إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

محور المنتدى(سرٌ وتجارة )389

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محور المنتدى(سرٌ وتجارة )389



    خادمة ام أبيها
    عضو ماسي











    • تاريخ التسجيل: 23-05-2015
    • المشاركات: 6126



    #1
    ⭐🌙⭐ليلة القدر.. سرٌ وتجارة⭐🌙⭐





    في هذا الشهر المبارك الذي يستقبله الإنسان بالطهارة والصيام، وتقوى القلوب لما له من مكانة عظيمة عند الله (جلا وعلا)،

    فيبدأ الإنسان رحلة أشبه ما تكون مرحلة انتقالية من عالم الماديات إلى العالم العلوي الملائكي،

    نلاحظ العمل يبدأ من شهر رجب الأصب الذي تصب في الرحمة الإلهية،

    وأغلب الأدعية تتناول الاستغفار لينتقل بعدها الإنسان لشهر شعبان المبارك،

    ونلاحظ انتقاله حتى في مضمون الأدعية الواردة عن أهل البيت (سلام الله عليهم) تعبئة ومنهجية متكاملة.

    فالمسيرة التكاملية لدى الإنسان تكون بشكل دفعي تدريجي ليس هناك انقلاب مفاجئ،

    فالتغيير يبدأ بحركة تكاملية تدريجية نفسية تسير نحو الكمال الروحي، إلى أن نصل للشهر المبارك الفضيل شهر رمضان.

    ليرتقي الإنسان بالصوم من حالة المادية إلى حالة تشبه حالة الملائكة.

    ويزداد عظمة هذا الشهر بوجود حدث عظيم ألا وهو نزول القرآن الكريم، قال تعالى {إنّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَة مُبارَكَة}

    سورة الدخان الآية (١) ألا وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر،


    قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣)} سورة القدر.
    روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:


    «...فغرة الشهور شهر الله (عز ذكره) وهو شهر رمضان، وقلب شهر رمضان ليلة القدر...»

    *********************************************
    ****************************
    ******************

    اللهم صل على محمّد وآل محمّد

    وتعود الليلة المرجوّة في عامنا هذا


    ويهب الله لنا العمر والعافية للطاعة


    فشكار لك ربي على جزيل النعم وفائض الكرم ..

    وهانحن نقف على اعتابها المباركة لنطلب بها كل الخير والنور والوعي والكرامات الدنيوية والاخروية ...


    فنسأل الله ان نكتشف من أسرارها العظيمة ونحصل على عطاياها المباركة ..












    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	photo_2020-05-12_23-09-38.jpg 
مشاهدات:	1310 
الحجم:	190.0 كيلوبايت 
الهوية:	885538











  • #2
    نلاحظ هذه المسيرة التكاملية ارتفعت شيئاً فشيئاً إلى أن تصل لليالي القدر.
    وهنا تقع بعض الأسئلة منها:
    - متى تكون ليلة القدر بالتحديد؟
    -وأين أبحث عن ليلة القدر؟
    - وماهي صفات هذه الليلة؟
    - وماهي فضيلة هذه الليلة؟
    هناك حالة من الإبهام والإخفاء الذي يحيط بهذه الليلة المباركة، روي عن سفيان بن السمط قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام ): الليالي التي يرجى فيها من شهر رمضان؟ فقال: «تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين»، قلت: فإن أخذت إنسانًا الفترة أو علة، ما المعتمد عليه من ذلك؟ فقال: «ثلاث وعشرين» (٣). وكل ذلك احتمالات حسب ما جاء في الكثير من الروايات فكل هذه الليالي تعتبر من ليالي القدر، ليس هناك قطع ويقين بتحديد تلك الليلة المباركة، لكن الذي يظهر من الروايات أن تكون ليلة القدر الثالثة والعشرين الاحتمال الأقوى هي التي يفرق فيها كل أمر حكيم.
    -لماذا هذا الإخفاء والإبهام؟
    هناك ملاحظتان مهمتان حول هذا الإبهام وهما:
    أولًا: قد يكون سبب الإبهام لتوسيع نطاق عمل الخير والعبادة والسير نحو الكمالات العلوية. فاستقبال هذه الليلة العظيمة بالتقوى والصيام المجهز قبلها لفترات لاستقبالها بالطهارة والتقوى، دليل على أنها ليلة عظيمة ومباركة وهذا ما جاء في القرآن والروايات.
    ثانيًا:
    إذا كان الإبهام يتعلق بعمل الخير فهو لمصلحة الإنسان، لأنه لو تم وضوح وتحديد نقطة لها لعجز الإنسان، واكتفى بالعمل فقط في تلك النقطة المحددة.
    ونلاحظ تارة الروايات تنقل لنا أنها تقع في العشرة الأواخر من الشهر، روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» (٤).
    فنلاحظ وضوح من جهة وغموض من جهة أخرى وهذا معناه أن نطاق الخير قد اتسع لهذه الليلة المباركة، ونحن كمؤمنين هدفنا هو الرضا الإلهي.
    ونلاحظ أن الإخفاء ليس فقط في ليلة القدر إنما في الكثير من الأمور، فإذا علم الإنسان بلحظة رحيله من هذه الحياة الدنيا فإنه سيتوب قبل موته بقليل ويعمل صالحًا... لكن إذا لا يعلم ذلك في أي لحظة ينتقل لربه وكان موعد موته مبهم سيبقى يترقب ذلك في كل لحظة.
    الله (جلا وعلا) قد اخفى رضاه في طاعته، فلا نعلم أين يكمن الرضا الإلهي المطلق، لنسعى لنيل رضاه والاستكثار من الطاعات، وكذلك اخفى اولياءه في عباده، لكي لا نحقر عبد من عبيد الله فيمكن أن يكون إنسان بسيط نجهله هو أقرب لله منزلة ودرجة. وأخفى سخطه في معصيته، وأخفى اسمه الأعظم في اسمائه الحسنى لنعظم ونمجد كل اسمائه وهذا ما جاء في دعاء الجوشن الكبير.
    ما هي ليلة القدر؟
    أو ما معنى القدر في هذه الليلة المباركة؟
    ورد في الروايات والأحاديث، والتفاسير أن تسميتها بليلة القدر جاءت بسبب أن الله قدّر فيها ما هو كائن إلى يوم القيامة، من خير أو شر، حياة أو موت، صحة أو مرض، كل ذلك يقدر في تلك الليلة المباركة.
    وكذلك ما ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) تقدير الولاية في تلك الليلة، روي عن أبي عبد الله (عليه السلام): "أن في هذه الليلة قدّرت ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، وفضلًا عنه تم تقدير السماوات والأرض) (٥).
    القدر في اللغة: مصدر: قدر يقدر قدرًا، عبارة عمّا قضاه الله وحكم به من الأمور. (1)
    وقيل: هو كون الشيء مساويًا لغيره من غير زيادة ولا نقصان، وقدّر الله هذا الأمر بقدره قدرًا: إذ جعله على مقدار ما تدعو إليه الحكمة. اصطلاحًا هو: ما قدّره الله سبحانه من القضاء وحكم به.
    ومن صفات هذه الليلة المباركة كما جاء في الآيات والروايات:
    - أنها تشهد نزولًا للملائكة، لا يعني ذلك أنهم لا ينزلون في الأيام الاعتيادية لكن نزولهم في هذه الليلة بصفة مختلفة، قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فيها بِإذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر سَلامٌ هِيَ}، والروح النازلة في ليلة القدر لها العديد من التفاسير، والأصحّ في تفاسير أهل البيت (عليهم السلام) أنّ الروح ها هنا جبرئيل، وتخصيصه بالذكر لزيادة شرفه، كأنّه تعالى يقول: الملائكة في كفّة والروح في كفة.
    كل ذلك بإذن الله ورحمته.
    -ليلة القدر لها ارتباط وثيق ودليل بين على وجود صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه الشريف)، إذا كان حدوثها كل عام فعلى من يتنزّل جبرئيل (عليه السلام) بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة؟!
    -نزول القرآن في تلك الليلة المباركة زادها عظمة قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)﴾ سورة الدخان .
    -تعتبر ليلة القدر هي بداية للعام، روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «ليلة القدر هي أول السنة وهي آخرها» (٦)
    -وصفها بأنها أفضل ليالي شهر رمضان روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «فغرة الشهور شهر الله عزّ وجل وهو شهر رمضان، وقلب شهر رمضان ليلة القدر...» (٧)
    -وسئل أهل البيت عن تفسير ﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾ سورة القدر الآية (١) فأجاب الإمام الصادق (سلام الله عليه) قال: (اللَّيْلَةُ فَاطِمَةُ وَالْقَدْرُ اللَّهُ فَمَنْ عَرَفَ فَاطِمَةَ حَقَّ مَعْرِفَتِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ) (٨) وهذا بحث يطول شرحه.
    -من صفات هذه الليلة أنها ( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْر حْكيم)، القرآن يفسر بعضه بعضًا، وهذه الآية يقابلها قوله تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فيها بِإذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر سَلامٌ هِيَ).
    -استمرارية ليلة القدر في كل عام، ولم تنقطع بعد ممات رسول الله (صلى الله عليه وآله). عن داود بن فرقد قال: حدثني يعقوب قال: سمعت رجلًا يسأل الإمام الصادق (عليه السلام) عن ليلة القدر، فقال: أخبرني عن ليلة القدر، كانت أو تكون في كل عام؟ فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) «لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن» (٩).
    -ليلة القدر والتجارة مع الله
    إن إخفاء ليلة القدر في عدة ليالي هو لتوسيع نطاق عمل الخير والاستكثار منه –كما تقدم-، وما ذلك إلا لكي يحثنا (جلا وعلا) على العبادة في هذه الليالي المباركة كلها، لماذا نجعل العمر يذهب باطلًا؟ ولماذا نترك أيامنا تذهب هدرا؟!
    أليس من الأولى أن نجعل لهذا العمر المحدود الفاني قيمة؟ فإذا ما قسناه في مواجهة هذا الكون الهائل الذي يمتد في الآفاق والأبعاد، نلاحظ لا قيمة له ما دام مصيره الفناء والزوال كل شيء في طريقه للفناء إلا وجه الله، ليس أعظم من هو خير من على وجه الأرض وهو نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله) الذي جاءه النداء من السماء بقوله تعالى: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) سورة الزمر الآية (٣۰).
    والجبال بحجمها الكبير مصيرها الزوال بقوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا)سورة طه الآية (١۰٥).
    مع قصر ذلك العمر المحدود وقلته التي لا تساوي شيئًا مقابلًا بعمر الجبال باستطاعة الإنسان أن يجعل لذلك العمر قيمة...
    قد يسأل سائل وكيف يكون ذلك ما دام العمر مدته محدودة وقصيرة؟
    الجواب:
    إن العمل الذي يمارسه الإنسان عندما يقصد به الوصول لله سبحانه وتعالى، وكسب الرضا الإلهي، بمقدور ذلك الإنسان أن يمد في عمره ليتجاوز الكون كله.
    عندما يعمل عملًا بسيطًا يبتغي منه رضى الباري (جلا وعلا) والتقرب منه يكون جزاؤه جنة عرضها السموات والأرض، يستطيع الإنسان عن طريق صدقة قليلة لإطعام جائع أو كسوة يتيم أو قضاء حاجة محتاج بهذا الثمن البسيط يشتري جنة... وما هذه إلّا التجارة الرابحة مع الله. أين نحن عن ذلك؟
    هذه الأعمال والحسنات هكذا أجرها طوال عام كامل، الحسنة بعشر أمثالها، إنها تجارة عظيمة ويا له من رب كريم.
    كيف إذا أصبحت خلال شهر كامل بأضعاف مضاعفة لا تعد ولا تحصى؟
    وكيف إذا جعلت في ليلة هي خير من ألف شهر؟!
    روي عن الإمام أبا عبد الله (عليه السلام) يوصي ولده يقول: (إذا دخل شهر رمضان، فاجهدوا أنفسكم فإن فيه تقسم الأرزاق وتكتب الآجال وفيه يكتب وفد الله الذين يفدون إليه وفيه ليلة، العمل فيها خير من العمل في ألف شهر) (١۰).
    ما قيمة تلك التجارة التي تتاجرها خلال ليالي معدودة.
    قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر الله ما تقدّم من ذنبه» (١١).إن الإسلام يحثنا على هذه التجارة وهي لمصلحتنا فالله سبحانه غني غير محتاج، كل عمل يرجع بالنفع لنا.
    فمفهوم الحضارة الحقيقي والإنساني هي أن يقترن العلم والعمل بالإيمان ليكون الهدف من ذلك هو مرضاة الله أولًا ومنفعة الناس ثانيًا. فالرضا الإلهي هو الضمان للاستمرارية والمنفعة البشرية.
    لذلك على الإنسان أن يلاحظ أنه هل وصل إلى ذلك المستوى من الفيض الإلهي ليدرك تلك الليلة المباركة؟ فإذا كانت النفس ملوثة بالمعاصي والآثام وغيرها هل تكون جديرة لتلقي الرحمة الإلهية هل تدرك تلك الليلة؟
    هل استطعنا تطهير نفوسنا؟
    وهل نحن مستعدون لنيل المراتب الكمالية؟
    _

