تويت
لا تعارض بين زيارة الحسين (ع) مع الخوف من السلطان وتركها مع الخوف من الوباء .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
في ظل هذا الظروف الطارئة على جميع دول العالم التي تمر بأزمة صحية خطيرة تدعى بوباء كورونا ، فرضت جميع هذه الدول التي اصابها هذا المرض الفتاك حضر التجوال و إبقاء الناس في بيوتهم ومنازلهم لتطويق المرض والحد من انتشاره ، وهذا الاجراء الاحترازي بعينه قد طبقته وفرضته خلية الطوارئ الصحية التي يطلق عليها بخلية الازمة في بلادنا العراق الحبيب .
وهنا قد يتبادر سؤال للشخص المؤمن الموالي لأهل البيت (ع) ما هو تكليفي اذا اردت زيارة الامام الحسين (ع) ؟؟؟
هل اذهب لزيارته (ع) ؟؟؟ ام ابقى في البيت التزاما بقول خلية الازمة ؟؟؟
قد يستدل البعض بان زيارة الامام الحسين (ع) جائزة حتى في حال خوف الخطر استنادا الى الروايات التالية المروية عن اهل البيت (ع) منها :
* روى ابن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال : قلت له : ( إني أنزل الأرجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك فإذا خرجت فقلبي وجل مشفق حتى أرجع خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح - 1 -فقال : يا ابن بكير ، أما تحب أن يراك الله فينا خائفاً ، أما تعلم أنه من خاف لخوفنا أظله الله في ظل عرشه ، وكان محدثه الحسين (ع) تحت العرش ، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة ، يفزع الناس ولا يفزع ، فإن فزع وقرته (قوته) الملائكة وسكنت قلبه بالبشارة ) - 2 -
وقد تضمنت هذه الرواية وبشكل واضح حث الإمام الصادق (ع) لعبد الله بن بكير على الزيارة حتى لو كان هناك خوفاً ، بل لم تقتصر الرواية على حثه على ذلك ، وإنما تضمنت أيضاً الإشارة إلى الأثر المترتب والثواب المرتقب على زيارته إلى قبره (ع) في مثل تلك الحالة ( أعني حالة الخوف ) .
* وبل تضمنت بعض النصوص الاخرى أن ترك زيارة قبره (ع) بسبب الخوف وعدم الأمان سبب لأن يرى الإنسان في الدنيا الحسرة .
فعن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع) قال : قال لي : ( يا معاوية لا تدع زيارة قبر الحسين (ع) لخوف ، فإن من ترك زيارته رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده ، أما تحب أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله (ص) وعلي وفاطمة والأئمة (ع) - 3 -
* كما أن هناك جملة من النصوص تضمنت أن الثواب على قدر شدة الخوف ، فكل ما كان الخوف أشد ، كان الثواب أعظم وأكثر ، ففي حديث لمحمد بن مسلم ، قال : قال لي أبو جعفر محمد بن علي (ع) : ( هل تأتي قبر الحسين (ع) ؟
قلت : نعم على خوف ووجل .
فقال : ما كان من هذا أشدّ فالثواب على قدر الخوف ، ومن خاف في إيتانه آمن الله روعته يوم القيامة ، يوم يقوم الناس لرب العالمين ، وانصرف بالمغفرة ، وسلمت عليه الملائكة ، وزاره النبي (ص) ودعا له ، وانقلب بنعمة الله وفضل لم يمسسه سوء واتبع رضوان الله ) - 4 -
اذا عرفت ذلك اقول لك :
ان مورد الروايات المتقدمة هو التأكيد على زيارة الحسين (ع) واثبات هذه العقيدة الحقة لكي لا تندرس وتنمحي زيارة الامام الحسين (ع) حتى لو خاف جور السلطان وتوعده بقتل وايذاء الناس .
اما من استدل بروايات الخوف المتقدمة على جواز الذهاب لزيارة الحسين (ع) حتى مع تفشي هذا الوباء الخبيث فقد توهم كثيرا لان زيارة الامام الحسين ثابتة الان عند جميع المؤمنين في هذا العصر وقياس هذا العصر بذلك العصر وهذا الظرف بذلك الظرف قياس مع الفارق ، بل ان جميع العقلاء يرجحون البقاء في البيت وترك الذهاب الى الزيارة مؤقتا لحين زوال هذا الظرف الصحي كما افتى الفقهاء بذلك واوجبوا البقاء في البيوت والاكتفاء باداء الزيارة للائمة الطاهرين (ع) عن بعد .
