حديث منقول كما وصل لي
في البدء أود أن أخبر الجميع من أنني أكتب هذا الموضوع بكامل الحياد وبعيداً عن العواطف والأيديولوجيات والأفكار المذهبية المتعصبة..
الموضوع :
لقد نشأت وبحمد الله في بيئة سنية متشددة لاتعترف بالمذهب المخالف.. بل لاتعترف بالتعبير المذهبي بالرأي الآخر مهما يكن هذا التعبير .. فقد تشبعت منذ طفولتي بمعتقدات كثيرة عن الأديان الأخرى والمذاهب المخالفة ..
والعجيب أنني كنت أواجه تحذيرات مستمرة من المذهب الشيعي أكثر من الدين اليهودي والمسيحي والبوذي..! فقد كنت أسمع بالخيانات والدياثة وسوء الأخلاق في عمق المذهب الشيعي لدرجة أن أهل الشيعة يطئون على ظـلك في أسوء الأحوال لإضرارك قدر المستطاع..!! وكانت هذه الأمور تزيد الأمر سوءاً في داخلي وحنقاً تجاههم.. وتطور الأمر إلى التصديق بأن الشيعة في ليلة عاشوراء يختلطون فيما بينهم.. ويطأ الرجل المرأة في ليلة ظلماء لايعرف أحدهم هل وطأ أمه أو أخته..!!! وكعادة العامة من البشر .. كنت أردد هذه المقولات والممارسات عن المذهب الشيعي دون التأكد منها ومن حقيقتها .. وإستمريت على هذا الحال في ذكرها في المجالس بطريقة بالغة السخف .. بل وكنت متعصباً ضد الشيعة بطريقة حماسية جداً دون الإستناد على الحقيقة أو البحث عنها شخصياً..
في يوم عاشوراء وليلته من هذه السنة.. دُعيت بطريقة (( سرية )) للدخول في إحدى الحسينيات الموجود في مدينة جدة الساحلية والتي يحول عليها التعتيم الشديد جداً والحرص البالغ على سرية المكان..
وفعلاً .. توجهت بسيارتي في تمام الساعة 8,30 مساءً إلى أحد الأحياء الشعبية في وسط المدينة.. ولم أتوجه إلا بعد التأكد من سلامتي الشخصية لاسيما وأنني بداخل المجتمع الشيعي.. ركنت سيارتي في مكان بعيد نوعاً ما عن المكان.. ومشيت على قدمي إلى داخل الحي ذو الممرات الضيقة القديمة ..
كان هنالك عدداً كبيراً من سكان الحي يعيشون فيه بطريقة عادية جداً غادين ورائحين.. ولم تكن هنالك أي مناظر توحي بتجمع شيعي في ذلك المكان العشوائي.. وصلت إلى باب المنزل المتواضع.. فُتح الباب فكان هنالك فناء واسع وكبير وفي نهايته غرفة مبنية حديثاً بعكس باقي المبانى في الفناء ..
كان تصميم المنزل شعبياً جداً وقديم.. وكان الفناء مليئاً بالرجال فقط والأولاد..! وفي طرف الفناء كان هنالك عدد من العمالة الأجنبية التي تعد الشاي والقهوة على مشب للنار ضخم.. وبالرغم من عددهم الكبير إلا أن الجميع كان يتحدث بصوت هاديء.. وكان الجميع يتحرك بهدوء وكل شخصين يتحدثان مع بعضهما البعض بهدوء بالغ .. تقدمت إلى هذه الغرفة الجديدة ودخلتها .. فوجدتها غرفة متوسطة الحجم تفتح على غرفة داخلية أخرى بطريقة طولية في نهايتها كرسي ضخم..!!
