في حرم الإمام الرضا عليه السلام، رواق الإمام الخميني قدس سره
أفادة وكالة رسا للأنباء أن سماحة الأستاذ عليرضا بناهيان أحد أعضاء المجلس الأعلى للتبليغ ألقى كلمة في حرم الإمام الرضا(ع) في رواق الإمام الخميني(ره) فإليك موجز منها:
إن الاختيار والحرّية مفهومان مهمّان ولكن التأكيد الأكثر من اللازم عليهما يؤدي إلى آفات
إن الاهتمام المفرط والمبالغ فيه بأي موضوع يؤدي إلى آفات. أحد المفاهيم المهمّة والقيّمة التي قد تعتريها الآفات وتؤدي إلى فساد فيما إذا اهتم بها بعض الناس أكثر من حجمها هو مفهوم «الاختيار» وبتبعه مفهوم «الحريّة».
إن هوية الإنسان متعلقة باختياره، فلولا عنصر الاختيار لكان الإنسان ملكا أو حيوانا. وقد منح الإنسان قدرة الاختيار لينتخب ويختار، ولذلك قد صيغت ماهية الإنسان بـ«حق الاختيار». بعبارة أخرى يجد الإنسان هويّته في قدرة اختياره. ولكن أحد المواطن التي يستطيع الإنسان أن يجسّد فيها رشده هو أن يستخدم اختياره «بوعي وبذكاء»؛ يعني يختار تارة، ويتّبع تارة أخرى.
ليس الاختيار قيمة مطلقة دائما/ قد تكون قيمة الإنسان أحيانا في أن لا يستخدم اختياره
ليس الاختيار قيمة مطلقة دائما؛ يعني تارة تتبلور قيمة الإنسان في أن لا يستخدم اختياره. إذ ينبغي للإنسان أن يسلّم حق اختياره في القضايا التي هو غير متخصّص فيها وليس على معرفة كافية بها، فإذا كان غير عالم بقضية ما لابدّ له أن يتّبع الخبير في خصوصها.
إن قيمة الفكر والإرادة والانتخاب تتجسد أحيانا في أن يكل الإنسان حق انتخابه إلى من هو متخصص. كالسيد الإمام(ره) الذي كان مسلّما أمره إلى تشخيص الأطبّاء وقراراتهم في القضايا الصحيّة.
اعتراض الإمام الرضا(ع) على دعوى حقّ الناس في اختيار الإمام
لا يمكن لأي مفهوم في العالم أن يحلّ محلّ مفهوم آخر ويؤدّي دوره. فعلى سبيل المثال، إن القرآن عظيم جدّا ولكن لا يستطيع أن يؤدي دور إمامة أمير المؤمنين(ع)، يعني لا يمكن أن نتبّع القرآن تحت عنوان الولاية. وكذلك قضية إقامة العزاء وزيارة الإمام الحسين(ع) لها قيمة عظيمة جدّا، ولكنّها لا تستطيع أن تحلّ محلّ الجهاد والدفاع عن المراقد والمقدّسات. لذلك في هذه الظروف التي أصبح الدفاع عن حرم الإمام الحسين(ع) تكليفا شرعيّا، لا يمكن أن نفضّل إقامة العزاء أو الزيارة على الجهاد.
