كان لي وقفة تأمل مع زهرتي..
منير الحــزامي
لكن..
لمن تأمل في ألوانها الزاهية ونظارتها أولاً.. وفي أسمائها ثانياً.. وربط بينها وبين كلمة (فاطمة الزهراء).. ربما يجد الكثير من المعاني التي لا حصر لها.. وأنّى لنا الإحاطة بالكامل؟!
وهنا تأملات..
لونية..
واسمية..
فما معنى اللون الأحمر؟
وما معنى اللون الأخضر؟
وما علاقة هذين اللونين بالشهيدة الصدّيقة، الحوراء الزهراء، فاطمة سلام الله عليها؟
تأملت في اللون الأحمر ودققت النظر فيه..
وأجلت الفكر في التاريخ.. وفي المصائب التي جرت على سيدة نساء العالمين عليها السلام.. ذلك أن اللون الأحمر قد يرمز إلى الدم.. ما يعني أنها قصيرة العمر، قُتلت في عمر الورد ولـمّـا تبلغ العشرين من العمر..
أسفي عليها ولوعتي..
في هذا العمر القصير فجّرت -في خطبتين فقط- أعظم ثورة في وجه الطغيان والفساد في العالم، وبينت مظلومية آل محمد (عليهم السلام)، ودافعت عن الإمامة، وقُتلت في سبيلها، لأنها امتداد طبيعي للنبوة.. لا بد من استمراره؛ لضمان سعادة البشر..
فكيف لو عاشت (سلام الله عليها) أكثر من خمسين أو ستين سنة؟!.. لكانت قد ملأت الدنيا بمعارفها وعلومها الربانية..
وتأملت ثانياً في اللون الأخضر..
- فإنه يسمى بـ (لون الحياة)؛ إذ إنها قُتلت شهيدة، ولا تحسبها ميتة، بل هي حية عند ربها تُرزق..
- و(لون الاستمرارية والتجدد)؛ فإنها لم ينقطع نسلها إلى يوم القيامة، كيف وهي الكوثر التي أعطاها الله سبحانه لنبيه الكريم محمد (صلى الله عليه وآله)، حين استهزأ به الحاقدون وعيّروه بأنه أبتر، فقال له: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}، أي لا عقب له ولا ذرية. وتشاهد ذريتها اليوم قد ملأوا مشارق الأرض ومغاربها، وتجد بعضهم لا يفارق هذ اللون الأخضر.. اعتزازاً بها وبه.
وتأملت في اسمها..
فتذكرت كلمات من الزيارة الجامعة الكبيرة عن لسان إمامنا علي الهادي (عليه السلام): (وَأَسْمَاؤُكُمْ في الأَسْمَاءِ) ، (فَمَا أَحْلَى أَسْمَاءَكُمْ)..
فهي (فاطمة)..
إنها ليلة القدر: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}، «الليلة فاطمة، والقدر الله، فمن عرف فاطمة حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر». الإمام الصادق (عليه السلام)
ولِـمَ سُمّيت (فاطمة)؟
- «لأن الله فطمها وفطم محبيها عن النار». النبي (صلى الله عليه وآله)
- «لأن الخلق فُطموا عن معرفتها». الإمام الصادق (عليه السلام)
- «فُطمت من الشر». الإمام الصادق (عليه السلام)
- «لأنها فُطمت عن الطمث». الإمام الصادق (عليه السلام)
ولِـمَ سُمّيت (فاطمة الزهراء)؟
- «كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين (عليه السلام) من أول النهار كالشمس الضاحية، وعند الزوال كالقمر المنير، وعند غروب الشمس كالكوكب الدري». الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
- «لأن لها في الجنة قبة من ياقوت حمراء ارتفاعها في الهواء مسيرة سنة معلقة بقدرة الجبار لا علاقة لها من فوقها فتمسكها، ولا دعامة لها من تحتها فتلزمها لها مئة ألف باب على كل باب ألف من الملائكة، يراها أهل الجنة كما يرى أحدكم الكوكب الدري الزاهر في أفق السماء، فيقولون: هذه الزهراءُ لفاطمةَ عليها السلام». النبي (صلى الله عليه وآله)
وهي(الزهرة الزهراء)..
- ففي (الصحاح للجوهري: 3/ 237) يقول: (زَهْرَةُ الدُنْيا بالتسكين: غَضارَتُها وحُسْنُها. وزَهْرَةُ النَبات أيضاً: نَوْرُهُ... والزُهْرَةُ بالضم: البَياضُ... والأَزْهَرُ: النَيِّرُ... وَأَزْهَرَ النَبْتُ: ظَهَرَ زَهْرُهُ..).
- وفي (القاموس المحيط: ص517) يقول: (والزَّهْراءُ : .. والمرأةُ المُشْرِقَةُ الوجهِ...).
- وفي (لسان العرب: 3/ 1877) يقول: (وفي الحديث: سورة البقرة وآل عمران الزَّهْرَاوانِ، أَي المُنِيرتان المُضِيئَتانِ، واحدتهما زَهْرَاءُ. وفي الحديث: أَكْثِرُوا الصلاةَ عليّ في الليلة الغرّاء واليوم الأَزْهَرِ، أَي ليلة الجمعة ويومها... وفي حديث علي عليه السلام في صفة سيدنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «كان أَزْهَرَ اللَّوْنِ ليس بالأَبيضِ الأَمْهَقِ». والمرأَة زَهْرَاءُ وكل لون أَبيض كالدُّرَّةِ الزَّهْراءِ). وكذلك قريباً من هذه المعاني في (مجمع البحرين، للطريحي: 3/ 242).
ثم إن لهذا النبات الجميل اسماً آخر..
إنه (وردة)..
- والوردة في اللغة، كما جاء في كتاب العين (2/ 125): (الوَرْدُ اسْمُ نَوْرٍ، ويقال: ورَّدَتِ الشَّجَرة أي خَرَجَ نَورُها، وفَغَمَ نَورْها أي خَرَجَ كلُّه. والوَرْدُ لونٌ يضربُ إلى صُفرةٍ حَسَنةِ... والأُنثَى وردةٌ).
جعل الله حياتكم كلها مزهرة بالأعمال الصالحة والطاعات وحب محمد وآل محمد عليهم السلام، وزادنا الله معرفة بهم وتمسكاً بحبلهم.
منير الحزامي (الخفاجي)
كربلاء المقدسة
كربلاء المقدسة
تعليق