اللهم صل على محمد وآل محمد
مضت سنون طويلة على بعثة النبيّ (صلى الله عليه وآله)، ولكل قبيلة عقيدة، والكثير في الحجاز، ومكة يعبدون الأصنام التي كانت من حجر وفلز وخشب وتمر، ومنهم من يئدون البنات، وأكثر القبائل في حرب وقتال، والدنيا غارقة في ضلال الجاهلية، حتى مضى على إشراق الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أربعون سنة، فبعثه الله سبحانه بالهدى والرحمة، ونزل عليه جبرئيل (عليه السلام) بالقرآن.
وبينما كان (صلى الله عليه وآله) يتعبد في غار حراء غمرته أنوارُ الجلال والعظمة، حتى إنه لم يكن بوسع أحد أن ينظر إليه، فما مر بشجر ولا حجر إلا انحنت له، وكل شيء يسجد له ويقول بلسان فصيح: "السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا رسول الله".
ولما دخل بيت خديجة (عليها السلام) ملأ نورُ جماله المنزل، فسألته خديجة (عليها السلام): "أن ما هذا النور الذي يشاهد منك" ؟.
قال (صلى الله عليه وآله): "هذا نور النبوة".
ثم قال لخديجة (عليها السلام): "قولي: لا إله إلا الله محمد رسول الله".
فقالت: "طالما قد عرفت ذلك".
ثم شهدت بوحدانية الله تبارك وتعالى، ونبوة محمد (صلى الله عليه وآله).
وعندها قال رسولُ الله (صلى الله عليه وآله): "يا خديجة، إني لأجد برداً"، فتدثرت عليه فنام، فجاءه النداء من الحق تعالى: ﴿يا أيها المدثر ؛ قم فأنذر ؛ وربك فكبر﴾(3).
فنهض رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) وجعل إصبعه في إذنه وهتف: "الله أكبر، الله أكبر"، فبلغ نداؤه كل الكائنات، ووافقته كلها.
- بحار الأنوار: 18/196ـ197"(4).
دعا الرسولُ (صلى الله عليه وآله) الناسَ إلى إلهٍ واحد سراً، واستمرت الدعوةُ ثلاث سنوات، ثم نزل عليه جبرئيل، فأبلغه بأن يدعو إلى الله علنا بهذه الآية: ﴿فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ؛ إنا كفيناك المشركين﴾(5). فصعد (صلى الله عليه وآله) جبلَ صفا وأنذر الناس وأعلن دعوته.
- بحار الأنوار: 18/174ـ186"(6).
الهوامش
_________
1- الكافي: 4/149 ؛ مسار الشيعة: 37 ؛ مصباح المتهجد: 750
2- بحار الأنوار: 97/168، 377 ؛ زاد المعاد: 40
3- المدثر: 1ـ3
4- بحار الأنوار: 18/196ـ197
5- الحجر: 94ـ95
6- بحار الأنوار: 18/174ـ186
تعليق