بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ..
قبل أن أملأ قلمي بمداد الوفاء لمن وفت لآل البيت الطاهرين وضحت بأولادها في سبيل إحياء الدين ، وقبل أن أُلملم حروفي المبعثرة لأصيغ بها كلام جميل أبدي فيه سمو هذه المرأة وعظيم شأنها عند الخالق العظيم أدعوكم أحبتي للتوقف دقيقة نهدي فيها ثواب سورة الفاتحية لروحها الهائمة في حب الميامين ولأرواح أولادها الأربعة المفدين لإمام زمانهم بأغلى وأنفس ما يملكون وأي شيء أغلى وأنفس من النفس فقد باعوها واشتروا بها جنات النعيم ..
قلمي العزيز ها أنا ذا قد ملأت بطنك بمداد الوفاء لأم البنين السيدة الجليلة فاطمة بنت حزام زوجة أمير المؤمنين وأم سبع القنطرة وأخوته الأبرار الخيرين في مقابل أن تخط لي حروفاً زاهية تبدي سطوراً عطرة بسيرتها الطيبة بطيب ولائها الخالص لآل البيت الطاهرين وإيثارها بأعز ما عندها دفاعاً عن الدين ..
سيدي صداح لن أخذلك فأنت وربي أردت الخير وطلبت مني طبع الجميل القول وهذا يسعدني ويشرفني وسيخلد ما أُسطره لتقرؤه الأجيال وتستمتع بتدبر ما يحوي من فضائل لهذه السيدة الجليلة ذوي الألباب ..
إذاً عزيزي سنبدأ سوية وسيرة أم البنين على بركة الله ..
تسمت السيدة فاطمة بنت حزام بأم البنين بناءاً على طلبها من أمير المؤمنين عليهما السلام وذلك لما رأت الإنكسار في وجوه أولاد الزهراء عليها السلام عندما يناديها الأمير بفاطمة ..
دخلت عليها السلام ليبت علي معاهدة ربها أن تكون خادمة له ولأولاده الميامين عليهم السلام ، وفت بما عاهدت منذ اللحظة التي دخلت فيها بيت علي وحتى اللحظة التي ارتحلت فيها عن هذه الحياة ..
لما منَّ الله عليها بأول الأولاد جاءت به فرحة لأمير المؤمنين لكن سرعان مانكسر قلبها حينما رأت الأمير يقلب كفيه ودموعه على خديه تسيل ، لم تتوانى في سؤالها عن سبب بكاء الأمير وحينما أجابها بأن يديه تُقطع دفاعاً عن أخيه الحسين استرت واستبشرت لعلمها بأن التضحية مع الحسين تعني النعيم المقيم ..
اجتهدت عليها السلام في تعليم أولادها كيف يتأدبون في حضرة أخوتهم الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم ، وكيف يخضعون لهم كما يخضع العبد لمولاه وعلمتهم كيف يتسابقون في خدمتهم ويتنافسون على تلبية ما يطلبونه منهم ، فتربوا على أن يكونوا ولاة لأطهار ، لم يذكر التاريخ أن أحداً منهم ينادي الحسن والحسين بالأخوة إلا في آخر رمق لأبي الفضل العباس عليه السلام بعدما طبر رأسه بعمد الحديد نادى أخي حسين أدركني ..
دفعت أم البنين عليها السلام أولادها لنصرة لنصرة الدين والذود عن الإمام الحسين وشجعتهم على الخروج معه لأرض الفداء ، ولما عاد الركب إلى مدينة رسول الله بنعي الحسين خرجت مذهولة ، لم تعبأ بمصير أولادها بل سارعت بالسؤال عن الحسين ولما علمت بأنه ذبح كما الكبش انهارت قواها من هول ما سمعت ، لم تطل حياتها حيث ماتت بألم الحزن وحسرة الفراق لملاها الحسين بعد استشهاد الحسين يثلاث سنين وتحديداً في الثالث عشر من شهر جمادى الآخرة سنة أربعة وستين من الهجرة فإنا لله وإنا إليه راجعون ..
تعليق