    تعليق


    • #3

      صدى المهدي
      عضو ماسي











      • تاريخ التسجيل: 13-11-2013
      • المشاركات: 8722



      #1
      حدائق الأيام الرمضانية (الحديقة الحادية عشر)

      [COLOR=#656a6d !important]17-05-2019, 02:20 PM[/COLOR]





      الحديقة الحادية عشر

      وفيها
      * ليلة القدر
      * معرفة ليلة القدر
      * صلاة لمعرفة ليلة القدر
      * دعاء اليوم الحادي عشر
      * صلاة الليلة الثانية عشر



      * ليلة القدر
      شهر رمضان المبارك شهر الثورة في الذات باتجاه المصالحة مع الكون والإنسجام مع تسبيح الموجودات جميعها لله الواحد القهار.
      ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ (الإسراء 44)
      ويمكن لهذه المصالحة رغم صعوبتها أن تتم في لحظة من لحظات ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر.


      ولست هنا بصدد الحديث عن عظمة هذه الليلة المباركة ولا عن خصوصياتها، فربما يوفق الله سبحانه وتعالى للحديث عن ذلك على أبواب ليالي القدر، وإنما أنا هنا بصدد الحديث عن الإهتمام لإدراك ليلة القدر.عندما نتأمل مضامين أدعية شهر رمضان المبارك نجد تركيزاً على ليلة القدر يلح علينا بشكل أو بآخر أن ننتبه إلى أهمية هذه الليلة المباركة.ورد في الأدعية الملحقة بدعاء الإفتتاح وليلة القدر: "وحج بيتك الحرام وقتلاً في سبيلك فوفق لنا، كما ورد في مختلف الأدعية الحديث عن ليلة القدر تارةً بلهجة الدعاء والتوسل للتوفيق لها ولإدراكها، وتارةً بلهجة واجعل في ما تقضي وتقدر من الأمر المحتوم وفي ما تفرق من الأمر الحكيم في ليلة القدر من القضاء الذي لا يُرَدّ ولا يبدَّل..."

      * معرفة ليلة القدر
      ماذا تريد هذه المضامين المباركة للأدعية المباركة حول ليلة القدر أن تقول لنا؟
      لدى الرجوع إلى كلمات العلماء الأعلام في هذا المجال نجد بوضوح أن من أمهات المطالب التي ينبغي على الصائم باستمرار من أول شهر رمضان أن يركز عليها هو أن يُوفَّق لليلة القدر.


      ما المراد بالتوفيق لليلة القدر؟ هل المراد أن يوفق الإنسان للدعاء فيها؟
      هذا مطلوب طبعاً إلا أن السيد ابن طاوس وكذلك آية الله التبريزي عليهما الرحمة يؤكدان على أهمية أن يدعو الصائم باستمرار طيلة شهر رمضان المبارك أن يُعرّفه الله تعالى ليلة القدر، فيُوفّق حينئذٍ لإحيائها والدعاء فيها. معرفة ليلة القدرإذاً، همٌّ ينبغي أن يحمله الصائم طيلة أيام شهر رمضان المبارك قبل ليالي القدر، فيكون هاجس القلب ووِرْدُ لسان الحال:إلهي عرّفني ليلة القدر في أية ليلة هي؟ قد يتصور البعض أن هذا الطلب غريب.

      وعن هذه النقطة بالذات يتحدث السيد ابن طاوس عليه الرحمة فيُبيّن ضرورة أن يطلب الصائم أن يعرّفه الله عز وجل ليلة القدر ويقول:" إن طلب معرفة ليلة القدر من مهمات ذوي العبادات حيث لم أجد في المعقولات والمنقولات ما يمنع من طلب معرفتها والظفر بما فيها من السعادات، ولقد قلت لبعض من حدثته من الأعيان لماذا لا تطلبون من أول شهر رمضان بالدعاء أن يعرّفكم الله جل جلاله بليلة القدر فإنه تقدست أسماؤه قد جعلكم أهلاً لمعرفته ومعرفة رسوله ومعرفة خاصته، وليست ليلة القدر أعظم من ذلك، فلم نجد له عذراً إلا اتّباع العادة في أنهم ما وجدوا من يهتم بهذا المطلب الجليل فقلّدوهم ومضوا على ذلك السبيل".


      حقاً، لماذا لا ندعو الله طيلة الأيام والليالي المباركة من هذا الشهر المبارك قبل ليالي القدر أن يعرّفنا ليلة القدر؟
      سيأتي في كلمات السيد ابن طاوس عليه الرحمة وغيره من العلماء أن هذا الأمر طبيعي وأن من الناس من يعرّفهم الله عز وجل ليلة القدر بطرق مختلفة، فيعرف أحدهم أن ليلة القدر هي الليلة الفلانية فيوفَّق للدعاء فيها ولإحيائها ويكون موقناً أنها ليلة القدر.
      ترى هل هذا الأمر عادي لا ينبغي الإهتمام به؟

      يذكر السيد عليه الرحمة أنه أورد لمن خاطبه من أهل زمانه مثالاً هو الآتي:لو أن شخصاً صادقاً يُقطع بصحة كلامه أخبر شخصاًً فقيراً مسحوقاً أن في هذه الأرض مساحة ثلاثين ذراع، وفي ذراع من هذه الثلاثين ذراع كنز إذا أمكن الوصول إليه فإنه يغني كل فقير وأنت ستخرج من الفقر بمجرد أن تحصل على هذا الكنز.
      فكيف يتصرف هذا الفقير مع هذه المعلومة؟

      ألا يطوف البلدان ليسأل أهل الخبرة؟ ألا يبحث في هذا الثلاثين ذراع بحثاً مضنياً؟
      إذاً لماذا لا نتعامل مع ليلة القدر كما يتعامل هذا الفقير مع هذه الثلاثين ذراع، ثلاثون ليلة، وليلة منها هي ليلة القدرولا نهتم بمعرفتها!!
      كيف نرضى أن يأتي شهر الله تعالى ويمضي ونحن لسنا مستنفرين لمعرفة هذه الليلة المباركة؟
      أين حُسن الظن بربنا عز وجل؟ لماذا لا نثق بأننا إذا كنا صادقين في طلب معرفة هذه الليلة فإنه عز وجل أكرم الأكرمين، ولن يردّ سائلاً وقف ببابه، وهو يريد أن يوفّق لدعائه وعبادته في ليلة مباركة هي خير من ألف شهر.


