إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الامام زين العابدين عليه السلام علما وعبادة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الامام زين العابدين عليه السلام علما وعبادة

    رغم أنّ الإمام علي بن الحسين عليه السلام كان في زمن تصدّيه للإمامة غير مبسوط اليد إلّا أنّه نال منزلة رفيعة في نفوس أبناء الاُمّة لم ينلها أحد سواه في زمانه، وقصة هشام بن عبد الملك معروفة عندما أقدم الى مكة ليحج، وأراد أن يطوف بالكعبة ومن ثمّ يستلم الحجر الأسود فلم يتمكّن من ذلك بسبب شدة الزحام، ولكن عندما أقدم الإمام زين العابدين عليه السلام انشق الناس له سماطين وتمكّن من الوصول الى الحجر الأسود بسهولة ومن غير حرج، الأمر الذي جعل هشام بن عبد الملك يتعجّب ويسأل عن هذا الذي انفرج الناس له محاولاً تجاهل الإمام، فعرّف به وسكت.
    إنّ هذه الواقعة وعشرات أمثالها تشير وتؤكّد مدى احترام الناس للإمام في الوقت الذي تزدري السلطان وتحتقره.
    إنّ احترام الناس للإمام زين العابدين، إنّما جاء نتيجة المعرفة الحقيقية بمنزلة الإمام ودروه الديني والاجتماعي، وبعبارة اُخرى أنّ نمط قيادة الإمام للمجتمع هو الذي أدّى الى حصول هذا التأثير الكبير في نفوس أبناء الاُمّة رغم أنّه لم يكن مبسوط اليد، وكان معزولاً من قبل السلطة الظالمة، ومحارباً منها، ورغم أنّ الاُمّة كانت تعاني من قسوة وتهوّر حكّام بني اُميّة من أمثال يزيد بن معاوية الذي هدم الكعبة واستباح المدينة ثلاثة أيام وعمل المنكرات، لكن ذلك لم يثن الإمام عن ممارسة دروه القيادي والاجتماعي، كما لم يثن الاُمّة من الانشداد للإمام والانقياد له.
    لقد تميّز الدور القيادي للإمام بالعمل على تحقيق ثلاث مهمات في آن واحد:
    الاُولى: الاستمرار في سياسة فضح سلطة بني اُميّة والتعريف بحقيقتها.
    الثانية: إعداد الاُمّة فكرياً ونفسياً لتحمّل المسؤوليات.
    الثالثة: دعم ومساندة الحركات الثورية الشيعية.
    أمّا الأساليب التي اتبعها الإمام في تنفيذه لهذه المهمات الثلاث فهي:

    أ - الاُسلوب العاطفي غير المباشر لفضح سلطة بني اُميّة
    من خلال إظهاره الحزن العميق والبكاء على مصيبة أبيه الإمام الحسين عليه السلام واستغلال الفرص والمناسبات لاستنفار عواطف الناس وأحاسيسها باتجاه الانشداد والولاء لآل البيت عليهم السلام ، وكان هذا العمل يعني بشكل غير مباشر فضح الظالمين، ظالمي أئمة آل البيت عليهم السلام ، وبالخصوص حكّام بني اُميّة، وللمثال نذكر هذه الواقعة المشهورة عندما رأى الإمام ذات يوم قصّاباً يهمّ بذبح كبش له، فاقترب الإمام من القصّاب وسأله : يا هذا هل سقيت الكبش ماءاً قبل أن تذبحه؟ فأجابه القصّاب: نعم. نحن معاشر القصّابين لا نذبح الحيوان حتّى نسقيه ماءاً. وهنا بكى الإمام وأخذ ينتحب. ويندب أباه الإمام الحسين عليه السلام ، وأخذ يعرّف بمصيبته حيث قتل عطشاناً.
    إنّ حادثة مثل هذه تكشف عن دقّة الاُسلوب الذي اتبعه الإمام للتأثير في نفوس الناس وعواطفهم ولشحذ همهم ضد السلطات الكافرة.

