بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وأفضل المرسلين محمد و على آله الطيبين الطاهرين
الغزالي :
كان عمار بن ياسر وعدي بن حاتم ( رضوان الله عليهما ) يعتقدان فسق عثمان وطلحة
قال أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي ( المتوفى سنة ٥٠٥ هـ )
في كتابه ( المستصفى في علم الأصول ص ١٢٧ )
ما نصه :
(( مسألة ( هل تقبل شهادة الفاسق المتأول ؟ )
الفاسق المتأول ، وهو الذي لا يعرف فسق نفسه ، اختلفوا في شهادته ، وقد قال الشافعي : أقبل شهادة الحنفي وأحده ، إذا شرب النبيذ ، لان هذا فسق غير مقطوع به إنما المقطوع به فسق الخوارج الذين استباحوا الديار وقتلوا الذراري وهم لا يدرون أنهم فسقة ، وقد قال الشافعي : تقبل شهادة أهل الأهواء ، لا الخطابية من الرافضة ، لانهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم في المذهب ، واختار القاضي أنه لا تقبل رواية المبتدع وشهادته لأنه فاسق بفعله وبجهله بتحريم فعله ، ففسقه مضاعف ، وزعم أن جهله بفسق نفسه كجهله بكفر نفسه ورق نفسه ، ومثار هذا الخلاف أن الفسق يرد الشهادة لأنه نقصان منصب يسلب الأهلية كالكفر والرق أو هو مردود القول للتهمة ، فإن كان للتهمة فالمبتدع متورع عن الكذب فلا يتهم ، وكلام الشافعي مشير إلى هذا ، وهو في محل الاجتهاد ، فذهب أبي حنيفة أن الكفر والفسق لا يسلبان الأهلية ، بل يوجبان التهمة ، ولذلك قبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض ومذهب القاضي أن كليهما نقصان منصب يسلب الأهلية ، ومذهب الشافعي أن الكفر نقصان ، والفسق موجب للرد للتهمة ، وهذا هو الأغلب على الظن عندنا .
فإن قيل : هذا مشكل على الشافعي من وجهين : أحدهما : أنه قضى بأن النكاح لا ينعقد بشهادة الفاسق وذلك لسلب الأهلية ، الثاني : أنه إن كان للتهمة ، فإذا غلب على ظن القاضي صدقه فليقبل . قلنا : أما الأول فأخذه قوله ( ص ) : لا نكاح إلا بولي وشاهدين عدل وللشارع أن يشترط زيادة على أهلية الشهادة ، كما شرط في الولي ، وكما شرط في الزنا زيادة عدد . وأما الثاني : فسببه أن الظنون تختلف ، وهو أمر خفي ناطه الشرع بسبب ظاهر وهو عدد مخصوص ووصف مخصوص ، وهو العدالة ، فيجب اتباع السبب الظاهر دون المعنى الخفي ، كما في العقوبات ، وكما في رد شهادة الوالد لاحد ولديه على الآخر ، فإنه قد يتهم وترد شهادته لان الأبوة مظنة للتهمة ، فلا ينظر إلى الحال ، وإنما مظنة التهمة ارتكاب الفسق مع المعرفة دون من لا يعرف ذلك .
ويدل أيضا على مذهب الشافعي قبول الصحابة قول الخوارج في الاخبار والشهادة وكانوا فسقة متأولين ، وعلى قبول ذلك درج التابعون ، لانهم متورعون عن الكذب جاهلون بالفسق .
فإن قيل : فهل يمكن دعوى الاجماع في ذلك ؟ قلنا : لا ، فإنا نعلم أن عليا والأئمة قبلوا قول قتلة عثمان والخوارج ، لكن لا نعلم ذلك من جميع الصحابة ، فلعل فيهم من أضمر إنكارا ، لكن لم يرد على الامام في محل الاجتهاد ، فكيف ولو قبل جميعهم خبرهم ، فلا يثبت أن جميعهم اعتقدوا فسقهم ، وكيف يفرض والخوارج منجملة أهل الاجماع ، وما اعتقدوا فسق أنفسهم ، بل فسق خصومهم ، وفسق عثمانوطلحة ، ووافقهم عليه عمار بن ياسر ، وعدي بن حاتم ، وابن الكواء ،والأشتر النخعي وجماعة من الامراء، وعلي في تقية من الانكار عليهم خوف الفتنة ، فإن قيل لو لم يعتقدوا فسق الخوارج لفسقوا قلنا ليس كذلك ، فليس الجهل بما يفسق ويكفر فسقا وكفرا ، وعلى الجملة فقبولهم روايتهم يدل على أنهم اعتقدوا رد خبر الفاسق : للتهمة ، ولم يتهموا المتأول ، والله أعلم
(( .
الخلاصة :
أن الغزالي يصرح بأمرين ؛
الأول : أن الخوارج اعتقدوا فسق عثمان و طلحة .
الثاني : أن عمار بن ياسر ، وعدي بن حاتم ،والأشتر النخعي وجماعة من الامراء وافقوا الخوارج على اعتقادهم فسق عثمان و طلحة !!!
فالصحابة أنفسهم لم يكونوا يعتقدون بعدالة جميعهم