      كيف يردّنا عز وجل؟
      الواقع أن غفلتنا كبيرة جداً، وجزى الله سيد المراقبين السيد ابن طاوس عن المسلمين جميعاً خيرالجزاء لتنبيهنا إلى هذه الحقيقة.
      وأذكر هنا كلاماً لآية الله التبريزي في كتاب المراقبات، حيث يقول عليه الرحمة: ثم إن من أهم الدعاء في شهر رمضان أن يكثر الإنسان دعاء التوفيق للعبادة في ليلة القدر وليلة الفطر من أول الشهر إلى وقت حضورها.
      أي أن يظل الصائم يطلب من الله عز وجل من أول شهر رمضان المبارك إلى ليلة القدر أن يوَفّق لليلة القدر، ويستمر بطلب التوفيق لليلة الفطر لليلة العيد لأنها غاية في الأهمية إلى أن تحل هذه الليلة.
      يضيف: فإن صدق في الدعاء فلن يردّ الكريم تعالى دعاءه، وسيفوز بهذا الأمر العظيم الذي ينبغي للمؤمن بالقرآن الكريم أن يجهد سنة كاملة بالإحياء والعبادات لتحصيله، كيف و قد صرّح القرآن بأنها خير من ألف شهر وألف شهر أكثر من ثمانين سنة، فمن عمل سنة ثم حصل على ثواب ثمانين سنة فهو من الرابحين الفائزين فضلاً عما إذا حصل على ذلك بأقل من شهر.
      يريد عليه الرحمة: لو أن أحدنا تعب سنة من أجل أن يعرف ليلة القدر ويوفّق للعبادة فيها ثم وُفّق لها فإنه من الرابحين فكيف إذا بذل جهداً طيلة أقل من شهر ووفّق لهذه الليلة المباركة.

      ثم يقول رضوان الله تعالى عليه: و من لم يجد في نفسه اهتماماً بإدراك ليلة القدر ولو بهذا المقدار القليل فهو مريض الإيمان فليعالج إيمانه.ونظيرها في لزوم الإهتمام ليلة الفطر ويومه لأنه روي عن السجاد عليه السلام أنه كان يقول: "ليس ذلك دون ليلة القدر" ثم يرجع إلى التأكيد على الإهتمام بليلة القدر فيقول: وذوو الهمم العالية يبذلون قُصارى جهدهم ليكشف لهم في هذه الليلة عما تنزَّل من السماء إلى الأرض من الملائكة والتقديرات.

      * صلاة لإدراك ليلة القدر
      إذا وجدنا في أنفسنا اهتماماً بمعرفة ليلة القدر فهناك صلاة ذكرها السيد ابن طاوس عليه الرحمة وذكرها كذلك آية الله التبريزي في الإقبال نقلاً عن السيد وهي كما يلي:
      روي عن عبد الله بن عباس انه قال: يا رسول الله طوبى لمن رأى ليلة القدر، فقال له: يا بن عباس ألا اعلمك صلاة إذا صليتها رأيت بها ليلة القدر، كل ليلة عشرين مرة وأفضل، فقال:علمني صلى الله عليك، فقال له: تصلي أربع ركعات في تسليمة واحدة ويكون بعد العشاء الأولى وتكون قبل الوتر، في الركعة الأولى فاتحة الكتاب و قل يا ايها الكافرون ثلاث مرات، و قل هو الله أحد ثلاث مرات، وفي الثانية فاتحة الكتاب، و قل يا أيها الكافرون ثلاث مرات، و قل هو الله أحد ثلاث مرات،وفي الثالثة والرابعة مثل ذلك، فإذا سلمت تقول ثلاث عشر مرة: أستغفرالله. فوحق من بعثني بالحق نبياً من صلى هذه الصلاة وسبَّح في آخرها ثلاث عشر مرة، واستغفر الله، فانه يرى ليلة القدر كلما صلى بهذه الصلاة ويوم القيامة يشفع في سبعمأة الف من أمتي، وغفر الله له ولوالديه إن شاء الله تعالى.


      وقبل أن أذكر تعقيب السيد رحمه الله على هذه الرواية أذكر ما علق به عليها آية الله التبريزي حيث قال:" وقد روى لدرك فضيلة ليلة القدر في الإقبال رواية، وهي وإن لم يثبت اعتبارهاإلا أنها من أجل عظمة أمرها، ينبغي أن يُعمل بها رجاءً لصحتها وثبوتها في الواقع".

      ثم أورد الرواية وعقب بقوله:"أقول: لم يُعلم المراد من الرواية صريحاً، ويمكن أن يكون المراد أنه يحصل له من الثواب مايعادل أفضل من لذة رؤية ليلة القدر عشرين مرة..

      وأماالسيد عليه الرحمة هذه فقد أكَّد بعد ذكرهذه الرواية أنك إذا كنت تريد أن تصلي هذه الصلاة فصَلِّها ولكن لا تقتصر عليها في طلب معرفة ليلة القدر، بل تضرّع وادعُ الله عز وجل ليعرفك إياها، ثم أكّد على طلب معرفتها وأن لايحول الإستبعاد دون ذلك،فقال: إعلم أن الله جل جلاله قادر أن يُعرّف بليلة القدر من يشاء كما يشاء وبما يشاء فلا تلزم هذه العلامة من التعريف، واطلب زيادة الكشف من المالك الرحيم الرؤوف اللطيف فإنني- يضيف السيد- عرفت وتحققت من بعض من أدركته أنه كان يعرف ليلة القدر كل سنة على اليقين. وهي رحمة أدركتْه من رب العالمين، وليست بأعظم من رحمة الله جل جلاله بمعرفة ذاته المقدسة وصفاته المنزهة، ومعرفة سيد المرسلين وخواص عترته الطاهرين، وإياك أن تكذّب بما لم تُحط به علماً من فضل الله جل جلاله العظيم، فتكون كما قال الله جل جلاله: ﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾ ( الأحقاف11)، فكل المعلومات لم تكن محيطاً بها ثم علمت بعد الإستبعاد له. ولو قال لك قائل: إنه رأى تراباً يمشي على الأرض باختياره، ويحيط بعلوم كثيرة في أسراره، ويغلب من هو أقوى منه مثل السبع والفيل، والأمور التي يتمكن منها ابن آدم في اقتداره، كنت قد استبعدت هذا القول من قائله، وتطلعت إلى تحقيقه ودلائله، فإذا قال لك: هذا التراب الذي أشرت إليه هو أنت على اليقين، فإنك تعلم أنك من تراب وتعود الى تراب، وإنما صرت كما أنت بقدرة رب العالمين، فذلك الذي أقدرك مع استبعاداتك هو الذي يقدر غيرك على ما لم تحط به علماً بفطنتك.


      يريد رضوان الله تعالى عليه التأكيد على أمرين:
      الأول:
      أن معرفتك بذلك دون معرفتك بالله سبحانه وتعالى، والله عز وجل قد سمح لك بمعرفته فلماذا لا يمُنُّ عليك بتعريفك ليلة القدر؟
      الثاني: أن الإستبعاد الذي هو الإستغراب لايصلح دليلاً تستند إليه فتنفي ما تستبعده، فلا تستند إلى استبعاد أن تعرف ليلة القدر فتحرم نفسك من بركاتها.
      أللهم وفقنا لمعرفة ليلة القدر بالزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسرّ المستودع فيها
      .

      * رؤية ليلة القدر
      ماتقدم كان الهدف منه معرفة ليلة القدر على وجه التحديد، وهناك عنوان آخر يتداول على الألسن وربما لايعرف الكثيرون أنه يمكن أن يحصل وهو " رؤية ليلة القدر".وقد تقدم ذكره عابراً في كلام آية الله الملكي التبريزي، الذي طرح السؤال عن إمكانية رؤية ليلة القدر وأجاب عليه فقال:فإن قلت: مامعنى رؤية ليلة القدر؟
      قلت: رؤية ليلة القدر كما أشرنا إليه سابقاً عبارة عن كشف مايقع فيها من نزول الأمر إلى الأرض كما يُكشف لإمام العصر عليه السلام في"تلك" الليلة.


      أضاف آية الله الملكي: وإن أردت لهذا الإجمال توضيحاً فاعلم أن لله تعالى بين عالمي الأرواح والأجسام عالماً يسمى عالم المثال والبرزخ، وهو عالم بين العالمَيْن، ليس مُضيَّقاً مظلماً مثل عالم الأجسام، ولا واسعاً نَيِّراً مثل عالم الأرواح، لأن عالم الأرواح مجرد عن كدر المادة وضِيق الصورة والمقدار. وعالم الأجسام مقيد بالمادة والصورة. وعالم المثال مجرد عن المادة ومقيد بالصورة والمقدار، وهو مشتمل على عوالم كثيرة. وكلُّ موجود في عالم الأجسام فله في هذه العوالم المثالية صوَرُ مختلفة غيرُ هذه الصورة التي ( هي له) في عالم الأجسام. وكل مافي هذا العالم إنما يوجد بعد وجوده في العالميْن الأوَّلين بنحوِ وجودٍ يليق بهما، بل كل موجود في العالم إنما ينزل إليه من خزائن الله التي أشير في القرآن إليها بقوله تعالى: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُه﴾. وكل جسم وجسماني في هذا العالم إنما ينزل عليه من عالم المثال بتوسط ملائكة الله تعالى.
      والذي تدل عليه الأخبار أن أحكام كل سنة من تقدير أرزاق موجودات هذا العالم وآجالها ينزل إلى الأرض في ليلة القدر، وينكشف ذلك في هذه الليلة لمن هو خليفة الله في الأرض، ويسمى انكشاف نزول الأمرله بتوسط الملائكة "رؤية ليلة القدر". ولذة هذا الكشف ومشاهدة نزول الأمر والملائكة إنما يعرفهما أهلهما، ولعل ذلك من قبيل ما أري لإبراهيم الخليل من ملكوت السماوات والأرض.

