إنَّ مُحاولةَ الاقترابِ مِن النَّص الدُّعائيِّ للصديقةِ الطَّاهرةِ فاطِمة الزَّهراء(عليها السلام) ـ المُختصِّ بشيعتِها ومُحبيها ـ بتأمُلٍ وَتدبُّرٍ طَويلينِ، مِن شأنِها أنْ تُحققَ وَجهَاً مِن وجوهِ المُمارسةِ العِباديَّة التي يُمثلها الدُّعاء، بوصفِهِ أداةً روحيَّةً لها فرادتُها ومَزاياها النَّوعيَّةُ الخَاصَّة في مُجملِ المُمارساتِ العباديَّة الأخرى، حَيث يُمثل جُزءاً واجباً أو مندوباً من جَميعِ هذه العِباداتِ. و كذلك بوصفِهِ قناةً تواصليةً، يُحققُ المعصومُ من خلالِها عدةَ أبعادٍ معرفيَّةٍ مِن شأنِها أنْ تُرسخَ قيماً أخلاقيةً وعقائديةً وثقافيةً في نفسِ المدعوِّ له.
عَلى أنَّ دعاءَ المَعصومِ لمحبيهِ وأتباعهِ ـ و منهُ دعاءُ الزَّهراء (عليها السلام) لشيعتها ـ قد شَكَّلَ مُفردةً مُهمةً من مُفرداتِ حياةِ المَعصومِ ومَواقفه، وقد وردَ مثلُ هذا الدُّعاء في القرآنِ الكريمِ مُقترناً بمواقفَ صعبةٍ يقفُها النَّبيُ أو الرَّسولُ بين قومِه، ومنها دعاءُ النَّبي نوح (عليه السلام)(1)، ودعاءُ النبيِّ
إبراهيم (عليه السلام)(2)، ودعاءُ النَّبي لوطٍ(عليه السلام)(3) وغيرها، وصُولاً إلى السُّنَّةِ المُحمديَّةِ المُطهرةِ التي تزخرُ بكثيرٍ من أدعيةِ النَّبي(صلى الله عليه وآله)
لأمتِهِ، وكذا الأمرُ مع أدعيةِ الأئمةِ المَعصومينَ (عليهم السلام) ومُناجياتِهم.
ومِن هُنا كانَ لهذا البحثِ المُتواضعِ شَرفُ المُحاولةِ في مُعاينةِ قيم الكمالِ الإنساني التي تحملُها أدعيةُ الزَّهراء (عليها السلام)
لمحبِّيها وشيعتِها، في ضَوءِ الأبعادِ المَعرفيةِ فيها، والتي مِنها :
1ـ البعد الروحي : نجدُ ملامحَه متجليةً في المشاعرِ والعَواطفِ والأحاسيسِ التي يَسعى الدُّعاءُ إلى خلقِها وإدامتِها في نفسِ المدعوِّ لهُ (الموالي) ومن هذه الأدعيةِ ما روتهُ أسماءُ بنتُ عُميس واصفةً حالَ الزَّهراء(عليها السلام) إذ قالت : (رأيتُها (عليها السلام) في مرضِها جَالسةً إلى القبلةِ، رافعةً يديها إلى السَّماءِ، قائلةً : إلهي وسيدي أسألكَ بالذينَ اصطفيتَهم، وببكاءِ ولدي في مُفارقتي، أنْ تغفرَ لعُصاةِ شيعتي وشيعةِ ذريتي)(4) وواضحٌ جداً قصديةُ إثارةِ عاطفةِ المدعوِّ لهُ في هذا الدعاءِ على قِصَره، وهو يذكّرُ بمظلوميتها (عليها السلام) و فجائعيةِ وفاتِها.
