اللهم صل على محمد وآل محمد
عن النبي المصطفى (صى الله عليه واله) قال: (.....إن الله عز وجل ينزل في شهر رمضان من الرحمة ألف ضعف ما ينزل في سائر الشهور
ويحشر شهر رمضان في أحسن صورة فيقيمه على تلعة لا يخفى وهو عليها على أحد ممن ضمه ذلك المحشر ،
ثم يأمر ويخلع عليه من كسوة الجنة وخلعها وأنواع سندسها وثيابها ، حتى يصير في العظم بحيث لا ينفده بصر ، ولا يغني علم مقداره اذن ولا يفهم كنهه قلب .
ثم يقال لمناد من بطنان العرش : ناد ! فينادي : يا معشر الخلائق أما تعرفون
هذا ؟
فيجيب الخلائق يقولون : بلى لبيك داعي ربنا وسعديك أما إننا لا نعرفه
يقول منادي ربنا : هذا شهر رمضان ما أكثر من سعد به ؟ وما أكثر من شقي به ؟
🔸ألا فليأته كل مؤمن له معظم بطاعة الله فيه ، فليأخذ حظه من هذه الخلع ، فتقاسموها بينكم على قدر طاعتكم لله وجدكم
قال : فيأتيه المؤمنون الذين كانوا لله فيه مطيعين فيأخذون من تلك الخلع على مقادير طاعتهم كانت في الدنيا ، فمنهم من يأخذ ألف خلعة ، ومنهم من يأخذ عشرة ألاف ، ومنهم من يأخذ أكثر من ذلك وأقل ، فيشرفهم الله بكراماته .
ألا وإن أقواما يتعاطون تناول تلك الخلع ، يقولون في أنفسهم : لقد كنا بالله
مؤمنين ، وله موحدين ، وبفضل هذا الشهر معترفين فيأخذونها ويلبسونها فتتقلب على أبدانهم مقطعات نيران ، وسرابيل قطران ، يخرج على كل واحد منهم بعدد كل سلكة من تلك الثياب أفعى🐍 وعقرب وقد تناولوا من تلك الثياب أعدادا مختلفة
على قدر أجرامهم : كل من كان جرمه أعظم فعدد ثيابه أكثر فمنهم الاخذ ألف
ثوب ، ومنهم الاخذ عشرة آلاف ثوب ، ومنهم من يأخذ أكثر من ذلك وإنها
لاثقل على أبدانهم من الجبال الرواسي على الضعيف من الرجال ،
ولولا ما حكم الله تعالى بأنهم لا يموتون لماتوا من أقل قليل ذلك الثقل والعذاب ، ثم يخرج
عليهم بعدد كل سلكة في تلك السرابيل من القطران ومقطعات النيران أفعى وحية
وعقرب وأسد ونمر وكلب من سباع النار ، فهذه تنهشه ، وهذه تلدغه ، وهذا يفرسه
وهذا يمزقه ، وهذا يقطعه .
يقولون : يا ويلنا مالنا تحولت علينا هذه الثياب ، وقد كانت من سندس وإستبرق
وأنواع خيار أثواب الجنة تحولت علينا مقطعات النيران ، وسرابيل قطران وهي
على هؤلاء ثياب فاخرة ملذذة منعمة ؟
فيقال لهم : ذلك بما كانوا يطيعون في شهر رمضان ، وكنتم تعصون ، وكانوا
يعفون وكنتم تزنون ، وكانوا يخشون ربهم وكنتم تجترؤن ، وكانوا يتقون السرق
وكنتم تسرقون ، وكانوا يتقون ظلم عباد الله وكنتم تظلمون ، فتلك نتايج أفعالهم
الحسنة ! وهذه نتايج أفعالكم القبيحة .
فهم في الجنة خالدون ، لا يشيبون فيها ولا يهرمون ، ولا يحولون عنها ولا
يخرجون ، ولا يقلقون فيها ولا يغتمون ، بل هم فيها سارون من خوف ، مبتهجون
آمنون مطمئنون ولاخوف عليهم ولا هم يحزنون ، وأنتم في النار خالدون تعذبون
فيها وتهانون ، ومن نيرانها إلى زمهريرها تنقلبون ، وفي حميمها تغتسلون ، ومن
زقومها تطعمون ، ولمقامعها تقمعون ، وبضروب عذابها تعاقبون ، أحياء أنتم فيها و
لا تموتون أبد الا بدين إلا من لحقته منكم رحمة رب العالمين ، فخرج منها بشفاعة
محمد أفضل النبيين بعد العذاب الأليم والنكال الشديد.
-----------------------------
البحار ج93 ص375 -374
التفسير المنسوب للامام العسكري ص665