تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
الشخصية:
لا نستطيع ان نجد تعريفاً واضحاً للشخصية فلانها واضحة ولا تحتاج الى تعريف وقد يكون لها عدة تعريفات الغرض منها التوضيح لا أكثر، يقول الدكتور أحمد عزت راجح : نستطيع ان نعرف الشخصية بأنها جملة الصفات الجسمية والعقلية والمزاجية والاجتماعية والخلقية التي تميز الشخص عن غيره تمييزاً واضحاً[1].
وليس غرضنا بحث التعريف بقدر ما يهمنا فهم الشخصية، فالذي يمكن ان نصل اليه ان الشخصية هو الانسان الطبيعي الذي يتمتع بصفات عديدة ، بغض النظر عن بقية الجوانب الاخرى، اي الانسان العاقل السوي الذي يعيش في وسط المجتمع ، الذي تجتمع فيه صفات متعددة بعضها يشترك بها مع الناس والاخرى تكون خاصة به لا يشترك معه أحد فيها ، فلكل شخص رغبات وميول وأهداف وغايات تختلف عن بقية الاشخاص الاخرين تبعاً للتفكير والبيئة والبعد الثقافي ، وما يمتلكه الشخص من مؤهلات جسدية وعقلية ، والاهم في بناء الشخصية الابعاد النظرية وترجمتها عملياً فقد ترى شخصاً يحمل فكراً علمياً نظرياً يفوق الكثيرين لكنه عند التطبيق والعمل لا يستخدم كل هذه الافكار العلمية النظرية فهو قد يكون حاملاً لأفضل الشهادات العلمية لكنه لا يملك اي انتاج يكون دليلاً على شهادته وتفوقه في حياته العلمية ، فالحديث عن الشخصية عالم واسع لأنك تتحدث عن الانسان أعظم مخلوقات الله تعالى ، فقد كتب عن الانسان الشيء الكثير من ناحية بنائه الجسدي واعضائه وتركيبها وهذا ما أختص به علم الطب ، وعن طريقة تفكيره ومزاجه وحالاته وانفعالاته ورغباته ، وهذا ما أختص به علم النفس ، وعن علاقاته العامة وعمله كفرد داخل المجتمع ، وهذا ما أختص به علم الاجتماع، وعن سلوكه وتصرفاته ومعاملاته ، وهذا ما أختص به علم الاخلاق والتربية ، ولا تزال المؤسسات العلمية والتربوية تهتم بشؤون الانسان ومتطلباته ويسعون جاهدين لحل مشاكل الانسانية كما انهم يقيمون الدراسات والتحليلات والتجارب بهدف تكميل وتطوير الشخصية الانسانية، ولا ننسى مؤسسات التنمية البشرية ومدربيها كيف بذلوا جهوداً كبيرة في بناء الشخصية، ويسعون دائماً من خلال كتبهم ونشاطاتهم المتعددة ان يجعلوا من الانسان طاقة وأداة ناجحة لبناء الارض وإكمال مسيرة الحياة على أتم وجه، وقد سعت الديانات الالهية بما فيها الاسلامية بالخصوص فبذلت الجهد الكبير بالاهتمام الشديد بالفرد والانسان فكانت دعوتها الشهيرة، تنادي بالرقي والتقدم للإنسان بالعلم والعلم والجد والاجتهاد بحيث لا تكتفي بالمسلم المعتقد بالدين فقط ولا الشكليات والزخارف والاطار العام بل تدعوا الى ترجمة ذلك عملياً فتظهر آثار المتقي في أفعاله فيحجبه دينه عن السرقة والغش ويحجبه عن ارتكاب الجرائم البشعة، ويتقي الله عز وجل في الاعراض والانفس وعدم إراقة الدماء ، وان يكون رحيماً لطيفاً مع الناس ، صادقاً في القول ، مخلصاً في العمل فذلك هو الانسان الناجح وتلك هي الشخصية الرائعة التي يفخر بها الاسلام الحنيف ، فنرى النصوص الدينية أهتمت كثيراً في شخصية الانسان وتهذيبها وتكميلها وهنالك من الشواهد والنصوص الشيء الكثير في هذا المجال ولعلنا نجد ذلك يتضح جلياً في النص الآتي المروي عن الامام الصادق (عليه السلام) : (من استوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون ، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب ، ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خير له من الحياة) [2]
