بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في سنة 2002م علق المؤرخ والأستاذ في جامعة كامبردج البريطانية ستيفن كولليني على النقاشات النقدية التي جرت وتجري حول المثقفين أدوارهم وتأثيرهم، بقوله: (ربما آن الأوان لأن يكتب أحدهم مقالة، بعنوان المثقفون أناس عاديون).
وحين أراد كولليني تحديد ما يعنيه بكلمة عاديين، فإنه تعمد تقديم أكثر من معنى، جميعها في نظره تنطبق على المثقفين، وجميعها تصدق عليهم، وتؤكد بعضها بعضاً، ولكي يقطع على النقاد اعتراضاتهم، ويغلق عليهم تأويلاتهم خارج نطاق هذه المعاني.
وحسب شرح كولليني فإن المثقفين أناس عاديون، بمعنى أنهم بالفعل جزء من المشهد الثقافي للمجتمعات المعقدة، وعاديون بمعنى أنه ليس من غير الممكن أو الجائز إدراك أن اسم مثقف يمكن استعماله بشكل منتظم لوصف بعض أصدقاء المرء أو زملائه، أو حتى في بعض الظروف لوصف المرء نفسه، وعاديون بمعنى أن القيام بالأنشطة التي يقوم بها المثقفون، لا ينبغي النظر إليها على أنها بطولية أو صعبة على نحو خاص، أو تتمتع بسحر خاص.
وفي استدراك منه على المعنى الأخير، وحتى لا يعرض نفسه لسوء الفهم عندما يقول إن الأنشطة التي يقوم بها المثقفون إنها لا تتمتع بأهمية خاصة، يرى كولليني أن هذه الأنشطة مهمة، لكنها ليست مهمة على نحو استثنائي.
هذا الرأي، توقف عنده الكاتب البريطاني فرانك فوريدي في كتابه (أين ذهب كل المثقفين؟)،
وعند النظر في هذا التوقف، يمكن تحديده في النقاط الأربع الآتية:
أولاً: إن النقاشات التي تجري حول هذا الموضوع، غالباً ما يتم في نظر فوريدي تقديم عروض مبتذلة على نحو كئيب للحياة الفكرية، وقد حل محل المثل الأعلى المتمثل في البحث عن الحقيقة، والمرتبط بالمثقف إلى مثل جرد فيه البحث عن الأفكار من أية غاية نبيلة.
ثانياً: يرى فوريدي أن النقاشات الفكرية العامة، أثرت في الموقف المتراخي تجاه دور المثقفين في الكتابات الأكاديمية، وما تعليق كولليني إلا شاهدا على ذلك.
ثالثاً: إن ما يريد كولليني الوصول إليه في تصور فوريدي، هو نزع الغموض عن دور المثقف، ويعكس هذا المسعى إلى حد بعيد، صعوبة في إسباغ معنى كبير على عملية البحث عن الأفكار ودراستها.
رابعاً: أما عن رأيه في هذا الشأن، فيرى فوريدي ما من شك أن المثقفين يمكن أن يكونوا متبجحين، ومتغطرسين ومليئين بالهواء الساخن، ولهذا السبب فإن ادعاءاتهم كانت دائما عرضة لفكاهة الناس وتهكمهم، لكن وبالرغم من هذه النواقص في شخصياتهم، إلا أن عمل المثقفين يبقى مهماً.
هذا التوازن في الموقف الذي أشار إليه فوريدي، هو ما نحتاجه في نظرة المثقفين لأنفسهم، وفي نظرة الآخرين إليهم، فالمثقفون من جهة هم أناس عاديون حقاً، لا ينبغي عليهم أن يترفعوا على الناس، ويتفاضلوا عليهم من الناحية الأخلاقية، لكنهم من جهة أخرى هم أناس قدموا، وبامكانهم أن يقدموا عملاً ثقافياً مهماً، وعلى الناس أن يدركوا أهمية هذا العمل الثقافي، ويقدروا المثقفين عليه .