      أضاف آية الله الملكي: ولكل إنسان نصيب كامل من هذه العوالم مخصوص به، وأغلب الناس غافلون عن عوالمهم المثالية، وغافلون عن غفلتهم أيضاً، وكذلك عن عوالمهم الروجانية إلا من مَنَّ الله عليه بمعرفة النفس، ومعرفةُ عالم المثال في طريق معرفة النفس، لأن حقيقة النفس من عالم الأرواح، فمن كُشف له حجاب المادة عن وجه روحه ونفسه، ورأى نفسه مجردة عنها في عالم المثال، يسهل له الإنتقال إلى حقيقة روحه المجردة عن الصورة أيضاً، وهذه المعرفة للنفس هي المراد من قوله صلى الله عليه وآله: " من عرف نفسه فقد عرف ربه" "ولايعرف وجه ارتباط معرفة النفس بمعرفة الرب إلا من وُفِّق لهذه المعرفة. وهذا المقدار من البيان كافٍ في مانحن بصدده من تعريف مايزول به الإنكار والإستبعاد لدرك حقيقة ليلة القدر للعاملين العابدين لأجل تحصيل الشوق اللازم للوصول".

      ومن الواضح لدى التأمل في كلامه رضوان الله تعالى عليه أن ماينكشف لصاحب الأمر عليه صلوات الرحمن هو التجلي الأتم الخاص به، إلا أن لكل من وصل إلى مرتبة إمكانية ذلك الإنكشاف له، مرتبة تناسبه من "رؤية ليلة القدر، الأمر الذي يعني بوضوح أن باستطاعة المؤمن أن يرى ليلة القدر بحسبه، وهذا هو السبب في تطرق آية الله الملكي إلى هذا الموضوع كما صرح به في آخر كلامه المتقدم.


      * دعاء اليوم الحادي عشر
      أللهم حبّب إلي فيه الإحسان وكرّه إلي فيه العصيان وحرّم عليّ فيه السخط والنيران بعونك يا عون المستغيثين.
      الإحسان جعْل الشيء حسناً ومن أصاب يقال له أحسنت لأنه جعل ما فعله حسناً، وأوضح مصاديق الصواب الإنسجام مع الحق وطاعة الله تعالى وقد ورد: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
      فالمحسن بهذا المعنى لا يخطيء، لأنه عُصِم من الذنوب بحسبه.
      أللهم حبّب إليّ في يومي هذا الإحسان وكرّه إليّ فيه التمرد عليك فما رأيت منك إلا جميلاً وما رأيتَ مني جميلاً، تتحبّب إليّ فأتبغّض إليك.
      خُذ بيدي يا دليل المتحيرين، وجنّبني أن أفعل ما أستحق به سخطك والنيران، إلهي هل تمنّ على هذا الغريق فتنتشله من لجج البُعد ومرارته إلى أنس القرب وحلاوته تكرماً منك بعونك. أغثني، يا غياث المستغيثين.


      * صلاة الليلة الثانية عشر
      1- مواصلة صلاة الألف ركعة: تصلي عشرين ركعة كل ركعتين بتسليمة، ثماني ركعات بعد المغرب، والباقي بعد العشاء وتقرأ في كل ركعة الحمد مرة، والتوحيد مرة أو ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو عشراً.


      2- عن رسول الله صلى الله عليه وآله:ومن صلى ليلة اثنتى عشرة من شهر رمضان ثماني ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة، و إنا أنزلناه ثلاثين مرة أعطاه الله ثواب الشاكرين وكان يوم القيامة من الفائزين.

      3- قال الكفعمي: "ويستحب أن يصلي في كل ليلة من شهر رمضان ركعتين بالحمد".." والتوحيد ثلاثا، فإذا سلَّم قال: سبحان من هو حفيظ لايغفل، سبحان من هو رحيم لايعجل، سبحان من هو قائم لايسهو، سبحان من هو دائم لايلهو. ثم يقول التسبيحات الأربع سبعاً، ثم يقول: سبحانك سبحانك ياعظيم. إغفر لي الذنب العظيم. ثم تصلي على النبي عشراً. من صلاها غفر الله له سبعين ألف ذنب.. ".

      أسأل الله عز وجل أن يوفقنا لمراضيه بالنبي وآله، صلوات الله تعالى عليهم أجمعين.
      والحمد لله رب العالمين 1.










      تعليق


      • #4
        • إضافة رد
        • البحث
        • الصفحة لـ 1
        • تصفية - فلترة
        • خادمة ام أبيها
          عضو ماسي











          • تاريخ التسجيل: 23-05-2015
          • المشاركات: 6126

          #1
          ⭐🦋⭐محورية الحجة للملائكة في ليلة القدر

          [COLOR=#656a6d !important]12-05-2020, 09:53 AM[/COLOR]



          بسم الله الرحمن الرحيم

          ﴿إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾

          صدق الله العلي العظيم

          إنطلاقاً من السورة المباركة نتحدث في محاور ثلاث:
          • مضامين السورة المباركة.
          • ربط ليلة القدر في عالم ولوح القضاء والقدر.
          • بيان إرتباط ليلة القدر بالحجة ”عج“.
          المحور الأول: ما هي المضامين المستفادة من هذه السورة المباركة؟


          الأولى: ﴿إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾هنا فقرتان:

          الفقرة الأولى: أن الآية الكريمة قالت ﴿إِنَّآ انزَلْنَاهُ﴾عندما نلاحظ أن الآيات القرآنية نجد أنها على نحوين: نحو يعبر ﴿بأنزلناه﴾، ونحو يعبر ﴿بنزلناه﴾.

          مثلاً قوله تعالى ﴿حم*وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ*إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ﴾ مثلاً قوله ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾. فما الفرق بين التعبيرين؟

          الفرق بينهما؟ أنه عزوجل عندما يقول: ﴿إِنَّآ انزَلْنَاهُ﴾فهو يشير إلى النزول الدفعي للقرآن الكريم على قلب النبي المصطفى على النبي محمد.

          القرآن الكريم نزل على النبي محمد مرتين، مرة نزل دفعة واحدة على قلبه، ونزل أخرى بشكل تدريجي تفصيلي لمدة 23 سنة.

          فالنزول الأول: النزول الدفعي عبرت عنه الآية ﴿إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾، ﴿حم*وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ*إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ﴾.

          النزول الثاني: النزول التدريجي لمدة 23 سنة إبتدأ من اليوم 27 من شهر رجب إلى وفاة النبي الأعظم عبر عنه القرآن الكريم بالتنزيل ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا﴾.

          الفقرة الثانية: قوله عزوجل: ﴿إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ماهو المراد بليلة القدر؟ ولماذا سميت بليلة القدر؟

          السؤال الأول: ماهو المراد بليلة القدر؟

          الآية لها ظاهر ولها باطن، ورد عن النبي ”إن للقرآن سبعين بطناً، وإن للآية ظهراً وبطناً“، تارةً يكون تفسير الآية مستفاداً من الظاهر اللفظي للآية.

          وتارةً يكون تفسير الآية مستفاداً من الرواية الشريفة التي تتحدث عن معنى لا ينسبق لذهن الإنسان لو قرأ الآية المباركة، التفسير الباطن لا يؤخذ من اللفظ ولا من حكم العقل، فهو لابد أن ترد به الرواية المعتبرة عن أهل بيت النبي ، إذا وردت الرواية عن الإمام المعصوم تتحدث عن معنىً للآية لا ينسبق من ظاهر اللفظ، هذا مايسمى بالتفسير الباطني للآية المباركة فهو مصدره الوحيد الروايات الشريفة.

          مثلاً: قوله عزوجل ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ «27» ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً «28» فَادْخُلِي فِي عِبَادِي «29» وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ المعنى الظاهر: أن كل نفس إطمئنة بقضاء الله وقدره فهي مخاطبة بهذه الآية.

          المعنى الباطن: إذا رجعنا إلى الرواية المعتبرة عن الإمام الرضا قال: ”النفس المطمئنة جدي الحسين بن علي“. التفسير المكنون لهذه الآية التي لا يصل إليها إلا أهل الذكر الأئمة المعصومون يقولون النفس المطمئنة الحسين ابن علي.

          سورة القدر: ﴿إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾الرواية عن الإمام الباقر : ”ليلة القدر أمي فاطمة الزهراء، ومن عرف فاطمة الزهراء فقد أدرك ليلة القدر، وإنما سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها“.

          معنى ليلة القدر: له معنايان وكلاهما صحيح:

          المعنى الظاهر: زمن ليلة من ليالي شهر رمضان نزل فيها القرآن الكريم

          المعنى الباطن: أن ليلة القدر هي فاطمة الزهراء.

          ماهي العلاقة بين المعنى الظاهر والمعنى الباطن؟ العلاقة هي الظرفية للقرآن.

          القرآن الكريم نزل ليلة القدر دفعة واحدة على قلب النبي المصطفى ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ*بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾هناك تنزيل وتأويل؟

          تنزيل القرآن: حل في قلبك النبي المصطفى.

          تأويل القرآن كيف تم؟ الرواية عن الإمام الصادق: ”لما رحل رسول الله نزل بفاطمة غم وهم شديدان فكان ينزل عليها ملك يحدثها تسمع صوته ولا ترى وجهه، نظير ماحصل لمريم بنت عمران ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾ فاطمة التي هي أفضل من مريم بنت عمران، فاطمة نزل عليها ملك يسليها فكانت تخبر أمير المؤمنين بحديثه وهو يكتب ما يحدثه فاطمة عن الملك فكان ذلك علم تأويل القرآن“ إذن القرآن له تأويل وله تنزيل، وهذا التأويل وصل إلى الأئمة الطاهرين عن طريق أمهم فاطمة الزهراء.