فهكذا الايمان يدعوا الانسان دائماً للتقدم نحو الافضل على مستويات عديدة وهذا ما حفلت به النصوص الدينية فلن تجد أفضل من هذا النصح والارشاد في كتب التنمية والتربية وهذا ما يدل على عظمة رجال هذا الدين ، فمن يطالع بدقة تلك النصوص ويراجعها ويتأمل بها يستطيع ان يؤسس مشروعاً تربوياً رائعاً وناجحاً، فهذا النص الظاهر أمامنا يؤسس لشخصية ايمانية عالية لا تعرف التوقف ولا الاضمحلال تنمو وتزداد بشكل مستمر في دوامة الابداع والتمييز، فعبارة "من استوى يوماه فهو مغبون" ، خير شاهد لهذا المقصد، فالنص يريد ان هذا اليوم من الابداع والتفوق والتميز ينبغي ان لا يشبه الامس، بل يكون أفضل منه وكل يوم هكذا، فلو كان هذا المنهج هو المعمول به في حياتنا لوجدنا انفسنا خلال سنوات قليلة قد تقدمنا واصبحنا من الامم التي يحسب لها الحساب ولأصبح العالم يحتاج الينا قبل ان نحتاج اليهم في حياتنا المادية بل الكثير من شبابنا عزف عن نصوصه وراح يقرأ ما كتبه علماء الغرب وغيرهم آملاً منهم ان يسدوا ذلك الفراغ الذي يعيشه وتلك السطحية التي يعاني منها وتلك الثقافة البسيطة التي يسعى لتطويرها ، وبحسب تتبعي اقول من أراد ان تكون له شخصية مرموقة في المجتمع وانسان ناجح في حياته ، عليه ان يأخذ البرنامج والتعليمات من روح الشريعة ، وان لم يستطع فعليه ان يذهب لمن هو أدرى بما فيها ، فإنها مضمونه وعاقبتها محمودة، فبناء الشخصية امر في غاية الاهمية فبها يتحدد مستقبل الشخص وما يريد ان يصل اليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ـ أصول علم النفس: الدكتور أحمد عزت راجح، دار المنابر بالقاهرة ـ مصر ، ص457
[2] ـ الامالي: الشيخ الصدوق، ط1، 1417هـ ، نشر مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة ، ص766
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
الشخصية:
لا نستطيع ان نجد تعريفاً واضحاً للشخصية فلانها واضحة ولا تحتاج الى تعريف وقد يكون لها عدة تعريفات الغرض منها التوضيح لا أكثر، يقول الدكتور أحمد عزت راجح : نستطيع ان نعرف الشخصية بأنها جملة الصفات الجسمية والعقلية والمزاجية والاجتماعية والخلقية التي تميز الشخص عن غيره تمييزاً واضحاً[1].
وليس غرضنا بحث التعريف بقدر ما يهمنا فهم الشخصية، فالذي يمكن ان نصل اليه ان الشخصية هو الانسان الطبيعي الذي يتمتع بصفات عديدة ، بغض النظر عن بقية الجوانب الاخرى، اي الانسان العاقل السوي الذي يعيش في وسط المجتمع ، الذي تجتمع فيه صفات متعددة بعضها يشترك بها مع الناس والاخرى تكون خاصة به لا يشترك معه أحد فيها ، فلكل شخص رغبات وميول وأهداف وغايات تختلف عن بقية الاشخاص الاخرين تبعاً للتفكير والبيئة والبعد الثقافي ، وما يمتلكه الشخص من مؤهلات جسدية وعقلية ، والاهم في بناء الشخصية الابعاد النظرية وترجمتها عملياً فقد ترى شخصاً يحمل فكراً علمياً نظرياً يفوق الكثيرين لكنه عند التطبيق والعمل لا يستخدم كل هذه الافكار العلمية النظرية فهو قد يكون حاملاً لأفضل الشهادات العلمية لكنه لا يملك اي انتاج يكون دليلاً على شهادته وتفوقه في حياته العلمية ، فالحديث عن الشخصية عالم واسع لأنك تتحدث عن الانسان أعظم مخلوقات الله تعالى ، فقد كتب عن الانسان الشيء الكثير من ناحية بنائه الجسدي واعضائه وتركيبها وهذا ما أختص به علم الطب ، وعن طريقة تفكيره ومزاجه وحالاته وانفعالاته ورغباته ، وهذا ما أختص به علم النفس ، وعن علاقاته العامة وعمله كفرد داخل المجتمع ، وهذا ما أختص به علم الاجتماع، وعن سلوكه وتصرفاته ومعاملاته ، وهذا ما أختص به علم الاخلاق والتربية ، ولا تزال المؤسسات العلمية والتربوية تهتم بشؤون الانسان ومتطلباته ويسعون جاهدين لحل مشاكل الانسانية كما انهم يقيمون الدراسات والتحليلات والتجارب بهدف تكميل وتطوير الشخصية الانسانية، ولا ننسى مؤسسات التنمية البشرية ومدربيها كيف بذلوا جهوداً كبيرة في بناء الشخصية، ويسعون دائماً من خلال كتبهم ونشاطاتهم المتعددة ان يجعلوا من الانسان طاقة وأداة ناجحة لبناء الارض وإكمال مسيرة الحياة على أتم وجه، وقد سعت الديانات الالهية بما فيها الاسلامية بالخصوص فبذلت الجهد الكبير بالاهتمام الشديد بالفرد والانسان فكانت دعوتها الشهيرة، تنادي بالرقي والتقدم للإنسان بالعلم والعلم والجد والاجتهاد بحيث لا تكتفي بالمسلم المعتقد بالدين فقط ولا الشكليات والزخارف والاطار العام بل تدعوا الى ترجمة ذلك عملياً فتظهر آثار المتقي في أفعاله فيحجبه دينه عن السرقة والغش ويحجبه عن ارتكاب الجرائم البشعة، ويتقي الله عز وجل في الاعراض والانفس وعدم إراقة الدماء ، وان يكون رحيماً لطيفاً مع الناس ، صادقاً في القول ، مخلصاً في العمل فذلك هو الانسان الناجح وتلك هي الشخصية الرائعة التي يفخر بها الاسلام الحنيف ، فنرى النصوص الدينية أهتمت كثيراً في شخصية الانسان وتهذيبها وتكميلها وهنالك من الشواهد والنصوص الشيء الكثير في هذا المجال ولعلنا نجد ذلك يتضح جلياً في النص الآتي المروي عن الامام الصادق (عليه السلام) : (من استوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون ، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب ، ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خير له من الحياة) [2]
فهكذا الايمان يدعوا الانسان دائماً للتقدم نحو الافضل على مستويات عديدة وهذا ما حفلت به النصوص الدينية فلن تجد أفضل من هذا النصح والارشاد في كتب التنمية والتربية وهذا ما يدل على عظمة رجال هذا الدين ، فمن يطالع بدقة تلك النصوص ويراجعها ويتأمل بها يستطيع ان يؤسس مشروعاً تربوياً رائعاً وناجحاً، فهذا النص الظاهر أمامنا يؤسس لشخصية ايمانية عالية لا تعرف التوقف ولا الاضمحلال تنمو وتزداد بشكل مستمر في دوامة الابداع والتمييز، فعبارة "من استوى يوماه فهو مغبون" ، خير شاهد لهذا المقصد، فالنص يريد ان هذا اليوم من الابداع والتفوق والتميز ينبغي ان لا يشبه الامس، بل يكون أفضل منه وكل يوم هكذا، فلو كان هذا المنهج هو المعمول به في حياتنا لوجدنا انفسنا خلال سنوات قليلة قد تقدمنا واصبحنا من الامم التي يحسب لها الحساب ولأصبح العالم يحتاج الينا قبل ان نحتاج اليهم في حياتنا المادية بل الكثير من شبابنا عزف عن نصوصه وراح يقرأ ما كتبه علماء الغرب وغيرهم آملاً منهم ان يسدوا ذلك الفراغ الذي يعيشه وتلك السطحية التي يعاني منها وتلك الثقافة البسيطة التي يسعى لتطويرها ، وبحسب تتبعي اقول من أراد ان تكون له شخصية مرموقة في المجتمع وانسان ناجح في حياته ، عليه ان يأخذ البرنامج والتعليمات من روح الشريعة ، وان لم يستطع فعليه ان يذهب لمن هو أدرى بما فيها ، فإنها مضمونه وعاقبتها محمودة، فبناء الشخصية امر في غاية الاهمية فبها يتحدد مستقبل الشخص وما يريد ان يصل اليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ـ أصول علم النفس: الدكتور أحمد عزت راجح، دار المنابر بالقاهرة ـ مصر ، ص457
[2] ـ الامالي: الشيخ الصدوق، ط1، 1417هـ ، نشر مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة ، ص766
تعليق