إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأزدواجية والواقع في الثقافة الاسرية (الجزء الثاني)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأزدواجية والواقع في الثقافة الاسرية (الجزء الثاني)



    وفي موقف تأريخي أراد المشركون من رسول الله ان يخلط بين اتباعين ، وان تزدوج عنده الطاعة بين طاعة ربه عزوجل وطاعة أهل الشرك ، فعرض عليه الحارث بن القيس السهمي , والعاص بن وائل ، والوليد بن مغيرة والاسود بن عبد يغوث الزهري والاسود بن المطلب وأمية بن خلف ، في بدء الدعوة الاسلامية فقالوا : يا محمد هلمّ فاتبع ديننا نتبع دينك ونشركك في أمرنا كله ، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فان كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه ، وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك كنت قد شركتنا فيه وأخذت بحظك منه .
    ولم يكن الرسول (ص) من الذين يزلهم خداع أهل الباطل، لأن الله عزوجل ما بعثه الا بعد أان عرف منه صدق الموقف وثبات الخطى على ما جاء به من عند ربه عزوجل ، بل هو الذي إصطفاه الله من نوره وصفاء كماله وعزّجلاله ، فصفا لله ودّه وطاعته . فقال (ص) : ( معاذ الله ان اشرك به غيره حتى انظر ما يأتي من عند ربي ) ، فنزل قوله تعالى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3) مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) الاحزاب / 1-4. وقيل : نزلت : (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)... )إلى آخر السورة.
    الثالث : صعيد العاطفة واتجاهها ، لان العاطفة هي المنبع الذي تنبع منه الظمانات للنبات وصدق الاتباع ، فلا بد ان تكون حرفا لا تدخله الا حب الله ورسوله والعمل بطاعتهما والا تؤثر شيئا اخر على حب الله والرسول والرسالة.
    وفي موقف تاريخي المح إليه القرآن الكريم كانت قد ازدوجت فيه العاطفة فأنتجت سلوكا ملتويا خطرا على واقع الاسلام والمسلمين وهو موقف حويطب بن أبي بلتعة الذي كتب كتابا الى قومه واهله يخبرهم بأن رسول الله (ص) يريد فتح مكة وذلك اذ رجحت عنده كفة حب المال والأهل والعشيرة على حب الله ورسوله فأنزل الله تعالى فيه قوله : (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) التوبة / 24.
    وفي موضع آخر جعل الله عزوجل حبه مشروطا باتباع النبي (ص) والانصياع له في قوله وعمله ، فقال تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) آل عمران/31 . وذلك لأن رسول الله (ص) حبيب الله وخاصته ، والحامل عنه أمانته إلى الامة وهي الرسالة التي فيها هدى ونور لا يستوعبه إلاّ قلب العبد المؤمن ويجري هذا الهدى والنور على لسان البشير محمد (ص) بأصدق لهجة وهو المبلـّغ الأول عن00 الله عزوجل بقوله ( ص) (أحبوا الله من كل قلوبكم ) وذلك لا يكون إلا من خلال استيعاب هدى الله عزوجل .
    وقال الامام الصادق (ع) ( القلب حرم الله فلا تسكن فيه غير الله تعالى) وفي الحديث القدسي : ( ما وسعتني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن ) .
    امّا كيف يفرغ الانسان قلبه من كل حب لغير الله عزوجل ، وهو بطبيعته ومقتضيات معيشته يكسب المال ويبني ويتزوج وينجب الأولاد ؟ فمن الطبيعي ان يتعلق قلبه بأهله وماله وولده ؟
    والجواب : ليس معنى تفريغ القلب لحب الله تعالى هو التنكر لغيره لان التفكير في غيره من مظاهر الحياة وهو الخروج عن طبيعة الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، وانما المراد هو : توجيه العاطفة تجاه مظاهر الحياة في قناة عع الله عزوجل فلا يحب الانسان المؤمن الا لله ولا يبغض الا لله ، ولا يغضب ولا يرضى الا لله تعالى ، بمعنى ان لا يخرجه حبه وبغضه وغضبه ورضاه عن طاعة الله عزوجل ، ولا يدخله في معصيته.
    وتلك القناة التي تصبّ فيها عاطفة الانسان هي التي تخرجها وترفعها عن الازدواجية التي وقع فيها بعض ممن لم تتجه عاطفتهم اتجاها واحدا .
    الشيخ
    عبد الرزاق فرج الله الأسدي
    ديالى / قضاء الهويدر