          فكما أن تنزيل القرآن حل في قلب المصطفى ، كذلك تأويل القرآن حل في قلب فاطمة الزهراء .

          ونتيجة للعلاقة بين ظرف التنزييل وظرف التأويل كانت فاطمة الزهراء معنىً من معاني ليلة القدر ومضموناً من مضامين ليلة القدر، ومن عرف فاطمة فقد أدرك ليلة القدر.

          لماذا سميت الليلة المباركة بليلة القدر؟ لها ثلاثة معاني.

          المعنى الأول: إنما سميت بليلة القدر لأنها ليلة التقدير، تقدير الأرزاق والآجال والسعادة، ليلة يُقدر فيها عمر الإنسان وحالاته فسميت بهذا الإسم.

          المعنى الثاني: أن المراد بالقدر معناه الشأن، ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ ما أعطوا الله حق شأنه وما أعطوه حق تعظيمه، ليلة القدر هي ليلة المنزلة العظيمة، لماذا أصبحت ذات منزلة قبل نزول القرآن؟ فهي لم تكتسب المنزلة من القرآن، فهي لأنها ليلة القدر لذلك الله أنزل فيها القرآن ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ﴾ لماذا هي مباركة؟

          ليلة القدر هي الليلة التي يشهد فيها كل نبي وكل وصي أعمال العباد منذ يوم آدم وحتى يوم الحجة المنتظر «عج».

          المعنى الثالث: سميت بالقدر من القدر بمعنى الضيق، في الآية القرآنية ﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ﴾ بمعنى ضيق عليه رزقه، فمالربط بين ليلة القدر والضيق؟ حتى يقال بأنها ليلة الضيق كما ورد في الرواية الشريفة ”إذا كانت ليلة القدر ضاقة الأرض بملائكة الرحمة“. هذه المساحة الواسعة تضيق بملائكة الرحمة الذين ينزلون في هذه الليلة ليطرحوا البركة والخير والعفو والمغفرة والرحمة على سائر العباد فلذلك سميت بليلة القدر.

          ما معنى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾؟ بمعنى العمل في ليلة القدر يعدل عمل ألف شهر ليس فيه ليلة القدر، الصدقة ليلة القدر تعدل الصدقة ألف شهر، ركعتان في ليلة القدر تعدل آلاف الركعات في ألف شهر، الدعاء في ليلة القدر يعدل آلاف الأدعية في ألف شهر ليس فيها ليلة قدر، كل عمل وعبادة في ليلة القدر فهي في ثوابها وثقلها وقربها من الله تعدل عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة قدر.

          ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أمر﴾ الآية المباركة قالت: تنزل، ولم تقل نزلت الملائكة، لم تعبر بالفعل الماضي إنما بالفعل المضارع، وهذا معناه أن الملائكة يستمر نزولها لا ينتهي بزمن النبي بل يستمر نزول الملائكة في هذه الليلة في كل سنة إلى يوم القيامة.

          على من تنزل الملائكة؟ الملائكة بإمكانها أنها توزع العفو والمغفرة والرحمة بلا حاجة على أن تنزل على الأرض، ماهو سر نزول الملائكة وإستمرار نزولها في ليلة القدر إلى يوم القيامة؟

          القرآن يهتم بذكر الأرض، خلق السماوات والأرض، يسبح لله مافي السماوات ومافي الأرض فعند أخذ نسبة الأرض إلى الوجود لا شئ، ماهي الخصوصية في الأرض حتى يهتم ويعنى بها القرآن في كثير من آياته؟ الأرض وإن كانت كوكبا صغيراً بالنسبة إلى الوجود بأسره إلا أنها موطن حجة الله وخليفته هذه أهميتها، موطن الإنسان الكامل ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ والحجة نبياً أو إماماً محور للملائكة، فهو محور للمجتمع البشري كما قال الإمام علي يقول: ”بلى والله لا تخلو الأرض من حجة لله إما ظاهراً مشهوراً، أو خائفاً مغموراً، رسلاً مبشرين ومنذرين للأ يكون للناس على الله حجة بعد الرسل“، أما محور للملائكة قوله تعالى ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ روح القدس من الملائكة.

          أي نبي يرسله الله يحفه بالملائكة، قوله تعالى ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا*إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا*لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾ إذن الحجة محور للملائكة كما هو محور للمجتمع البشري.

          ومن أدوار الحجة ووظائف الحجة نبياً أو إماماً: الشهادة على المجتمع، يشهد على الناس والخلائق، القرآن عندما يتحدث عن عيسى بن مريم ﴿وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ﴾ فهو كان شهيدا على مجتمعه، وكذلك موسى﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ لكل أمة حجة يشهد عليها وعلى أعمالها وعلى أفعالها ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾كل أمة عليها شهيد.

          الملائكة ينزلون إلى الأرض لهذا الحجة ويطلعونه على صحائف أعمال الخلائق والعباد فيطلع عليها، ولذلك ورد في الرواية عن الإمام الصادق : ”إن أعمالكم لتُعرض علينا في صحائف من قبل ملائكة الله“.

          إذن هذا معنى ﴿تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ﴾ التي تعرض على الحجة الذي من دوره الشهادة على المجتمع البشري وعلى أعماله.

          ﴿وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ ماهو الروح؟ قد يتبادر إلى أن الروح جبرئيل ، تارة يقول القرآن ﴿االرُّوحُ الأمِينُ﴾ معناه جبرئيل ، وتارة يقول ﴿الرُّوحُ﴾ هو أعظم شأنا من الملائكة، في رواية أبي بصير عن الإمام الصادق ”أليس الروح جبرئيل، قال: لا، الروح أعظم شأناً من الملائكة ولذلك قال: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾“ الروح مبدأ الحياة، وهذا ما عبر عنه القرآن في آية أخرى: ﴿عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ معناه يسألونك عن هذا المخلوق الذي ينزل مع الملائكة ماهو؟ فالروح هو مصدر الأمر والحياة فهو مع الملائكة ينزل إلى الأرض.

          ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ الحياة أمر والروح أمر وكذلك الرزق والسعادة والشقاء، ملائكة كل شئ ينزلون على الأرض لتدبير كل أمر، كل الأمور تدبر في ليلة القدر.

          ﴿سَلاَمٌ هِيَ﴾ ليس المقصود بها أنه لا يوجد جرائم ولا حوادث، المقصود هي ليلة مغفرة، يُغفر للمؤمن ما أذنب وما عصى في هذه الليلة إذا توجه إلى ربه بالدعاء، لذلك ورد في الرواية الشريفة عن ابن عباس عن النبي محمد ”أنه تنصب أربعة ألوية للملائكة: لواء في البيت الحرام، ولواء عند قبري، ولواء في بيت المقدس، ولواء في مسجد الكوفة، هذه الأربعة تضم الملائكة ثم يقول النبي: يستغفرون لكل مؤمن يدعو ربه فيها إلا مدمن خمر وعاق والديه والظالم“.
          المحور الثاني: إرتباط ليلة القدر بمسألة القضاء والقدر.


          متى ليلة القدر؟ ورد في الرواية الشريفة عن حماد بن عثمان عن الصادق قال: ”اطلبها في ثلاث ليال: تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين“ إلا أن أفضلها ليلة الثالث والعشرين وهي ليلة الجُهني، في الرواية عن زرارة عن الصادق قال: ”ليلة ثلاث وعشرين ليلة الجُهني“ وهو رجل أقبل إلى النبي قال ”يارسول الله إني لا أقدر أن أدخل المدينة كل ليلة فعين لي ليلة أدخل فيها وأتعبد فيها فعين له ليلة ثلاث وعشرين فعُرف من ذلك أفضل ليال العشر الآواخر من ليال شهر رمضان المبارك“.

          فهناك من يقول بأن المراجع يختلفون كالسيد الخوئي يرى وحدة الأفق، والسيد السيستاني يرى تعدد الأفق «دام ظله».

          أولاً: ليلة القدر تبدأ من أول غروب على الأرض إلى آخر فجر على الأرض، هنا تستغرق 24 ساعة فهي تشمل ليلتين معاً

          ثانياً: إذا كان بحسب مرجعه بأن هذه الليلة هي ليلة القدر وأتى بالأعمال فيها أثيب على ذلك وحصل على ثواب ليلة القدر وإن لم يطابق الواقع، لنفترض أن الواقع هو ليلة أخرى فيثاب على أعماله لأنه أعتمد على حجة شرعية وهو إعتماده على مبنى مرجعه الذي يرجع إليه في التقليد.

          لماذا تفرض ليلة القدر في تسع عشر وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين؟

          صحيحة زرارة عن الإمام الصادق قال: ”ليلة تسع عشر ليلة التقدير، وليلة إحدى وعشرين ليلة الإبرام، وليلة ثلاث وعشرين ليلة الإمضاء“ مالفرق بين الأمور: تقدير، قضاء وإمضاء؟

          ورد في الرواية الشريفة عن هشام ابن الحكم عن الإمام الصادق أنه قال: ”إن الله إذا أراد شيئاً قدره وإذا قدره قضاه، وإذا قضاه أمضاه“ الفرق بينهم:

          المرحلة الأولى: التقدير، بمعنى وضع المخطط كبناء المنزل.

          المرحلة الثانية إعداد الأسباب: وهو القضاء

          المرحلة الثالثة مرحلة إتمام المنزل: وهو الإمضاء.

          المولود مثلا: مرحلة التقدير وهو أن يخطط لحياته يوم ولادته وساعة موته ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾.

          مرحلة إعداد الأسباب: يتزوج فلان بفلانه فإذا تمت الأسباب كلها وهو القضاء وفعلت فعلها وأثمرت أثرها تحققت مرحلة الإمضاء فولد الجنين بالوقت المعد بالنحو المقدر له، ليلة التاسع عشر ليلة وضع المخطط، ليلة إحدى وعشرين إعداد الأسباب، ليلة ثلاث وعشرين ليلة صدور الأمر ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾.

