3 جمادى الثانية شهادة السيدة فاطمة الزهراء
اسمها ونسبها(عليها السلام)(1)
السيّدة فاطمة بنت محمّد(صلى الله عليه وآله) بن عبد الله بن عبد المطلّب.
كنيتها(عليها السلام)
أُمّ الحسن، أُمّ الحسنين، أُمّ الريحانتين، أُمّ الأئمّة، أُمّ أَبيها… والأُولى أشهرها.
ألقابها(عليها السلام)
الزهراء، البتول، الصدّيقة، المباركة، الطاهرة، الزكية، الراضية، المرضية، المحدّثة… وأشهرها الزهراء.
تاريخ ولادتها(عليها السلام) ومكانها
۲۰ جمادى الثانية في السنة الخامسة للبعثة النبوية، مكّة المكرّمة.
أُمّها(عليها السلام) وزوجها
أُمّها السيّدة خديجة بنت خويلد(رضي الله عنها)، وزوجها الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام).
مدّة عمرها(عليها السلام)
۱۸ سنة.
فضائلها(عليها السلام)
للسيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) فضائل كثيرة، فكانت من أهل العباء والمباهلة والمهاجرة في أصعب وقت، وكانت فيمن نزلت فيهم آية التطهير وافتخر جبرائيل بكونه منهم، وشهد الله لهم بالصدق، ولها أُمومة الأئمّة(عليهم السلام)، وعقب الرسول(صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة، وهي سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين .
وكانت أشبه الناس كلاماً وحديثاً برسول الله(صلى الله عليه وآله)، تحكي شيمتها شيمته، وما تخرم مشيتها مشيته.
وقال(صلى الله عليه وآله) في فضلها: «فاطمة بضعة منّي، مَنْ سرّها فقد سرّني، ومن ساءها فقد ساءني»(۲).
تاريخ شهادتها(عليها السلام) ومكانها
۳ جمادى الثانية ۱۱ﻫ، وقيل: ۱۳ جمادى الأُولى، وقيل: ۸ ربيع الثاني، المدينة المنوّرة.
وصيّتها(عليها السلام)
قد أوصت الإمام علي(عليه السلام) بعدّة وصايا، ومضمون الوصية: أن يواري(عليه السلام) جثمانها(عليها السلام) المقدّس في غلس الليل البهيم، وأن لا يشيِّعها أحد من الذين هضموها؛ لأنّهم أَعداؤها(عليها السلام) وأعداء أبيها(صلى الله عليه وآله) على حدِّ تعبيرها.
كما عهدت إليه أن يتزوّج من بعدها بابنة أُختها أمامة؛ لأنّها تقوم برعاية ولديها الحسن والحسين(عليهما السلام) اللذين هما أعزّ عندها من الحياة.
وعهدت إليه أن يعفي موضع قبرها؛ ليكون رمزاً لغضبها غير قابل للتأويل على مرّ الأجيال القادمة.
يوم شهادتها(عليها السلام)
عمدت(عليها السلام) إلى ولديها الحسن والحسين(عليهما السلام) فغسلتهما، وصنعت لهما من الطعام ما يكفيهم يومهم، وأمرت ولديها بالخروج لزيارة قبر جدّهما، وهي تلقي عليهما نظرة الوداع، وقلبها يذوب من اللوعة والوجد.
ثمّ التفتت(عليها السلام) إلى أسماء بنت عُميس وكانت تتولّى تمريضها وخدمتها، فقالت(عليها السلام): «اسكبي لي غسلاً».
فانبرت أسماء وأتتها بالماء فاغتسلت(عليها السلام) فيه، وقالت(عليها السلام) لها ثانياً: «ائتيني بثيابي الجُدُد»، فناولتها أسماء ثيابها(عليها السلام).
ثمّ قالت(عليها السلام): «اجعلي فراشي وسط البيت»، وعندها ذعرت أسماء وارتعش قلبها، فقد عرفت أنّ الموت قد حلّ بالزهراء(عليها السلام).
فصنعت لها ما أرادت، فاضطجعت الزهراء(عليها السلام) على فراشها، واستقبلت القبلة، وأخذت تتلو آيات من الذكر الحكيم حتّى فارقت الروحُ الجسد.
ورجع الحسنان(عليهما السلام) إلى الدار فلم يجدا فيها أُمّهما(عليها السلام)، فبادرا يسألان أسماء عن أُمّهما، فقالت: إنّ أُمّكما قد ماتت، فأخبرا بذلك أباكما، وكان هذا الخبر كالصاعقة عليهما.