كانت الغرفة متشحة بالسواد تماماً .. حيث كانت الأقمشة السوداء تغطي جدران الغرفة بالكامل بطريقة مرتبة .. وكانت هنالك لوحات ورسومات للحسين كثيرة متنوعة الأحجام والأشكال معلقة على الجدران يغلب عليها عبارات التأسي بالحسين والبكاء على موته .. كانت هنالك أيضاً أقمشة بحجم وسائد النوم مكتوب عليها عبارات وأدعية باللغتين العربية والفارسية .. كان المنظر صدمة لي لدخولي مكاناً مثل هذا المكان لأول مرة في حياتي .. كان المكان مليئاً بالرجال إلآ أنه كان هادئاً جداً وكل شخص في شأنه وحاله .. وكأن المكان شبيهاً بالمسجد من حيث الهدوء والتصميم.. حيث كان خالياً من أي ديكور ماعدا الجلسات الأرضية فقط .. كان هنالك عدداً من المصاحف على طاولة صغيرة لمن يريد قراءة القرآن وبجوارها عبوات مياه بلاستيكية من الحجم الصغير.. وكانت الغرفة تستقبل أعدادً متزايدة من الوافدين بإستمرار ..
وفي تمام الساعة التاسعة والربع مساءً .. دخل رجل الدين الشيعي والمكلف بآداء الحسينية في تلك الليلة وعلى رأسه العمامة المعروفة فوقف الجميع وأنا معهم إحتراماً له .. وبدأوا يصلون على النبي بطريقة (( اللحن العراقي )) الهاديء .. جلس السيد على كرسيه فجلسنا معه .. وبعد السلام على الحضور إبتدأ خطبته بالصلاة على النبي .. ومن ثم بدأ بالدعاء للفلسطينيين في غزة.. وكان الجميع يشاركه الدعاء بحرارة بالغة وببكاء شديد...!!!
كان هذا الأمر بداية المفاجأة بالنسبة لي .. فكانت صدمة كبيرة لي ولتوقعاتي القديمة التي كانت تقول بأنهم ألد أعدائنا .. بل كانت مخالفة تماماً لما فعلناه بهم من خلال الدعاء عليهم بالهلاك حينما تحارب (( حزب الله )) الشيعي مع الإسرائيليين ...!!!
وبعدها بدأ السيد بتذكير الجميع بخطورة الذنوب والمعاصي.. ووجوب التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة.. وفضل يوم عاشوراء وصيامه.. وبعد ذلك بدأ بسرد قصة مقتل الحسين رضي الله عنه بطريقة قصصية رائعة جداً ومؤثرة.. فكانت البلاغة حاضرة عنده.. وكانت الأجواء تساعد على السماع للقصة بنوع من الحزن والخشوع معها..
كانت نوبات البكاء تنتقل من رجل لآخر .. وكانت القصة تتعمق تدريجياً إلى اليوم الأخير وإلى اللحظات الأخيرة من حياة الحسين رضي الله عنه .. وكان الأسلوب القصصي يزيد الأمر تفاعلاً .. فبدأت نوبة البكاء تعم على الجميع وبما فيهم (( السحاب الأحمر )) وفجأة تم إطفاء الأنوار لإضفاء مزيد من الأجواء الحزينة وإبقاء كشافين صغيرين تجاه السيد على كرسيه بطريقة إخراجية مرتبة..
كانت القصة تتطابق مع القصص المروية في كتب السنة بدرجة كبيرة جداً .. وجدت نفسي غارقاً في نوبة من البكاء اللاشعوري من هول القصة وأثرها ..
في هذه اللحظات .. لاأدري لما كنت أبكي ؟؟؟ فهل كنت بحاجة للبكاء فعلاً في ذلك الوقت من أجل القصة أو من غيرها ؟؟ فالظروف المحيطة بي (( كشاب عربي )) تساعد على الإنهيار السريع أمام الضغوطات والتصرف بنوع من الطفولية الزائدة تحت مظلة هذه القصة الحزينة...!!! كنت أجد لنفسي مبرراً كافياً للبكاء فعلاً.. كان البعض متأثراً بشدة للقصة وبدأ يضرب على صدره رمزاً لما حل بالحسين من البلاء .. إستمر سرد القصة ساعة كاملة والجميع تحت تأثيرها بدرجة عالية جداً ..
وحينما تم الإنتهاء من سرد القصة .. تم الدعاء بدعاء (( كُميل )) وهو من أشهر الأدعية لديهم ومؤثر جداً جداً .. ومدته ربع ساعة تقريباً .. وعلى ذلك إنتهى المجلس ..