    ب - اُسلوب العبادات والأدعية للتأثير في الاُمّة نفسياً وفكرياً
    لقد تميّز الإمام بكثرة الدعاء والصلاة وطول القنوت واشتهر بالصحيفة السجاديّة، وهي مجموعة الأدعية التي كان يدعو بها والتي تحتوي على تراث غني من المفاهيم التربوية والأخلاقية ذات البعد التغييري.
    أمّا أساليبه العباديّة الاُخرى ذات التأثير التغييري الكبير فنذكر هذه الحادثة على سبيل المثال والشاهد، وهي موقف الإمام وأخلاقه الخاصّة مع عبيده وإمائه. تقول الرواية: «كان علي بن الحسين عليه السلام ، إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبداً له ولا أمة. وكان إذا أذنب العبد أو الأمة يكتب عنده أذنب فلان. إو أذنبت فلانة يوم كذا وكذا ولم يعاقبهم، فيجتمع عليه الأدب (يعني استحقاق التأديب)، حتّى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله، ثمّ، أظهر الكتاب، ثمّ قال يا فلان: فعلت كذا وكذا ولم أؤدبك أتذكر ذلك، فيقول بلى يا بن رسول اللّه، حتّى يأتي على آخرهم ويقررهم. ثمّ يقوم وسطهم ويقول لهم ارفعوا أصواتكم وقولوا يا علي بن الحسين إنّ ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كل ما عملنا ولديه كتاب ينطق بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيت إلّا أحصاها وتجد كل ما عملت لديه حاضراً كما وجدنا كل ما عملنا لديك حاضراً، فاعف واصفح كما ترجو من المليك العفو وكما تحب أن يعفو المليك عنك فاعف عنّا تجده عفوّاً وبك رحيماً ولك غفوراً ولا يظلم ربك أحداً كما لديك كتاب ينطق بالحق علينا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيناها إلّا أحصاها فاذكر يا علي بن الحسين ذلّ مقامك بين يدي ربك الحكم العدل الذي لا يظلم مثقال حبّة من خردل ويأتي بها يوم القيامة وكفى باللّه حسيباً وشهيداً، فاعف واصفح يعفو عنك المليك ويصفح فإنّه يقول (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر اللّه لكم). وهو ينادي بذلك على نفسه ويلقنهم وهم ينادون معه وهو واقف بينهم يبكي وينوح ويقول ربي إنّك أولى بذلك منّا ومن المأمورين وأمرتنا أن لا نرد سائلاً عن أبوابنا وقد أتيناك سؤّالاً ومساكين وقد أنخنا بفنائك وبابك نطلب نائلك ومعروفك و عطفك وعطائك فامنن بذلك علينا ولا تخيّبنا فإنّك أولى بذلك منّا ومن المأمورين إلهي كرمت فأكرمني إذ كُنت من سوّالك وجدت بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك يا كريم، ثمّ يقبل عليهم (أي على العبيد والإماء) فيقول: قد عفوت عنكم فهل عفوتم عنّي ومما كان منّي إليكم من سوء ملكة فإنّي مليك سوء لئيم ظالم مملوك لكريم جواد عادل محسن متفضّل فيقولون قد عفونا عنك يا سيدنا وما أسأت فيقول لهم: قولوا اللّهم اعف عن علي بن الحسين كما عفى عنّا واعتقه من النار كما اعتق رقابنا من الرق. فيقولون ذلك. فيقول اللّهم آمين رب العالمين. اذهبوا فقد عفوت عنكم واعتقت رقابكم رجاءاً للعفو عنّي وعتق رقبتي فيعتقهم. فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز تصونهم وتغنيهم عمّا في أيدي الناس. وما من سنة إلّا وكان يعتق فيها في آخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأس الى الأقلّ أو أكثر وكان يقول: إنّ للّه تعالى في كلّ ليلة من ليالي شهر رمضان عند الإفطار سبعين ألف ألف عتيق من النار كلاً قد استوجب النار فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان اعتق فيها مثل ما اعتق في جميعه وإني لأحب أن يراني اللّه وقد اعتقت رقاباً في ملكي في دار الدنيا رجاء أن يعتق رقبتي من النار».
    هذه قصة واحدة من عشرات القصص التي تروى من عبادات الإمام علي بن الحسين عليه السلام والتي تستبطن توجيهاً أخلاقياً فريداً للمجتمع.

