذه الموهبة العظيمة ـ حيث وهبه ولداً كإِسحاق، وحفيداً كيعقوب، وكل منهما كان نبيّاً سامي المقام ـ كانت نتيجة صبر إِبراهيم(عليه السلام) واستقامته التي أظهرها في طريق محاربة الأصنام، واعتزال المنهج الباطل والإِبتعاد عنه.
وهنا يمكن أن يبرز سؤال، وهو: كيف لم تذكر هنا موهبة وجود إِسماعيل، مع أن اسم يعقوب، حفيد إِبراهيم، قد ذكر صريحاً؟ وفي مكان آخر من القرآن ذكر وجود إِسماعيل ضمن مواهب إِبراهيم، هناك حيث تقول الآية على لسان إبراهيم: (الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إِسماعيل وإِسحاق)
الجواب أنّه بالإِضافة إِلى أن اسم إِسماعيل قد ورد مستقلا بعد آيتين أو ثلاث، وقد ذكر فيها بعض صفاته البارزة، إلاّ أنّ المقصود هذه الآية هو بيان استمرار النّبوة في أسرة إِبراهيم، وتوضح كيف أن حسن سمعته وذكره الحسن وتاريخه الحافل قد تحقق بواسطة الأنبياء من أسرته، والذين جاؤوا الواحد تلو الآخرين، ومن المعلوم أن كثيراً من الأنبياء هم من أسرة إِسحاق ويعقوب على مر الأعصار والقرون، وإِن كان قد ولد من ذرية إِسماعيل أعظم الأنبياء، أي نبي الإسلام(صلى الله عليه وآله وسلم)، إِلاّ أن استمرار النبوة كان في أولاد يعقوب، ولذلك نقرأ في الآية (27) من سورة العنكبوت، (ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريعة النّبوة والكتاب).
{ وهبنا له إسحاق } ولداً { ويعقوب } ولد ولد { وكلاً جعلنا نبياً } أي أنسنا وحشته من فراقهم بأولاد كرام على الله وكلاً من هذين جعلناه نبياً يقتدى به في الدين { ووهبنا له من رحمتنا } أي نعمتنا سوى الأولاد والنبوة من نعم الدين والدنيا
وإضافة إِلى ذلك (ووهبنا لهم من رحمتنا) تلك الرحمة الخاصّة بالمخلصين والمخلصين، والرجال المجاهدين في سبيل الله.
ومن الممكن أن يكون المراد به الإِمامة كما وقع في قوله:
{ ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا }
[الأنبياء: 72-73]، أو التأييد بروح القدس كما يشير إليه قوله:
{ وأوحينا إليهم فعل الخيرات }
أو مطلق الولاية الإِلهية.
وأخيراً قال عز وجل: (وجعلنا لهم لسان صدق علياً).
اللسان - على ما ذكروا - هو الذكر بين الناس بالمدح أو الذم وإذا أُضيف إلى الصدق فهو الثناء الجميل الذي لا كذب فيه، والذكر الحسن والذكرى الطيبة بين الناس والعلي هو الرفيع العالي والبارز،.
والمعنى وجعلنا لهم ثناء جميلاً صادقاً رفيع القدر.وهي الذكرى الجميلة جدّاً التي تبقى بين الناس عن شخص ما
هذا في الحقيقة إِجابة لطلب ودعاء إبراهيم الذي جاء في الآية (84) من سورة الشعراء: (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) فإنّ أُولئك كانوا يريدون طرد وإِبعاد إبراهيم وأسرته من المجتمع الإِنساني، بحيث لا يبقى لهم أي أثر أو خبر، ويُنسون إِلى الأبد. إِلاّ أن الذي حدث بالعكس، فإِنّ الله سبحانه قد رفع ذكرهم نتيجة إيثارهم وتضحيتهم واستقامتهم في أداء الرسالة التي كانت ملقاة على عاتقهم، وجعل أسماءهم تجري على ألسنة شعوب العالم، ويُعرفون كأسوة ونموذج في معرفة الله والجهاد والطهارة والتقوى والمقارعة للباطل.
ومن االمعلوم أن إِبراهيم لا يريد بهذا الطلب أن يحقق أمنية في قلبه، بل كان هدفه أن لا يستطيع الأعداء أن يجعلوا تاريخ حياته، الذي كان تربوياً خارقاً للعادة، في بوتقة النسيان، وأن يمحوا ذكره من الأذهان إِلى الأبد، وهو الأنموذج والأسوة الدائمة للبشرية.
ونقرأ في رواية عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام): «لسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس، خير من المال يأكله ويورثه» وبغض النظر عن الجوانب المعنوية، فإنّ حسن السمعة والذكر الحسن بين الناس يمكن أن يكون أحياناً رأس مال عظيم للإِنسان ولأولاده، وأمامنا شواهد حية على ذلك.
لقد أصبح هؤلاء مضرب الأمثال في العالم ، فحينما يريد الناس ان يضربوا مثلا لأسرة فاضلة ، فانهم يضربون إبراهيم و أبناءه مثلا لذلك ، ولا يزال هذا الأمر منذ أكثر من خمسة آلاف سنة وإلى هذا اليوم ، فهناك أكثر من ألفي مليون إنسان في العالم يكرمون إبراهيم(عليه السلام) عبر التأريخ ، وهذا بعض معاني لسان صدق عليا أي ان الناس يلهجون بذكرهم ، و صحيحا ما يلهجون و صادقا ما يقولون .
: { ووهبنا لهم من رحمتنا } من الممكن أن يكون المراد به الإِمامة كما وقع في قوله:
وقوله:{ ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا }
[الأنبياء: 72-73]، أو التأييد بروح القدس كما يشير إليه قوله:
{ وأوحينا إليهم فعل الخيرات }
أو مطلق الولاية الإِلهية.
وهكذا نجد إبراهيم (عليه السلام) ترك والده و قومه و هجرهم ولكن بعد أن أتم الحجة عليهم ، و حاول بكل جهده هدايتهم ، و حين تركهم عوضه الله بأفضل منهم ، و جعلهم قدوة صالحة للآخرين .
إذن فعلاقتنا بآبائنا و بمن حولنا يجب ان تكون علاقة رسالية يوجهها التوحيد و الايمان بالله تعالى
************************************************** ***********************************************
تفسير الأمثل
تفسيرالميزان
تفسيرمجمع البيان
تفسيرمن هدي القرآن