"إياكم وطول الأمل"
المراد بالأمل تعلّق النفس بحصول الحب الى المستقبل، ويرادفه الطمع والرجاء، إلاّ أنّ الأمل كثيراً ما يستعمل فيما يستبعد حصوله، والطمع فيما قرب حصوله، والرجاء بين الأمل والطمع. وطول الأمل عبارة عن توقّع أمور دنيويّة يستدعي حصولها مهلة في الأجل وفسحة من الزمان المستقبل.
طول الأمل المذموم :
الأمل في نفسه ليس مذموماً بل ورد في بعض الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "الأمل رحمةٌ لأمّتي، ولولا الأمل ما رَضَعَت والدةٌ ولدَها، ولا غَرَس غارس شجراً".
أمّا طول الأمل المذموم فهو ما أشار إليه الإمام عليّ عليه السلام في الحديث بقوله: "وأمّا طول الأمل فيُنسي الآخرة"، لأنّ طول الأمل عبارة عن توقّع أمور محبوبة دنيويّة، فهو يوجب دوام ملاحظتها، ودوام ملاحظتها مستلزم لإعراض النفس عن ملاحظة أحوال الآخرة، وما يمكن أن يعقب هذا الإعراض من نسيان كامل لها بعد حين.
والسبب الأساس لطول الأمل هو حبّ الدنيا. فإنّ الإنسان إذا أنس بالدنيا ولذّاتها ثقل عليه مفارقتها وأحبّ دوامها، فلا يتفكّر في الموت الذي هو سبب مفارقتها. فإنّ من أحبّ شيئاً كره الفكر فيما يُزيله ويُبطله، فلا تزال نفسه تتمنّى البقاء في الدنيا وتقدّر حصول ما تحتاج إليه من أهل ومال وأدوات وأسباب، ويصير فكره مستغرقاً في ذلك، فلا يخطر الموت ولا الآخرة بباله.
وإن خطر بخاطره الموت والتوبة والإقبال على الأعمال الأخرويّة أخّر ذلك من يوم إلى يوم، ومن شهر إلى شهر، ومن عام إلى عام، وقال: إلى أن أكتهل وتزول سنّ الشباب، فإذا اكتهل قال: إلى أن أصير شيخاً، فإذا شاخ قال: إلى أن أتمّ هذه الدار وأزوّج ولدي فلاناً، وإلى أن أعود من هذا السفر، وهكذا يسوّف التوبة، كلّما فرغ من شغل عرض له شغل آخر ـ بل أشغال ـ حتّى يختطفه الموت وهو غافل عنه غير مستعدّ له مستغرق القلب في أمور الدنيا، فتطول في الآخرة حسرته، وتكثر ندامته، وذلك هو الخسران المبين. جاء فيما ناجى الله تعالى النبيّ موسى عليه السلام: "يا موسى، لا تُطوِّلْ في الدنيا أمَلَك فيقسو قلبُك، والقاسي القلبْ منّي بعيد"
ولمعرفة خطورة طول الأمل على الآخرة لا بدّ أن نلتفت إلى الحديث المرويّ عن الإمام علي عليه السلام الذي يقول فيه: "اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً". وهذا الحديث هو عنوان المؤمن الفطن حقّاً، يعمل لإصلاح الدنيا، عمل من يرى أنّ الدنيا أبديّة دائمة، فيعبّد الأرض، ويشقّ الأنهار، ويزرع الفيافي، ويعمّر البلاد، وما إلى ذلك من زينة الحياة الدنيا، وبهجة الحضارة البشرية... هذا من جانب، ومن جانب آخر يعمل للآخرة، كأنه يموت غداً، فيصلّي لربه الفرائض، ويؤدّي الصدقة الواجبة، ويحجّ البيت إن استطاع إليه سبيلاً، ويــصوم الصوم الواجب ....
