العطش الشديد مشهد تكرر في يوم عاشوراء وقبله .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
مشهد حدث قبل واقعة عاشوراء بعشرات السنين ولكن تكرر ما يشبه هذا المشهد تماما في يوم عاشوراء وكان التاريخ يعيد نفس ويرجع الى الوراء ، وان كانت الشخصيات مختلفة الا ان المشهد واحد .
المشهد الاول هو شكاية فاطمة الزهراء (ع) لرسول الله (ص) من العطش الذي اصاب ولديها الحسن والحسين (ع) وهذه نص الرواية بخصوصه :
عن ابن عبّاس (رض) , قال : ( عطش المُسلمون في مدينة الرّسول في بعض السّنين عطشاً شديداً , حتّى أنّهم عادوا لا يجدون الماء في المدينة , فجاءت فاطمة الزّهراء بولديها الحسن والحُسين (ع) إلى رسول الله (ص) فقالت : يا أبتي , إنّ ابني الحسن والحُسين صغيران لا يتحمّلان العطش . فدعا النّبي (ص) بالحسن فأعطاه لسانه حتّى روي , ثمّ دعا بالحُسين فأعطاه أيضاً لسانه فمصّه حتّى روي ، فلمّا رويا , وضعهما على ركبتيه وجعل يُقبّل هذا مرّة وهذا اُخرى , ثمّ يلثم هذا لثمة وهذا لثمة , ثمّ يضع لسانه الشّريف في أفواههما وهو معهما في غبطة ونعمة
, فبينما هُم كذلك , إذ هبط الأمين جبرائيل بالتّحية من الرّب الجليل إلى النّبي (ص) , فقال : يا مُحمّد , ربّك يقرؤك السّلام ويقول : ( إنّ هذا ولدك الحسن يموت مسموماً مظلوماً ، وهذا ولدك الحُسين يموت عطشاناً مذبوحاً ) . فقال : ( يا أخي جبرائيل , مَن يفعل ذلك بهما ؟ قال : قوم من بني اُميّة يزعمون أنّهم من اُمّتك , يقتلون أبناء صفوتك ويشرّدون ذرّيّتك . فقال : يا جبرائيل , هل تفلح اُمّة تفعل هذا بذرّيّتي ؟ قال : لا والله , بل يبليهم الله في الدُنيا بمن يقتل أولادهم ويسفك دماءهم ويستحيي نساؤهم , ولهم في الآخرة عذاب أليم ، طعامهم الزّقوم وشرابهم الصّديد ، ولهم في درك الجحيم عذاب مكيد ، ويُقال لجهنّم هل امتلأت ؟ فتقول هل من مزيد ؟ ثمّ قال جبرائيل (ع) : يا مُحمّد , إنّ الله عزّ وجلّ حمد نفسه عند هلاك الظّالمين , حيث قال : ( فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) - 1 - . قال : فجعل النّبي (ص) تارة ينظر إلى الحسن وتارة ينظر إلى الحُسين وعيناه تهملان من الدّموع , ويقول : لعن الله قاتلكما , ولعن الله من غصبكما حقّكما من الأولين والآخرين) - 2 -
فالشاكية هي فاطمة الزهراء (ع) والمشتكى اليه هو النبي الاكرم محمد (ص) وسبب الشكاية من شدة عطش الحسن والحسين (ع) .
واما المشهد الثاني فهو شكاية الحوراء زينب (ع) - وقيل الرباب - للامام الحسين (ع) بشدة عطش عبد الله الرضيع (ع) الذي لم يشرب الماء منذ ثلاثة ايام :
ففي الخبر أن الحوراء زينب (ع) جاءت به إلى أخيها الحسين (ع) تحمله فدفعته إليه وهي باكية وقالت : ( أخي خذ طفلك . قيل : فأجلسه في حجره يقبله ، ويقول : بُعداً لهؤلاء القوم إذا كان جدك المصطفى خصمهم . ثم أتى به نحو القوم يطلب له الماء قائلا :
يا قوم قد قتلتم إخوتي ، وأولادي ، وأنصاري ، وما بقي غير هذا الطفل ، وهو يتلظى عطشا من غير ذنب أتيه إليكم فاسقوه شربة من الماء. فاختلف العسكر فيما بينهم ، فمنهم من قال : إذا كان ذنب للكبار فما ذنب هذا الطفك ؟ ومنهم من قال : أقتلوه ولا تبقوا لأهل هذا البيت باقية .
فلما رأى ابن سعد ذلك صاح بحرملة : ويلك يا حرملة اقطع نزاع القوم ، قال : فما أصنع ؟ قال : ارم الطفل بسهم ، قال حرملة : فرأيت رقبته تلمع على عضد أبيه الحسين (ع) ، فرميت الطفل بسهمي ، فذبحته من الوريد إلى الوريد فلما أحس الطفل الرضيع بحرارة السهم أخرج يديه من القماط واعتنق أباه ، وجعل يرفرف كالطير المذبوح ..... ) - 3 -
فالشاكية هي الحوراء زينب (ع) والمشتكى اليه هو الامام الحسين (ع) وسبب الشكاية من شدة عطش عبد الله الرضيع (ع) .
السلام عليك يا عبد الله الرضيع يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا بين يدي الله سبحانه وتعالى وتطلب منه باخذ ثارك وثارات الامام الحسين (ع) من القتلة والظالمين من بني امية لعنهم الله .
************************************************** ****
الهوامش :
1 - سورة الانعام ، الاية 45 .
2 - سلسلة مجمع مصائب أهل البيت (ع) ، ج 1 ، ص 64 - 65 نقلا عن المنتخب ، للطريحي ، ص 187 - 188 .
