بسم الله الرحمن الرحيم
لم يمض زمن قليل حتى أصبح ذلك الرجل الذي خرج من مكة مستخفياً وأصحابه يعذّبون ويستذلون ويفتنون عن دينهم ، يعتصمون تارة بالخروج إلى الحبشة مستخفين واُخرى بالخروج إلى المدينة متسللين... .
يدخل مكة بأصحابه هؤلاء في عمرة القضاء ظاهراً، لا يستطيعون دفعه ولا منعه ، ولم تمض إلاّ مدة قليلة حتى دخل مكة فاتحاً لها وسيطر على أهلها من دون أن تراق محجمة دمٍ، بل ولا قطرة دم.
فدخلوا في الإسلام طوعاً وكرهاً
وتوافدت عليه رؤساء العرب ملقيةً إليه عنان طاعتها.
وكان من قبل هذا الفتح بلغ من القوة أن بعث برسله وسفرائه إلى ملوك الأرض مثل كسرى وقيصر ومن دونهما ودعاهم إلى الإسلام.
وغزى بلاد قيصر مع بُعد الشقة.
وظهر دينه على الدين كله كما وعده ربه حسبما صرّح تعالى بذلك في سورة النصر، والفتح وغيرهما وكما تخبرنا بذلك كتب التاريخ.
ولم يقم هذا الدين بالسيف والقهر كما يصوّره من يريد الوقيعة فيه بل كما أمر الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
ولم يحارب أهل مكة وسائر العرب حتى حاربوه وأرادوا قتله وأخرجوه، وأقر أهل الأديان التي نزلت بها الكتب السماوية على أديانهم ولم يجبرهم على الدخول في الإسلام.
ذلك هو النبي الخاتم، محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي كان أول فَيــضٍ قدسيّ فاض من الحضرة الأحَديّة المقدّسة.
والذي انطوَت فيه عوالم الخليقة كلّها، فسطع نوره المحمدي الجامع لــحقائق المُلك والملَكوت.
فليس بعاقلٍ من يشكّك في عصمة هذا النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم).
تعليق