وبخلافِ ما يُمكنُ للقراءةِ السَّطحيةِ من أنْ تَتوصَّلَ إليهِ من مَعانٍ حَول شُمولِ رعايةِ الزَّهراءِ (عليها السلام) لجميعِ المُوالينَ فإنَّ هناكَ إمكانيةَ صياغةِ تَصورٍ آخرَ مَفادهُ أنَّ الارتباطَ العميقَ بينَ المُواليِّ وأهلِ
البَّيتِ (عليها السلام) تحيطُهُ رعايةُ اللهِ سبحانَهُ من الزَّوالِ، ولذا فإنَّ الدُّعاءَ هنا يَسعى إلى تَقويمِ سُلوك الموالي وجعلِهِ أكثرَ توازنَاً، والانتقالِ بوعيهِ من حالةِ الانسِجامِ والتَّواصلِ المُتفاعلِ مع سلوكِ أهلِ البَّيتِ (عليهم السلام)
وقيمِهِم الأخلاقيةِ، وهو ما يُجسدُ في نِهايةِ الأمرِ الانتماءَ الحقيقيِّ لولايتِهم، بخلافِ ما لو أنَّ الدُّعاءَ جاءَ بصيغةٍ أخرَى وطلبٍ آخرَ غيرَ طلبِ الغُفرانِ والرَّحمةِ الإلهِيةِ، حيثُ ستكونُ النَّتيجةُ شقاءَ المدعوِّ عليهِ ويأسِهِ وانغلاقِ مُستقبلِ وجودِهِ على مَصيرٍ حتميٍّ مُؤكَدٍ.
عَلى أنَّ هذا المَعنى لا يَتعارضُ مَع ما للموالي والمُحبِّ الحَقيقي البَعيدِ عن المَعاصِي من خُصوصيةٍ وامتيازٍ عن غَيرهِ، فهو يُمثلُ النُّخبةَ المُختَصةَ بالمَنزلةِ الرَّفيعةِ في الدَّارينِ، ويكونُ استحضارُ هذا المَفهومِ النُّخبويِّ (للموالي) حافِزاً ودافِعاً للآخرينَ إلى بلوغِ مُستوىً من الوَلاءِ المُتوازنِ ومن ثُم يَجعلُهم ذلكَ من المَشمولينَ بهذه الفَرادَةِ والخُصوصيَّةِ.
2ـ البعد العقائدي : وتَتجلى في الدُّعاءِ مَلامحُ هذا البعدِ المُهمِ عِبرَ المَعاني التي يتضمنُها، والمتعلقةِ بمفاهيمِ التوحيدِ والنُّبوَّةِ والإمامَةِ والعَدلِ والمَعادِ. وما يَتعلقُ بالمَعادِ مِن القيامَةِ والجَّنةِ والنَّارِ والشَّفاعَةِ، ومِن ذلكَ ما رويَ أنَّ من جُملةِ ما أوصتْ بهِ الزَّهراءُ (عليها السلام) عَلياً (عليه السلام) قولَها : (إذا دفنتَني ادفنْ مَعيَ هذا الكاغَدَ الذي في الحُقةِ – إلى أنْ قالتْ (عليها السلام): فرجَعَ جبرائيلُ، ثم جَاء بِهذا الكتابِ مَكتوب فيهِ : شَفاعةُ أمةِ مُحمدٍ صَداقُ فاطمةَ (عليها السلام)، فإذا كانَ يومُ القيامةِ أقولُ : إلهِي هذهِ قُبالةُ شَفاعةِ أمةِ محمدٍ صَلى اللهُ عليهِ وآله)(5).
نجدُ في هذهِ الرَّوايةِ التي تتضَمنُ دُعاءً قَصيراً للزَّهراءِ(عليها السلام) بُعداً عقائدياً مهماً يتعلَّق بالشفاعةِ وما يُثارُ حَولها من شُبهاتٍ، تَدور حَول رؤيةِ البَّعضِ القاصِرةِ في الشَّفاعةِ شِركاً، فالزَّهراءُ (عليها السلام) في هذهِ الجُملةِ الدُّعائيةِ القَصيرةِ تُحَدِدُ مفهومَ الشَّفاعةِ كما جَاء في النَّص القرآني الشَّريف فهي مرهونَةٌ بأمرِ اللهِ ورضاه (ولا يَشْفَعونَ إلّا لِمَن ارتَضَى)(6) ومن هنا جاءَ دُعاؤها (عليها السلام) مَبدوءاً بـ (إلهِي)؛ فلا تَخفَى الحِكمةُ في إضافَةِ لفظةِ (إله) لـ(ياء المُتكلم)، وهو ما يؤكِدُ عدمَ تعارُضِ واقعِ الشَّفاعةِ مع مقولةِ التَّوحِيدِ، بَل إنَّ الشَّفاعَةَ نِعمةٌ مِن اللهِ وفضلٌ يَمنُ بها على الشَّفيعِ قَبل مُستحقِ الشَّفاعَة.
