بسم الله الرحمن الرحيم
"الإرشادي"[1]، إذ قالا: ﴿قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[2]. وهذه الآية من آيات الأدعية التي دعا بها الأنبياء عليهم السلام.
نلاحظ في هذا الدُّعاء أموراً:
- وقف النّبي آدم عليه السلام وزوجه موقفَ الالتجاء إلى الله تعالى، ولم ييئسا من زوال النعمة، بل بادرا إلى التعلّق به تعلّق العبد بالمالك، والفقير بالغني المطلق.
- الدُّعاء يبدأ بنداء الله تعالى بصفة الرَّبوبية[3], لأنَّ صفة الرُّبوبية تشتمل على كلّ ما يدفع به الشرُّ ويُـجْلب به الخير.
- ويذكر الدُّعاء أنَّ السَّبب الذي دفعهما إلى الدُّعاء والالتجاء إلى الله تعالى، هو أنَّهما استشعرا الخسران الوشيك الذي أطلّ برأسه عليهما. وهذه الحالة من الشّعور بالخسارة ناجمةٌ عن الشّعور بالنَّقص والفقر الشّديد الذي لا يمكن أن يجبرَه أحدٌ سوى الله تعالى.
- والواضح أنَّ النَّبي آدم عليه السلام وحواء يُظهران أدَباً كبيراً مع الله في توبتهما وطلبهما العفو والغفران منه تعالى, فلم يقولا "ربّنا اغفر لنا"، بل قالا: ﴿وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا﴾، وكأنَّهُ طلبٌ غيرُ مباشرٍ للمغفرة، فيه الكثيرُ من الحياءِ والخجل.
- لم يبقَ بعد الإقرار بالذَّنب، والفقرِ والنَّقص، والإذعان بالربوبيَّة لله والعبوديَّة، إلا طلب المغفرة من الذَّنب الحاصل، وكذلك الرَّحمة الجابرة لما فاتَ والتي تفتح لهما بوَّابة القرب الإلهي مجدَّداً[4].
[1] راجع: الشيرازي، الشيخ ناصر مكارم: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج1، ص168، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر، 1981م، ط1.
و: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج1، ص265.
[2] سورة الأعراف، الآية 23.
[3] راجع: الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل،ج15، ص201.
[4] راجع: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج6، ص265.
تعليق