بسم الله الرحمن الرحيم
عن ابن فضال ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لما بعث الله موسى إلى فرعون أتى بابه فاستأذن عليه ولم يؤذن له ، فضرب بعصاه الباب فاصطكت الابواب مفتحة ، ثم دخل على فرعون فاخبره أنه رسول من رب العالمين ، وسأله أن يرسل معه بني إسرائيل ، فقال له فرعون كما حكى الله : " ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين * وفعلت فعلتك التي فعلت " أي قتلت الرجل " وأنت من الكافرين " يعني كفرت نعمتي ، فقال موسى كما حكى الله : " فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم " إلى قوله : " أن عبدت بني إسرائيل " فقال فرعون : " وما رب العالمين " وإنما سأله عن كيفية الله ، فقال موسى : " رب السموات والارض وما بينهما إن كنتم مؤمنين " فقال فرعون متعجبا لاصحابه : " ألا تستمعون " أسأله عن الكيفية فيجيبني عن الخلق ! فقال موسى : " ربكم ورب آبائكم الاولين " ثم قال لموسى : " لئن اتخذت إلها غيري لاجعلك من المسجونين " قال موسى : " أو لو جئتك بشئ مبين " قال فرعون : " فأت به إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين " فلم يبق أحد من جلساء فرعون إلا هرب ودخل فرعون من الرعب ما لم يملك نفسه ، فقال فرعون : يا موسى انشدك الله والرضاع إلا ما كففتها عني ، فكفها ، ثم نزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ، فلما أخذ موسى العصا رجعت إلى فرعون نفسه وهم بتصديقه فقام إليه هامان فقال له : بينما أنت إله تعبد إذ صرت تابعا لعبد ؟
! ثم قال فرعون للملا الذي حوله : " إن هذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون " إلى قوله : " الميقات يوم معلوم " وكان فرعون وهامان قد تعلما السحر وإنما غلبا الناس بالسحر ، وادعى فرعون الربوبية بالسحر ، فلما أصبح بعث في المدائن حاشرين ، مدائن مصر كلها ، وجمعوا ألف ساحر ، واختاروا من الالف مائة ومن المائة ثمانين ، فقال السحرة لفرعون : قد علمت أنه ليس في الدنيا أسحر منا ، فان علبنا موسى فما يكون لنا عندك ؟
قال : " إنكم إذا لمن المقربين " عندي ، اشارككم في
ملكي ، قالوا : فإن غلبنا موسى وأبطل سحرنا علمنا أن ما جاء به ليس من قبل السحر ولا من قبل الحيلة ، آمنا به وصدقناه ، فقال فرعون : إن غلبكم موسى صدقته أنا أيضا معكم ، ولكن أجمعوا كيدكم أي حيلتكم ، قال : وكان موعدهم يوم عيد لهم .
فلما ارتفع النهار من ذلك اليوم ، وجمع فرعون الخلق والسحرة ، وكانت له قبة طولها في السماء ثمانون ذراعا ، وقد كانت لبست الحديد الفولاد ، وكانت إذا وقعت الشمس عليها لم يقدر أحد أن ينظر إليها من لمع الحديد ووهج الشمس ، وجاء فرعون وهامان وقعدا عليها ينظران ، وأقبل موسى ينظر إلى السماء ، فقالت السحرة لفرعون : إنا نرى رجلا ينظر إلى السماء ولم يبلغ سحرنا السماء ، وضمنت السحرة من في الارض ، فقالوا لموسى : إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين ، قال لهم موسى : " ألقوا ما أنتم ملقون * فألقوا حبالهم وعصيهم " فأقبلت تضطرب مثل الحيات وهاجت ، فقالوا : " بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون " " فأوجس في نفسه خيفة موسى " فنودي : " لا تخف إنك أنت الاعلى * وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى " فألقى موسى العصا فذابت في الارض مثل الرصاص ثم طلع رأسها وفتحت فاها و وضعت شدقها العليا على رأس قبلة فرعون ، ثم دارت والتقمت عصي السحرة وحبالها وغلب كلهم وانهزم الناس حين رأوها وعظمها وهولها مما لم تر العين ولا وصف الواصفون مثله قبل ، فقتل في الهزيمة من وطئ الناس بعضهم بعضا عشرة آلاف رجل وامرأة وصبي ودارت على قبة فرعون ، قال : فأحدث فرعون وهامان في ثيابهما وشاب رأسهما وغشي عليهما من الفزع . ومر موسى في الهزيمة مع الناس فناداه الله خذها ولا تخف سنعيدها
سيرتها الاولى ، فرجع موسى ولف على يده عباءة كانت عليه ثم أدخل يده في فمها فإذا هي عصا كما كانت ، وكان كما قال الله : " فالقي السحرة ساجدين " لما رأوا ذلك " قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون " فغضب فرعون عند ذلك غضبا شديدا وقال : " آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم " يعني موسى " الذي علمكم السحر فسوف تعلمون * لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لاصلبنكم أجمعين " فقالوا له كما حكى الله عزوجل : " لا ضير إنا إلى ربنا لمنقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين " .
فحبس فرعون من آمن بموسى في السجن حتى أنزل الله عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم فأطلق عنهم ، فأوحى الله إلى موسى : " أن أسر بعبادي إنكم متبعون " فخرج موسى ببني إسرائيل ليقطع بهم البحر ، وجمع فرعون أصحابه وبعث في المدائن حاشرين (1)
-----------
(1)البحار ج13 ص120
عن ابن فضال ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لما بعث الله موسى إلى فرعون أتى بابه فاستأذن عليه ولم يؤذن له ، فضرب بعصاه الباب فاصطكت الابواب مفتحة ، ثم دخل على فرعون فاخبره أنه رسول من رب العالمين ، وسأله أن يرسل معه بني إسرائيل ، فقال له فرعون كما حكى الله : " ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين * وفعلت فعلتك التي فعلت " أي قتلت الرجل " وأنت من الكافرين " يعني كفرت نعمتي ، فقال موسى كما حكى الله : " فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم " إلى قوله : " أن عبدت بني إسرائيل " فقال فرعون : " وما رب العالمين " وإنما سأله عن كيفية الله ، فقال موسى : " رب السموات والارض وما بينهما إن كنتم مؤمنين " فقال فرعون متعجبا لاصحابه : " ألا تستمعون " أسأله عن الكيفية فيجيبني عن الخلق ! فقال موسى : " ربكم ورب آبائكم الاولين " ثم قال لموسى : " لئن اتخذت إلها غيري لاجعلك من المسجونين " قال موسى : " أو لو جئتك بشئ مبين " قال فرعون : " فأت به إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين " فلم يبق أحد من جلساء فرعون إلا هرب ودخل فرعون من الرعب ما لم يملك نفسه ، فقال فرعون : يا موسى انشدك الله والرضاع إلا ما كففتها عني ، فكفها ، ثم نزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ، فلما أخذ موسى العصا رجعت إلى فرعون نفسه وهم بتصديقه فقام إليه هامان فقال له : بينما أنت إله تعبد إذ صرت تابعا لعبد ؟
! ثم قال فرعون للملا الذي حوله : " إن هذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون " إلى قوله : " الميقات يوم معلوم " وكان فرعون وهامان قد تعلما السحر وإنما غلبا الناس بالسحر ، وادعى فرعون الربوبية بالسحر ، فلما أصبح بعث في المدائن حاشرين ، مدائن مصر كلها ، وجمعوا ألف ساحر ، واختاروا من الالف مائة ومن المائة ثمانين ، فقال السحرة لفرعون : قد علمت أنه ليس في الدنيا أسحر منا ، فان علبنا موسى فما يكون لنا عندك ؟
قال : " إنكم إذا لمن المقربين " عندي ، اشارككم في
ملكي ، قالوا : فإن غلبنا موسى وأبطل سحرنا علمنا أن ما جاء به ليس من قبل السحر ولا من قبل الحيلة ، آمنا به وصدقناه ، فقال فرعون : إن غلبكم موسى صدقته أنا أيضا معكم ، ولكن أجمعوا كيدكم أي حيلتكم ، قال : وكان موعدهم يوم عيد لهم .
فلما ارتفع النهار من ذلك اليوم ، وجمع فرعون الخلق والسحرة ، وكانت له قبة طولها في السماء ثمانون ذراعا ، وقد كانت لبست الحديد الفولاد ، وكانت إذا وقعت الشمس عليها لم يقدر أحد أن ينظر إليها من لمع الحديد ووهج الشمس ، وجاء فرعون وهامان وقعدا عليها ينظران ، وأقبل موسى ينظر إلى السماء ، فقالت السحرة لفرعون : إنا نرى رجلا ينظر إلى السماء ولم يبلغ سحرنا السماء ، وضمنت السحرة من في الارض ، فقالوا لموسى : إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين ، قال لهم موسى : " ألقوا ما أنتم ملقون * فألقوا حبالهم وعصيهم " فأقبلت تضطرب مثل الحيات وهاجت ، فقالوا : " بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون " " فأوجس في نفسه خيفة موسى " فنودي : " لا تخف إنك أنت الاعلى * وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى " فألقى موسى العصا فذابت في الارض مثل الرصاص ثم طلع رأسها وفتحت فاها و وضعت شدقها العليا على رأس قبلة فرعون ، ثم دارت والتقمت عصي السحرة وحبالها وغلب كلهم وانهزم الناس حين رأوها وعظمها وهولها مما لم تر العين ولا وصف الواصفون مثله قبل ، فقتل في الهزيمة من وطئ الناس بعضهم بعضا عشرة آلاف رجل وامرأة وصبي ودارت على قبة فرعون ، قال : فأحدث فرعون وهامان في ثيابهما وشاب رأسهما وغشي عليهما من الفزع . ومر موسى في الهزيمة مع الناس فناداه الله خذها ولا تخف سنعيدها
سيرتها الاولى ، فرجع موسى ولف على يده عباءة كانت عليه ثم أدخل يده في فمها فإذا هي عصا كما كانت ، وكان كما قال الله : " فالقي السحرة ساجدين " لما رأوا ذلك " قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون " فغضب فرعون عند ذلك غضبا شديدا وقال : " آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم " يعني موسى " الذي علمكم السحر فسوف تعلمون * لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لاصلبنكم أجمعين " فقالوا له كما حكى الله عزوجل : " لا ضير إنا إلى ربنا لمنقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين " .
فحبس فرعون من آمن بموسى في السجن حتى أنزل الله عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم فأطلق عنهم ، فأوحى الله إلى موسى : " أن أسر بعبادي إنكم متبعون " فخرج موسى ببني إسرائيل ليقطع بهم البحر ، وجمع فرعون أصحابه وبعث في المدائن حاشرين (1)
-----------
(1)البحار ج13 ص120