اللهم صل على محمد وآل محمد
ماحكم التبذير؟ وما عقوبة المبذيرين في الأخرة؟ وما الفرق بينه وبين الإسراف؟
الجواب:
حكم التبذير هو الحرمة بمقتضى مثل قوله تعالى: ﴿وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾(1) بل إنَّ المستشعر من قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾(2) هو أنَّ التبذير من كبائر الذنوب. وذلك لأنَّ وصف المبذِّرين بإخوان الشياطين مشعر بإتحاد المبذرين والشياطين في المصير وهي النار، فحيث أنَّ الشياطين مصيرهم إلى النار فكذلك المبذِّرون، فيكون مفاد الآية الشريفة هو توعُّد المبذرين بالنار وذلك هو الضابط الذي تتميز به كبائر الذنوب من صغائرها كما هو مبنى المشهور وكما هو القدر المتيقن من معنى الذنب الكبير.
ويدلُّ على أنَّ التبذير من كبائر الذنوب ما ورد في عيون أخبار الرضا (ع) بسندٍ معتبر عن الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا (ع) قال: "الإيمان هو أداء الأمانة واجتناب جميع الكبائر إلى أن قال: واجتناب الكبائر وهي قتل النفس التي حرم الله تعالى والزنى والسرقة .. والإسراف والتبذير والخيانة .."(3).
والمراد من التبذير هو مجاوزة الحد العقلائي والشرعي في الإنفاق للمال، ومعنى ذلك تضييع المال إما بإتلافه ابتداءً أو صرفه فيما يضر أو يُفسد أو صرفه فيما لا ينفع أو صرف المال الكثير في مقابل النفع الضئيل أو بذل المال فيما هو مستغنٍ عنه بحيث يكون مآل ذلك إلى ضياع المال بنظر العقلاء، ويدخل في التبذير صرف المال فيما يُعصى الله تعالى به فإنَّ صرف المال في ذلك يكون من الصرف المتجاوز للحد الشرعي، والمتحصل إنَّ التبذير هو صرف المال فيما حرَّم الله تعالى أو صرفه بغير وجهٍ عقلائي.
وأما الفرق بين التبذير والإسراف فهو إنَّ الإسراف في الإنفاق للمال هو عينه التبذير، نعم يُطلق الإسراف على ما هو أوسع من التبذير، فكلُّ فعلٍ فيه تجاوز للحد الشرعي والعقلائي فهو إسراف وإن لم يكن متصلاً بإنفاق المال، وأما التبذير فلا يطلق إلا على التجاوز للحد في الإنفاق للمال.
الشيخ محمد صنقور
---------------------------------------
المصادر
1- سورة الإسراء / 26.
2- سورة الإسراء / 27.
3- عيون أخبار الرضا (ع) -الشيخ الصدوق- ج 1 ص 133.