إن من أصعب الدرجات، أن يصل العبد الى مرحلة يتركه فيها رب العالمين وشأنه.. فالعبد بعد فترة من المعصية، يقول له رب العالمين: أوكلت أمرك إليك؛ أي يرفع الحصانة والحماية عنه.. فمن يحضر إلى المجالس الحسينية، لم يأت إلا بالحماية الإلهية.. هو لم يأت بنفسه، إنما هنالك من دفعه إلى هذا المجلس دفعاً، يقول تعالى: {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} فالشيطان لا يرتضي هذه المجالس، ويئن عندما يدخل الإنسان المسجد، ويصيح عندما يكمل صيامه.. وعليه، فإن الذي يجعل الإنسان يشتاق إلى مجالس الذكر، ومجالس أهل البيت، هو رحمة الله وفضله، كما يقول القرآن الكريم: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا}.. فرب العالمينهو الذي يمنّ على المؤمن بذلك.. ولكن لو رفعت هذه الحماية والحصانة، فإن الإنسان يسقط سقوطاً مدوياً، كما في تعبير القرآن الكريم: {فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}.. وفي آية أخرى يقول: {وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى}.