بعد أن مرّ على الناس سبع فترات من إمامة الأئمة المعصومين(ع) وانتهى الأمر إلى الإمام الرضا(ع) بلغ الناس إلى مستوى من الفهم والمعرفة بحيث استطاع الإمام الرضا(ع) أن يخطب بهم خطبة في الإمامة ليس لها نظير في كلمات الأئمة السابقين. قال الإمام الرضا(ع) حول النظرية القائلة بـ «لزوم تعيين الإمام من قبل الناس: «هَلْ يعْرِفُونَ قَدْرَ الْإِمَامَةِ وَ مَحَلَّهَا مِنَ الْأُمَّةِ فَيجُوزَ فِيهَا اخْتِيارُهُمْ» [الكافي/1/199]
الدعوة إلى انتخاب الولي الفقيه عبر رأي الشعب بشكل مباشر، تضليل الرأي العام
ثم قال الإمام الرضا(ع) في تكملة حديثه: «إِنَّ الْإِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْراً وَ أَعْظَمُ شَأْناً وَ أَعْلَى مَ?َاناً وَ أَمْنَعُ جَانِباً وَ أَبْعَدُ غَوْراً مِنْ أَنْ يبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ أَوْ ينَالُوهَا بِآرَائِهِمْ أَوْ يقِيمُوا إِمَاماً بِاخْتِيارِهِمْ»[المصدر نفسه]
كذلك اليوم لا يمكن انتخاب الولي الفقيه من قبل الشعب مباشرة إلا عبر تضليل الرأي العام. وللأسف هناك من يحاول في هذا البلد أن ينزّل مستوى بعض المواضيع المهمّة كالإمامة إلى حدّ حبّ شخصيّة سينمائيّة أو رياضيّة تجمع لها الأصوات عبر مواقع الإنترنت.
إن دخول بعض الأشخاص في الأوساط السياسية البعيدة عن تخصّصهم، لمجرّد قدرتهم على كسب أصوات الناس، تضليل للرأي العام
إن تكامل أوضاعنا السياسيّة ونقاء مناخنا السياسي مرهون بانتخاب أناس جديرين بالتقنين. للأسف الشديد ما إن تسلّم بعض السياسيّين مقاليد الحكم، تتغير الكثير من الخطط والسياسات حتى يصل الأمر إلى تغيير المناهج التعليميّة والتربوية في وزارة التربية والتعليم، وكذا تتغيّر أمور أخرى من قبيل نوعيّة الطعام في حقول الدواجن. في حين أن جميع شؤون البلد هي قضايا تخصّصية ولا يحقّ لجميع الرجال السياسيّين أن يتدّخلوا في مختلف القضايا الحقوقية والتعليميّة والاقتصاديّة والعسكريّة لكونهم حصلوا على أصوات الناس.
للمرحوم شريعتي كلمة حكيمة تقول: «الانتخاب من صلاحيات الناس، أما العزل فليس من صلاحياتهم». لا يجوز حذف مشاركة الشعب مطلقا، ولكن، كذلك لا ينبغي إعطاء قيمة مطلقة لصوته، إذ من تضليل الرأي العام أن يدخل شخص في القضايا السياسيّة البعيدة عن تخصّصه لمجرّد حصوله على أصوات الناس.
عندما يبالغ في تقييم «الاختيار» يدل ذلك على وجود خيانة وراء الكواليس/ عادة ما يطرح المضلّلون الباطلَ في غطاء من الحق
ليس «الاختيار» قيّما دائما، فعندما يبالغ في تقييم «الاختيار» يدلّ ذلك على وجود خيانة وراء الكواليس. كأولئك الذين قد اهتمّوا بالعدل أكثر من استحقاقه فجرّهم هذا الاهتمام إلى مواجهة النبيّ الأكرم(ص). أو كأبي موسى الأشعري الذي رفع شعار «الأخلاق» في مقابل أمير المؤمنين(ع)، فلمّا خيّر بين الحق والباطل صار معتدلا يدعو إلى الصلح.
عادة ما يطرح المضلّلون الباطل في غطاء من الحق؛ ويستقى موقفهم من المبالغة في التأكيد على القيم، ولذلك ليست مواجهتهم بأمر هيّن إذ لا يمكن إنكار قيمة الأخلاق والقرآن والعدل وباقي القيم في مقام ردّ حديثهم.
