بسم الله الرحمن الرحيم
تعارف عند بعض الناس صيام أول يوم أحد من شهر شعبان بداعي أنه اليوم الذي إستجاب به الله تعالى لنبيه زكريا فرزقه ولده النبي يحيى و يسمّى بصيام يوم زكريا ..
وفي مقام الجواب عن هذه الظاهرة و بيان مدى صحتها وانسجامها مع القواعد الشرعية نقول ومن الله التسديد :
قال الله تعالى حاكياً عن رغبة وطلب النبي زكريا عليه السلام ، وجواباً له ( قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ )) ال عمران/41
1- فأن كان المقصود من صوم زكريا هو صوم الصمت - وانْ جمع بين الإمساك عن المفطرات و الإمساك عن الكلام اي السكوت - فلم يرد ما يدل على رجحانه فضلا عن مشروعيته في الإسلام
إن قلت : أنه من شريعة من قبلنا من الأنبياء ومنزّل من السماء فلماذا لا نأخذ به ؟
قلت : إن شريعة نبينا محمد ( صلى الله عليه وآله ) ناسخة للشرائع السابقة
قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام )) آل عمران : 19
فمجرد ثبوت الفعل في الشرائع السابقة لا يكفي لثبوته في شريعتنا وإنْ لم يرد فيه نهي ، بل يحتاج كل عمل إلى ما يثبت حكمه الشرعي من ناحية وجوبه ، أو إستحبابه ، أو حرمته ، أو كراهته في شريعتنا ، لأن الأفعال العبادية تحتاج إلى دليل يثبت الحكم لها ، ولا يكفي مجرد وجودها في الشرائع السابقة كيفما أتفق.
مضافا إلى ورود النهي عن مثل هذا الصوم محل الكلام ، بل أعتبره الفقهاء من البدع المحرّمة :
فعن معن الزهري عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال : (وصوم الصمت حرام ).
وعن علي (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( ليس من أمتي رهبانية ولا سياحة ولا زمّ ـ يعني السكوت ـ)
وفي مستند الشيعة للمحقق الناراقي ج10 ص 510 : (صوم الصمت : ولا خلاف في حرمته بل عليه الإجماع في المنتهى والتذكرة والحدائق وغيرها).
2- أمَّا إذا اُريد به الصوم المألوف في شريعتنا وهو الإمساك عن المفطرات من الفجر الصادق الى الغروب مع النية - وكانت تسميته بذلك تيمّناً بإسم نبي الله زكريا عليه السلام - فهذا مستحب في اليوم المذكور ، بل عموم أيام شهر شعبان المعظم ، إلّا أنه لم يرد شرعاً صوم خاص بعنوان صوم زكريا في اليوم المذكور ، والإتيان به بهذا العنوان بنية الورود على أنه مستحب خاص بدعة وحرام .
---------------------------------
مركز الامام الصادق عليه السلام للدراسات والبحوث الإسلامية التخصصية