إنَّ من شأنِ هذا الفَهمِ أنْ يَخلُقَ في نَفسِ العَبدِ حالةً من التَّسليمِ والتَّفويضِ لأمرِ اللهِ، و(التفويضُ بصيرةٌ منَ بصائرِ القُرآنِ، ولهذهِ البَّصيرةِ مردودٌ واسعٌ في سُلوكِ الإنسانِ)(7) وهذا ما يُحققُ الأثرَ المَرجوَّ من الدُّعاءِ في نَفسِ المَدعوِّ لهُ، وهوَ من جُملةِ الأمورِ التي قَصدتِ الزَّهراءِ(عليها السلام) تحقيقَها مِن دُعائهَا لشيعتِها ومُحبيهَا.
3ـ البعد الأخلاقي: وفيهِ نجدُ الزَّهراءَ(عليها السلام) تقدمُ صورةً مُتكامِلَةً لأخلاقِ المُؤمنِ والتزامِهِ السُّلوكيِّ تجاهَ الآخرينَ، ويَتجسدُ ذلكَ في الدُّعاءِ المَرويِّ عَنها(عليها السلام)
المُسمَى بـ (دعاء الحَريق)، ومنهُ قولُها: (أعيذُ أهلَ بَيتِ نَبييَ مُحمدٍ(عليها السلام)، ونَفسي ودينِي وذُريتي ومَالي، وولدِي وأهلِي، وقَراباتي وأهلَ بيتيَ وكلَّ ذي رَحمٍ لي دَخلَ في الإسْلامِ، أو يَدخلُ إلى يومِ القِيامةِ، و حَزانتي وخاصَّتي و مَنْ قلَّدَني دُعاءً، أو أسدَى إليَّ يَداً، أو رَدَّ عني غَيبةً، أو قالَ فيَّ خَيراً، أو اتخَذتُ عِندَهُ يَداً أو صَنيعةً، وجِيرانِي وإخوَاني مِن المُؤمنينَ والمُؤمناتِ)(8).
وهُنا لا تَكتفِي الصِّدِّيقةُ (عليها السلام) بتأكيدِ دُعائها إلى مَنْ تَحققتْ نُصرتُهُ لَها ولبنيهَا (عليهم السلام) بَل تَتوخَّى كذلكَ تأكيدَ البُعدِ الأخلاقِيِّ للانتماءِ الحَقيقيِّ للولايةِ، وهوَ ما لهُ الدورُ البنائيُّ المُهمُ في نسيجِ هذهِ النُّصرةِ والوَلاء. فلابُدَّ للمدعوِّ لهُ أنْ لا يتوقفَ وعيُهُ عندَ استحضارِ هذا البُعدِ لحظةَ قراءةِ هذا الدُّعاءِ، أو مُعاينةِ مَوقفِ الزَّهراءِ(عليها السلام) حالَ دُعائهَا، بَلْ عليهِ تَجاوزُ ذلكَ إلى إدراكِ أنَّ هذا البُعدِ قَد شَكّلَ أحَدَ أهمِّ المَقاصِدِ التي قامَ عَليها دُعاءُ
الزَّهراءِ (عليها السلام) لشيعَتِها وتوخَّاهُ ليُحققَ غايةً من غاياتِ التَّواصلِ مع المَدعوِّ لهُ. فلم تَترك أحداً ذي صِلةٍ لم تذكرْهُ (عليها السلام) في دُعائها، في صورةٍ تُجسِّدُ معنى سَامياً مِن مَعاني الالتزامِ الأخلاقِي للمُؤمنِ تِجاهَ أخيهِ المُؤمنِ، وهوَ حقٌّ من مَجموعةِ حقوقٍ أخرَى تُنظِّمُ عَلاقةَ المُؤمنينَ فيما بَينَهُم.