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في سنة 2002م علق المؤرخ والأستاذ في جامعة كامبردج البريطانية ستيفن كولليني على النقاشات النقدية التي جرت وتجري حول المثقفين أدوارهم وتأثيرهم، بقوله: (ربما آن الأوان لأن يكتب أحدهم مقالة، بعنوان المثقفون أناس عاديون).
وحين أراد كولليني تحديد ما يعنيه بكلمة عاديين، فإنه تعمد تقديم أكثر من معنى، جميعها في نظره تنطبق على المثقفين، وجميعها تصدق عليهم، وتؤكد بعضها بعضاً، ولكي يقطع على النقاد اعتراضاتهم، ويغلق عليهم تأويلاتهم خارج نطاق هذه المعاني.
وحسب شرح كولليني فإن المثقفين أناس عاديون، بمعنى أنهم بالفعل جزء من المشهد الثقافي للمجتمعات المعقدة، وعاديون بمعنى أنه ليس من غير الممكن أو الجائز إدراك أن اسم مثقف يمكن استعماله بشكل منتظم لوصف بعض أصدقاء المرء أو زملائه، أو حتى في بعض الظروف لوصف المرء نفسه، وعاديون بمعنى أن القيام بالأنشطة التي يقوم بها المثقفون، لا ينبغي النظر إليها على أنها بطولية أو صعبة على نحو خاص، أو تتمتع بسحر خاص.
وفي استدراك منه على المعنى الأخير، وحتى لا يعرض نفسه لسوء الفهم عندما يقول إن الأنشطة التي يقوم بها المثقفون إنها لا تتمتع بأهمية خاصة، يرى كولليني أن هذه الأنشطة مهمة، لكنها ليست مهمة على نحو استثنائي.
هذا الرأي، توقف عنده الكاتب البريطاني فرانك فوريدي في كتابه (أين ذهب كل المثقفين؟)،
وعند النظر في هذا التوقف، يمكن تحديده في النقاط الأربع الآتية:
أولاً: إن النقاشات التي تجري حول هذا الموضوع، غالباً ما يتم في نظر فوريدي تقديم عروض مبتذلة على نحو كئيب للحياة الفكرية، وقد حل محل المثل الأعلى المتمثل في البحث عن الحقيقة، والمرتبط بالمثقف إلى مثل جرد فيه البحث عن الأفكار من أية غاية نبيلة.
ثانياً: يرى فوريدي أن النقاشات الفكرية العامة، أثرت في الموقف المتراخي تجاه دور المثقفين في الكتابات الأكاديمية، وما تعليق كولليني إلا شاهدا على ذلك.
ثالثاً: إن ما يريد كولليني الوصول إليه في تصور فوريدي، هو نزع الغموض عن دور المثقف، ويعكس هذا المسعى إلى حد بعيد، صعوبة في إسباغ معنى كبير على عملية البحث عن الأفكار ودراستها.
رابعاً: أما عن رأيه في هذا الشأن، فيرى فوريدي ما من شك أن المثقفين يمكن أن يكونوا متبجحين، ومتغطرسين ومليئين بالهواء الساخن، ولهذا السبب فإن ادعاءاتهم كانت دائما عرضة لفكاهة الناس وتهكمهم، لكن وبالرغم من هذه النواقص في شخصياتهم، إلا أن عمل المثقفين يبقى مهماً.
هذا التوازن في الموقف الذي أشار إليه فوريدي، هو ما نحتاجه في نظرة المثقفين لأنفسهم، وفي نظرة الآخرين إليهم، فالمثقفون من جهة هم أناس عاديون حقاً، لا ينبغي عليهم أن يترفعوا على الناس، ويتفاضلوا عليهم من الناحية الأخلاقية، لكنهم من جهة أخرى هم أناس قدموا، وبامكانهم أن يقدموا عملاً ثقافياً مهماً، وعلى الناس أن يدركوا أهمية هذا العمل الثقافي، ويقدروا المثقفين عليه .