بسم الله الرحمن الرحيم
الإنفاق في سبيل الله《1》*
يقول الله تعالى في محكم كتابه: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ 1.
الشخصيَّة الإيمانيَّة:
إنّ الشخصية الإيمانية الّتي تستحقّ أن يُطلق عليها عنوان المؤمن الصادق لها مقوّمات لا تكتمل إلا بها مجتمعة مكتملة، ومع نقصان بعضها ينتقص بمقداره من صدق تلك الشخصية ومن صدق الإيمان.
وهذه المقوّمات أربعة: "الحكمة، والشجاعة، والعفّة، والعدالة".
وقد أشارت الآية الكريمة إليها: فالإيمان بالله ورسوله وعدم الارتياب تعبير عن اليقين، واليقين إنّما هو من قوّة العقل ومنتهى الحكمة.
والجهاد بالمال هو السخاء وهو مصداق أبرز من مصاديق ضبط قوّة الشهوة وإخضاعها إلى حكم العقل والشرع وهو العفّة.
والجهاد بالنفس هو الشجاعة وهو ضبط قوّة الغضب تحت سلطان العقل والشرع.
وبنفس الجهاد بالمال والنفس فعلاً في الخارج تكون قد تحقّقت قوّة العدالة الّتي هي القوّة الرابعة والمقوّم الرابع، فإذا كانت الحكمة هي إشارة العقل الّتي قد ينصاع إليها الإنسان وقد يُخالفها، فإنّ العدالة هي تلك القوّة الّتي تدفع الإنسان نحو الجري العمليّ والتطبيق الفعليّ الخارجيّ لما أشارت إليه الحكمة نظرياً.
الإنفاق في سبيل الله من مقوّمات الشخصيّة الإيمانيّة (1)
فظهر أنّ من مقوّمات الشخصية المؤمنة الصادقة الجهاد بالمال أي الإنفاق في سبيل الله والسخاء، فإذاً، لا بُدّ أن نعلم أنّه لا يكون المؤمن الحقيقيّ بخيلاً، حتّى وإن اكتملت فيه خصال محدّدة.
والآية الكريمة فيها كلمة "إنّما" الّتي تفيد الحصر، وتعني حصر الإيمان الصادق بمن يمتلك في شخصيته تلك الخصال المذكورة.
قال العلامة الطباطبائيّ في الميزان: ".. فيه قصر المؤمنين في الّذين آمنوا بالله ورسوله.. الخ، فتفيد تعريفهم بما ذكر من الأوصاف تعريفاً جامعاً مانعاً فمن اتّصف بها مؤمن حقّاً، كما أنّ من فقد شيئاً منها ليس بمؤمن حقّاً"2.
-----------------------
يتبع
تعليق