اتصال التدبير وتمام الصنع آيتا التوحيد الإلهي
________________________
لا يخفى على أهل العلم والمعرفة أنّ أئمتنا المعصومين (عليهم السلام ) قد امتازوا بفصاحة العقل قبل فصاحة اللسان العربي المُبين .
وفصاحة العقل تقتضي إجازة المفاهيم وتعميق دلالاتها قصداً ووعيا واعتقادا
وأكثر ما تكون هذه الفصاحة العقلانية من لدن المعصوم (عليه السلام) هي فصاحة حسيّة لُبيّة إنيّة تجمع في كنهها بين العلم بالمعلول والعلم بعلته يقيناً وأثرا .
فضلاً عن جمعها بين الدليل العقلي الوجيز والدليل النقلي السديد .
ذلك ما تجلى في الرواية الواردة
عن هشام بن الحكم ، قال : قلتُ لأبي عبد الله(الإمام جعفر الصادق ) عليه السلام : ما الدليلُ على أنَّ اللهَ واحدٌ ؟
قال (عليه السلام) : اتصال التدبير وتمام الصنع
كما قال عز وجل :
(( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ )) (22)الأنبياء
:التوحيد :الصدوق :ص250.
إنَّ اتصال التدبير وإن كان مفهوما إضافيا بيانيا وجيزا لكنه يشي إلى منظومة متكاملة من الانزياح الدلالي القصدي الواعي تُعبّر عن القدرة التدبيرية لله تعالى حدوثا وبقاءً دون أيِّ منازع أو شريك أو إلهة ثانٍ .
بمعنى لو كان هناك ثمةَ إلهٍ غير الله تعالى لحدثَ الانقطاعُ في التدبير والاختلال في النظام التكويني والتشريعي وهو لم يحصل واقعاً فيثبت أنَّ المُدبّر واحدٌ في فعله وأثره .
وهنا أسس الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) لمقولة فلسفية دقيقة جدا قد وقع فيها النزاع الكلامي في وقته ومن ذي قبل .
( وهي أنّ الممكنات (ما سوى الله تعالى) تحتاج في وجودها الإحداثي وفي بقائها إلى خالقها ومُدبّرها الواحدُ الأحد وهو الله تعالى )
رداً على مقولة اليهود الشهيرة بأنّ الممكنات تستغني عن خالقها (واجب الوجود) بقاءً وإن كان قد أحدثها من أول الأمر .
والله تعالى عزز هذه الحقيقة العقدية الفكرية (اتصال التدبير) في نص قرآني شريف في قوله تعالى
(( اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ )) (2)الرعد
وردَ على اليهود مُنكري الاتصال التدبيري حيث قال تعالى
(( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )) (64)المائدة
وأما ( تمام الصنع) فيدلُ على وحدانية الله تعالى فعلاً وأثراً إذ لو كان معه إلهُ آخر لتفاوت الصنع وتمايز وهو غير حاصل واقعا .
ولِما في تمام الصنع الظاهر والمحسوس كونيا ووجوديا من دلالة يقينية على أنّ الخالق والصانع واحدٌ .
ولانتفاء الفساد في نظام الوجود وظهور الاتساق والدقة والحكمة لذي كل عقل وحياة .
قال اللهُ تعالى
(( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ )) (88)النمل
_____________________________
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف
________________________
لا يخفى على أهل العلم والمعرفة أنّ أئمتنا المعصومين (عليهم السلام ) قد امتازوا بفصاحة العقل قبل فصاحة اللسان العربي المُبين .
وفصاحة العقل تقتضي إجازة المفاهيم وتعميق دلالاتها قصداً ووعيا واعتقادا
وأكثر ما تكون هذه الفصاحة العقلانية من لدن المعصوم (عليه السلام) هي فصاحة حسيّة لُبيّة إنيّة تجمع في كنهها بين العلم بالمعلول والعلم بعلته يقيناً وأثرا .
فضلاً عن جمعها بين الدليل العقلي الوجيز والدليل النقلي السديد .
ذلك ما تجلى في الرواية الواردة
عن هشام بن الحكم ، قال : قلتُ لأبي عبد الله(الإمام جعفر الصادق ) عليه السلام : ما الدليلُ على أنَّ اللهَ واحدٌ ؟
قال (عليه السلام) : اتصال التدبير وتمام الصنع
كما قال عز وجل :
(( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ )) (22)الأنبياء
:التوحيد :الصدوق :ص250.
إنَّ اتصال التدبير وإن كان مفهوما إضافيا بيانيا وجيزا لكنه يشي إلى منظومة متكاملة من الانزياح الدلالي القصدي الواعي تُعبّر عن القدرة التدبيرية لله تعالى حدوثا وبقاءً دون أيِّ منازع أو شريك أو إلهة ثانٍ .
بمعنى لو كان هناك ثمةَ إلهٍ غير الله تعالى لحدثَ الانقطاعُ في التدبير والاختلال في النظام التكويني والتشريعي وهو لم يحصل واقعاً فيثبت أنَّ المُدبّر واحدٌ في فعله وأثره .
وهنا أسس الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) لمقولة فلسفية دقيقة جدا قد وقع فيها النزاع الكلامي في وقته ومن ذي قبل .
( وهي أنّ الممكنات (ما سوى الله تعالى) تحتاج في وجودها الإحداثي وفي بقائها إلى خالقها ومُدبّرها الواحدُ الأحد وهو الله تعالى )
رداً على مقولة اليهود الشهيرة بأنّ الممكنات تستغني عن خالقها (واجب الوجود) بقاءً وإن كان قد أحدثها من أول الأمر .
والله تعالى عزز هذه الحقيقة العقدية الفكرية (اتصال التدبير) في نص قرآني شريف في قوله تعالى
(( اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ )) (2)الرعد
وردَ على اليهود مُنكري الاتصال التدبيري حيث قال تعالى
(( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )) (64)المائدة
وأما ( تمام الصنع) فيدلُ على وحدانية الله تعالى فعلاً وأثراً إذ لو كان معه إلهُ آخر لتفاوت الصنع وتمايز وهو غير حاصل واقعا .
ولِما في تمام الصنع الظاهر والمحسوس كونيا ووجوديا من دلالة يقينية على أنّ الخالق والصانع واحدٌ .
ولانتفاء الفساد في نظام الوجود وظهور الاتساق والدقة والحكمة لذي كل عقل وحياة .
قال اللهُ تعالى
(( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ )) (88)النمل
_____________________________
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف
تعليق