          من الأدعية المستحبةفي شهر رمضان أن تقول ”اللهم إجعل من الأمر المحتوم الذي لا يُرد ولا يُبدل أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام المبرور حجهم المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم المكفر عنهم سيئاتهم وأسألك أن تجعل فيما تقضي وتقدر من أن تطيل عمري، وتوسع في رزقي“ تطلب أن يكون الإمضاء بهذا النحو.

          وفي دعاء آخر ”إن كنت عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً أو مقتراً علي رزقي فأمحو من أم الكتاب شقائي وحرماني وتقتير رزقي وأكتبني عندك سعيداً مرزوقاً موفقاً للخيرات“ أن مرحلة القضاء قابلة للتغيير والتبديل، فأطلب من مرحلة القضاء أن يتغير الشأن إتجاهي حتى تكون مرحلة الإمضاء هي مرحلة السعادة لي في الدنيا والآخرة.

          وفتوى سيدنا الخوئي أن أفضل الأعمال في ليلة القدر زيارة الحسين عمل يشارك فيه الأنبياء والأوصياء ويشارك فيه الأئمة، هذه الليلة لا يزور الحسين فقط البشر الأحياء الذين يصلون إلى قبره الشريف في كربلاء، يزور الحسين الأنبياء والأوصياء والملائكة، يزوره ابنه الإمام الحجة «عج»، فهي أفضل الأعمال لأنك تشترك في هذه الزيارة مع هذه النفوس والأرواح القدسية كلها. والذي ورد عن رسول الله ”إن الله وضع الشفاء في تربته، والإجابة تحت قبته“
          إمامُ الهدى سبط النبوة والد الأئمة

          وفيه رسول الله قال وقوله

          حُبِي بثلاث ما أحاط بمثلها

          له تربة فيها الشفاء وقبة

          وذرية درية منه تسعة

          أيقتل ظمآنا حسين بكربلا

          ووالده الساقي على الحوض في غد



          رب النهي مولى له الأمر

          صحيح صريح ليس في ذلكم نكر:

          وليٌّ فمَن زيد هناك ومن عمرو؟

          يجاب بها الداعي إذا مسه الضر

          أئمة حق لا ثمان ولا عشر

          وفي كل عضو من أنامله بحر؟

          وفاطمةٌ ماء الفرات لها مهر
          والحمدلله رب العالمين






        تعليق


        • #5
          قداسة الليلة وشرفيتها:
          ليلة القدر في الروايات الشريفة لها قدسية خاصة وأهمية كبرى فيستحب للمكلف أن يهتم بالغ الأهمية بإحياء هذه الليلة العظيمة من خلال العبادة والدعاء والصلاة والذكر وتلاوة القرآن المجيد والمناجاة والابتهال إلى الله العزيز القدير وطلب الجنة منه والاستعاذة من النار ودفع الشرور والآفات الدنيوية والأخروية وطلب طول العمر وسعة الرزق وحسن العاقبة بل طلب خير الدنيا والآخرة والاستعاذة من شر الدنيا والآخرة له، والدعاء للوالدين ولذوي الأرحام، ويجتهد في أن لا يفوته إحياء هذه الليلة المقدسة فهي ليلة غفران الذنوب العظام، واستجابة الدعاء والتوفيق لخير الدنيا والآخرة.
          وقد نصَّ القرآن الكريم على أن ليلة القدر خير من ألف شهر، فإذا كانت العبادة فيها خيراً من العبادة في ألف شهر كما مر والتي تقارب عبادة ثمانين سنة فأي إنسان فطن عاقل يفوت على نفسه هذا الثواب الجزيل بهذا العمل القليل . بل سيرد أن الأعمال مضاعفة الثواب في هذا الليلة.
          كما ورد في التفسير اعلاه أن الملائكة تنزّل فيها وتسلّم على المؤمنين المشتغلين بالعبادة وتصافحهم وتؤمن على دعائهم فمن الذي يرضى أن يكون محروماً من ذلك ونائماً عنه.
          وان الإمام المهدي المنتظر صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف يجتمع في هذه الليلة مع الملائكة المقربين ويأتون إليه أفواجاً ويسلّمون عليه ويعرضون عليه ما قدر في تلك الليلة له ولسائر الخلق، وفي الحقيقة قبيح على الإنسان أن لا يتأسى في تلك الليلة المباركة بإمام زمانه ويكون فيها غافلاً.
          وعن الباقر عليه السلام عن آبائه:«أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى أن يغفل عن ليلة إحدى وعشرين، وعن ليلة ثلاثة وعشرين ونهى أن ينام أحد تلك الليلة».
          فقال عليه السلام: «علامتها أن يطيب ريحها وإن كانت في برد دفئت وإن كانت في حر بردت».
          وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال »:إن ليلة القدر سمحة لا حارة ولا باردة تطلع الشمس في صبيحتها ليس لها شعاع».

          سورة القدر واعمال خاصة:
          وردت عدة من الروايات وهي تنوه بدخول السورة في أعمال خاصة تعود بالنفع والتأثير والخير على السالك،ومنها:

          لقضاء الحوائج:
          قال الشيح الطوسي: من كانت له إلى الله تعالى حاجة، فليقم جوف الليل ويغتسل وليلبس أطهر ثيابه وليأخذ قلة جديدة ملاء من الماء، ثم يصلي ركعتين ويقرأ فيها إِنَّا انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر عشر مرات في الركتين جميعاً، ثم يسأل حاجته فإنه حري أن تقضى إن شاء الله.

          للاستشفاء بها مع تربة الحسين عليه السلام:
          ورد ختم خاص بهذه السورة على تربة الإمام الحسين عليه السلام بغرض الاستشفاء وذكر الراوندي أن رجلاً سأل الإمام عليه السلام: إني سمعتك تقول: أن تربة الحسين عليه السلام من الأدوية المفردة، وأنها لا تمر بداء إلا هضمته.
          فقال عليه السلام: «كان ذلك»
          قال:«إني تناولتها فما انتفعت بها».
          قال عليه السلام»: أما أن لها دعاء فمن تناولها ولم يدع به واستعملها لم يكد ينتفع بها« فقال له: ما نقول؟
          قال عليه السلام:«فقبّلها قبل كل شيء وضعها على عينيك، ولا تتناول منها أكثر من حمصة (فإنه) من تناول أكثر من ذلك فكأنما أكل من لحومنا ودمائنا. فإذا تناولت فقل: (اللهم إني أسألك بحق الملك الذي قيضها، وأسألك بحق الملك الذي خزنها، وأسألك بحق الوصي الذي حل فيها أن تصلى على محمد وآل محمد، وأن تجعله شفاء من كل داء وأماناً من كل خوف وحفظاً من كل سوء».

          للتعوذ بها:
          روي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في العوذة، قال: تأخذ قلة جديدة فتجعل فيها ماء ثم تقرأ عليها: (إِنَّا انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر ثلاثين مرة، ثم تغلق وتشرب منها وتتوضأ ويزاد فيها إن شاء الله.

          لزيادة اليقين والاعتقاد بأهل البيت عليهم السلام:
          روي عن أبي يحيى الصنعاني عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:«لو قرأ رجل ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان إِنَّا انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر ألف مرة لأصبح وهو شديد اليقين بالأعراف بما يخص به فينا، وما ذلك إلا لشيء عاينه في نومه».

          للأمان من عذاب القبر:
          روى الشرواني بسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: «من أخذ من تراب القبر حال الدفن بيده ـ أي حال إرادته ـ وقرأ (إِنَّا انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر) سبع مرات وجعله مع الميت في كفنه أو قبره لم يعذب ذلك الميت في القبر».

          لسعة الرزق:
          عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: من قطع ثوباً جديداً وقرأ إِنَّا انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر ستاً وثلاثين مرة، فإذا بلغ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَة أخرج شيئاً من الماء ورش بعضه على الثوب رشاً خفيفاً، ثم صلى فيه ركعتين، ودعا ربه، وقال في دعائه: الحمد الله الذي رزقني مما أتجمل به في الناس، وأواري به عورتي، وأصلي فيه لربي، وحمد الله، لم يزل يأكل في سعة حتى يبلى ذلك الثوب.

          ليالي القدر المباركة أعمال وصلوات:
          وهي ثلاث ليال, أولها ليلة التاسعة عشر, ثم ليلة الحادي والعشرين, وآخرها ليلة الثالث وعشرين, وفي هذه الليالي تقدر أمور الكون وتهبط الملائكة إلى الأرض لتلتقي ببقية الله الأعظم الإمام الحجة المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف وكما تقدم.
          وقد ورد في هذه الليالي أعمال كثيرة وأدعية وصلوات...
          مذكورة في كتب الأدعية والزيارات ككتاب مفاتيح الجنان وكتاب الدعاء والزيارة، ومن اعمالها:

          غسل ليالي القدر:
          عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله عليها لسلام كم أغتسل في شهر رمضان ليلة؟ قال: «ليلة تسع عشر وليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين» قال: قلت: فإن شق علي؟ قال: «في إحدى وعشرين وثلاث وعشرين» قلت: فإن شق علي؟ قال: «حسبك الآن».