يجب أن تكون «التقوى» هي المعيار في انتخاب السياسيّين
إذا أردنا تعيين إمام لمسجد، نأخذ تقواه وعدالته بعين الاعتبار؛ مع أنّه قد لا يصلّي خلف هذا الإمام أكثر من مئة شخص. فهل صلاة مئة شخص أهمّ من مقدّرات شعب كامل؟! ويا ترى أليس حقّ الناس أهمّ من حقّ الله؟! فلذلك يجب في انتخاب الرجال السياسيين وانتخاب أعضاء مجلس المدينة أو مجلس الشورا أو مجلس الخبراء أو رئيس الجمهورية أن نجعل التقوى معيارا للانتخاب ونهتمّ اهتماما بالغا بهذا المعيار.
يحظى مجلس الخبراء بالأهميّة الكبرى ولذلك فلابد أن نلاحظ عنصر التقوى في انتخاب أعضائه. فلو ـ لا سامح الله ـ دخلت في قلوبهم ذرة من الأهواء النفسانية لا يدرى أي مصيبة ستحلّ بالبلد.
الديمقراطية في الغرب بمعنى خداع الناس
في بلاد الغرب قد ينتخب الناس ممثلا في دور مصارع ثيران، يعني يشتهر هذا الممثل من خلال دور مصارع ثيران ويحصل على محبوبية بين الشعب، فينتخبوه نائبا لهم لكونه شخصية مشهورة ومحبوبة.
فمعنى الديمقراطية في الغرب هو خداع الناس وإنها أشبه بلعبة سخيفة. فإن نوّاب الشعوب الغربية ليسوا بنوّاب حقيقيّين لهم. ولا يدرى من الناحية الحقوقية هل أنهم يمثّلون الشعب أم لا. ولذلك قد أدى بهم الأمر إلى هذا المستوى.
لابدّ أن يكون انتخاب النائب في المجلس ورئيس الجمهورية وعضو مجلس الخبراء على أساس التقوى كما هو الحال في انتخاب مرجع التقليد
إن مراجع الناس في التقليد متعددون ومختلفون، ولكن ليس بينهم نزاع ولا خلاف، ولا يستهزء أحد بالآخر ولا يتجاسر بعضهم على بعض. كما ليس في أجواء المرجعية تكاثر وتنافس على عدد المقلّدين، كما هو المشهود في عالم الصحف والإعلام.
لابدّ أن يكون انتخاب نوّاب مجلس الشورى ورئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الخبراء على أساس التقوى كما هو الحال في انتخاب مرجع التقليد، وأن لا تنجر عمليّة الانتخابات إلى نزاع وعراك. فإذا دخل أئمة الجماعات والمدراء الوسط وأعضاء المجلس والمراجع وممثلي الوليّ الفقيه في الساحة السياسيّة من منطلق التشخيص الديني، سوف لن يتسنّى لرجال السياسة أن يلوّثوا أجواء الانتخابات السياسيّة بهذا الكم.
ما لم يحظ سياسيّو المجتمع بالتقوى والعدالة لن تنحلّ المشاكل
من أين أتت هذه الأجواء المشؤومة، بحيث بعد مضيّ 35 سنة من الثورة لم نر بعد انتخابات بلا خلافات؟! لا ينبغي للناس أن يعملوا على أساس أهوائهم ورغبتهم، بل يجب أن ينتخبوا أحد المرشّحين وفقا للمعايير الدينية المعلومة وبدوافع مجرّدة عن أهواء النفس وأن يعتبروا أنفسهم مسؤولين أمام الله عز وجل.
