بسم الله الرحمن الرحيم
الجواب من سماحة السيد منير الخباز القطيفي [دامت بركاته]: بسم الله الرحمن الرحيم*
الجعل قد يكون جعلا تكوينياً، وقد يكون جعلاً تشريعياً، والجعل التشريعيّ هو عبارة عن تشريع القوانين، كقوله عز وجل ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ﴾ النساء: 29، فهذا جعل تشريعيّ، والجعل التكويني على نحوين؛ إذ قد يكون جعلاً فعلياً كما في خلقه عز وجل للإنسان مثلاً؛ حيث قال سبحانه وتعالى ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ المؤمنون: 12 - 13، وقد يكون جعلاً إعدادياً، كما إذا خلق الله البذرة وهي متضمنة للاستعداد لأن تكون شجرة، فالاستعداد الموجود في البذرة جعلٌ إعداديٌّ وليس جعلاً فعلياً، وبالتالي فالجعل أعمّ من الخلق؛ لأن الجعل قد يكون تشريعيّاً وقد يكون تكوينيّاً، والتكوينيّ قد يكون فعليّاً وقد يكون إعداديّاً، بينما الخلق هو إيجادٌ تكوينيٌّ فعليٌّ. وإذا اجتمع الخلق والجعل في سياق واحد كما في الآية السابقة ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ فالمراد بالخلق حينئذٍ إيجاد المادة، والمراد بالجعل إيجاد الصورة، فالمادة التي منها تكوُّن الإنسان وهي الطين عُبِّر عنها بالخلق، وتصوير هذه المادة بصورة النطفة أو بصورة أخرى عُبِّر عنه بالجعل.
______________________________
*مسائل وردود*