          تعليق


          • #6
            ليلة القدر
            شهر رمضان هو أقدس شهر لدى جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم، وليلة القدر هي أقدس ليلة في شهر رمضان، وممّا يدلّ على أهمية هذه الليلة أنّ الله تعالى قال عنها إنّها أفضل من ألف شهر، والعبادة في هذه الليلة أفضل من ثلاثة وثمانين عامًا من العبادة. ولهذا السبب وحده يجب أن يسعى المسلم الحقيقي إلى قضاء هذه الليلة في الصلاة، والدعاء والذكر، وطلب المغفرة، فهي ليلة لها قيمة عالية للغاية حتى أنّ الله تعالى خصّص لها سورة في كتابه الكريم وهي سورة القدر.
            فعندما نتجاوز منتصف الشهر ينتاب الإنسان حالة من القلق والاضطراب، وكأنّه مُقبل على امتحان آخر السنة، فكلّ مُقدّرات الإنسان في السنة ستقدّر في هذه الليالي، فهي ليالي الرحمة، التي ترسم مسار حياتنا في العام الذي نستقبله ويكون له دور في سائر الأعوام، إذن على الإنسان في هذه الليالي أن يستنفر كلّ قواه من أجل أن يقدّم أفضل اختبار.
            لم تُحدّد ليلة القدر في أيّ ليلة هي، فلو تقصّينا الأحاديث الواردة في هذا الشأن لتبيّن عندنا أنّ بعضها قد ذكر وقتها بشكل عام، وأنّها في العشر الأواخر من شهر رمضان، وبعضها الآخر خصّصه بليالٍ معيّنة فقال: إنّ هذه الليلة هي إحدى الليالي الفردية من شهر رمضان في العشر الأواخر منه، إذ ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "تحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"(1)
            على كلّ حال فإنّ ليلة القدر وإحياءها لَمن الفرص الربّانيّة العظيمة المفتوحة التي منحها الله تعالى لعباده كلّهم، كي يتوجّهوا بقلوبهم وعقولهم إليه -سبحانه، وأن يقفوا بين يديه ويتضرّعوا إليه، فيطلبوا منه العون والستر والرحمة والمغفرة، وتقدير ما هو أفضل لدينهم ودنياهم في قابل أيّامهم الآتية، فللمذنب نصيب فيها بأن يستغفر الله ويتوب إليه على ما اقترف من ذنوب ومعاصٍ وآثام، وللمطيع نصيب فيها بأن يطلب من الله الاستزادة في طاعته والثبات على إيمانه ودينه، إنّها محطّة روحيّة ومعنويّة، يستطيع المرء عن طريقها أن يعيد ما تهدّم بينه وبين ربّه، إن أحسن استغلالها وإحياءها.
            نسأل الله أن يوفّقنا وجميع المسلمين في هذه الليالي وغيرها لما يحبّه ويرضاه.
            .................................................. ...............................
            1) ملاذ الأخيار، العلّامة المجلسيّ، ج3، ص 441.

            تعليق


            • #7




              ( إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).

              (1) عندما انهمر فيض الوحي على قلب الرسول صلى الله عليه وآله في ليلة القدر في شهر رمضان، وتنـزلت ملائكة الرحمة و الروح بالقرآن، رسالة السلام، وبشير الرحمة، عندئذ خلد الله هذه المناسبة المباركة التي عظمت في السماوت و الارض، وجعلها ليلة مباركة خيراً من ألف شهر .

              إنها حقاً عيد الرحمة، فمن تعرض لها فقد حظى بأجر عظيم !! فقال الله سبحانه: (إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) .

              وكذلك قال ربنا سبحانه: (إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان/3-4)

              كذلك نزل القرآن كله على قلب الرسول في تلك الليلة، ثم نزل بصورة تدريجية طيلـة ثلاث و عشرين عاماً، لتأخذ موقعها من النفوس، وليكون كتاب تغيير يبني الرسول به أمة وحضارة، ومستقبلاً مشرقاً للإنسانية.

              وكذلك قال ربنا سبحانه: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي اُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْانُ) (البقرة/185) .

              ومعروف أن القرآن تنـزل بصورته المعهودة في أيام السنة جميعاً، فله إذاً نزلة أخرى جملة واحدة .

              والسؤال: لماذا سميت هذه الليلة بليلة القدر؟

              يبدو أن أهم ما في هذه الليلة المباركة تقدير شؤون الخلائق، وقد استنبط اللفظ منه، فهي ليلة الأقدار المقدرة، كما قال ربنا فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) .

              وقال بعضهم: بل لأنها ليلة جليلة القدر، قد أنزل الله فيها كتاباً قديراً، ولأن الذي يحييها يكون عند الله ذا قدر عظيم.

              (2) من ذا الذي يستطيع أن يدرك أبعاد تلك الليلة التي باركها الله لخلقه بالوحي، وجعلها زماناً لتقدير شؤون العالمين؟ من ذا الذي يدرك عظمة الوحي، وجلال الملائكة، ومعاني السلام الإلهي؟ إنها ليست فوق الإدراك بصورة مطلقة، ولكنها فوق استيعاب الإنسان لجميع أبعادها، وعلى الإنسان ألا يتصور أنه قد بلغ علم ليلة القدر بمجرد معرفة بعض أبعادها، بل يسعى ويسعى حتى يبلغ المزيد من معانيها، وكلما تقدم في معرفتها كلما استطاع الحصول على مغانم أكبر منها.
              (وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ)


              سبق القول من البعض: إن هذه الجملة وردت في القرآن لبيان أهمية الحقيقة التي تذكر بعدها.

              بينما تترك الحقيقة مجملة إذا ذكرت عبارة وما يدريك .. هكذا قالوا، واعتقد أن كلتا الجملتين تفيدان تعظيم الحقيقة التي تذكر بعدها .

              (3) كيف نعرف أهمية الزمان ؟ أليس عندما يختصر المسافة بيننا وبين أهدافنا، فاذا حصلت في يوم على ميلون دينار، وكنت تحصل عليه خلال عام أليس هذا اليوم خير لك من عام كامل ؟ كذلك ليلة القدر تهب للإنسان الذي يعرف قدرها ما يساوي عمراً مديداً؛ ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر. وبتعبير أبلغ؛ ألف شهر.
              ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)


              أجل الواحد منا مسمى عند الله، وقد يكون قصيراً، قد لا يبلغ الواحد منا معشار أهدافه فيه، فهل يمكن تحدي هذا الواقع ؟ بلى؛ ولكن ليس بالصورة التي يتخيلها الكثير، حيث يتمنون تطويل عمرهم، وقليل هم الذين يحققون هذه الأمنية، لأن عوامل الوفاة عديدة وأكثرها خارج عن إرادة الإنسان.

              فما هو إذاً السبيل الى تمديد العمر؟ إنما بتعميقه، ومدى الانتفاع بكل لحظة لحظة منه.

              تصور لو كنت تملك قطعة صغيرة من الارض، ولا تستطيع توسيعها فكيف تصنع ؟ إنك سوف تبني طوابق فيها بعضها تحت الأرض وبعضها يضرب في الفضاء وقد تناطح السحب.

              كذلك عاش بعض الناس سنين معدودات في الأرض، ولكنهم صنعوا عبرها ما يعادل قروناً متطاولة؛ مثلاً عمر رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله لم يتجاوز الثلاث والستين، وأيام دعوته ثلاث وعشرون عاماً منها، ولكنها أبعد أثراً من عمر نوح المديد، بل من سني الأنبياء جميعاً.

              وهكذا خص الله أمته بموهبة ليلة القدر، التي جعلها خيراً من ألف شهر، ليقدروا على تمديد أعمارهم في البعد الثالث (أي بعد العمق) ولعل الخبر المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وآله يشير الى ذلك، فقد روي ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أري أعمار الأمم قبله فكأنه تقاصر أعمار أمته ألاّ يبلغوا من العمر مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله تعالى ليلة القدر، وجعلها خيراً من ألف شهر (2) .

              وفي حديث آخر؛ أنه ذكر لرسول الله رجل من بني إسرئيل أنه حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر، فعجب من ذلك رسول الله عجباً شديداً، وتمنى أن يكون ذلك في أمته، فقال: يارب! جعلت أمتي أقصر الناس أعماراً، وأقلها أعمالاً. فأعطاه الله ليلة القدر، وقال: ( لَيْلَة الْقَدْرِ خَيْر مِّن ألْفِ شَهْر) الذي حمل الإسرائيلي السلاح في سبيل الله لك ولأمتك من بعدك الى يوم القيامة في كل رمضان (3) .

              إنك قد تحيي ليلة القدر بالطاعة فيكتب الله اسمك في السعداء، ويحرم جسدك على نار جهنم أبداً، وذلك بما يوفقك له من إصلاح الذات إصلاحاً شاملاً. من هنا جاء في الدعاء المأثور في ليالي شهر رمضان مجموعة من البصائر التي تتحول بتكرار تلاوتها الى أهداف وتطلعات يسعى نحوها المؤمن بجد ومثابرة، ويجتهد في طلبها من ربه.

              اللهم اعطني السعة في الرزق، والأمن في الوطن، وقرة العين في الأهل والمال والولد، والمقام في نعمك عندي، والصحة في الجسم، والقوة في البدن، والسلامة في الدين، واستعملني بطاعتك وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وآله أبداً ما استعمرتني، واجعلني من أوفر عبادك عندك نصيباً في كل خير أنزلته وتنـزله في شهر رمضان في ليلة القدر (4) .

              وهكذا ينبغي أن يكون هدفك في ليلة القدر تحقيق تحول جذري في نفسك، تحاسب نفسك بل تحاكمها أمام قاضي العقل، وتسجل ثغراتها السابقة، وانحرافاتها الراهنة، وتعقد العزم على تجاوز كل ذلك بالندم من إرتكاب الأخطاء، والعزم على تركها والالتجاء الى الله ليغفر لك ما مضى ويوفقك فيما يأتي .

              وقد جاء في تأويل هذه الآية: أنها نزلت في دولة الرسول التي كانت خيراً من دول الظالمين من بني أمية، حيث نقل الترمذي عن الحسن بن علي عليهما السلام: أن رسول الله صلى الله عليه وآله أري بني أمية على منبره فساءه ذلك، فنـزلت ( إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَر) يعني نهراً في الجنة، ونزلت (إنَّا أنْزَلْنَا في لَيلة القَدْر وَمَا أدْرَاك مَا لَيْلة القَدْر * لَيْلَة القَدْر خَير مِّن ألْفِ شَهْر) يملكها بعدك بنو أمية (5) وكانت حكومة بني أمية ألف شهر لا تزيد ولا تنقص .

