بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
التوجه بنا إلى الله تعالى وإلينا !
ورد في التوقيع الصادر من صاحب الزمان عليه السلام الى محمد الحميري بعد الجواب عن المسائل التي سألها زيارة عظيمة القدر ، عالية المضامين ، دقيقة التعابير ، مشهورة بزيارة آل ياسين ، قبلها عبارة تنص : « إذا أرَدتُم التَّوجُّهَ بِنَا إلى الله تعالى وإِلينَا »[١] .
فإذا أردنا فهم العبارة الصادرة من الناحية المقدسة نقول في المقام :
١- « التوجه بنا إلى الله » وهذا واضح وجلي وقد حث أهل البيت عليهم السلام الشيعة بأن يجعلوهم واسطة في التوجه الى الله تعالى وطلب الحاجات منه عزوجل ، كما في دعاء التوسل وغيره .
٢- اما معنى « التوجه إلينا » ، يقول أحد شراح الزيارة : « يعني التوجه إلى الأئمة عليهم السلام في الدعاء ، وهذا التوجه أعلى من التوجه بهم ، لأن التوجه بهم يعني أنهم وسيلة إلى الله ولا يركز على شخصياتهم ، بينما التوجه اليهم يعني أنهم مركز نور الله تعالى وتجلي أسمائه ... ويؤيد ذلك الأحاديث الصحيحة في أن النبي صلى الله عليه واله والأئمة عليهم السلام هم وجه الله الذي منه يؤتى فيكون التوجه اليهم توجهاً الى الله تعالى»[٢].
نكتة : وقد تنبه بعض الاساتذة الى نكتة لطيفة في المقام وهي : إن تقدير كلام الإمام عليه السلام هكذا « إذا أرَدتُم التَّوجُّهَ بِنَا إلى الله تعالى ، وإذا أرَدتُم التَّوجُّهَ بِنَا إِلينَا » فيعلق قائلا : توجهوا بنا إلينا ها هنا الحيرة ، والدهشة ، التوجه بهم إلى الله واضح ، لكن التوجه بهم إليهم كيف يكون ؟!
وقد حاول الإجابة قائلا : لعل مراده : توجهوا بي إلى آبائي ، وبآبائي إلى الله ، فهذه السلسة العلّية للتوجه باعتبار واسطة الفيض والسبب المتصل في زمنه !
« ضَلَّتِ الْعُقُولُ، وَ تَاهَتِ الْحُلُومُ ، وَ حَارَتِ الألْبَابُ، وَ خَسَأَتِ الْعُیُونُ ، وَ تَصَاغَرَتِ الْعُظَمَاءُ، وَ تَحَیَّرَتِ الْحُکَمَاءُ، وَ تَقَاصَرَتِ الْحُلَمَاءُ، وَ حَصِرَتِ الْخُطَبَاءُ، وَ جَهِلَتِ الألِبَّاءُ ، وَ کَلَّتِ الشُّعَرَاءُ، وَ عَجَزَتِ الأدَبَاءُ، وَ عَیِیَتِ الْبُلَغَاءُ عَنْ وَصْفِ شَأْنٍ مِنْ شَأْنِهِ [ من شأن الامام ] ، أَوْ فَضِیلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهِ، وَ أَقَرَّتْ بِالْعَجْزِ وَ التَّقْصِیرِ، وَ کَیْفَ یُوصَفُ بِکُلِّهِ، أَوْ یُنْعَتُ بِکُنْهِهِ ، أَوْ یُفْهَمُ شَیْءٌ مِنْ أَمْرِهِ، أَوْ یُوجَدُ مَنْ یَقُومُ مَقَامَهُ، وَ یُغْنِی غِنَاهُ ؟ لاَ ، کَیْفَ؟ وَ أَنّی ؟ وَ هُوَ بِحَیْثُ النَّجْمِ مِنْ یَدِ الْمُتَنَاوِلِینَ، وَ وَصْفِ الْوَاصِفِینَ »[٣]
_______________
[١] المزار الكبير للمشهدي ص٥٦٨ ، ط: مؤسسة النشر الإسلامي بتحقيق القيومي ، الاحتجاج للطبرسي ج٢ ص٣١٦ ، ط : دار النعمان ١٩٦٦ م .
[٢] شرح زيارة آل ياسين لكوراني ص٢٢ .
[٣] من حديث الإمام الرضا عليه السلام ، الكافي ج١ ص٢٠١ ، ط: دار الكتب الإسلامية .
تعليق