فهرعا(عليهما السلام) مسرعين إلى جثمانها، فوقع عليها الحسن(عليه السلام) وهو يقول: «يا أُمّاه كلّميني قبل أن تفارق روحي بدني».
وألقى الحسين(عليه السلام) نفسه عليها وهو يعجُّ بالبكاء قائلاً: «يا أُمّاه أنا ابنك الحسين، كلّميني قبل أن ينصدع قلبي».
وأخذت أسماء تعزّيهما وتطلب منهما أن يسرعا إلى أبيهما(عليه السلام) فيخبراه، فانطلقا(عليهما السلام) إلى مسجد جدّهما رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهما غارقان في البكاء فأخبراه، فاضطرب الإمام(عليه السلام)، وطفق يقول: «بمن العزاء يا بنت محمّد، كنتُ بكِ أتعزّى، فَفيمَ العزاء من بعدك»؟
تجهيزها(عليها السلام)
وعند انتشار نبأ رحيلها(عليها السلام) تجمّع أهل المدينة المنوّرة على باب الإمام علي(عليه السلام) في انتظار تشييعها(عليها السلام)، فعهد الإمام(عليه السلام) إلى سلمان أن يقول للناس بأنّ مواراتها(عليها السلام) تأخّر هذه العشية، فتفرّق الناس.
ولمّا مضى من الليل شطره، قام الإمام(عليه السلام) فغسّل الجسد الطاهر ومعه السيّدة أسماء.
وقبل تكفينها دعا الإمام(عليه السلام) بالحسن والحسين لتوديع أمّهما، ليلقوا عليها النظرة الأخيرة، وبعد انتهاء الوداع عقد الإمام الرداء عليها.
ثمّ صلّى(عليها السلام) على الجثمان الطاهر، ثمّ عهد إلى بني هاشم وخلّص أصحابه أن يحملوا الجثمان المقدّس إلى مثواه الأخير.
ولم يخبر(عليه السلام) أيّ أحد بذلك، سوى تلك الصفوة من أصحابه الخلّص وأهل بيته(عليهم السلام).
دفنها(عليها السلام)
قام الإمام علي(عليه السلام) بدفنها، وبعد تفرّق المشيّعين وقف(عليه السلام) على القبر قائلاً: «السّلام عَليكَ يا رسولَ الله عَنِّي وعنِ ابنَتِك النّازِلَة في جوارك، السريعة اللحاق بك، قَلّ يا رسولَ الله عن صَفِيّتِك صَبرِي، وَرَقّ عنها تَجَلُّدِي، إلّا أنّ في التأسِّي بِعظِيم فرقَتِك وَفَادحِ مُصِبَيتِك مَوضِعَ تَعَزٍّ، فَلَقد وَسّدتُكَ فِي مَلحُودَةِ قَبرِك، وَفَاضَت بَينَ نَحري وصَدرِي نَفسُكَ.
إِنّا لله وإنّا إليه راجعون، لقد استُرجِعَتْ الوَديعةُ، وأُخِذَتْ الرّهينَة، أمّا حُزنِي فَسَرْمَدْ، وَأمّا لَيلِي فَمُسَهّدْ، إلى أَنْ يختارَ اللهُ لي دارَك التي أنتَ بِها مُقيم، وَسَتُنَبِّئُكَ ابنتُكَ بِتَضَافُرِ أُمّتِكَ على هَضمِها، فَاحفِهَا السُّؤَالَ، واستَخبِرْهَا الحَالَ»(۳).
ثمّ أنشد(عليه السلام):
لِكُلِّ اجتِمَاعٍ مِن خَلِيلَيْنِ فِرقَةٌ ***** وَكُلُّ الّذي دُونَ الفِرَاقِ قَليلُ
وَإِنّ افتِقَادِي فَاطماً بَعدَ أَحمَد ***** دَلِيلٌ عَلى أَنْ لا يَدُومَ خَلِيلُ(۴).
مكان دفنها(عليها السلام)
المدينة المنوّرة، ولم يُعلم حتّى الآن موضع قبرها(عليها السلام)؛ وذلك لما أوصته لأمير المؤمنين(عليه السلام) قبل وفاتها في أن يدفنها ليلاً ويخفي قبرها(عليها السلام).
ولأيّ الأُمور تُدفنُ ليلاً ***** بضعةُ المصطفى ويُعفى ثراها
فمضت وهي أعظم الناس شجواً ***** في فم الدهر غُصّة من جواها
———————————–
۱ـ اُنظر: الأنوار البهية في تواريخ الحجج الإلهية: ۵۱.
۲ـ الأمالي للمفيد: ۲۶۰.
۳ـ نهج البلاغة ۲ /۱۸۲.
۴ـ الأمالي للصدوق: ۵۸۰
تعليق