* بل حتى ان نفس الائمة المعصومين (ع) قد حكموا في بعض الروايات عند انتشار الاوبئة والامراض بالبقاء في المنازل والبيوت وعدم الخروج من الدار .
ففي الرواية : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا حميد بن زياد الكوفي ، قال : حدثنا علي بن الصباح بن الضحاك ، عن جعفر بن محمد بن سماعة ، عن سيف التمار ، عن أبي المرهف ، قال : قال أبو عبد الله (ع) : هلكت المحاضير .
قال : قلت : وما المحاضير؟
قال : المستعجلون ، ونجا المقربون ، وثبت الحصن على أوتادها ، كونوا أحلاس بيوتكم - 5 - ، فإن الغبرة على من أثارها ، وأنهم لا يريدونكم بجائحة - 6 - إلا أتاهم الله بشاغل إلا من تعرض لهم ) - 7 -
فيتضح مما تقدم انه لا تعارض في حث الائمة على زيارة الامام الحسين (ع) حتى في حال الخوف من السلطان ، وبين امر الائمة بالبقاء في البيوت وترك زيارة الامام الحسين (ع) عند الخوف من الوباء .
كما انه لا تقاس احدى حالتي الخوف بالأخرى في الاستدلال كما تقدم .
*********************************
الهوامش :
1 - اي الذين يحملون السلاح .
2 - كامل الزيارات ، ص 125.
3 - كامل الزيارات ، الباب 45 ، ح 3 .
4 - كامل الزيارات ، الباب 45 ، ح 5 .
5 - حَلِسَ الرَّجُلُ بِالْمَكانِ وفِيه : لَزِمَهُ ، ويقال : هو حِلْسُ بيته : لا يبرحه ، ومعنى كون الرجل من أحلاس البلاد : لا يفارقها . وهذا هو المعبر عنه في الوقت الحاضر بالحجر الصحي المنزلي .
6 - الجائحة : الجائحة ، وجمعها جوائح ( بالإنجليزية : pandemic ) ، هي وباء ينتشر بين البشر في مساحة كبيرة مثل قارة مثلا أو قد تتسع لتضم كافة أرجاء العالم . ويسمى الانتشار الواسع لمرض بين الحيوانات جارفة . هذا التعريف بحسب موقع ويكيبيديا .
7 - كتاب الغيبة ، لمحمد بن إبراهيم النعماني ، ج 1 ، ص 201 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
في ظل هذا الظروف الطارئة على جميع دول العالم التي تمر بأزمة صحية خطيرة تدعى بوباء كورونا ، فرضت جميع هذه الدول التي اصابها هذا المرض الفتاك حضر التجوال و إبقاء الناس في بيوتهم ومنازلهم لتطويق المرض والحد من انتشاره ، وهذا الاجراء الاحترازي بعينه قد طبقته وفرضته خلية الطوارئ الصحية التي يطلق عليها بخلية الازمة في بلادنا العراق الحبيب .
وهنا قد يتبادر سؤال للشخص المؤمن الموالي لأهل البيت (ع) ما هو تكليفي اذا اردت زيارة الامام الحسين (ع) ؟؟؟
هل اذهب لزيارته (ع) ؟؟؟ ام ابقى في البيت التزاما بقول خلية الازمة ؟؟؟
قد يستدل البعض بان زيارة الامام الحسين (ع) جائزة حتى في حال خوف الخطر استنادا الى الروايات التالية المروية عن اهل البيت (ع) منها :
* روى ابن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال : قلت له : ( إني أنزل الأرجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك فإذا خرجت فقلبي وجل مشفق حتى أرجع خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح - 1 -فقال : يا ابن بكير ، أما تحب أن يراك الله فينا خائفاً ، أما تعلم أنه من خاف لخوفنا أظله الله في ظل عرشه ، وكان محدثه الحسين (ع) تحت العرش ، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة ، يفزع الناس ولا يفزع ، فإن فزع وقرته (قوته) الملائكة وسكنت قلبه بالبشارة ) - 2 -
وقد تضمنت هذه الرواية وبشكل واضح حث الإمام الصادق (ع) لعبد الله بن بكير على الزيارة حتى لو كان هناك خوفاً ، بل لم تقتصر الرواية على حثه على ذلك ، وإنما تضمنت أيضاً الإشارة إلى الأثر المترتب والثواب المرتقب على زيارته إلى قبره (ع) في مثل تلك الحالة ( أعني حالة الخوف ) .
* وبل تضمنت بعض النصوص الاخرى أن ترك زيارة قبره (ع) بسبب الخوف وعدم الأمان سبب لأن يرى الإنسان في الدنيا الحسرة .