4ـ البعد الثقافي : ويَظهرُ ذلكَ في تأكيدِ الدُّعاءِ على ضَرورةِ أنْ يُحافظَ المُوالي على هويةِ تشيُّعِهِ، وحُبِّهِ، وانتمائهِ إلى ولايةِ مُحمدٍ وآلهِ (صلى الله عليه وآله). وذلكَ ما نَجدُهُ في دُعائها (عليها السلام) في أثنَاءِ مَشاهدِ يومِ القِيامةِ ؛ حيثُ حَاجةِ المَدعوِّ لهُ (الموالي) الفعليةِ، والمَاسَّةِ لفيوضَاتِ الرَّحمةِ الإلهيَّةِ مُتجَسِّدَةً بشفاعَةِ النَّبيِّ وآلهِ ـ والزَّهراء هنا ـ صَلواتُ اللهِ عليهِم أجمَعين. فقَد رُويَ عن مُحمدِ بنِ مُسلم الثَّقفي أنّهُ قالَ: (سَمِعتُ أبا جَعفرٍ (عليها السلام) يَقولُ: لفاطِمةَ (عليها السلام) وقفةٌ عَلى بابِ جَهنَّمَ، فإذا كانَ يومُ القيامَةِ كُتِبَ بين عَيني كُلِّ رَجلٍ مُؤمنٍ أو كافرٍ، فيُؤمرُ بمُحبٍ قدْ كَثُرتْ ذنوبُهُ إلى النارِ، فتقرأ فاطمةُ (عليها السلام) بَينَ عينيهِ مُحباً، فتقول: إلهي وسيدِي سميتني فاطِمةَ، وفَطمتَ بي مَنْ تَولانِي وتولى ذُريتِي مِن النَّارِ، ووعدُكَ الحَقُّ، وأنتَ لا تُخلفُ المِيعادَ. فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ : صَدَقتِ يا فاطِمةُ، إنِّي سَميتُكِ فاطمةَ وفَطمتُ بكِ مَنْ أحَبَكِ وتَولاكِ وأحَبَّ ذُريتَكِ وتولاهُم من النَّارِ، ووعديَ الحَقُ، وأنا لا أُخلِفُ المِيعادَ – إلى أنْ قالَ : – فمَنْ قرأتِ بينَ عينيهِ مؤمِناً، فخُذي بيدِه وأدخليهِ الجَنَّةِ)(9).
ولا يُمكنُنا ونحنُ نَقرأُ هذا النَّصَ أنْ نُبعدَ عن أذهانِنا الأفقَ الثَّقافِيَ الذي تَشكَّلَ فيهِ. ويَتكفَّلُ بتوضِيحِ مَلامِحهِ ما جاءَ في وَصيَّةِ الزَّهراءِ (عليها السلام) لأميرِ المُؤمنينَ (عليه السلام): (أوصيكَ أنْ لا يَشهدُ أحَدٌ جنازَتي من هَؤلاءِ الذينَ ظَلمُوني وأخَذُوا حَقي فإنَّهُم عَدوي وعَدو رسولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) ولا تتركَ أنْ يُصليَ عَليَّ أحدٌ مِنهُم، ولا مِنْ أتباعِهِم..)(10)، ولعلَّ في العَددِ القليلِ الذي شَاركَ في تَشييعِ نَعشِ الزَّهراءِ (عليها السلام) دَليلاً كافياً عَلى عِظَم الاستضعَافِ الذي مَرَّتْ بهِ الزَّهراءُ وأميرُ المُؤمنينَ (عليه السلام) ومُحبيهِم ومُواليهِم بَعدَ وفاةِ النَّبي (صلى الله عليه وآله)، فلم يَحضر إلا نَفرٌ مِن الخَواصِّ مِنهم: عَمارُ والمِقدادُ وأبو ذَر وسَلمانُ ونَفرٌ من بَني هاشمٍ، وهيَ صورةٌ تَبعثُ على الدَّهشةِ والاستغرابِ والألمِ في الوَقتِ ذاتِهِ ؛ لما آلتْ لهُ حالُ أهلِ البَيتِ والمؤمنينَ بعدَ الرَّسولِ (صلى الله عليه وآله). ولا تتوقفُ هذهِ الصَّورةُ عَن تَحفيزِ قارئهَا عَلى إثارةِ أسْئلةٍ مُهمةٍ حَولَ الأسبابِ والدَّوافعِ التي كانَتْ وراءَ هذا الانقلابِ في الأحوالِ، و ما هيَ المَلامحُ الأخرَى المُكمِّلة لهذا المَشهد المُؤلم؛ فهيَ مِنَ الأهميَّةِ بِمكانٍ، بوصفِهَا تُمثلُ المَرحلةَ الأكثرَ أهميةً في التاريخِ الإسلاميِّ بعدَ مرحلةِ الوجودِ المُباركِ لشَخصِ النَّبيِّ (صلى الله عليه وآله).