3 - سلسلة مجمع مصائب اهل البيت (ع) ، ص 22 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
مشهد حدث قبل واقعة عاشوراء بعشرات السنين ولكن تكرر ما يشبه هذا المشهد تماما في يوم عاشوراء وكان التاريخ يعيد نفس ويرجع الى الوراء ، وان كانت الشخصيات مختلفة الا ان المشهد واحد .
المشهد الاول هو شكاية فاطمة الزهراء (ع) لرسول الله (ص) من العطش الذي اصاب ولديها الحسن والحسين (ع) وهذه نص الرواية بخصوصه :
عن ابن عبّاس (رض) , قال : ( عطش المُسلمون في مدينة الرّسول في بعض السّنين عطشاً شديداً , حتّى أنّهم عادوا لا يجدون الماء في المدينة , فجاءت فاطمة الزّهراء بولديها الحسن والحُسين (ع) إلى رسول الله (ص) فقالت : يا أبتي , إنّ ابني الحسن والحُسين صغيران لا يتحمّلان العطش . فدعا النّبي (ص) بالحسن فأعطاه لسانه حتّى روي , ثمّ دعا بالحُسين فأعطاه أيضاً لسانه فمصّه حتّى روي ، فلمّا رويا , وضعهما على ركبتيه وجعل يُقبّل هذا مرّة وهذا اُخرى , ثمّ يلثم هذا لثمة وهذا لثمة , ثمّ يضع لسانه الشّريف في أفواههما وهو معهما في غبطة ونعمة
, فبينما هُم كذلك , إذ هبط الأمين جبرائيل بالتّحية من الرّب الجليل إلى النّبي (ص) , فقال : يا مُحمّد , ربّك يقرؤك السّلام ويقول : ( إنّ هذا ولدك الحسن يموت مسموماً مظلوماً ، وهذا ولدك الحُسين يموت عطشاناً مذبوحاً ) . فقال : ( يا أخي جبرائيل , مَن يفعل ذلك بهما ؟ قال : قوم من بني اُميّة يزعمون أنّهم من اُمّتك , يقتلون أبناء صفوتك ويشرّدون ذرّيّتك . فقال : يا جبرائيل , هل تفلح اُمّة تفعل هذا بذرّيّتي ؟ قال : لا والله , بل يبليهم الله في الدُنيا بمن يقتل أولادهم ويسفك دماءهم ويستحيي نساؤهم , ولهم في الآخرة عذاب أليم ، طعامهم الزّقوم وشرابهم الصّديد ، ولهم في درك الجحيم عذاب مكيد ، ويُقال لجهنّم هل امتلأت ؟ فتقول هل من مزيد ؟ ثمّ قال جبرائيل (ع) : يا مُحمّد , إنّ الله عزّ وجلّ حمد نفسه عند هلاك الظّالمين , حيث قال : ( فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) - 1 - . قال : فجعل النّبي (ص) تارة ينظر إلى الحسن وتارة ينظر إلى الحُسين وعيناه تهملان من الدّموع , ويقول : لعن الله قاتلكما , ولعن الله من غصبكما حقّكما من الأولين والآخرين) - 2 -
فالشاكية هي فاطمة الزهراء (ع) والمشتكى اليه هو النبي الاكرم محمد (ص) وسبب الشكاية من شدة عطش الحسن والحسين (ع) .
واما المشهد الثاني فهو شكاية الحوراء زينب (ع) - وقيل الرباب - للامام الحسين (ع) بشدة عطش عبد الله الرضيع (ع) الذي لم يشرب الماء منذ ثلاثة ايام :
ففي الخبر أن الحوراء زينب (ع) جاءت به إلى أخيها الحسين (ع) تحمله فدفعته إليه وهي باكية وقالت : ( أخي خذ طفلك . قيل : فأجلسه في حجره يقبله ، ويقول : بُعداً لهؤلاء القوم إذا كان جدك المصطفى خصمهم . ثم أتى به نحو القوم يطلب له الماء قائلا :
يا قوم قد قتلتم إخوتي ، وأولادي ، وأنصاري ، وما بقي غير هذا الطفل ، وهو يتلظى عطشا من غير ذنب أتيه إليكم فاسقوه شربة من الماء. فاختلف العسكر فيما بينهم ، فمنهم من قال : إذا كان ذنب للكبار فما ذنب هذا الطفك ؟ ومنهم من قال : أقتلوه ولا تبقوا لأهل هذا البيت باقية .
فلما رأى ابن سعد ذلك صاح بحرملة : ويلك يا حرملة اقطع نزاع القوم ، قال : فما أصنع ؟ قال : ارم الطفل بسهم ، قال حرملة : فرأيت رقبته تلمع على عضد أبيه الحسين (ع) ، فرميت الطفل بسهمي ، فذبحته من الوريد إلى الوريد فلما أحس الطفل الرضيع بحرارة السهم أخرج يديه من القماط واعتنق أباه ، وجعل يرفرف كالطير المذبوح ..... ) - 3 -
فالشاكية هي الحوراء زينب (ع) والمشتكى اليه هو الامام الحسين (ع) وسبب الشكاية من شدة عطش عبد الله الرضيع (ع) .
السلام عليك يا عبد الله الرضيع يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا بين يدي الله سبحانه وتعالى وتطلب منه باخذ ثارك وثارات الامام الحسين (ع) من القتلة والظالمين من بني امية لعنهم الله .
************************************************** ****
الهوامش :
1 - سورة الانعام ، الاية 45 .
2 - سلسلة مجمع مصائب أهل البيت (ع) ، ج 1 ، ص 64 - 65 نقلا عن المنتخب ، للطريحي ، ص 187 - 188 .
3 - سلسلة مجمع مصائب اهل البيت (ع) ، ص 22 .
تعليق