  • #2
    المشاركة الأصلية بواسطة علي حسين الخباز مشاهدة المشاركة

    وفي موقف تأريخي أراد المشركون من رسول الله ان يخلط بين اتباعين ، وان تزدوج عنده الطاعة بين طاعة ربه عزوجل وطاعة أهل الشرك ، فعرض عليه الحارث بن القيس السهمي , والعاص بن وائل ، والوليد بن مغيرة والاسود بن عبد يغوث الزهري والاسود بن المطلب وأمية بن خلف ، في بدء الدعوة الاسلامية فقالوا : يا محمد هلمّ فاتبع ديننا نتبع دينك ونشركك في أمرنا كله ، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فان كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه ، وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك كنت قد شركتنا فيه وأخذت بحظك منه .
    ولم يكن الرسول (ص) من الذين يزلهم خداع أهل الباطل، لأن الله عزوجل ما بعثه الا بعد أان عرف منه صدق الموقف وثبات الخطى على ما جاء به من عند ربه عزوجل ، بل هو الذي إصطفاه الله من نوره وصفاء كماله وعزّجلاله ، فصفا لله ودّه وطاعته . فقال (ص) : ( معاذ الله ان اشرك به غيره حتى انظر ما يأتي من عند ربي ) ، فنزل قوله تعالى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3) مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) الاحزاب / 1-4. وقيل : نزلت : (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)... )إلى آخر السورة.
    الثالث : صعيد العاطفة واتجاهها ، لان العاطفة هي المنبع الذي تنبع منه الظمانات للنبات وصدق الاتباع ، فلا بد ان تكون حرفا لا تدخله الا حب الله ورسوله والعمل بطاعتهما والا تؤثر شيئا اخر على حب الله والرسول والرسالة.
    وفي موقف تاريخي المح إليه القرآن الكريم كانت قد ازدوجت فيه العاطفة فأنتجت سلوكا ملتويا خطرا على واقع الاسلام والمسلمين وهو موقف حويطب بن أبي بلتعة الذي كتب كتابا الى قومه واهله يخبرهم بأن رسول الله (ص) يريد فتح مكة وذلك اذ رجحت عنده كفة حب المال والأهل والعشيرة على حب الله ورسوله فأنزل الله تعالى فيه قوله : (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) التوبة / 24.
    وفي موضع آخر جعل الله عزوجل حبه مشروطا باتباع النبي (ص) والانصياع له في قوله وعمله ، فقال تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) آل عمران/31 . وذلك لأن رسول الله (ص) حبيب الله وخاصته ، والحامل عنه أمانته إلى الامة وهي الرسالة التي فيها هدى ونور لا يستوعبه إلاّ قلب العبد المؤمن ويجري هذا الهدى والنور على لسان البشير محمد (ص) بأصدق لهجة وهو المبلـّغ الأول عن00 الله عزوجل بقوله ( ص) (أحبوا الله من كل قلوبكم ) وذلك لا يكون إلا من خلال استيعاب هدى الله عزوجل .
    وقال الامام الصادق (ع) ( القلب حرم الله فلا تسكن فيه غير الله تعالى) وفي الحديث القدسي : ( ما وسعتني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن ) .
    امّا كيف يفرغ الانسان قلبه من كل حب لغير الله عزوجل ، وهو بطبيعته ومقتضيات معيشته يكسب المال ويبني ويتزوج وينجب الأولاد ؟ فمن الطبيعي ان يتعلق قلبه بأهله وماله وولده ؟
    والجواب : ليس معنى تفريغ القلب لحب الله تعالى هو التنكر لغيره لان التفكير في غيره من مظاهر الحياة وهو الخروج عن طبيعة الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، وانما المراد هو : توجيه العاطفة تجاه مظاهر الحياة في قناة عع الله عزوجل فلا يحب الانسان المؤمن الا لله ولا يبغض الا لله ، ولا يغضب ولا يرضى الا لله تعالى ، بمعنى ان لا يخرجه حبه وبغضه وغضبه ورضاه عن طاعة الله عزوجل ، ولا يدخله في معصيته.
    وتلك القناة التي تصبّ فيها عاطفة الانسان هي التي تخرجها وترفعها عن الازدواجية التي وقع فيها بعض ممن لم تتجه عاطفتهم اتجاها واحدا .
    الشيخ
    عبد الرزاق فرج الله الأسدي
    ديالى / قضاء الهويدر
    أحسنتم وجزاكم الله خيراً استاذنا الفاضل

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X