فعن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع) قال : قال لي : ( يا معاوية لا تدع زيارة قبر الحسين (ع) لخوف ، فإن من ترك زيارته رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده ، أما تحب أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله (ص) وعلي وفاطمة والأئمة (ع) - 3 -
* كما أن هناك جملة من النصوص تضمنت أن الثواب على قدر شدة الخوف ، فكل ما كان الخوف أشد ، كان الثواب أعظم وأكثر ، ففي حديث لمحمد بن مسلم ، قال : قال لي أبو جعفر محمد بن علي (ع) : ( هل تأتي قبر الحسين (ع) ؟
قلت : نعم على خوف ووجل .
فقال : ما كان من هذا أشدّ فالثواب على قدر الخوف ، ومن خاف في إيتانه آمن الله روعته يوم القيامة ، يوم يقوم الناس لرب العالمين ، وانصرف بالمغفرة ، وسلمت عليه الملائكة ، وزاره النبي (ص) ودعا له ، وانقلب بنعمة الله وفضل لم يمسسه سوء واتبع رضوان الله ) - 4 -
اذا عرفت ذلك اقول لك :
ان مورد الروايات المتقدمة هو التأكيد على زيارة الحسين (ع) واثبات هذه العقيدة الحقة لكي لا تندرس وتنمحي زيارة الامام الحسين (ع) حتى لو خاف جور السلطان وتوعده بقتل وايذاء الناس .
اما من استدل بروايات الخوف المتقدمة على جواز الذهاب لزيارة الحسين (ع) حتى مع تفشي هذا الوباء الخبيث فقد توهم كثيرا لان زيارة الامام الحسين ثابتة الان عند جميع المؤمنين في هذا العصر وقياس هذا العصر بذلك العصر وهذا الظرف بذلك الظرف قياس مع الفارق ، بل ان جميع العقلاء يرجحون البقاء في البيت وترك الذهاب الى الزيارة مؤقتا لحين زوال هذا الظرف الصحي كما افتى الفقهاء بذلك واوجبوا البقاء في البيوت والاكتفاء باداء الزيارة للائمة الطاهرين (ع) عن بعد .
* بل حتى ان نفس الائمة المعصومين (ع) قد حكموا في بعض الروايات عند انتشار الاوبئة والامراض بالبقاء في المنازل والبيوت وعدم الخروج من الدار .
ففي الرواية : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا حميد بن زياد الكوفي ، قال : حدثنا علي بن الصباح بن الضحاك ، عن جعفر بن محمد بن سماعة ، عن سيف التمار ، عن أبي المرهف ، قال : قال أبو عبد الله (ع) : هلكت المحاضير .
قال : قلت : وما المحاضير؟
قال : المستعجلون ، ونجا المقربون ، وثبت الحصن على أوتادها ، كونوا أحلاس بيوتكم - 5 - ، فإن الغبرة على من أثارها ، وأنهم لا يريدونكم بجائحة - 6 - إلا أتاهم الله بشاغل إلا من تعرض لهم ) - 7 -
فيتضح مما تقدم انه لا تعارض في حث الائمة على زيارة الامام الحسين (ع) حتى في حال الخوف من السلطان ، وبين امر الائمة بالبقاء في البيوت وترك زيارة الامام الحسين (ع) عند الخوف من الوباء .
كما انه لا تقاس احدى حالتي الخوف بالأخرى في الاستدلال كما تقدم .
*********************************
الهوامش :
1 - اي الذين يحملون السلاح .
2 - كامل الزيارات ، ص 125.
3 - كامل الزيارات ، الباب 45 ، ح 3 .
4 - كامل الزيارات ، الباب 45 ، ح 5 .
5 - حَلِسَ الرَّجُلُ بِالْمَكانِ وفِيه : لَزِمَهُ ، ويقال : هو حِلْسُ بيته : لا يبرحه ، ومعنى كون الرجل من أحلاس البلاد : لا يفارقها . وهذا هو المعبر عنه في الوقت الحاضر بالحجر الصحي المنزلي .
6 - الجائحة : الجائحة ، وجمعها جوائح ( بالإنجليزية : pandemic ) ، هي وباء ينتشر بين البشر في مساحة كبيرة مثل قارة مثلا أو قد تتسع لتضم كافة أرجاء العالم . ويسمى الانتشار الواسع لمرض بين الحيوانات جارفة . هذا التعريف بحسب موقع ويكيبيديا .
7 - كتاب الغيبة ، لمحمد بن إبراهيم النعماني ، ج 1 ، ص 201 .
تعليق