مجلة حياتنا
⚠️ ⚠️⚠️⚠️⚠️⚠️
المراد بالأمل تعلّق النفس بحصول الحب الى المستقبل، ويرادفه الطمع والرجاء، إلاّ أنّ الأمل كثيراً ما يستعمل فيما يستبعد حصوله، والطمع فيما قرب حصوله، والرجاء بين الأمل والطمع. وطول الأمل عبارة عن توقّع أمور دنيويّة يستدعي حصولها مهلة في الأجل وفسحة من الزمان المستقبل.
طول الأمل المذموم :
الأمل في نفسه ليس مذموماً بل ورد في بعض الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "الأمل رحمةٌ لأمّتي، ولولا الأمل ما رَضَعَت والدةٌ ولدَها، ولا غَرَس غارس شجراً".
أمّا طول الأمل المذموم فهو ما أشار إليه الإمام عليّ عليه السلام في الحديث بقوله: "وأمّا طول الأمل فيُنسي الآخرة"، لأنّ طول الأمل عبارة عن توقّع أمور محبوبة دنيويّة، فهو يوجب دوام ملاحظتها، ودوام ملاحظتها مستلزم لإعراض النفس عن ملاحظة أحوال الآخرة، وما يمكن أن يعقب هذا الإعراض من نسيان كامل لها بعد حين.
والسبب الأساس لطول الأمل هو حبّ الدنيا. فإنّ الإنسان إذا أنس بالدنيا ولذّاتها ثقل عليه مفارقتها وأحبّ دوامها، فلا يتفكّر في الموت الذي هو سبب مفارقتها. فإنّ من أحبّ شيئاً كره الفكر فيما يُزيله ويُبطله، فلا تزال نفسه تتمنّى البقاء في الدنيا وتقدّر حصول ما تحتاج إليه من أهل ومال وأدوات وأسباب، ويصير فكره مستغرقاً في ذلك، فلا يخطر الموت ولا الآخرة بباله.
وإن خطر بخاطره الموت والتوبة والإقبال على الأعمال الأخرويّة أخّر ذلك من يوم إلى يوم، ومن شهر إلى شهر، ومن عام إلى عام، وقال: إلى أن أكتهل وتزول سنّ الشباب، فإذا اكتهل قال: إلى أن أصير شيخاً، فإذا شاخ قال: إلى أن أتمّ هذه الدار وأزوّج ولدي فلاناً، وإلى أن أعود من هذا السفر، وهكذا يسوّف التوبة، كلّما فرغ من شغل عرض له شغل آخر ـ بل أشغال ـ حتّى يختطفه الموت وهو غافل عنه غير مستعدّ له مستغرق القلب في أمور الدنيا، فتطول في الآخرة حسرته، وتكثر ندامته، وذلك هو الخسران المبين. جاء فيما ناجى الله تعالى النبيّ موسى عليه السلام: "يا موسى، لا تُطوِّلْ في الدنيا أمَلَك فيقسو قلبُك، والقاسي القلبْ منّي بعيد"
ولمعرفة خطورة طول الأمل على الآخرة لا بدّ أن نلتفت إلى الحديث المرويّ عن الإمام علي عليه السلام الذي يقول فيه: "اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً". وهذا الحديث هو عنوان المؤمن الفطن حقّاً، يعمل لإصلاح الدنيا، عمل من يرى أنّ الدنيا أبديّة دائمة، فيعبّد الأرض، ويشقّ الأنهار، ويزرع الفيافي، ويعمّر البلاد، وما إلى ذلك من زينة الحياة الدنيا، وبهجة الحضارة البشرية... هذا من جانب، ومن جانب آخر يعمل للآخرة، كأنه يموت غداً، فيصلّي لربه الفرائض، ويؤدّي الصدقة الواجبة، ويحجّ البيت إن استطاع إليه سبيلاً، ويــصوم الصوم الواجب ....
مجلة حياتنا
⚠️ ⚠️⚠️⚠️⚠️⚠️
تعليق