الموضوع :
لقد نشأت وبحمد الله في بيئة سنية متشددة لاتعترف بالمذهب المخالف.. بل لاتعترف بالتعبير المذهبي بالرأي الآخر مهما يكن هذا التعبير .. فقد تشبعت منذ طفولتي بمعتقدات كثيرة عن الأديان الأخرى والمذاهب المخالفة ..
والعجيب أنني كنت أواجه تحذيرات مستمرة من المذهب الشيعي أكثر من الدين اليهودي والمسيحي والبوذي..! فقد كنت أسمع بالخيانات والدياثة وسوء الأخلاق في عمق المذهب الشيعي لدرجة أن أهل الشيعة يطئون على ظـلك في أسوء الأحوال لإضرارك قدر المستطاع..!! وكانت هذه الأمور تزيد الأمر سوءاً في داخلي وحنقاً تجاههم.. وتطور الأمر إلى التصديق بأن الشيعة في ليلة عاشوراء يختلطون فيما بينهم.. ويطأ الرجل المرأة في ليلة ظلماء لايعرف أحدهم هل وطأ أمه أو أخته..!!! وكعادة العامة من البشر .. كنت أردد هذه المقولات والممارسات عن المذهب الشيعي دون التأكد منها ومن حقيقتها .. وإستمريت على هذا الحال في ذكرها في المجالس بطريقة بالغة السخف .. بل وكنت متعصباً ضد الشيعة بطريقة حماسية جداً دون الإستناد على الحقيقة أو البحث عنها شخصياً..
في يوم عاشوراء وليلته من هذه السنة.. دُعيت بطريقة (( سرية )) للدخول في إحدى الحسينيات الموجود في مدينة جدة الساحلية والتي يحول عليها التعتيم الشديد جداً والحرص البالغ على سرية المكان..
وفعلاً .. توجهت بسيارتي في تمام الساعة 8,30 مساءً إلى أحد الأحياء الشعبية في وسط المدينة.. ولم أتوجه إلا بعد التأكد من سلامتي الشخصية لاسيما وأنني بداخل المجتمع الشيعي.. ركنت سيارتي في مكان بعيد نوعاً ما عن المكان.. ومشيت على قدمي إلى داخل الحي ذو الممرات الضيقة القديمة ..
كان هنالك عدداً كبيراً من سكان الحي يعيشون فيه بطريقة عادية جداً غادين ورائحين.. ولم تكن هنالك أي مناظر توحي بتجمع شيعي في ذلك المكان العشوائي.. وصلت إلى باب المنزل المتواضع.. فُتح الباب فكان هنالك فناء واسع وكبير وفي نهايته غرفة مبنية حديثاً بعكس باقي المبانى في الفناء ..
كان تصميم المنزل شعبياً جداً وقديم.. وكان الفناء مليئاً بالرجال فقط والأولاد..! وفي طرف الفناء كان هنالك عدد من العمالة الأجنبية التي تعد الشاي والقهوة على مشب للنار ضخم.. وبالرغم من عددهم الكبير إلا أن الجميع كان يتحدث بصوت هاديء.. وكان الجميع يتحرك بهدوء وكل شخصين يتحدثان مع بعضهما البعض بهدوء بالغ .. تقدمت إلى هذه الغرفة الجديدة ودخلتها .. فوجدتها غرفة متوسطة الحجم تفتح على غرفة داخلية أخرى بطريقة طولية في نهايتها كرسي ضخم..!!