لابدّ أن نقدّم الدعاء لمناخنا السياسي على الكثير من الدعوات. فلن تجدي المحاضرات والمواعظ نفعا ولن تحلّ مشكلة ما لم يحظ سياسيّو المجتمع بالتقوى والعدالة، إذ أن الناس يشبهون أمراءهم ويتأثرون بهم أكثر من تأثرهم بوعظ الواعظين؛ فقد روي عن أمير المؤمنين(ع): «النَّاسُ بِأُمَرَائِهِمْ أَشْبَهُ مِنْهُمْ بِآبَائِهِم» [تحف العقول/ص208]
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أفادة وكالة رسا للأنباء أن سماحة الأستاذ عليرضا بناهيان أحد أعضاء المجلس الأعلى للتبليغ ألقى كلمة في حرم الإمام الرضا(ع) في رواق الإمام الخميني(ره) فإليك موجز منها:
إن الاختيار والحرّية مفهومان مهمّان ولكن التأكيد الأكثر من اللازم عليهما يؤدي إلى آفات
إن الاهتمام المفرط والمبالغ فيه بأي موضوع يؤدي إلى آفات. أحد المفاهيم المهمّة والقيّمة التي قد تعتريها الآفات وتؤدي إلى فساد فيما إذا اهتم بها بعض الناس أكثر من حجمها هو مفهوم «الاختيار» وبتبعه مفهوم «الحريّة».
إن هوية الإنسان متعلقة باختياره، فلولا عنصر الاختيار لكان الإنسان ملكا أو حيوانا. وقد منح الإنسان قدرة الاختيار لينتخب ويختار، ولذلك قد صيغت ماهية الإنسان بـ«حق الاختيار». بعبارة أخرى يجد الإنسان هويّته في قدرة اختياره. ولكن أحد المواطن التي يستطيع الإنسان أن يجسّد فيها رشده هو أن يستخدم اختياره «بوعي وبذكاء»؛ يعني يختار تارة، ويتّبع تارة أخرى.
ليس الاختيار قيمة مطلقة دائما/ قد تكون قيمة الإنسان أحيانا في أن لا يستخدم اختياره
ليس الاختيار قيمة مطلقة دائما؛ يعني تارة تتبلور قيمة الإنسان في أن لا يستخدم اختياره. إذ ينبغي للإنسان أن يسلّم حق اختياره في القضايا التي هو غير متخصّص فيها وليس على معرفة كافية بها، فإذا كان غير عالم بقضية ما لابدّ له أن يتّبع الخبير في خصوصها.
إن قيمة الفكر والإرادة والانتخاب تتجسد أحيانا في أن يكل الإنسان حق انتخابه إلى من هو متخصص. كالسيد الإمام(ره) الذي كان مسلّما أمره إلى تشخيص الأطبّاء وقراراتهم في القضايا الصحيّة.
اعتراض الإمام الرضا(ع) على دعوى حقّ الناس في اختيار الإمام
لا يمكن لأي مفهوم في العالم أن يحلّ محلّ مفهوم آخر ويؤدّي دوره. فعلى سبيل المثال، إن القرآن عظيم جدّا ولكن لا يستطيع أن يؤدي دور إمامة أمير المؤمنين(ع)، يعني لا يمكن أن نتبّع القرآن تحت عنوان الولاية. وكذلك قضية إقامة العزاء وزيارة الإمام الحسين(ع) لها قيمة عظيمة جدّا، ولكنّها لا تستطيع أن تحلّ محلّ الجهاد والدفاع عن المراقد والمقدّسات. لذلك في هذه الظروف التي أصبح الدفاع عن حرم الإمام الحسين(ع) تكليفا شرعيّا، لا يمكن أن نفضّل إقامة العزاء أو الزيارة على الجهاد.
