تويت
سواد يتّشح به التاريخ تتجلبب به الإنسانية جمعاء.. المصاب يفوق التصوّر، ويهدّ الأركان لدرجة الهلع..
بكاء السماء بالدماء.. نحيب الشمس التي رُدّت له مرّتين، تزلزل الأفلاك والكواكب في منظر مُفزع من هول المصاب..
السماء والأرض أعلنتا الحداد، الوديان والجبال، البحار والأنهار.. الأحجار والأشجار.. الأزهار والأقطار،
وكلّ ما خلق الله يبكي الأمير.
المحراب
تهاوى أمامي مخضّباً بدمائه... تناثرت بالشهادة عمامته.. نداء غريب على البشريّة، لكنّه ليس غريباً على إمام الإنسانية...
فزتُ وربّ الكعبة...نداء شقّ عنان السماء وصدح في كلّ بيت.. صوت أخرج المخدّرات من خدورهنّ..
وأنا لا أدري ما الذي جعلني لا أتهاوى؟.. وأنا أرى سيّدي الذي أعتدتُ على هينمات دعائه أعواماً
يهوي مضرّجاً بدمائه وأنا أقفُ صامداً!.. لطالما أذابتني مناجاته وابتهالاته، وكدتُ أهوي لمرّات ومرّات..
لا أدري ما الذي جرى؟ ربّما لأكون شاهداً على جريمة لم ترَ البشريّة مثيلاً لها أبداً..
أمّ البنين
مصاب تنوء بحمله الأكتاف .. الحزن غار في أعمق الأعماق، رسم على جدران قلب بنات الرسالة نقش الحزن الأبديّ،
أنّى للعقيلة حمل هذه الفاجعة؟... وكيف احتملت أمّ كلثوم الخبر؟...
وتناثرت على قلب أمّ البنين المواجع، فقد رحل عنها الحبيب الأمير وهي لا ترقأ لها دمعة
ولا تستكين لها عَبرة وكأنّي بها تشكو له لوعة الفراق:
الليل عاصمة الهموم.. فيه تصحو المواجع.. والليل يكتب تأريخ الحنين.. وليلي بدأ مذ فارقتني..
غابتْ شمسي وأفلتْ، فأضحتْ حياتي ليلاً طويلاً لا يستكين..
الأيتام
زفرات تتبعها آهات.. والقلب ملتهب بنيران الفجيعة وآلام الوجيعة... لم تحتمل قلوبهم الصغيرة ما يجري..
ولم يُجب أحد على تساؤلاتهم المشروعة.. لماذا يُقتل أبونا بهذه القسوة؟ هم لا يعرفون للقسوة معنى إلّا الآن..
ولا يزال السؤال يدور وهم ينثرون على مدى السنين دموع فقدهم لأبيهم، جيل يسلّم جيلاً راية الأحزان
ودموع الولاء، ولوعة الوجدان، والنشيج المفجع: مَن لنا من بعدك يا أبه؟؟ مَن لليتيم حتى يكبر؟
مَن للأرامل؟ مَن للفقراء؟ لا يزال الأيتام يفتقدون الحاني أبا الأيتام.
تعليق