لا تَخلو هذهِ الأدعيةُ مِن نَظرةٍ استشرافيةٍ لمُستقبلِ المُوالينَ لأهلِ بيتِ النُّبوّةِ (عليهم السلام)، فَهُم سيكونونَ مَوضعَ استضعافٍ مِن قبلِ الآخرِ المُنحرفِ أو الضَّالِّ، ولذا فإنَّ الدُّعاءَ سيكونُ عامِلَ رَفدٍ لقوةِ المَدعوِّ لهُ وحَافزاً كَبيراً على المُرابَطةِ والثَّباتِ على طريقِ اللهِ تَباركَ وتَعالى، ويُمثلُ أيضاً دَعوةً لانتقالِ العَاصي من الحَالةِ السَّلبيةِ التي يَعيشُها إلى المَوقِفِ الإيجابي، وهذا ما سيصنعُ بدورهِ مُثقفاً إسلامياً يحملُ ولاءً حقيقياً لمُحمدٍ وآل محمدٍ (صلى الله عليه وآله)، ووَعياً فائقاً بمشروعِ الدِّين الإسلامي وظهورِه على الدِّينِ كُلِّه.
هلْ يمكنُ لمُرورٍ عابرٍ وسريعٍ ببعضِ أدعيةِ الصِّديقَةِ الطاهرةِ(عليها السلام) أن يدَّعيَ التَّوصلَ إلى نتائجَ نهائيةٍ للقراءة ؟ أو أنْ يَحصرَ فَضاءَ الأبعادِ المَعرفيةِ المُترامي الأطرافِ، بجُملٍ أو سُطورٍ مَعدودةٍ، مَحدودةٍ، فيها ما فيها مِن الخَللِ وقصورِ النَّظرِ وعَدمِ الإحاطَةِ بالمَعاني البَاطِنةِ لهذهِ النُّصوصِ الشَّريفة ؟
إنَّ الذي حاولتْ هذه القراءةُ المتواضعةُ جداً أنْ تصلَ إلى ضفافِهِ الظاهرةِ هو التأكيدُ على أهميةِ الوَعي بمضامينِ الأدعيةِ الشَّريفةِ الواردةِ عن الزَّهراءِ(عليها السلام) وتدبُرها، وعدمِ وقوفِ قارئها عندَ كونِها دُعاءً صِرفاً يتضمنُ طَلباً من اللهِ تعالى لا غير، ذلك أنَّ هذه الأدعيةَ تمثِّلُ في حقيقتِها صَوتاً كونياً لهُ مقاصدُ وأبعادٌ معرفيةٌ عميقةٌ، يجبُ التأملُ فيها، واستحضارُها، لما لهذا الاستحضارِ والتَّدبرِ من أثرٍ كبيرٍ ينعكسُ بنتائجِه على سُلوكِ العبدِ وتَوجُهِهِ نحو الخالقِ تَباركَ وتعالى. ومِن هُنا لا تَختمُ هذهِ السُّطورُ مَساحَةَ التأمُلِ في الأدْعِيةِ الشَّريفةِ، بَقدرِ ما تَرجو أنَّها اقترَحَتْ مَدخلاً لتأمِلٍ أوسَعَ، وقراءةٍ أدقَّ وأشمَلَ.
واللهُ المُوفِقُ لما يُحبُ ويَرضَى، والحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ.
بقلم - د. علي مجيد البديري
تعليق