    ج - دعم ومساندة الحركات الثورية الشيعية
    لقد حفل تاريخ الإمام علي بن الحسين عليه السلام بمواقف مؤيدة ومناصرة للحركات الثورية الشيعية التي ظهرت في أعقاب شهادة الإمام الحسين عليه السلام ترفع لواء الثأر من قتلة الإمام الشهيد، وكان الإمام زين العابدين عليه السلام يستهدف من وراء دعمه لهذه الثورات والحركات، استثمار الحالة التي خلقتها واقعة كربلاء في نفوس الاُمّة، وتوجيهها نحو الأهداف التي استشهد من أجلها الإمام الحسين عليه السلام ، والشواهد على دعم الإمام لهذه الثورات كثيرة نختار منها قصة دعمه لثورة المختار الثقفي.
    تقول الرواية «إنّ اُناساً من أنصار المختار اجتمعوا عند عبد الرحمن بن شريح فقالوا له إنّ المختار يريد الخروج بنا للأخذ بالثأر وقد بايعناه ولا نعلم أرسله إلينا محمد بن الحنفية أم لا (يظهر أنّ الأمر كان ملتبساً على الشيعة آنذاك، ولم يكن واضحاً لديهم من هو الإمام بعد الحسين عليه السلام أهو محمد بن الحنفية أو علي بن الحسين عليه السلام )، فانهضوا بنا إليه نخبره بما قَدِمَ به علينا فإن رخصّ لنا اتبعناه، وإن نهانا تركناه. فخرجوا وجاءوا الى ابن الحنفية، فسألهم عن الناس فخبروه وقالوا لنا إليك حاجة. قال سرٌ أم علانية قلنا بل سر. قال: رويداً إذن. ثمّ مكث قليلاً وتنحى ودعانا فبدأ عبد الرحمن بن شريح بحمد اللّه والثناء وقال: أمّا بعد فإنكم أهل بيت خصّكم اللّه بالفضيلة وشرّفكم بالنبوة وعظّم حقّكم على هذه الاُمّة وقد اُصبتم بالحسين مصيبة عمّت المسلمين، وقد قدم المختار يزعم أنّه جاء من قبلكم وقد دعانا الى كتاب اللّه وسنّة نبيه والطلب بدماء أهل البيت فبايعناه على ذلك فإن أمرتنا باتباعه اتّبعناه وإن نهيتنا اجتنبناه.
    فلمّا سمع كلامه وكلام غيره حمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبي وقال: أمّا ما ذكرتم بما خصّنا اللّه فإنّ الفضل للّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم، وأمّا مصيبتنا بالحسين عليه السلام فذلك في الذكر الحكيم، وأمّا الطالب بدمائنا قوموا بنا الى إمامي وإمامكم علي بن الحسين عليه السلام ، فلمّا دخل ودخلوا عليه، أخبر بخبرهم الذي جاءوا من أجله، قال يا عم لو أنّ عبداً زنجياً تعصّب لنا أهل البيت لوجب على الناس مؤازرته وقد وليّتك هذا الأمر فاصنع ما شئت، فخرجوا وقد سمعوا كلامه وهم يقولون إذن لنا زين العابدين ومحمد بن الحنفية» (وا مع المختار الى آخر القصة.
    ويظهر من هذه القصة كيف أنّ الإمام يدعم الحركات المناوئة لبني اُميّة والمطالبة بالحق لأهل البيت‏عليهم السلام .
    التعديل الأخير تم بواسطة ارض البقيع; الساعة 29-11-2019, 06:55 PM.

  • #2

    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم
    بارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا

    تعليق


    • #3
      اختنا العزيزة شكرا لك عل هذا التشجيع المستمر بارك الله لك ان شاء الله

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X