اللهم صل على محمد وآل محمد
يقول الشيخ باقر شريف القرشي [رحمه الله] :
الصفة البارزة من نزعات الإمام الحسين (عليه السّلام) الإباء عن الضيم ، حتّى لقّب (بأبي الضيم) ، وهي من أعظم ألقابه ذيوعاً وانتشاراً بين الناس ؛ فقد كان المثل الأعلى لهذه الظاهرة ، فهو الذي رفع شعار الكرامة الإنسانية ورسم طريق الشرف والعزّة ، فلم يخنع ولم يخضع لقرود بني اُميّة ، وآثر الموت تحت ظلال الأسنة. يقول عبد العزيز بن نباتة السعدي :
والحسينُ الذي رأى الموتَ في العـ * ـزِ حياةً والعيشَ في الذلِّ قتلا
لقد علّم أبو الأحرار الناس نبل الإباء ونبل التضحية ، يقول فيه مصعب ابن الزبير : واختار الميتة الكريمة على الحياة الذميمة، ثمّ تمثّل :
وإن الاُلى بالطفِّ من آل هاشم * تآسوا فسنّوا للكرام التآسيا
وقد كات كلماته يوم الطفِّ من أروع ما أثر من الكلام العربي في تصوير العزّة والمنعة والاعتداد بالنفس يقول : «ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين ؛ بين السلّة والذلّة ، وهيهات منّا الذلّة ، يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون ، وحجور طابت وطهرت ، واُنوف حميّة ، ونفوس أبّية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام». ووقف يوم الطفِّ كالجبل الأشم ، غير حافل بتلك الوحوش الكاسرة من جيوش الردّة الاُمويّة ، وقد ألقى عليهم وعلى الأجيال أروع الدروس عن الكرامة وعزّة النفس وشرف الإباء قائلاً : «والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أفرّ فرار العبيد ، إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ». وألقت هذه الكلمات المشرقة الأضواء على مدى ما يحمله الإمام العظيم من الكرامة التي التي لا حدّ لأبعادها ، والتي هي من أروع ما حفل به تاريخ الإسلام من صور البطولات الخالدة في جميع الآباد.
_______________________
حياة الامام الحسين عليه السلام الجزء ١
تعليق