بعد أن مرّ على الناس سبع فترات من إمامة الأئمة المعصومين(ع) وانتهى الأمر إلى الإمام الرضا(ع) بلغ الناس إلى مستوى من الفهم والمعرفة بحيث استطاع الإمام الرضا(ع) أن يخطب بهم خطبة في الإمامة ليس لها نظير في كلمات الأئمة السابقين. قال الإمام الرضا(ع) حول النظرية القائلة بـ «لزوم تعيين الإمام من قبل الناس: «هَلْ يعْرِفُونَ قَدْرَ الْإِمَامَةِ وَ مَحَلَّهَا مِنَ الْأُمَّةِ فَيجُوزَ فِيهَا اخْتِيارُهُمْ» [الكافي/1/199]
الدعوة إلى انتخاب الولي الفقيه عبر رأي الشعب بشكل مباشر، تضليل الرأي العام
ثم قال الإمام الرضا(ع) في تكملة حديثه: «إِنَّ الْإِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْراً وَ أَعْظَمُ شَأْناً وَ أَعْلَى مَ?َاناً وَ أَمْنَعُ جَانِباً وَ أَبْعَدُ غَوْراً مِنْ أَنْ يبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ أَوْ ينَالُوهَا بِآرَائِهِمْ أَوْ يقِيمُوا إِمَاماً بِاخْتِيارِهِمْ»[المصدر نفسه]
كذلك اليوم لا يمكن انتخاب الولي الفقيه من قبل الشعب مباشرة إلا عبر تضليل الرأي العام. وللأسف هناك من يحاول في هذا البلد أن ينزّل مستوى بعض المواضيع المهمّة كالإمامة إلى حدّ حبّ شخصيّة سينمائيّة أو رياضيّة تجمع لها الأصوات عبر مواقع الإنترنت.
إن دخول بعض الأشخاص في الأوساط السياسية البعيدة عن تخصّصهم، لمجرّد قدرتهم على كسب أصوات الناس، تضليل للرأي العام
إن تكامل أوضاعنا السياسيّة ونقاء مناخنا السياسي مرهون بانتخاب أناس جديرين بالتقنين. للأسف الشديد ما إن تسلّم بعض السياسيّين مقاليد الحكم، تتغير الكثير من الخطط والسياسات حتى يصل الأمر إلى تغيير المناهج التعليميّة والتربوية في وزارة التربية والتعليم، وكذا تتغيّر أمور أخرى من قبيل نوعيّة الطعام في حقول الدواجن. في حين أن جميع شؤون البلد هي قضايا تخصّصية ولا يحقّ لجميع الرجال السياسيّين أن يتدّخلوا في مختلف القضايا الحقوقية والتعليميّة والاقتصاديّة والعسكريّة لكونهم حصلوا على أصوات الناس.
للمرحوم شريعتي كلمة حكيمة تقول: «الانتخاب من صلاحيات الناس، أما العزل فليس من صلاحياتهم». لا يجوز حذف مشاركة الشعب مطلقا، ولكن، كذلك لا ينبغي إعطاء قيمة مطلقة لصوته، إذ من تضليل الرأي العام أن يدخل شخص في القضايا السياسيّة البعيدة عن تخصّصه لمجرّد حصوله على أصوات الناس.
عندما يبالغ في تقييم «الاختيار» يدل ذلك على وجود خيانة وراء الكواليس/ عادة ما يطرح المضلّلون الباطلَ في غطاء من الحق
ليس «الاختيار» قيّما دائما، فعندما يبالغ في تقييم «الاختيار» يدلّ ذلك على وجود خيانة وراء الكواليس. كأولئك الذين قد اهتمّوا بالعدل أكثر من استحقاقه فجرّهم هذا الاهتمام إلى مواجهة النبيّ الأكرم(ص). أو كأبي موسى الأشعري الذي رفع شعار «الأخلاق» في مقابل أمير المؤمنين(ع)، فلمّا خيّر بين الحق والباطل صار معتدلا يدعو إلى الصلح.
عادة ما يطرح المضلّلون الباطل في غطاء من الحق؛ ويستقى موقفهم من المبالغة في التأكيد على القيم، ولذلك ليست مواجهتهم بأمر هيّن إذ لا يمكن إنكار قيمة الأخلاق والقرآن والعدل وباقي القيم في مقام ردّ حديثهم.