كانت الغرفة متشحة بالسواد تماماً .. حيث كانت الأقمشة السوداء تغطي جدران الغرفة بالكامل بطريقة مرتبة .. وكانت هنالك لوحات ورسومات للحسين كثيرة متنوعة الأحجام والأشكال معلقة على الجدران يغلب عليها عبارات التأسي بالحسين والبكاء على موته .. كانت هنالك أيضاً أقمشة بحجم وسائد النوم مكتوب عليها عبارات وأدعية باللغتين العربية والفارسية .. كان المنظر صدمة لي لدخولي مكاناً مثل هذا المكان لأول مرة في حياتي .. كان المكان مليئاً بالرجال إلآ أنه كان هادئاً جداً وكل شخص في شأنه وحاله .. وكأن المكان شبيهاً بالمسجد من حيث الهدوء والتصميم.. حيث كان خالياً من أي ديكور ماعدا الجلسات الأرضية فقط .. كان هنالك عدداً من المصاحف على طاولة صغيرة لمن يريد قراءة القرآن وبجوارها عبوات مياه بلاستيكية من الحجم الصغير.. وكانت الغرفة تستقبل أعدادً متزايدة من الوافدين بإستمرار ..
وفي تمام الساعة التاسعة والربع مساءً .. دخل رجل الدين الشيعي والمكلف بآداء الحسينية في تلك الليلة وعلى رأسه العمامة المعروفة فوقف الجميع وأنا معهم إحتراماً له .. وبدأوا يصلون على النبي بطريقة (( اللحن العراقي )) الهاديء .. جلس السيد على كرسيه فجلسنا معه .. وبعد السلام على الحضور إبتدأ خطبته بالصلاة على النبي .. ومن ثم بدأ بالدعاء للفلسطينيين في غزة.. وكان الجميع يشاركه الدعاء بحرارة بالغة وببكاء شديد...!!!
كان هذا الأمر بداية المفاجأة بالنسبة لي .. فكانت صدمة كبيرة لي ولتوقعاتي القديمة التي كانت تقول بأنهم ألد أعدائنا .. بل كانت مخالفة تماماً لما فعلناه بهم من خلال الدعاء عليهم بالهلاك حينما تحارب (( حزب الله )) الشيعي مع الإسرائيليين ...!!!
وبعدها بدأ السيد بتذكير الجميع بخطورة الذنوب والمعاصي.. ووجوب التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة.. وفضل يوم عاشوراء وصيامه.. وبعد ذلك بدأ بسرد قصة مقتل الحسين رضي الله عنه بطريقة قصصية رائعة جداً ومؤثرة.. فكانت البلاغة حاضرة عنده.. وكانت الأجواء تساعد على السماع للقصة بنوع من الحزن والخشوع معها..
كانت نوبات البكاء تنتقل من رجل لآخر .. وكانت القصة تتعمق تدريجياً إلى اليوم الأخير وإلى اللحظات الأخيرة من حياة الحسين رضي الله عنه .. وكان الأسلوب القصصي يزيد الأمر تفاعلاً .. فبدأت نوبة البكاء تعم على الجميع وبما فيهم (( السحاب الأحمر )) وفجأة تم إطفاء الأنوار لإضفاء مزيد من الأجواء الحزينة وإبقاء كشافين صغيرين تجاه السيد على كرسيه بطريقة إخراجية مرتبة..
كانت القصة تتطابق مع القصص المروية في كتب السنة بدرجة كبيرة جداً .. وجدت نفسي غارقاً في نوبة من البكاء اللاشعوري من هول القصة وأثرها ..
في هذه اللحظات .. لاأدري لما كنت أبكي ؟؟؟ فهل كنت بحاجة للبكاء فعلاً في ذلك الوقت من أجل القصة أو من غيرها ؟؟ فالظروف المحيطة بي (( كشاب عربي )) تساعد على الإنهيار السريع أمام الضغوطات والتصرف بنوع من الطفولية الزائدة تحت مظلة هذه القصة الحزينة...!!! كنت أجد لنفسي مبرراً كافياً للبكاء فعلاً.. كان البعض متأثراً بشدة للقصة وبدأ يضرب على صدره رمزاً لما حل بالحسين من البلاء .. إستمر سرد القصة ساعة كاملة والجميع تحت تأثيرها بدرجة عالية جداً ..
وحينما تم الإنتهاء من سرد القصة .. تم الدعاء بدعاء (( كُميل )) وهو من أشهر الأدعية لديهم ومؤثر جداً جداً .. ومدته ربع ساعة تقريباً .. وعلى ذلك إنتهى المجلس ..
تعليق