              وهكذا فضيلة حكومة العدل وأثرها العظيم في مستقبل البشرية أكثر من ألف شهر من حكومة الجور .

              لماذا أمست ليلة القدر خيراً من ألف شهر ؟ لأنها ملتقى أهل السماء بأهل الأرض، حيث يجددون ذكرى الوحي، ويستعرضون ما قدر الله للناس في كل أمر.
              (تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ)


              والكلمة أصلها تتنـزّل، وصيغتها مضارع تدل على الاستمرار، فنستوحي منها؛ إن ليلة القدر لم تكن ليلة واحدة في الدهـر، وإنما هـي في كل عـام مرة واحدة، ولذلك أمرنا النبـي صلى الله عليـه وآلـه بإحيائهـا .

              فقد جاء في الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لما حضر شهر رمضان – وذلك في ثلاث بقين من شعبان – قال لبلال: “ناد في الناس” فجمع الناس، ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ” أيها الناس؛ إن هذا الشهر قد خصكم الله به، وحضركم، وهو سيد الشهور، ليلة فيه خير من ألف شهر (6) .

              وروي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لابن العباس: “إن ليلة القدر في كل سنة وإنه ينـزل في تلك الليلة أمر السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله.

              فقال ابن عباس من هم ؟ قال عليه السلام: أنا وأحد عشر من صلبي (7) .
              (وَالرُّوحُ)


              ما هو الروح ؟ هل هو جبرائيل عليه السلام أم هم أشراف الملائكة ؟ أم هم صنف أعلى منهم وهم من خلق الله، أم هو ملك عظيم يؤيد به أنبياءه ؟

              استفاد بعضهم من الآية التالية، أن الروح هو جبرئيل عليه السلام، حيث قال (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاَمِينُ). (الشعراء/193)

              واستظهر البعض من الآية التالية، أن الروح هي الوحي، فإن الملائكة يهبطون في ليلة القدر به قال الله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا). (الشورى/52)

              وجاء في حديث شريف ما يدل على أن الروح أعظم من الملائكة، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه سئل هل الروح جبرئيل عليه السلام؟ فقال: جبرئيل من الملائكة، والروح أعظم من الملائكة، أليس أن الله عز وجل يقول: (تَنَزَّلُ الْمَلآَئِكَةُ وَالرُّوحُ)(8) .

              وقد قال ربنا سبحانه: (وأيَّدَه بِروح مِّنْهُ) مما يدل على أن الروح هو ما يؤيد الله به أنبياءه .

              ويبدو أن الروح خلق نوراني عظيم الشأن عند الله، وأن الله ليس يؤيد أنبياءه عليهم السلام به فقط، وإنما حتى الملائكة ومنهم جبرائيل يؤيدهم به. وبهذا نجمع بين مختلف الاحتمالات والأدلة، والله العالم .
              (فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم)


              عظيمة تلك الليلة التي تتنـزّل الملائكة فيها، وعظيمة لأن الأعظم منهم هو الروح يتنـزّل أيضاً، ولكن لا ينبغي أن نتوجه الى عظمة الروح بعيداً عن عظمة الخالق سبحانه، فإنهم عباد مكرمون، مخلوقون مربوبون، وليسوا أبداً بأنصاف آلهة، وليس لهم من الأمر أي شيء، ولذلك فإن تنـزّلهم لي

              تعليق


              • #8
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
                اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ
                🍃📝🍃📝🍃📝🍃📝🍃
                ما هي ليلة الجهني ، و لماذا سُمِّيت بالجهني ؟
                ليلةُ الجُهَني ليلةٌ مباركة ؟

                جاء ذكرها في عدد من الروايات و الأحاديث ، و هي ليلة الثالث و العشرين من شهر رمضان المبارك و التي يُتوقع أن تكون ليلة القدر .
                أما سببُ تسميتها بالجُهني كما صرَّح بذلك الشيخ الصدوق 1 ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) فيعود إلى نسبتها إلى رجل من أصحاب النبي المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) يُسمى بعبد الله بن أُنَيْسٍ الْأَنْصَارِي الْجُهَنِي 2 إثرَ حديثٍ جرى بينه و بين الرسول ( صلى الله عليه و آله ) .
                أما قصته فهي كما ترويها الأحاديث و الروايات كالتالي :
                رَوى مُحَمَّدُ بْن يُوسُف عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ 3 ( عليه السَّلام ) يَقُولُ :
                " إِنَّ الْجُهَنِيَّ أَتَى النَّبِيَّ ( صلى الله عليه و آله ) ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِبِلًا وَ غَنَماً وَ غِلْمَةً وَ عَمَلَةً ، فَأُحِبُّ أَنْ تَأْمُرَنِي بِلَيْلَةٍ أَدْخُلُ فِيهَا 4 فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ وَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ .
                فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) فَسَارَّهُ فِي أُذُنِهِ 5 ، فَكَانَ الْجُهَنِيُّ إِذَا كَانَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ دَخَلَ بِإِبِلِهِ وَ غَنَمِهِ وَ أَهْلِهِ 6 إِلَى مَكَانِهِ " 7 .
                وَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا 8 ( عليهما السلام ) قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ اللَّيَالِي الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا الْغُسْلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ .
                فَقَالَ : " لَيْلَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ ، وَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ ، وَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ " .
                وَ قَالَ : " لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ هِيَ لَيْلَةُ الْجُهَنِيِّ " .
                " وَ حَدِيثُهُ : أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : إِنَّ مَنْزِلِي نَاءٍ عَنِ الْمَدِينَةِ فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَدْخُلُ فِيهَا ؟
                فَأَمَرَهُ بِلَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ " 9 .
                و يبدو أن المسلمين لمَّا تعودوا رؤية الجهني في ليلة الثالث و العشرين من شهر رمضان فقط خلال السنة لإنشغال هذا الرجل بإبله و غنمه و عدم تمكنه من الحضور في غيرها من الأيام و الليالي لذلك أسموا هذه الليلة بإسمه .
                هذا من جهة ، و من جهة أخرى فإنه يُستفاد من مجموع الروايات و الأحاديث الواردة بهذا الشأن أن المسلمين آنذاك فهِموا بصورة غير مباشرة من إسْرارِ النبي ( صلى الله عليه و آله ) للجُهَني ، و ما لَحِقَ ذلك اللقاء من مواظبة الجُهني على إحياء هذه الليلة و الحضور في مسجد النبي ( صلى الله عليه و آله ) بالمدينة المنورة للعبادة و الذكر أن ليلة الثالث و العشرين هي ليلة القدر .

                --------------

                1 . الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالصدوق ، في كتابه من لا يحضره الفقيه .

                2 . نسبة إلى جُهَيْنَة ، و هي قبيلة معروفة ، راجع مجمع البحرين : 6 / 230 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي .

                3 . أي الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، خامس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .

                4 . أي أدخل فيها المدينة .

                5 . أي أسَرَّ له حديثاً في أذنه ، بحيث لم يطلع على ذلك أحد .

                6 . و في مستدرك وسائل الشيعة زيادةٌ ، و هي : وَ وُلْدِهِ وَ غِلْمَتِهِ ، فَبَاتَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا أَصْبَحَ خَرَجَ بِمَنْ دَخَلَ بِهِ ، فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ ، راجع : مستدرك وسائل الشيعة : 7 / 469 ، للشيخ المحدث النوري .

                7 . تهذيب الأحكام : 4 / 330 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي .

                8 . أي الإمامين محمد بن علي الباقر ، و جعفر بن محمد الصادق ( عليهما السلام ) .

                9 . من لا يحضره الفقيه : 2 / 160 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق .


                تعليق


                • #9
                  اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	IMG_20200516_142659_809.jpg 
مشاهدات:	1264 
الحجم:	103.0 كيلوبايت 
الهوية:	885796 لا ينبغي التكاسل في الليالي الثلاث،
                  فإن الله تعالى أخفى ليلة القدر
                  الحقيقية في تلك الليالي، وقد ورد
                  في بعض الروايات أن التقدير في
                  الليلة التاسعة عشر، والإبرام في الليلة
                  الحادية والعشرين، والإمضاء في الليلة
                  الثالثة والعشرين .. وهذا يكفي حافزًا
                  لأن يستنفر الإنسان كل قواه في تلك
                  الليالي، لئلا يكون صفر اليدين في قلب
                  شهر رمضان،وما قيمة جسد لا قلب فيه؟

                  تعليق


                  • #10
                    ثواب من صلى في ليلة القدر
                    عن النبي (ص) أنه قال: يفتح أبواب السموات في ليلة القدر، فما من عبد يصلي فيها إلا كتب الله تعالى له بكل سجدة شجرة في الجنة، لو يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، وبكل ركعة بيتا في الجنة من در وياقوت وزبرجد ولؤلؤ، وبكل آية تاجا من تيجان الجنة، وبكل تسبيحة طائرا من النجب، وبكل جلسة درجة من درجات الجنة، وبكل تشهد غرفة من غرفات الجنة، وبكل تسليمة حلة من حلل الجنة. فإذا انفجر عمود الصبح أعطاه الله من الكواعب المألفات والجواري المهذبات، والغلمان المخلدين، والنجائب المطيرات، والرياحين المعطرات، والأنهار الجاريات، والنعيم الراضيات، والتحف والهديات، والخلع والكرامات، وما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، وأنتم فيها خالدون.

                    الإقبال ج 1 ص 345, بحار الأنوار ج 95 ص 145, مستدرك الوسائل ج 7 ص 456

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                    x
                    يعمل...
                    X