يجب أن تكون «التقوى» هي المعيار في انتخاب السياسيّين
إذا أردنا تعيين إمام لمسجد، نأخذ تقواه وعدالته بعين الاعتبار؛ مع أنّه قد لا يصلّي خلف هذا الإمام أكثر من مئة شخص. فهل صلاة مئة شخص أهمّ من مقدّرات شعب كامل؟! ويا ترى أليس حقّ الناس أهمّ من حقّ الله؟! فلذلك يجب في انتخاب الرجال السياسيين وانتخاب أعضاء مجلس المدينة أو مجلس الشورا أو مجلس الخبراء أو رئيس الجمهورية أن نجعل التقوى معيارا للانتخاب ونهتمّ اهتماما بالغا بهذا المعيار.
يحظى مجلس الخبراء بالأهميّة الكبرى ولذلك فلابد أن نلاحظ عنصر التقوى في انتخاب أعضائه. فلو ـ لا سامح الله ـ دخلت في قلوبهم ذرة من الأهواء النفسانية لا يدرى أي مصيبة ستحلّ بالبلد.
الديمقراطية في الغرب بمعنى خداع الناس
في بلاد الغرب قد ينتخب الناس ممثلا في دور مصارع ثيران، يعني يشتهر هذا الممثل من خلال دور مصارع ثيران ويحصل على محبوبية بين الشعب، فينتخبوه نائبا لهم لكونه شخصية مشهورة ومحبوبة.
فمعنى الديمقراطية في الغرب هو خداع الناس وإنها أشبه بلعبة سخيفة. فإن نوّاب الشعوب الغربية ليسوا بنوّاب حقيقيّين لهم. ولا يدرى من الناحية الحقوقية هل أنهم يمثّلون الشعب أم لا. ولذلك قد أدى بهم الأمر إلى هذا المستوى.
لابدّ أن يكون انتخاب النائب في المجلس ورئيس الجمهورية وعضو مجلس الخبراء على أساس التقوى كما هو الحال في انتخاب مرجع التقليد
إن مراجع الناس في التقليد متعددون ومختلفون، ولكن ليس بينهم نزاع ولا خلاف، ولا يستهزء أحد بالآخر ولا يتجاسر بعضهم على بعض. كما ليس في أجواء المرجعية تكاثر وتنافس على عدد المقلّدين، كما هو المشهود في عالم الصحف والإعلام.
لابدّ أن يكون انتخاب نوّاب مجلس الشورى ورئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الخبراء على أساس التقوى كما هو الحال في انتخاب مرجع التقليد، وأن لا تنجر عمليّة الانتخابات إلى نزاع وعراك. فإذا دخل أئمة الجماعات والمدراء الوسط وأعضاء المجلس والمراجع وممثلي الوليّ الفقيه في الساحة السياسيّة من منطلق التشخيص الديني، سوف لن يتسنّى لرجال السياسة أن يلوّثوا أجواء الانتخابات السياسيّة بهذا الكم.
ما لم يحظ سياسيّو المجتمع بالتقوى والعدالة لن تنحلّ المشاكل
من أين أتت هذه الأجواء المشؤومة، بحيث بعد مضيّ 35 سنة من الثورة لم نر بعد انتخابات بلا خلافات؟! لا ينبغي للناس أن يعملوا على أساس أهوائهم ورغبتهم، بل يجب أن ينتخبوا أحد المرشّحين وفقا للمعايير الدينية المعلومة وبدوافع مجرّدة عن أهواء النفس وأن يعتبروا أنفسهم مسؤولين أمام الله عز وجل.
لابدّ أن نقدّم الدعاء لمناخنا السياسي على الكثير من الدعوات. فلن تجدي المحاضرات والمواعظ نفعا ولن تحلّ مشكلة ما لم يحظ سياسيّو المجتمع بالتقوى والعدالة، إذ أن الناس يشبهون أمراءهم ويتأثرون بهم أكثر من تأثرهم بوعظ الواعظين؛ فقد روي عن أمير المؤمنين(ع): «النَّاسُ بِأُمَرَائِهِمْ أَشْبَهُ مِنْهُمْ بِآبَائِهِم» [تحف العقول/ص208]
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته